العقل والنفس بين اللفظ والتطبيق
من أجل تذكرة قرءانية المصدر والمعالجة
ورد لفظ (نفس) قرابة 300 مرة في القرءان في تكرار لفظي ملفت وشملت الالفاظ بجميعها في الاشارة للنفس فردا وجمعا وشملت الالفاظ (نفس ... أنفس .. نفوس .. انفسهم .. أنفسكم .. نفسه .. نفسك .. تنفس .. ) ورغم ان احاديث الناس ومفكريهم يخلطون او يفصلون بين مفهومي العقل والنفس وكثرت التخريجات الفكرية واختلط مصدر الفكر بين المعالجة الفكرية والروائية والقرءانية مع بروز واضح لثقافات الناس في ماضيهم وما كانت عليه مستقراتهم الفكرية سواء المتأثرة بثقافة مجتمعية او ثقافة فقهية او ثقافة مترجمة من الاغريق فاصبحت مفاهيم النفس والعقل والفكر مترادفات تختلط وتنفصل بموجب نظم فكرية متقلبة غير متحدة النتيجة ...
النفس في القرءان :
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:98)
(مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (لقمان:28)
المعالجة الفكرية ستثير في العقل ثائرة النفس الواحدة التي تم منها الانشاء التكويني للبشر وما يؤكده النص في سورة لقمان ان عملية الخلق وتتلوها عملية البعث (كنفس واحدة) الا ان مواقع اللفظ القرءاني تفرد النفس في الوصف القرءاني فتكون .. نفسه نفسك ... انفسهم .. انفسكم .. مما تؤكد استقلالية الانفس وليس اتحادها مما يثير حفيظة العقل في معالجة النص فهما يقينيا لا ريب فيه ونرى ان تفريق النفس الواحدة الى انفس مستقلة مؤكد بنص قرءاني
(وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ )(النساء: من الآية128)
(وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (النحل:7)
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا)(الزمر: من الآية42)
وهنا يظهر ان الأنفس كثيرة وليست نفس واحدة مما يجعل من الاثارة العقلية موطنا لاعتصار العقل من اجل معرفة الحقيقة التكوينية في الخطاب القرءاني
تستطيع سطورنا ان تحزم النتيجة في علم الحرف القرءاني الا ان حرج الطرح يستوجب الحبو الفكري ليتوائم مع الفطرة فيكون لنتيجة علم الحرف القرءاني مماسك فطرية يستطيع متابعنا الفاضل ان ينتفع منها كتذكرة تفتح بوابة العقل فنرصد عملية (التنفس) كصفة معروفة مستقرة في العقل الانساني حين يتنفس الانسان (شهيق وزفير) وقد ورد لفظ التنفس في القرءان في
(وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) (التكوير:18)
فالتنفس هي عملية تبادلية بين جسد المخلوق والهواء المحيط به فان انعدم الهواء توقف التنفس ومثله تنفس الصبح في عملية تبادلية بين منظومة الليل والنهار والله سبحانه وعد بحفظ الذكر والذكر يحتاج الى مذكر موضوعي فكان لفظ التنفس فينا مغروسا في فطرة عقل الانسان (كلفظ) وهو من موجبات حفظ الذكر للتذكر وفتح بوابة العقل من اجل معرفة نظم الخلق لنطيع الله فيها من خلال عملية سبح في منظومة الخلق فنكون من المسبحين ..!!
لو اطلعنا على نظم الخلق في انفسنا سنجدها بمجملها ترتكز على تبادلية المحتوى سواء في المادة الكونية الداخلة لاجسادنا او في نظام الخلية او في برامجية الاعضاء التي تشكل منها اجسادنا وفي منظومة الجسد ككل وفي عملية التفكر والتذكر واعمال العقل جميعها تظهر لدينا حقيقة التبادلية في المحتوى التفعيلي لكل تلك النظم المتسلسلة من احتواء المادة وعناصرها لغاية عقلانية الانسان التفكرية ... المادة الكونية تتبادل الفاعلية في محتوى خلوي والخلية في محتواها تتبادل الفاعلية مع محيطها المادي ومثلها العضو ومثلها صحوة الانسان (عقله) واهم ما يمكن ان تستدرجه اثارتنا هو (الفكر) حيث يقوم على اساس تبادلي بين البيان وردة الفعل على البيان فيقوم الفكر ... فالفكر هو نتاج تبادلي يقوم في حالة الصحو ويختفي في النوم لان التبادلية العقلانية تتوقف عند النوم اما الجسد واعضائه وخلاياه تستمر في تبادليتها فيكون حضورا كبيرا لنص كبير شكل ازمة في مدرسة الفكر الاسلامي
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزمر:42)
الله يتوفى جميع الانفس حين موتها ... والنص يشير الى ان انفس محددة (لم تمت في منامها) فهي تبقى تمتلك تبادلية الفعل وهي في المادة الكونية فالانسان (يتنفس) ولن تنام تلك التنفسية والخلية تعمل تبادليا والاعضاء تعمل وجسد الكائن الحي يعمل تبادليا وهو نائم ... الا ان هنلك نفسا قضى ربك عليها بالموت فهي لا تحضر في حاوية السعي (ساعة) فهي خارج زمن الفلك وهي عقدة الفكر الانساني بمجمله وهي حافة العلم الكبرى الذي لا يرى العقل لانه خارج الساعة (قضى عليها الموت) فهي النفس (المستوى العقلي السادس) الذي لا يحضر زمن الفك (حاوية السعي) وبالتالي تكون مقضيا عليها بالموت ... ولعل فطرتنا العقلية تسعفنا عندما نرى الميت الذي يخرج من حاوية السعي (الساعة) فيتوقف فيه كل شيء يسعى سواء جسده او اجزاء جسده او عقله الذي كان يكلمنا به قبل الموت ... الموت هو خروج من حاوية السعي (الساعة) وهي النفس التي تقع في السماء السادسة التي لا تحضر زمن الفلك ... المستوى العقلي الخامس وهي النفس التي نتكلم بها ونصحو بها فهي تنام (ويرسل الاخرى الى اجل مسمى) ولعل نصحيتنا ستكون فعالة عندما ننصح متابعنا الفاضل بمراجعة ادراجاتنا المتتالية في (العقل والسماوات السبع 1 ـ 7 ) في دوحة الثقافة الاسلامية لغرض استكمال النظر في ملكوت الخلق (ملكوت السماوات والارض) وفيه اجازة قرءانية وتكليف
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) (لأعراف:185)
وبعد رحلة فكرية مع نصوص قرءانية وفطرة تتنفس الكلمات نجد ان حضورا عقلانيا يرينا ان النفس هي ( فاعلية تبادلية النقل الفعال) وان كانت تلك الواصفة من علم الحرف القرءاني الا ان معالجتنا الفكرية لفعل التنفس منحتنا من الفطرة تطبيقات فالتنفس هو
فاعلية
تبادلية
نقل
فعال
وهو ما يجري في محتوى تبادلية الشهيق والزفير حيث يتم نقل الكاربون الفائض من جسد الانسان بفعل ناقل ايضا حيث نرى تكوينيا ان الكاربون لا يخرج خارج الجسد بشكل كاربون بل من خلال عملية اولى وهي نقل الاوكسجين للجسد وعندما يرتبط الاوكسجين بالكربون يتم نقله خارج الجسد فاصبح عملية تـ (نفس) وحرف التاء جاء لغرض بيان فعل الاحتواء .. فالنفس هي التي تستلم وتسلم ففي الخلية (تستلم وتسلم) وفي العضو ايضا وفي الجسد بشكل واضح ايضا وفي العقل حيث تقوم المجسات الخمس بتسليم العقل مادة مدركة (بصر .. سمع .. شم .. لمس .. مذاق) وبعدها يقوم العقل بتسليم النتاج من خلال عملية (التفكر) ومن ثم اتخاذ القرار العقلاني وهي وصف (نفس)
الله خلقنا من نفس واحدة ... خلقنا من فاعلية تبادل نقل فعال واحدة وبموجب نظام تبادلي تفاعلي واحد وبالتالي اصبح لكل منا نفس فاصبحت (انفس .. نفوس .. نفسه .. نفسك .. أنفسهم .. انفسكم .. انفسنا) وكلها وبمجملها مبنية على (فاعلية تبادلية نقل فعال) واحدة في منظومة الخلق وتلك رابطة علم تؤكد ان نظم التفاعلية التبادلية هي منظومة واحدة لا تتبدل ولا تتحول وبالتالي تسقط في طاولة الباحث القرءاني كثيرا من المشاريع العلمية مثل الاستنساخ البشري ذلك لان خارطة الخالق (القرءان) تؤكد ان نظم التفاعل التبادلي الناقل هي واحدة فيكون تلقيح البيضة الانثوية من حيمن ذكوري هي (تفاعلية تبادلية نقل فعال ـ واحدة) ولا يمكن ان تكون (اثنان) بطريقة مضافة اخرى كالاستنساخ البشري لانها (واحدة) ولا يمكن ان تكون الفاعلية التبادلية من نوعان بل وحدويتها ضمن دستور خلق ثابت .
لو رصدنا بفطرتنا بناية متكررة في كل بلدان العالم مثل الفنادق المشهورة بشركاتها مثل (الشيراتون) فان صاحب شركة الشيراتون يمكن ان يقول افتراضا (اننا بنينا فنادقنا من نظام واحد ..!! ) ونرى ذلك من خلال ابنية الشيراتون ونظم الخدمة فيه والادوات المستخدمة لخدمة زبائنه حيث تكون مبنية على نظام واحد وتلك عملية استفزاز فطري لنعرف (نفس واحدة) مع قرءان يؤكد ان هنلك أنفس ونفسه ونفسك وأنفسهم وانفسنا ... فشيراتون زماننا الموحد النظام ولكنه متعدد الابنية ذات الاستقلال الفردي فشيراتون بغداد له مدير وعاملين ينفذون منظومته وهم غيرهم في شيراتون بيروت وغيرهم في مكان اخر الا انه يتفعل بموجب منظومة واحدة ... وانفسنا وانفس الناس من منظومة تفاعلية واحدة الا ان لكل انسان نفسيته الخاصة به في تنفيذ (الفاعلية التبادلية للنقل الفعال) ...
العقل في النص القرءاني :
ورد لفظ العقل في القرءان 49 مرة تحت الفاظ متكررة (يعقلون .. تعقلون) عدا ثلاثة مواقع في القرءان جاء فيها لفظ العقل (عقلوه .. يعقلها ... نعقل)
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:75)
(وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (الملك:10)
لطفاً يتبع ...
تعليق