نظم النقد في الفكر العقائدي
من أجل مواجهة الله بقلب سليم
من أجل مواجهة الله بقلب سليم
في زمن مستحدث الوسيلة في فضائيات منتشرة وصفحات الكترونية مع وسعة فكرية واسعة لم يشهد الأدميين مثلها تطفو على مسطحات المعرفة ظاهرة يشتد سعيرها في انبات بذور البغضاء والعداوة في في الفكر العقائدي سواء كان الوصف يخص فئوية عقائدية كالمسلمين او ان يكون النقد العقائدي يخص فئويات عقائدية مختلفة في مضامينها العقائدية حيث اصبح النقد العقائدي لاي فكر مطروح ينحى نحو هاوية ثقافية متدنية خلقا وخلقا ذلك لان الانسان بطبيعته يمتلك ودا مجتمعيا الا ان الناقدين في العقيدة يزرعون مزيدا من بذور البغضاء التي تستهوي كثير من ذوي الافكار العقائدية القلقة الذين يجعلون من تلك الظاهرة حدائق غناء تتغنى بالعدوان او بالمهاترة الفكرية من خلال الطعن المقرف بالاخر .
ربما قد نجد معاذير مؤقتة لفئة الشباب المتكلم في النقد العقائدي لانهم يمتلكون قنوات فكرية ثائرة الا ان العذر لن يكون لذوي الاقلام غير الشابة ذلك لان للعمر رصانته في القلم مما يجعل المتفرج على المهاترات الفكرية في الوعاء العقائدي متصدع الوسيلة وبالنتيجة سوف يركل ذلك النوع الهجومي الناقد لانه يسبب صداعا فكريا تتبعه حسرة عقائدية على ضياع العقيدة في مقهى كلامي يمتلك صفته الشخصية المسمى باسماء حملة الفكر وكأن الفكر العقائدي هو عبارة عن دكاكين لها اصحاب يبيعون سلعهم الفكرية في سوق فكري تنافسي ..!! .. فيما يخص الفئة المسلمة تعرف جيدا ان سلامة القلوب هي بطاقة دخول الى جنة الله وذلك بموجب نص قرءاني واضح
(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:89)
فزراع الفتنة والبغضاء لا يمتلكون قلبا سليما بيقين مطلق وهم انما يحرقون بطاقة دخولهم في رحمة الله وجنته بموجب نص دستوري واضح ومبين للعقل ولا لبس فيه ورب متسائل يتسائل هل ذلك يعني اطفاء منهجية النقد في الفكر العقائدي وهل هذه السطور تصف النقد بصفة الكراهة او التحريم الا ان خارطة ربنا (القرءان) تمنحنا صفة منهجية للنقد العقائدي
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125)
هذا النص الدستوري ملزم لحملة القرءان والا كيف يدعي الداعية الناقد انه مسلم وحامل للقرءان وهو انما يقوم بتنصيب نفسه هاديا لغيره فيصف هذا بالكفر ويصف الاخر بالضلالة ..!! انه خروج مؤكد على تعاليم ملزمة من قرءان واضح للعقل دون تدخل مذهبي او فتوى مفتي فهو الزام مباشر من قرءان لحملته ..!! وحين نرى ان (الجدل) من مفسدات الحج الا ان النقد الفكري العقائدي اجيز بصفته (بالتي هي احسن) حيث نرى نصا قرءانيا يمنع الجدل في منسك الحج وهو عبارة عن (فعل عقائدي) وليس (فكر عقائدي) ومن ذلك يتضح ان الفكر العقائدي يحتمل الجدل بصفة ملزمة (بالتي هي احسن) اما (الفعل العقائدي) فهو لا يحتمل الجدل ويعتبر منسك الحج مثالا دستوريا لذلك المنع
(فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ)(البقرة: من الآية197)
ذلك لان الله يعلم ان المسلمين سيجتمعون في بيت الله الحرام في موسم الحج وان مناسكهم سوف تختلف حسب عائديتهم المذهبية فقام الله الحكيم بمنع الجدل في (الفعل المنسكي العقائدي) ليجتث أي زرعة للبغضاء والعداوة في موسم الحج الا انها دستور عام لان اقامة الصلاة واداء المراسم جميعها اعمال عقائدية وليست افكار عقائدية فالجدال فيها يفسد العمل ويغضب الله لانها زرعة شقاق وعدوان ..!! ذلك لان (نقد الفعل العقائدي) انما يتوجه للفاعل مباشرة وهو ما لا يرضي الله لان الفاعل انما يتقرب الى الله بما اوتي من علم ولا يحق لاي مخلوق ان يتدخل بالرابطة التي تربط الانسان بربه ..!!
بذور البغضاء والشقاق تتحصل عندما ينقلب النقد الفكري من نقد الفكر الى نقد حامل الفكر وهنا تقوم بذرة الشقاق والبغضاء سواء كان الطعن والهجوم ضد فئوية محددة كأن يقوم داعية بطعن حملة المذهب دون ان ينتقد الفكر الذي يحتويه المذهب كما حصل في الطعن الكبير بالشيعة او الدروز او الفرس او الكرد او الشوافع او غيرهم دون ان يكون النقد الفكري وسيلة الناقد بل يتشخصن في شخصية حملة الفكر فتبذر بذرة البغضاء والعداوة وينال الناقد غضبة الهية لانه يخرج من صفة (القلب السليم) ويحرق بطاقة ربانية كبرى في الوقت الذي نرى نصوصا في السنة النبوية المسطورة في القرءان تمنع ذلك النوع من النقد المشخصن
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )(البقرة: من الآية272)
(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (الأنعام:107)
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (يونس:108)
(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (الغاشية:22)
فمن يدعي انه يهدي الاخرين ... ومن يدعي انه وكيل على أمر الله .. ومن يدعي انه يمتلك سلطة التكفير .. ومن يدعي انه يمتلك تفسيق الاخر .. انما يمارس صلاحيات ليست له ولا يحق استخدامها حتى ولو كان في غضبة لله ولا تنصرف صلاحيات الداعية لاكثر من مهاجمة الفكر دون المساس بحامله سواء كان حامل الفكر المنتقد شخصا محددا بالاسم او مجموعة فئوية عرقية او مذهبية لان تزكية الانفس تقع حصرا في صلاحيات الخالق
(وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(النور: من الآية21)
النقد الفكري الذي يستهدف حامل الفكر انما يتحول من صفة النقد الى صفة استخدام صلاحيات الخالق وبالتالي يخرج من صفته العقائدية بغضبته التي لا يمتلك الحق فيها فيكون مقعد الداعية الهجومي على حامل الفكر العقائدي سلطانا لم يجيزه الله سبحانه .
تلك السطور ما كانت رأيا مسطورا بل ذكرى من قرءان .. عسى ان تنفع الذكرى
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
الحاج عبود الخالدي