النفس المطمئنة والخائفون من الموت !!
من اجل عقد عقائدي حصين
ثقافة الدين هي (ثقافة نقلية) فالناس على دين ابائهم والدليل يراه ويسمعه كل الناس فهو دليل مرئي قائم في التوريث المذهبي الذي يرثه الناس سواء كانوا مسلمين او غير مسلمين فكل الاديان محمولة على المذاهب والمذهبية (ارث عقلي) يورث وكأنه يتم كما يتم توريث الحمض النووي عدا بعض متفرد نادر من الاستثناءات فالخوف من الموت هو صفة تكوينية تقبع في حارة من حارات العقل البشري عموما ولعل سلك الكهرباء الحامل للتيار الكهربي يعتبر اكثر الاجهزة المعاصرة قدرة على فحص حجم صفة الخوف من الموت التي يحملها العقل البشري
فالموت حين يكون (مجهول مطلق) في عقل حامل العقل فان رعشة الخوف تتفعل في العقل مما تسبب في حرج كبير في العقل وتؤثر على سلوكيته باليوم والساعة والدقيقة فيضطرب العقل وتموت الحكمة عند العاقل الخائف وكلما كان حجم الخوف كبيرا كلما افتقد الخائف حكمته في التصرفات
المؤمنون الذين اطمأنوا لايمانهم تخفت في عقولهم رعشة الخوف من الموت حتى تصل في كثير منهم الى العدم ولا يخافون الموت لان ما بعد الموت ليس مجهولا عندهم بل معلوم بعلم اليقين وكلما كان التأمين في نظم الله عاليا وواسعا كان اليقين عاليا بنفس النسبة موسعا ليتسع كل حجم المخاوف
لفظ خوف من بناء عربي (خف .. خاف .. يخاف .. خفي .. خفاء .. مخاوف ... خيفة .. و .. و .. و ) فالخوف والخفاء من جذر لفظي واحد وهو يعني ان الخوف والخفاء يقعان في مستوى واحد في مقاصد العقل البشري فحين يكون المجهول (خفيا) على العقل فان خفاء الامر الاتي يقيم الخوف في العقل
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ }الفجر27
{ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً }الفجر28
{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي }الفجر29
{وَادْخُلِي جَنَّتِي }الفجر30
اربع ءايات مفصلات منفصلات ذلك لان كل ءاية هي (حيز فعال) يمتلك فاعلية مستقلة
1 ـ النفس المطمئنة ... لها فاعلية خاصة تتفعل في درجة ايمانية متقدمة عند الذين يقومون بتأمين حاجاتهم وانشطتهم في منظومة الهية خالية من التدخلات البشرية التي تغير من سننها او تصيب بعض سننها بالتصدع والانحراف
2 ـ ارجعي الى ربك راضية مرضية ... ءاية تتفعل في حراك الانسان باليوم والساعة والدقيقة وفي كل ومضة زمن فالرجوع الى الله من خلال تطبيق نظمه (لا غير) له نتائج كبيرة عند حامل النفس الحاصلة على (الرضا) من خلال تفعيلها لنظم الخلق في رزق او استشفاء او اي ناشطة اخرى فيكون لصفة (راضية مرضية) في عقل حائز النفس المطمئنة من خلال درجة التطبيق لنظم الخلق (بلا شراكة) مع نظم اخرى قد جيء بها من دون الله فالمريض حين يريد الاستشفاء بالقرءان فعليه ان يتمسك بما رشد في عقله من ذكرى قرءانية ولا يشرك تلك الراشدة مع النظم الاستشفائية التي اتت من دون الله وهنلك نظم استشفائية معلنة مع نظم الخلق نفسها في ما كتبه الله في خلقه وخليقته ويدركها العقل الانساني بقدراته العقلية الشخصية دون مساعدة من احد واكثر تلك النظم هي نظم وقائية يدركها كل انسان دون توجيه من الاخر له فكل انسان هو طبيب نفسه بقدر مهم من التطبيب في مأكل مختار وملبس مختار من دون اي استخدام كيميائي دوائي او طبيب درس الطب خارج نظم الله ففي علوم الطب تكون البياولوجيا إله والخلية إله والجينات إله ففي الطب الحديث ءالهة متألهة كثيرة لا يمكن إشراكها مع منظومة خلق الجسد وهي خلق الهي حصري فلا تتحصل صفة (راضية مرضية) ولا تتحصل صفة (الطمأنينة) الكافية لرجوع العبد الى ربه عندما يشرك مع منظومة خلق الله منظومة اخرى صنعت من قبل حراك بشري ضال او غافل
3 ـ فادخلي في عبادي ... فهي ءاية تتفعل بشكل مستقل فمن يكون في عباد الرحمن سيكون الله وليه ويهديه الى سبل النجاة في قضاء حوائجه كلها دون استثناء حاجة واحدة
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
وحين تتفعل هذه الاية في (مدخل) صفة (عبادي) (فادخلي في عبادي) فان الانسان سيصل الى درجة من الطمأنينة (اليقين) ولكن حراك المجتمع الذي يشرك مع الله انظمة من دون الله يحتج على المتمسك بالله ونظمه ولا يرضى له ان يهجر ما تعودوا عليه من ممارسات وفي ذلك اذى للمؤمنين الذين يصرون على ان يكون تأمينهم في نظم الله حصرا وقد ورد وصف تلك الصفة في القرءان
{وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا ءاذَيْتُمُونَاوَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ }إبراهيم12
ففي زمننا من يمرض ويرفض زيارة عيادة الطب الحديث يتعرض الى كثير من الضغوط المجتمعية ومن اقرب الناس اليه (خوفا على صحته) بل هو (الخوف من المجهول) بل هو (الخوف من الموت) الا ان المؤمن يتعامل مع (يقين) وليس مع (مجهول) فلا يخاف لان الخائف من الخفاء لا يشمل المطمئن نفسيا لان غشاء خيفة الموت عند المؤمن مفقود منعدم فالمؤمن على يقين والنتيجة غير خافية عليه فلا يخاف
4 ـ فادخلي جنتي ... ءاية تتفعل بفاعلية مستقلة ففي الجنة (جني ثمار) دون ان يكون العبد قد سعى اليها فهي تتدحرج في حيازته دون ان يسعى اليها تفصيلا بل مسعاه كان في تأمين نشاطة بالكامل في منظومة الهية التفعيل كشجرة طيبة تؤتي ثمارها كل حين
من تلك النصوص تقوم تذكرة في العقل ان هنلك (مدخلان) تلج فيهما النفس المطمئنة (المدخل الاول) هو الدخول في عبادة لحيز الهي (فادخلي في عبادي) فالعبادة لا بد ان تكون في حيز خلق الهي ولن تكون في حيز مصنوع او حيز مفتعل (المدخل الثاني) هو في فادخلي جنتي وهي تكون حصرا في (الثمار الطبيعية) التي يجنيها الداخل في جنة من حيز الهي فلا ثمرة غير طبيعية يمكن ان يحوزها العابد في حيز خلق الله (عبادي) ومنها (جنتي) فالمدخل الاول هو الذي يقيم المدخل الثاني فان تصدع المدخل الاول تصدع المدخل الثاني وتختلط على العابد ثمرات الرحمن وثمرات الشيطان
المؤمن الذي يرى ثمار ربه حين تصل الى يديه كلما كان له حاجة بها فانه يتحول من صفة (الخائف) الى صفة (المطمئن) وعندها سيكون الموت بالنسبه له (حالة مرحلية) تنقله الى وعاء خلق ءاخر فهي صفة تحمل من الطمأنينة حد الكفاية فلن تزعجه ذكرى الموت او (هاجس الموت) ولا يقض مضجعه كما هم اكثر الناس الخائفين من الموت لان المؤمن الحق (مطمئن) من سلامة اسلامه ومطمئن من عدم شركه بالله في كل عناوين الشرك وليس شراكة الخلق فقط فالناس يشركون مع الله شركاء كثر رغم انهم لا يشركون مع الله خالق ءاخر فالله عندهم هو الخالق الوحيد وذلك لا يكفي لنفي صفة الشرك بالله فالله سبحانه ليس فقط هو الخالق الاوحد بل الله سبحانه يمتلك صفات كثيرة وفاعليات مستمرة كثيرة وصفة الخالق هي صفة واحدة من صفات لا تعد ولا تحصى في الله فلا يمكن اشراك نظم جاء بها الانسان من دون الله ليجعلها شريكا مع الله مثل (العز) فالعزة لله فهو (العزيز) فلا يمكن ان يكون (الوطن) هو مصدر العز للمواطن فتلك شركة باطلة يقيمها الوطنيون مع الله ومثلها كثير كثير في الطب او في التعديل الوراثي للاغذية او في مخالفات كثيرة تخالف نظم الله تحت حجة (اصل الاشياء الاباحة الا ما حرم بنص)
الخوف من الموت يؤدي الى اضطراب العقول ويجعل العقل غير محصن من عواصف المجتمع حين يفزع (الخوف العام) وبالتالي فان العقل سوف يستكين ويطلب النجاة من (مجهول) ايضا اي ان الخوف من المجهول يؤدي الى طلب الامان من مجهول ءاخر كما جرى في ربيع عربي او ثورات محلية او تحزب سياسي او تحزب مذهبي ذلك لان (خيار الحلول من الخوف) تخرج من قيادة شخصية في عقل العاقل لتتمركز في توأمة مجموعة من العقول في حشد مذهبي او حشد حزبي او حشد ثورة محلية وكل تلك النزعات هي نتيجة لعنصر (الخوف) الذي يعتلي قمم العقل الانساني ...
الذهاب الى الرب ينهي الخوف
{الَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }الرعد28
ذكر الله لا يؤتى من خلال انشوده ينشدها المؤمن فيردد بالحان جميله (سبحان الله) او (لا إله إلا الله) او يردد (الله اكبر) بل ذكر الله يقوم بتفعيل منظومته في حاجات الانسان المؤمن فحين يمرض الانسان عليه ان يذكر نظم الله في الاستشفاء ولا يذكر نظم الطب وان لم يكن يعرف نظم الله في الاستشفاء فعليه ان يصبر ليهديه الله سبله تطبيقا لنص الاية
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
وفي تلك الناشطة فان المريض انما استند الى استشفائه بالقرءان وحصل على راشدة فكرية من قرءان الله فقد يشفى دون اي تدخل منه فالجسد البشري مبني على نظم تشفي حين يمرض دون اي تدخل وهنلك مثل واضح البيان مرئي لكل الناس وهو حين نرى التحام الجروح بفعل جسدي محض فهو شفاء تكويني في بناء خلايا بديلة للخلايا المتضررة بسبب الجرح وبناء انسجة بديلة للانسجة الممزقة بسبب الجرح وفي تلك الصفة تقوم صفة الصبر على تفعيل نظم الله التي اودعها في جسد المخلوق ولا يحق للمخلوق ان يشرك مع تلك النظم نظم بديلة صنعها بشر من دون الله
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }الحجر99
فاذا كان المريض يحتاج الى نشاط اضافي فان الله قد كفل ذلك بان يهدي المريض المؤمن سبله فيتحرك في عقل المؤمن حراك هو متأصل في تكوينة خلق عقله تدله على النشاط الذي يستوجب عمله لغرض الشفاء ومثل تلك الصفة تكون في الرزق وفي الزواج والانجاب وبناء مسكن او في اختيار ثوب والسبب هو (اليقين) والسبب هو (الطمأنينة) وهو ضديد (المجهول) وضديد (الخوف) واكبر انواع الخوف حجما هو (الخوف من الموت) لانه خوف يجمع كل انشطة الانسان السيئة او الحسنة فلن يرى عندها المخالف ما تحت اقدامه (عمى البصيرة) فيرافقه الخوف حتى يلقى ربه على عذاب شديد
{أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً}الأحزاب19
ارتبط نص مجيء الخوف مع صفة معروفة للعقل (كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) فالخوف من الموت هو (غشاء) يغشى العقل البشري ويغلفه في كل حين حتى مع سلك كهربائي فعال يظهر (غشاء الموت) للعقل وعند حصول صوت قوي يفزع الفرد لان (غشاء الموت) يغلف عقل الانسان دائما فالخوف من الموت يغشى العقل الانساني ويشكل له (غشاء) في مجمل حركته حتى عند ركوب طائرة او ركوب سياره او في اعصار او زلزال وان كان بعيدا الا ان اخبار تلك الاحداث كافية لطفو غشاء الموت كخوف يعتري الكيان العقلي عند حامل العقل وحين (يذهب الخوف) يكون ذهابه نتيجة لطغيان الانسان فالانسان حين يطغى يذهب عنه الخوف الا انه ذهاب كاذب سرعان ما يعود الخوف تارة اخرى
حين نرى الساعين للشهادة ونرى انهم لا يخشون الموت فنعرف ان الايمان بالله ينزع من العقل رعشة الخوف من الموت ورغم ان تلك الصفة خاصة بالسعي الى وعاء الموت وهو يحصل عند كثير من الناس وليس المؤمنين فقط فقد يمارس عملية الموت صعلوك مقامر يقوم بالانتحار ليقتل نفسه اثر خسارة فادحة وهو تصرف قد يوصف بعدم الخوف من الموت او قد يكون بعض حملة المباديء غير الدينية غير خائفين من الموت فهنلك كثير من المعتدين لا يخافون الموت وكثير من حملة اديان وثنية لا يخافون الموت وكثير من الوطنيين ايضا لا يخافون الموت وهم يجاهدون في سبيل الوطن الا ان تلك الصفات مصنوعة صنعا في غذاء عقلي باطل البناء يرتبط بطغيان العقل حين يطغى العقل البشري فيجعل من الباطل حقا وان حديثنا عن الخوف من الموت يشمل حراك الانسان بمجمله فكثير من الناس ينتزع من نفسه صفة الخوف من الموت حين يعتدي عليه او يعتدى على كرامته او عرضه او ماله الا ان مراصدنا اختصت برعشة الخوف التي تصاحب العقل الانساني منذ سن التمييز لغاية يوم قبره الا ان المؤمنين ينتزعون غشاء الموت بايمانهم الراسخ الثابت في نفوسهم المطمئنة فتنعدم صفة الخوف منهم في مجمل حيثيات انشطتهم فانعدام صفة الخوف فيهم تتناسب طرديا مع حجم ايمانهم وحجم تطبيقاتهم للمنظومة الإلهية دون اي شراكة مع منظومة اخرى فهم الاقوياء لانهم (متقون) بالنظم التي ثبت الله رواسخها
تلك تذكرة لمن شاء ان يذكر
الحاج عبود الخالدي
تعليق