خارطة الرجوع الى الله
من أجل دين اسلامي خالي من الضباب
الخطاب القرءاني يكثر من صفة الرجوع الى الله كثيرا ومنطق الناس يكثر دائما مقولة (انا لله وانا اليه راجعون) الا ان طريق الرجوع الى الله رسخ في وجدان الناس على انه (الموت) وفي الموت حصرا رجوع الى الله والخطاب الديني التقليدي هو الذي رسخ تلك الراسخة عند الناس مما جعل وصال الاتصال بالله من خلال منظومته مؤجل الى اجل الموت فتحرر الانسان عن كثير من البيانات التي تسهل عليه عملية الرجوع الى الله بشكل مبكر بموجب خارطة رسم القرءان طريقها
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الروم41
يظهر بوضوح بالغ من خلال تدبر النص ان الرجوع الى الله هو لمعالجة (الفساد الظاهر) فمكسب ايدي الناس (وسيلتهم) هي التي اظهرت الفساد ومن ذلك الفساد مذاق سيء لبعض ما عملوا وله كله والغرض منه هو للرجوع الى الله أي الى نظمه المرخصة ترخيصا كونيا لان الخروج عن نظم الله المرخصة يعني الدخول في النظم العقابية التي خلقها الله وتلك الصفة نجدها بوضوح في مثل قرءاني متكرر حين جعل الله الملائكة ساجدة لبني ءادم تخضع له ولا تعترض على ما يفعله خارج الرخصة الالهية الا ان هنلك نوع خاص من الملائكة (ابليس) ابى السجود لادم لانه يقعد على صراط الله المستقيم فيعاقب كل من يخرج عن تلك الاستقامة وهي قوانين الله الارتدادية التي تمثل حكومة الله العقابية
الملائكة في التكوين
حكاية ابليس وءأدم
الملائكة تسجد لكل انسان وليد
إبليس بين النص والتطبيق
فاذا رسخ عند حامل القرءان ان الملائكة هي (مكائن الله) فان تلك المكائن تخضع للانسان ان كان سارقا او زانيا او معتديا ءاثما فنظم الفيزياء لا تتوقف عند السارق بل تسجد له ونظم غرائز الجنس لا تتوقف عند الزاني بل تخضع لرغبته الا ان المنظومة الابليسية لا تخضع للخارجين عن النظم المرخصة (صراط الله المستقيم) بل ترتد عليهم بالعذاب والعقاب
{وَمَا نُرِيهِم مِّنْ ءايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }الزخرف48
وهنا تظهر خارطة الرجوع الى الله بشكل مبين عندما نفهم لفظ (لعلهم) وندرك وظيفته في مقاصد العقل فلفظ (لعل) يعني (نقل العلة) في مقاصد العقل الاولية فحين يكون الفرد في (عذاب) فان رجوعه الى (العلة) التي تسببت بالعذاب والقيام بـ (نقلها) من نشاطه فهو يعني الرجوع الى النظم الامينة التي خلقها الله وهي النظم المخلوقة التي اجاز الله استخدامها وهنلك نظم مخلوقة ايضا لم يجز الله استخدامها مثل الخمر وأكل الميتة والزنا والعدوان فالانسان حين يعتدي بالضرب على احد الناس فانه انما استخدم القوى التي خلقها الله في يده والله حين خلق له يد قوية اراد لها ان تكون اداة صلاح وليس اداة عدوان فالرجوع الى نظم الله (الرجوع الى الله) حين يقوم العبد بـ (نقل علة العذاب عن نشاطه) فيتوقف عن استخدام قوة يده للعدوان ويحولها الى يد اصلاح فيكون قد عرف خارطة الرجوع الى الله ابليس الذي يمثل منظومة حكومة الله التنفيذية في العقاب لا يمتلك سلطانا على عباد الله الصالحين وذلك رشاد مأتي من نص تذكيري في القرءان
{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ }الحجر39
{إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }الحجر40
{قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }الحجر41
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }الحجر42
الاغواء الالهي لابليس دخل مداخل خاطئة في معارف الناس وكأن الله يضل ابليس بل الاغواء في (لسان عربي مبين) يعني (الغاية) فابليس عرف الغاية الالهية في وظيفته (بما اغويتني) ومن تلك الصفة يكون ابليس نظام ملائكي يترك العباد متصلين بغاياتهم ولا يقطعها عليهم (لاغوينهم) فابليس سوف لن يأتي لشارب الخمر ليمنعه من شرب الخمر بل يتركه ليصل الى غايته فيكون من (الغاوين) وحين يستنفذ المخالف غايته يأتي دور فعل ابليس فيكون المخالفون في (العذاب مبلسون) أي ان ابليس هو مشغل عذابهم فهم فيه (مبلسون) اما عباد الله المخلصين فهم قد شغلوا (الخلاص) من الفساد والسوء فهم لن يكونوا في قاموس ابليس التنفيذي لانهم (خلصوا) أي تخلصوا من الفساد والعذاب فهم كانوا وقائيون (متقون) فكانت قوتهم وتقويتهم بنظم الخلق هي التي جعلتهم من الذين استثناهم الله من العذاب والعقاب وفق المنظومة الابليسية فهم قد حققوا غاياتهم في التقوية فكانوا (متقين)
تلك المراشد قامت من منهجية التعامل مع خامة الخطاب القرءاني بلسان عربي مبين فالغاية لفظ يقع في بناء لفظ الاغواء وهو من (غي .. غوى .. يغوى .. غاية .. أغوى .. إغواء .. غاوي ... و .. و ...) ومن ذلك البناء اللفظي العربي منطق لفظي يستخدم تلك التصريفات فيقال مثلا (هذا الشقي غاوي مشاكل) وهو يعني ان غايته هي فعل الاشكاليات
اذا ظهر الفساد في شأن عام او خاص فذلك يعني ان هنلك رسالة الهية موجهة لمؤهلي الفساد الظاهر ان عليهم الرجوع لاعادة الحسابات ووزن ما خسر في الميزان المتوازن الذي جعل كل شيء موزون على صراط مستقيم فالرجوع للعلة سوف لن يكون لغرض معرفتها بل لغرض نقلها من انشطة المخالفين لسنن الخلق الثابتة ونقلها يعني (نفيها) وحين تنتفي علة العذاب يكون الاستغفار قد حصل وعاد المكلف الى صراط ربه المستقيم
خارطة الرجوع الى الله تجعل للخطأ قدرة اصلاحية فالانسان خطاء وخير الخطائين هم المستغفرون الذين يمتلكون خارطة مزدوجة
الاولى : فحص ومراقبة الخطأ من خلال الفساد الظاهر
الثانية : الرجوع الى العلة التي اظهرت الفساد لغرض نفيها وعندها يتم محو الخطايا هنيئا لمن ادرك خطيئته وحولها الى (صواب) من خلال نفي علة سوء الخطيئة
تلك تذكرة تنفع كل من تقوم عنده الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق