كيف يكون ابراهيم من شيعة نوح ..!
من اجل رفعة التطبيقات القرءانية في زمن الحاجة اليها
{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ }الصافات75
{وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ }الصافات76
{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ }الصافات77
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ }الصافات78
{سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ }الصافات79
{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }الصافات80
{إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ }الصافات81
{ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ }الصافات82
{وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ }الصافات83
{إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }الصافات84
من الثوابت العقائدية ان نوح عليه السلام كان سابقا على ابراهيم بحقبة زمنية غير معروفة وان من تبقى مع نوح من الناجين من الغرق كانوا ثلة مؤمنة استحقت النجاة وورثت الارض بعد غرق كل الناس في الارض الا ان الكفر شمل ما ذرى نوح من ثلة مؤمنة وتلك الراشدة الفكرية من نص مبين (وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمْ الْبَاقِينَ) الا ان تلك الذرية انحرفت واصابها ما اصاب اجدادها الذين اغرقوا والدليل هو في قرءان ربنا الذي يبين لنا سنن الامم التي خلت من قبلنا ولن نجد لسنة الله تبديلا فهي منهج في مسار الخلق من كفر لايمان ومن ايمان لكفر وهي ذرية متعاقبة تتعاقب على الكفر والايمان كما هو واضح ومبين في بيان قرءاني عظيم
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }البقرة124
فما الذي اوصل ابراهيم ليكون من شيعة نوح وكيف تكون تلك الصفة على حقبة زمنية لا بد ان تكون طويله تحول فيها الناجين المؤمنين من صفة ايمانية تستحق النجاة الى ما يدفع ابراهيم الى ان يكون من شيعة نوح بسبب الصفة التي التصقت بالناس كالتي كانت مع نوح فاصبحت بعد حين متزامنة مع ابراهيم وهنا يقوم دليل ان الصفة التي جعلت من نوح مركزا مهما في المنهج الالهي ضد الكفر المتوالد في قوم نوح بصفته الموصوفة في القرءان يستوجب ان يحتظنه ابراهيم بصفته قانون الهي في منهج كتبه الله باذنه من خلال قوانين ثابتة تدور مع البشرية عبر عنصر الزمن الذي تحياه الامم المتعاقبة (وتلك الايام نداولها بين الناس) والقرءان يبين لنا بيانا عظيما كيف يتداخل منهج الخليقة عبر الزمن ونقرأ صفة نوح بصفته (نواح) في قومه والقرءان يحمل البيان المبين
{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً }نوح26
{إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً }نوح27
صفة النواح تلك في نوح هي اعلى ترجمة لمنهج نوح في القرءان حين يطلب نبي الهي مرسل ان يهلك الله قومه ولا يطلب لهم الهداية كما فعل نبي الله يونس او عيسى او غيرهم من الانبياء بل طلب هلاكهم وتلك نقطة قد تكون مقدوحة في المنهج الرسالي حين يرسل الله نبيا ليهدي الناس بامر الله الا انه يطلب من مرسله (الله) ان يهلك من ارسل اليهم ليهديهم ..!! فهل هي استقالة وظيفية او استقالة رسالية او انها مخالفة يمارسها نبي رسول وحين يقوم السؤال في العقل كيف يحصل ذلك حين يعمل المكلف بامر الهي على ضديد ما يريده الله فتنقلب الهداية الى طلب الهلاك للبشرية ... تلك المفارقة ستكون عنوانا لبيان تذكيري قرءاني كبير سوف تحمله صفحات هذا المعهد يعالج صفة (الاخاء في الرسل) حيث يبين لنا القرءان ان هنلك خمسة انبياء يحملون صفة الاخاء وهم (نوح .. صالح .. شعيب .. هود .. لوط )
{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ }الشعراء106
{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ }الشعراء124
{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ }الشعراء142
{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ }الشعراء161
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ }العنكبوت
36
حين شمل الهلاك ابن نوح كان نوح صابرا لان هلاك تلك الامة كان ضرورة خلق مودعة في منهج ثابت تحيط به قوانين الله بشكل محكم
{وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ }هود45
{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }هود46
وحين كان ابن نوح من اهله اي (مؤهل من قبل نوح) الا ان الله انبأه انه ليس مؤهل من قبلك (إنه ليس من اهلك) لان (مشغل علة الايمان) تقع حصرا بيد الله ضمن قانون صارم وان مستحقات النجاة لن تكون بمجرد قرار عقلاني ايماني بل ان ممارسة استحقاق النجاة يحتاج الى تاهيل مسبق والا لن يكون هنلك نجاة وان قرار الايمان يبدأ بشكل ممنهج تحت قوانين الهية نافذة ولا يمكن اختراقها
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }يونس100
وان كان نوح قد قام بتاهيل ابنه الا ان الله لن يأذن له بالايمان لاسباب لا يستطيع العقل البشري الذي يحمله نوح او يحمله غير نوح ان يدرك الاسباب التي تجعل الله ياذن بالايمان لاحد او لا ياذن (لا تسالن ما ليس لك به علم) ذلك لان دقائق التفعيل العقلاني لا يمكن ان تظهر لعقل ءاخر الا ان الله يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور ... من تلك المتقلبات الفكرية يتضح ان الصفة الرسالية التي عمل عليها نوح كانت متمركزة في تدهور خطير اصاب البشرية (لا يلدوا الا فاجرا كفارا) وهو تدهور خطير وكبير يمكن الاطلاع عليه في المنشور التالي (بيان خطير في علوم القرءان)
بيان خطير في علوم القرءان
واذا استطاعت مداركنا العقلية ان تحسم الصفة التي كان عليها نوح في مهمته الرسالية فان تشيع ابراهيم لنوح يعني ان المهمة الرسالية لابراهيم اشتملت على صفة مماثلة مع منهج نوح الرسالي وفي تلك الراشدة الفكرية بيان مهم وكبير لو تم عقلانية الامثال القرءانية وتم تدبر البيان القرءاني بشكل عقلاني حكيم اذ ان منهج نوح هو في الكفر المادي الذي يخص اجساد البشر التي تصبح غير قادرة على الانجاب السليم كما احسن الله تقويمها بل التدهور الجسدي للبشر يصل بالوصف غاية في الخطورة (لا يلدوا الا فاجرا كفارا) وهو كفر الجسد وليس كفر العقل لانه كفر ولادي ولعل ما نراه الان من ارتفاع نسبة الولادات المعوقة وتزايد الامراض الوراثية يكفي للعلم اننا نسير الى حتوف اجيال لاحقة من البشر
التشيع الذي قام او يقوم به ابراهيم لنوح يحتاج الى فهم عقلاني دقيق ولعل المخرج الفكري الاكثر دقة في فهم مقاصد الالفاظ الشريفة يمر عبر خامة الخطاب القرءاني (الملزم) وهو (بلسان عربي مبين) فما هو معنى التشيع او معنى ان يكون ابراهيم من شيعة نوح ..؟؟
لفظ (شيعة) من جذر (شع) وهو من نتاج فطري يعرفه كل عقل ناطق عربيا ويمكن ادراك البناء العربي باستخدام فطرة النطق البسيطة فيكون البناء العربي للفظ (شع) هو (شع .. شاع .. أشع .. أشعة . اشعاع .. شيع .. شيعة .. مشاع .. و .. و .. و .. ) ... لفظ (شع) في علم الحرف القرءاني يعني في مقاصد الناطقين (نتاج فاعليات متعددة متنحية) ويمكن تطبيق ذلك النتاج على وظائف لفظ (شع) المختلفة وسوف نرى اتحاد المقاصد مع اختلاف وظيفة اللفظ في الاستخدام كالتالي
أشعة .. . هي حاوية مكونة اي صفتها (تكوينية) لها نتاج لفاعليات متعددة متنحية فالاشعة تتنحى عند اصطدامها بالاسطح المادية وبزوايا متعددة (تنتشر) فهي نتاج لفاعليات متعددة متنحية عن مسارها
شاع ... هو لفظ يستخدم لشيوع ممارسة او شيوع خبر ما وهو نتيجة لفاعليات متعددة سواء كانت اخبار او ممارسات تتنحى من مصدرها لتنتشر بين الناس فتكون قد (شاع) امرها
شيع ... هو ممارسة يمارسها ذوي المتوفي ومعارفه حين يتم تشييعه فالتشييع لجثمان الميت هو عبارة عن نتاج لفاعليات متعددة لها علاقة بالمتوفي تسهم في التشييع لذلك يكون التشييع حجما ونوعا له علاقة بمعارف المتوفي ويزداد عدد (المشيعين) بازدياد (شهرة المتوفي) بين الناس كما يمتاز نوع المشيعين من الناس بنوعية المتوفي سواء كانت النوعية مهنية او عشائرية او دينية او رسمية او غيرها فهو نتيجة لفاعليات (متنحية عن حادثة الوفاة) وتلك المرابط الفكرية تؤكد ان (النطق حق) خلقه الله في العقل الناطق فلفظ التشييع لجثمان المتوفي وان وردنا من الاباء الا ان الاباء كانوا يمتلكون عقولا ناطقة فيها نطق حق خلقه الله فيهم وليس من ابائهم واباء الاباء ينطبق عليهم نفس المبدأ ان (النطق حق في الخلق) وليس من مبتكرات الانسان
شيعة ... هي (حاوية فاعليات متعددة متنحية لها نتاج في الحيازة) وذلك هو البيان القرءاني المبين فالفاعليات المتنحية في قوم نوح كان لها نتاج في زمن نوح وقومه الا ان مثل تلك الفاعليات التي تنحت في قوم نوح (في الماضي) عادت (في حيازة ابراهيم) فكان ابراهيم من شيعة نوح لان (ما شاع في زمن نوح) يكون في منهج الهي مبين ان (يشاع في زمن ابراهيم ايضا)
اذا اردنا ان نتعامل مع البيان القرءاني بصفته (خارطة خلق) تبين منهج الله في خلقه فان عنصر الزمن سوف يسقط بصفته مساحة زمن وتتحول فعالية الخارطة الى (روابط الصفات) دون ان يكون لمساحة عنصر الزمن حضور ومثل تلك الممارسة الفكرية يتعامل معها المهندس حين ينفذ الخارطة التي بين يديه فتكون مساحة عنصر الزمن الذي تحتاجه نفاذية الخارطة في مساحة زمن متحركة حسب حجم البناء ونوعيته الا ان حاكمية عنصر الزمن تتحول من مساحة زمنية الى ما نسميه بالتزامن الزمني اي المسلسل الزمني في الاسبقية في مفاهيم نفهمها تحت الفظ (من قبل) و (من بعد) فقط وهي تقع في فهمنا العقلاني انها تزامن زمني وليس حقبة زمنية محددة المساحة او مجهولة المساحة (كم الزمن) بل تزامن الزمن مع الحدث فيكون عند مهندس البناء وبين يديه خارطة المبنى ان يكون اساس البناية (قبل تنفيذ الجدران) ويكون بناء السقف (بعد بناء الجدران) حيث يتحول عنصر الزمن الى (اسبقية متزامنة بحدثها) في النفاذ ومن تلك الراشدة الفكرية التي نقرأها في ما كتبه الله من نظم تنفيذية مرئية في بناء بناية او بناء سفينة او ماكنة او انشاء بستان وهي تخضع لنظم فيزيائية صارمة يدركها العقل البشري فلا سقف قبل الجدران ولا جدران قبل الاساس فيكون فهمنا ان ابراهيم من شيعة نوح يعني ان هنلك اسبقية متسلسلة في المنهج الرسالي التنفيذي فلو ان ابراهيم كان في زمن نوح فلن يكون من شيعة نوح لانه سوف لن يحتاج الى البرائة من قومه وهم الثلة الباقية مع نوح ولا يحق له ان يبرأ منهم ليكون (ابراهيمي الصفة) بل تقوم صفة ابراهيمية بعد ان تتدهور البشرية في منهج الخلق فتكون الابراهيمية حاجة لها حنفية كالحنفية التي نستخدمها للماء نفتحها حين نريد الماء ونغلقها عندما نريد ان نحافظ على خزين الماء فابراهيم حنيفا ومن متطلبات حنف ابراهيم ان يكون من شيعة نوح لان قومه في تدهور خطير مما يستوجب البرائة منهم ليطبق منهج الله في البراءة
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }الكافرون1
{لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ }الكافرون2
{وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ }الكافرون3
{وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ }الكافرون4
{وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ }الكافرون5
{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }الكافرون6
الناس يتصورون ان العبادة في المناسك وبعض الاعمال حصرا الا ان العبادة شاملة تامة لكل نشاط ينشط به الانسان مهما كان صغيرا ولعل مثلا بسيطا يوضح لنا الصورة فلو ان انسان ما كان احرص الناس على سلامة نشاطه من اي غفلة في السلامة في كل شيء الا ان غفلة بسيطة جدا عن سلك كهربائي غير مؤمن يؤدي الى قتل ذلك الحريص على سلامته بغفلة بسيطة قد لا تستهلك من الزمن اكثر من ومضة تماس مع سلك كهربائي قاتل يقتل كل مستلزمات السلامة التي اعتمدها ذلك الحريص على سلامته طول عمره ...
العبادة الحق تقوم حين لا تقوم الغفلة عن الحقيقة
فالذين عبدوا غير الله انما تحركت عبوديتهم في غفلة عن الحقيقة فمنهم من عبد الوطن والوطنية ومنهم من عبد الطب او عبد الصناعة او عبد افكار بنيت على غير ما ثبته الله من منهج في الدين فالدين لله وليس لغيره
اذا كان ابراهيم من شيعة نوح فان علينا ان نكون على سنة ابراهيم وملته فمن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه وغرق في الغفلة فلن يكون من الناجين فان البشرية في خطر
الحاج عبود الخالدي
تعليق