رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَال
من اجل قيام ثقافة قرءانية جهادية
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآءاتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (النساء:77)
الم تر ... هو خطاب قرءاني متكرر في بداية 31 ءاية من ءايات القرءان وهنلك ءايتان قرءانيتان يبدأ فيها الخطاب بـ (الم تروا) وفي القرءان خمس ءايات يكون فيها الخطاب الشريف (ألم يروا) ومن ذلك الخطاب المتكرر يمسك العقل الحامل للقرءان ان الله سبحانه يخاطب العقول داعيا الى (رؤيا) شان من الشؤون التي تحتويها الرسالة الشريفة فيكون لزاما على الباحث القرءاني ان يستجيب لدعوة الله في رؤيا ما يريد الله ان يراه قاريء رسالته (القرءان)
اول اثارة في (ألم تر) في تساؤل (اين ستكون الرؤيا ..؟) في تاريخ مضى او حاضر قائم بين يدي قاريء القرءان ..؟؟ اذا كانت الرؤيا تاريخية فانها ستكون (رؤيا على رؤيا) ذلك لان الرواية التاريخية هي رؤيا ايضا نقلها التاريخ وبالتالي فان فاعلية الخطاب القرءاني في موضوعية الرؤيا ستخضع الى رؤيا المؤرخين وذلك ما لا يمكن الركون اليه لتحصيل العلم بلا ريب من قرءان ينطق بالحق ... التذكرة القرءانية (ألم تر) يجب ان تقوم في القرءان حصرا ذلك لان موضوعية الاية الداعية الى الرؤيا يجب ان تكون قائمة في زمن قراءة القرءان لتتحقق الرؤيا التي يدعونا اليها الله في قرءانه ..
الرؤيا القرءانية تبدأ في (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَءاتُوا الزَّكَاةَ) ففي الذكرى القرءانية ان هنلك (كفوا للايدي) وهي تعني حصرا (تأهيل الايدي لكفائة مأتية) فكفاءة الايدي (كفوا ايديكم) هي المرحلة السابقة على اتيان القتال اذ لا بد للمقاتل ان يكون قد استكمل وسيلته (يده) لكي يكون كفوا للقتال حين (يكتب) على المكلف وفي تلك الكفاءة يجب ان تكون الايدي (الوسائل) غير منقوصة استعدادا للقتال والا فان الخسران سيصيب المكلف عندما يكتب عليه القتال
الرؤيا القرءانية الثانية تقع في (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) والخطاب الشريف يؤكد ان القتال قد كتب في مرحلة لاحقة على كفوء الوسيلة بين (ايديهم) الا ان فريقا منهم (يخشون الناس) كما يخشون الله او اكثر خشية ... فما هي الخشية وما هو القتال في مقاصد الله وهل كل البشرية يجب ان تقاتل ..؟؟ واذا كان الاقليم اسلاميا فمن ذا الذي سيقاتله المكلف ..؟؟ وكيف يكتب القتال في مرحلة لاحقة على كفاية الوسائل (كفوا ايديكم) ..؟؟
لا بد ان يكون القتال هنا ليس قتلا بشريا بل (تدبر النص) والتبصر فيه يكون من المؤكد ان مقاصد الله في القتال الذي يكتب لاحقا على كفاءة الوسائل لا يعني قتل الانفس في ميدان حرب تقليدي ... ننصع بمراجعة الموضوع التالي في الرابط ادناه
سقوط الاحتمالية في الامر الإلهي .. أفأن مات او قتل ..!!
ثقافة القتل بين الشرق والغرب
رباط الخيل في ارهاب الرهبان
القتل لفظ له وظيفة محددة في صفته الا ان تخصيص تلك الوظيفة حصرا في قتل البشر فذلك ما ترفضه الفطرة الناطقة فحين نقول (قتل الحقيقة) فذلك لا يعني ان للحقية دماء تسفك وحين نقوم بذبح الانعام ويسفك دمها فذلك ليس بقتل ولا نقول (قتل الانعام) ... القتل حتى في سفك الدم (القتل الميكانيكي) سواء كان للحشرات او للبشر او لسباع الحيوانات والافاعي هو انما (وقف فاعليه لوقف فاعلية اخرى) فحين نقتل المعتدي انما نوقف فاعليته الجسدية لوقف عدوانه اما جسد المعتدي فهو ليس هدف بل وقف العدوان هو الهدف .. في الذبح لا نقول (قتل) لان لحوم الانعام هدف الذابح اما حين يتم قتل المعتدي فان جثته لن تكون هدف القاتل بل الهدف يقع في صفة وقف العدوان وفي تلك الرجرجة الفكرية مماسك فطرية فحين يقول احدهم (قتلني الصبر) فهو يعني انه اوقف فاعليته العجولة من اجل فاعلية الصبر
من تلك التبصرة (نرى) تلبية لنداء الهي (الم تر) ان (كتب علينا القتال) يعني كتب علينا وقف فاعلية لوقف فاعلية اخرى وتلك الصفة كتبت على الانسان حصرا دون غيره من المخلوقات فالمخلوقات التي تشاركنا موطن الارض لا تمارس القتل تكوينيا لانه لم يكتب عليها القتال اما ما تمارسه سباع الحيوانات ضد اخرى فهو ليس بقتل بل هو صيد ... القتال كتاب مكتوب على البشرية ويحصل ذلك عند الناس جميعا حين تتوقف الوسائل الفعالة ويحتاج المكلف الى وقف تفعيلي اخر وعلى سبيل المثال نرى ان المزارعين حين يتعرضون الى وقف فاعلية غدق الماء من الانهار او من المطر فيكون قد (كتب عليهم القتال) وعليهم ان يحفروا الابار لوقف فاعلية الفاقة ومساوئها بين الناس ... كثير من الناس يفقدون مهنيتهم لاسباب اندثار تلك المهن او سقوط حاجتها وبالتالي على من استكمل كفوء وسيلته ان يوقف فاعلية الحاجة (قتل الحاجة) من خلال استبدال مهنته وهنا يحتاج الى كينونة القتال من اجل ان يكون كفوا في مهنة اخرى ... كل الناس يكتب عليهم القتال في قتل حاجاتهم من خلال الاتيان باغناء الحاجة فان اغنيت الحاجة يعني (قتلت) وقيل في مأثور الكلام (لو كان الفقر رجلا لقتلته) وهو منهج في نشاط بشري متجدد يحصل بعد كفاءة وسائلهم فالمكتملين من الشباب عليهم ان يقتلوا العزوبية بالزواج وعلى صاحب المهنة ان يقتل أي وهن في مهنته فيوقف الوهن ليوقف الحاجة الى الناس عندما يصبح فقيرا ومن هنا تبدأ الرؤيا القرءانية الثالثة
الرؤيا القرءانية الثالثة (إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً) الخشية في معارف الناس انها (الخوف) الا ان القرءان يدحض تلك المستقرات في نص واضح تدركه العقول التي فطرها الله
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28)
فالله لا يخاف من احد ..!! فما هي الخشية ... الخشية من جذر (خش) وهو في مقاصد عقلية أولية (فاعليات متنحية متعددة سارية الفعل) وذلك التخريج من علم الحرف القرءاني ونجد له ذكرى محفوظة في العقول الناطقة حين يصنع المزارعون حبالا من (خيش) وهي الياف نباتية (خيش) يتم برمها ولكل شعيرة ليف قوة (سحب) متنحية وبكثرة الالياف تظهر قوة الحبل من اصل قوة شعيرات الخيش
خشية .. تعني في علم الحرف (حاوية سارية الحيازة لـ فاعليات متنحية متعددة) ... تلك الحاوية تسبب ان (فريقا من الناس) يتبادلون الخشية مع الناس (يخشون الناس) في وسائلهم أي (ايديهم الكفوئة) فهي يجب ان تكون في (حاوية سارية الفعل) لـ فاعليات متنحية في الناس فلا يمكن ان يفكر احد الناس ان يمتهن صناعة الطرابيش في الخليج العربي لانه (يخشى الناس) كخشية الله في نظمه فلا يمكن ان يقوم شخص ما بوقف فاعلية التنفس عنده لان نظم الله (حاوية سارية الفعل) ان يتنفس الفرد لكي يعيش ومثلها من يخشى امتهان صناعة الطربوش في بلد لا يلبس اهله الطربوش ... تلك هي الخشية في تبصرة النص وتدبر ءاياته اللفظية ونرى الرؤيا الرابعة تلبية لنداء الله في (الم تر)
الرؤيا الرابعة (وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) وتلك الرؤيا تفرض علينا ان نرى مثيلها في منهج البشر عموما وفي زمن معاصر لغرض تحقيق الدعوة الالهية في (الم تر) فاذا كان القتال هو (وقف فاعلية لوقف فاعلية اخرى) فان (كتاب القتال) يبدأ في سن التكليف حيث تتوقف (فاعلية الطفولة) لتتوقف فاعلية (الاتكاء) على الابوين والمعيلين للمكلف وذلك المنهج معروف بين الناس ويحس به كل مكلف وهذا المنهج يتجدد مع كل مسؤولية متجددة في حياة الفرد يستوجب فيها (وقف فاعليته) لغرض (وقف فاعلية اخرى) في قتال مكتوب على المكلف سواء كان تغيير مهني لمهنة واهنة او في استبدال دار او اضافة زوجة اخرى لاغراض الانجاب ففي كل تلك المفاصل يكتب القتال على المكلف وعليه الخروج مما هو فيه لغرض النجاة من سوء متأتي من فاعليات يكون عليها تزحف نحو الضر والاذى ...
الرؤيا الخامسة ستكون في معالجة فكرية يدعو اليها الله (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) وان فهمت (الدنيا) وكأنها دورة الحياة بمجملها الا ان التبصرة في النص تثير في العقل راشدة مفادها ان (المتاع الدني) أي الواهن سيكون (قليل) بعد قتله واخر القتال (الاخرة) ستكون (خير) لمن اصبح قويا (اتقى) وعند تنفيذ ذلك المنهج الذي يدعو اليه الله تكون المحصلة (لا تظلمون فتيلا) ... الفتيل في مفاهيمنا السائدة هو (المبروم) ... فتل الغزل أي (برمه) والخيط حين يكون مفتولا يكون اكثر مناعة من القطع غير المفتولة وقيل في منطق الناس ان الشاب مفتول الساعدين وذلك يعني انه قوي وبالتالي فان الله ينفي ان يكون (الظلم) في ذلك المنهج مفتولا بل سيكون (هشا) قابلا للتفتت بعد ان تتم تلبية دعوة الله المنهجية
تلك السطور اعتمدت على الفطرة الناطقة وعقل النص بلسان عربي مبين لا يحتاج الى مصادقة لغوية بل يقوم الفهم بشكل مباشر بين دعوة الله والمرسل اليه (المكلف) القاريء للرسالة (قرءان) فتكون تلك السطور حمالة (ذكرى) يتذكرها من يشاء الله له الذكرى
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
الحاج عبود الخالدي
تعليق