أحشاء عراقية على حاشية سياسية
سونار فكري يرينا احشاء عراقية مصابة بالمغص
من المعروف ان نظام الحكم السابق في العراق من صنف النظام الراديكالي (السلطوية الفكرية الواحدة) وهو نظام حكم العراق منذ ايام الجمهورية الاولى 1958 واستمر الى 2003 كذلك من المعروف ان القوانين والتعليمات والانظمة التي تصدر من السلطات الراديكالية تعتمد تنظيريا على الفكر الراديكالي ذات الاتجاه الواحد فيكون مستقرا في فقه القانون ان (الموظف الحكومي هو الممثل الاوحد للمصلحة الوطنية) وبالتالي يكون الموظف الحكومي رديف القانون في نفاذية الفكر الراديكالي . نجد ذلك واضحا في عناوين قانونية تمثل القاعدة الفكرية التنظيرية فمثلا نجد ان الاعتداء على الموظف الحكومي يعتبر جريمة عقوبتها السجن ولا يقابلها قانون يتعامل بالمثل مع الموظف الحكومي عندما يعتدي على المواطن من خلال وظيفته ..!!
عندما ينقلب الفكر الراديكالي الى الدكتاتورية يتحول الموظف الحكومي الى عصا تستخدمها السلطة ضد مواطنيها وهذا ما كان سائدا في مجمل الجمهوريات العراقية منذ عام 1958 لغاية عام 2003 والعجيب ان ذلك النظام استمر لغاية اليوم تحت واجهة سياسية ديمقراطية حيث لم تتغير القوانين والتعليمات ولا تزال قرارات مجلس قيادة الثورة نافذة الا ان الديمقراطية اضافت عبارة (المنحل) ورغم تحلل مجلس قيادة الثورة الا ان قراراته نافذة بصفتها القانونية عدا تلك القرارات التي تتعلق بالسلطة ومركز الحكم والوزارات فقد تغيرت النظم والقرارات التي تخص (ممارسة الحكم) اما (الأحكام) فبقيت على حالها والمواطن يواجه قوانين مبنية على فكر راديكالي وتسلطية وظيفية مطلقة وذلك بسبب غياب المركز التنظيري ذو السلطوية الضاربة للحزب الواحد او القائد الضرورة فاصبح المواطن وجها لوجه مع وريث الراديكالية وهو الموظف الحكومي دون حماية المورث صاحب العصا (المنظومة الراديكالية) فلو اراد المواطن ان يستصدر وثيقة له او لعمله فانه سيوضع في دولاب دوار حتى يدفع مستحقات العصا السلطوية التي بقيت بيد الموظف الحكومي مع بقاء نافذية القوانين الراديكالية الفقه والتنظير مع غياب سلطوية الفرد القائد او الحزب القائد الذي كان يمثل وسيلة ردع الموظف الحكومي عند الزيغ عن الهدف لان الحاكم عندما كان يمنح العصا لموظفيه كان يستخدمها لمصلحة نظامه هو ولا يحق للموظف الحكومي ان يستخدمها لنفسه وفي غياب ذلك الحاكم ورث الموظف الحكومي تلك العصا بصفاتها فاصبحت مشروعا استثماريا بين يديه ..!! كما يرث الابناء وارثهم ويقتسمون امواله ... !! الكل يصرخ (فساد اداري * فساد مالي ) الا ان الحقيقة هي ان الثوب الديمقراطي الذي تم خياطته ليلبسه اهل العراق كان مثل ثوب الامبراطور السحري الذي لا يراه من يكره الامبراطور او كان غبيا فالديمقراطية هي اليوم ثوب لا يرى الا في اكثر من 40 فضائية عراقية تشتم بعضها وفي كيانات سياسية مذهلة العدد تشتم بعضها تحت عنوان ديمقراطي الا ان المواطن الذي يريد رخصة بناء دار او معاملة جواز سفر او لغرض بيع او شراء سيارة او عقار انما يواجه عصا وظيفية تمتد جذورها لاكثر من خمسين عاما من النمو على ايدي وطينيين حكموا العراق بالشعارات الوطنية وضيعوا ثروة نفط يدر مدرارا لاكثر من 70 عاما بوصف رائد في الانتاج الدولي في انتاج النفط وهي تكفي لبناء عدة امم وليس بلد صغير نسبيا مثل العراق ... المواطن العراقي الذي قيل له سنحررك من تسلطية (القائد الضرورة ) سيجد توقيع القائد الضرورة على كل مفصل من مفاصل حياته اليومية حتى حين يريد تزويج ابنه او ان يستصدر شهادة وفاة او بيان ولادة حيث سيكون (قرارا مجلس قيادة الثورة المرقم كذا) موجودا على منضدة حكومية وعليها موظف يمتلك عصا طويلة تصل الى (قهوجي) الدائرة او احد المنظفين في الدائرة او احد كتاب العرائض في باب الدائرة ليقوم بالمساعي الحميدة بين الموظف الحكومي والمواطن الكريم في الدفع ليتم انزال المواطن من دولاب دوار لا يتوقف عن الدوران حتى يدفع ..!! العيب ليس في الموظف الحكومي .. بل في أكاذيب متواترة تحولت الى راسخات في احشاء امة مصابة بالمغص المستديم .
عندما يكون الكذب دستورا لعلياء الامة فان الامة لا علياء لها
الحاج عبود الخالدي