صداقة البيئة دليل عداوتها .. من أجل يوم أفضل
تستعر عالميا حمى أصدقاء البيئة ومن خلال كثرة تلك الصيحات والقوانين الدولية والمحلية الساندة لها انها تتحول تدريجيا الى ثقافة معلنة يراد من الانسان المعاصر ان يتقمصها ويسعى اليها من خلال خرائب الطبيعة التي خربها الانسان ولا يزال يخربها ولعل تمحيص هذه الثقافة واجب فكري والواجب يقع على عاتق جيل مخضرم شهد خريف صداقة البيئة الفطري وهو يشهد اليوم عداء الانسان للبيئة ..!!
يقول تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً) (مريم:81)
الانسان قبل التحضر المعاصر لم يكن صديقا للبيئة بل كان خادما لها وخاضعا لها رغم انفه ولم يكن انسان الامس القريب القدرة على التحكم بالبيئة من حوله ... لم تكن المدن والتجمعات البشرية تمتلك قمامة او نفايات صناعية ولم تمارس عمليات التصنيع الكيميائي الا بحدود ضيقة جدا .. ولم تكن المحروقات الاحفورية ملوثات بيئية ... قمامة الانسان رغم قلتها طبيعيا كانت نافعة وكان الانسان لم يتحلل من مرابطه الطبيعية بالحيوان فالحيوانات كانت تصاحب الانسان في المنازل والحارات والازقة فهي وسيلة النقل والتنقل فكانت تلك الحيوانات تستهلك الفائض الغذائي الذي يخلفه الانسان من اغذية تبدأ بالتعفن او الجفاف او قشور الغلة الزراعية كما ان صناعة الخبز كانت فردية الجهد فكل اسرة كانت تمارس صناعة الخبز والتنور يستهلك كل شيء قابل للاحتراق وبالتالي فان الاسرة لا ترمي القمامة ولا توجد مخلفات صناعية ولن تكون عوادم احتراق المكننة فالبشر كان طائعا لسنن الخلق الى اقصى حدود يتصورها العقل البشري
(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ)(يونس: من الآية24)
وما ان بدأ الانسان بحضارته حتى تم تهشيم ذلك الخضوع الانساني للطبيعة فاصبح الانسان هو عدو الطبيعة الاول والاخطر وبعد مسار قرنين من الزمن اصبح انسان اليوم على شفا حفرة من نار ويتصور ان ثقافة (صداقة البيئة) سوف تنقذ الموقف ولعل اقل ما يمكن ان يفعله انسان اليوم ان يعيد القيود الطبيعية الى يديه ليكبل نفسه بطاعته التاريخية ويلعن الذين هشموا طاعته تحت بريق زائف فقد خسر الانسان انسانيته وهو يتمرغ في حضارة تقنية تجعله عدوا لداره يهشم منزله من اساسه ليسقط على اولاده واحفاده في كارثة كانت محتملة لبضع سنين مضت الا انها اليوم كارثة مؤكدة ...
(حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(يونس: من الآية24)
صداقة البيئة تعني عداوتها وانسان اليوم في محكمة عدل الهي يدفع ثمن خروجه على الطبيعة ... صناعة الانسان ستكون مسارب دماره ولله وعد في ذلك وهو اصدق الواعدين
(وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ)(الرعد: من الآية31)
صداقة البيئة كذبة لبراءة كاذبة تخفي وجه انساني اسود
صداقة البيئة إله جديد مضاف لآلهتم ... وما أكثرها
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) (يّـس:74)
الحاج عبود الخالدي
تعليق