الرب والعقيدة في جبروت نظرية التوحيد
من اجل حضارة عقائدية معاصرة
الرب هو مفهوم عقائدي محض يخص الانسان ولا يوجد للحيوان وبقية الخلق مفاهيم ندركها في تفاعلية ذلك الخلق مع مفهوم الرب .
من تلك الناصية الفكرية يقوم فكر التوحيد في العقل الانساني حيث يرى الانسان ان له ربا خلقه فسواه ولكنه في نفس الوقت لا يقيم بيانا للربوبية يختص بنفسه فقط فالرب هو هو رب الناس والحيوان والاوكسجين والماء والشمس والكون وما فيه
تلك التربية العقلانية تقع في اعمق بؤرة عقلانية توحيدية ... في الجهة الاخرى من العقل الانساني حيث تكسرت ثنايا العقل الوثني (غير التوحيدي) فجعلوا للحب إله وللرياح إله وللزرع إله وتعددت الالهة في عقلانية بعض ذوي المعتقدات القديمة فضاعت عليهم ماسية العقل التوحيدي فتصوروا ان الإله هي قوة مستقلة عن مجموعة قوى فاصبحت الآلهة تمثل مجموعة القوى المتناغمة او المتضادة فكما للحب إله فيكون للحرب إله وهو ما يتناقض مع الحب ...
الرب هو الخالق فهو ليس مجموعة قوى متحدة في قوة واحدة وان اتصف الرب بالقوة فهو لا يعني ان الرب اصبح قويا بموجب نظام اتحاد القوى بل هو خالق كل مخلوق والقوة مخلوق ايضا فهي خلق اما صفة قوة الرب فهي صفة خلق وليس صفة ميدان حصرية وبالتالي فان كل قوى الخلق هي في قبضته ... فهو رب كل شيء
الافكار المروجة في السطور اعلاه تمثل وصف متواضع للعمود الاساسي لفكرة التوحيد وهي العقلانية التي تنبع في بؤرة عقل الانسان كيفما واينما يكون وان الخروج عليها يقع استثناء فطري سرعان ما يتدهور بشكل فردي لا يرى في احيان كثيرة حيث نستطيع ان نرى الجماعات الملحدة او الجماعات التي تضع للرب تعددية في جمعها عندما تجتمع فكريا فنعرف الملحدين وجمعياتهم الا اننا لا نراهم عندما تتفرق جموعهم الى افراد ويحل محلهم غيرهم فيبقى الجمع الملحد الا ان عناصره غير مستمرة ونرى ان افراد الجمع الملحد يتراجعون عن الحادهم في مرحلة تقدم السن بعد ان تمتلك عقولهم خبرة ميدان طويلة وتتضخم ذاكرتهم بمفردات ما كان لها وجود عند انطلاقتهم الفكرية في الصبا والشباب حين انضموا الى جمع الملحدين ويبدأ الجمع يتحلل فرادى ويذوب الملحدون في مجتمعاتهم تارة اخرى ويلتحق اخرون .. وهكذا .. عدا اولئك الافراد الذي يشذون عن تلك القاعدة وهم قلة فيكابرون فيما تمسكوا به من افكار الحادية او تعددية في الخلق ..... الانسان يبحث عن ربه بصيغة تكوينية فطرية فهو عندما يسير في بناية يمسك بعقله اثر مهندسها واثار من بنى لبناتها دون ان يفكر بذلك لان فطرته في البحث عن الخالق انما هي فطرة عقل لا يستطيع وقفها ...
عندما يسير الانسان في مجمل مسيرته يرى الكون من حوله فيدفعه عقله للبحث عن مصمم وخالق ذلك الكون لا محال فمنهم من يخطأ وينحرف ومنهم من يدرك الحقيقة او مقترباتها الا ان الانسان له عودة متجددة مع خالقه وخالق كل شيء مرئي على مدى صحوته في دورته الحياتية .. فاما ان يكابر واما ان يهتدي لربه فيؤمن به في مداخل عقله وان بقي في سلوكه فهو لا يدل على بقاء فكره الالحادي في ثنايا عقله .. ومن خلال بحوثنا وجدنا ان الرب لا يغادر العقل الانساني وان الانسان كثيرا ما يكابر ظاهرا ولكن اعماقه تعترف بالرب الواحد وقد وجدنا ذلك عند اعتى الناس ظلما لانفسهم ولكنهم لا يظهرون خلجاتهم الداخلية امعانا في الكبرياء والعزة بالموقف الاثم
الرب هو فطرة في عقل الآدمي في أي دين يكون
عندما يكون التوحيد كينونة خلق سواء اعترف بها المخلوق او لم يعترف الا ان العقل بكينونته هو مخلوق ساجد لله الواحد الاحد لذلك فان العقل البشري على مر عصوره يعاني من ازمة حقيقية في مسألة عقلانية تخص توحيد الخالق حتى الذين يدعون التوحيد يمتلكون ازمة مفصلية وان لم تكن ازمة عامة فكثير من الموحدين يتصورون ان وحدانية الله تقع في الخالق وحين ينشط الانسان في انشطته يبدأ ليضع لكل نشاط رب خاص به ولعلنا ندرك تلك الصفة بوضوح عند حملة العلوم المعاصرة وان كانوا موحدين الا انهم يتصورون ان الخلية تتصرف تلقائيا في التكاثر او في عمليات الايض وكأن الخلية هي رب نفسها ومثلهم اهل الفيزياء فهم يتصورون ان كل عنصر هو رب نفسه رغم اعترافهم ان الله خلقه
تلك الصفات معروفة لانها مهيمنة على كثير من الانشطة البشرية حتى عند الموحدين فنرى احدهم يتصور ان رزقه بسبب شطارته او شهادته او دكانه او مصنعه وحين نحاورة ان الرزق من الله حصرا فيقول ان تلك الادوات هي سبب للزرق وحين تسأله هل السبب سيكون شريكا لله في الرزق تراه يرفض تلك الشركة الا انه يجعلها عشا في عقله متصورا ان مصدرية رزقه تقوم بسبب هو صنعه وهو انشأه وهو استكمل بنيته في تجارة او زراعة او صناعة ..!!
{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاًفَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }العنكبوت17
ولكنهم (يبتغون) الرزق في (السبب) وهو من (دون الله) والله القائل (وتخلقون افكا) و (ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا) ..!! ولكن الموحدين جعلوا مما خلقوا بانفسهم من شهادة او وظيفة او تجارة او زراعة او صناعة سببا يشارك الله في صفة (يملك لهم رزقا)
كثير من الناس حين تتكشف لهم حقيقة شراكة السبب تراهم يتراجعون ويدركون (الرب) كما هو الرب الذي يغطي كل ملكوت يمس الانسان في نشاطه ولا يمكن ان تكون ءالة النجار او ءالة الخياط إله رزق او شريكا مع الرب في الزرق او في الشفاء او في السعادة او غيرها
الازمة الانسانية ومنها الاسلامية تقوم حين يصبح التوحيد(نظرة فكرية) ولكل ناظر زاوية نظر في حين يكون التوحيد هو كينونة خلق تصاحب المخلوق منذ بديء تكوينته في محيط الخلق لغاية فنائه فالرب لا يغادر مخلوقه رغم ان العبد يغادر خالقه ومثل تلك الصفة يعرفها الناس بفطرتهم فما من شهيق واحد ولا زفير واحد الا والرب له اذن به والا فان الانسان معرض ان يكون له زفير ولا شهيق بعده او ان يكون له شهيق ولا زفير بعده ولعل حالات الموت بالسكتة القلبية تنبيء برسالة الهية يرسلها الله لعباده ان الرب موجود حتى في الشهيق او الزفير او في عضلة القلب حين تنبسط او تتقلص فالرب موجود في كل نشاط ينشط به المخلوق في جوفه او في خلية واحدة من خلاياه ولعل انصاف الخلية (فايروس) واحد يقضي على ملك الملوك ..!!
زواية النظر في (نظرية التوحيد) زرعها الخطاب الديني وفي كل دين وليس في الاسلام فقط ورغم ان الفكر التوحيدي عند المسلمين اكثر رقيا الا انه لا يكمل صورة التوحيد تحت صفة (الجبار) فالله بجبروته (واحد) الا ان الخطاب الديني ينظر للفكر التوحيدي من جهوية عقلانية (اختيارية) لا جبر فيها فنرى الخطاب الديني يمارس عملية اقناع حامل العقل بان الله واحد ومثل تلك النظرة هي نظرة خائبة لانها تتعارض مع صفة (الجبار) التي يحملها الخالق الواحد الاحد فالفكر التوحيدي يجب ان ينطلق من تلك الجبارية ليفرض الفكر التوحيدي مضمونه على حامل العقل ولا ينتظر من العقل ان يصادق على الفكر التوحيدي لله سبحانه فتكون المتاهات المتداخلة في رب الشفاء ورب التعليم ورب الصناعة ورب الزراعة وكثير هم الارباب فلكل نشاط انساني اليوم رب هو من دون الله والناس يتصورون انهم يعبدون الله الا انهم يعبدون ارباب من دونه وذلك مؤكد ويقيني فيجعلون لكل سبب مسبب واخر الاسباب هو الله سبحانه فتكون الاسباب بموضوعيتها ارباب من دون
تلك تذكرة لا تقنع الاخر بل تذكره ففي عقل كل حامل عقل مقومات للذكرى
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55
الحاج عبود الخالدي
تعليق