القرآن ... والأكاديمية
إشكالية عقلية !! .. أم ثقافة تأسلمية
بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالتاكيد عنوان هته ( الإثارة ) الفكرية .. ستستفز استغراب وتساءل كل متابع ومهتم !!
ليتساءل معنا ... ما المقصود :بـ ( القرآ ن .. والأكاديمية ) ؟!! بـل وما المقصود
( أكاديمية ... للقرآن ) ؟!!قبل الاجابة : يجب علينا اولا ان نسلط الضوء قليلا على مفهوم الاكاديمية وفق ما تؤطره ( مناهج التعليم الاكاديمية ) المعاصرة .
وهنا لابد أن نشير إلى وجهة نظر بعض المختصين في هته المناهج : حيث صرح الدكتور عبدالرحمن المولد ـ مستشار وموجه تربوي قائلا : (أن التعليم في الوطن العربي بحاجة إلى إعادة نظر شاملة ابتداءً من فلسفة البرامج والمناهج مروراً بالمعلم وانتهاءً بالتلميذ.. إن مجتمعاتنا مسكونة بحمل الشهادة الجامعية كوثيقة ارتقاء اجتماعي أكثر منها سلاحاً يحتاجه سوق العمل الوطني.. أيهما أفضل أن نخرج حملة شهادات عاطلين عن العمل أم نخرج مهنيين يلبون حاجة المجتمع؟ الحاصل أن جامعاتنا تخرج البطالة المثقفة .. قال هشام شرابي «كانت عادة التفرج على الكتاب عوضاً عن قراءته .. وحفظ الدرس عوضاً عن فهمه، النتيجة الطبيعية لأسلوب التلقين الذي ترعرعنا عليه». قبل نصف قرن جمعت حكومة الولايات المتحدة 50 شخصية من أوائل المتخصصين في أمور التربية والتعليم ووضعت أمامهم المأزق التالي:إن التعليم في أمريكا في طريق الانهيار وعليكم أن تصنعوا الحلول الناجعة لإنقاذه وقد عملت اللجنة مدة عامين وخرجت بتقرير جذري لنظام التعليم الأمريكي وتطويره. في المقابل تتسابق المدارس في بلادنا لحشو أكبر عدد ممكن من المعلومات الكمية لا النوعية في رأس الطالب.. علماً بأن الأبحاث تؤكد أن الإنسان لايستخدم من المعلومات التي يتلقاها أكثر من
11 في المائة ) .
ويضيف الناقد والباحث الأكاديمي إبراهيم محمد طلحة عن اشكالية التلقين بالتعليم الاكاديمي قائلا ايضا : ( ..أما عن كونها مناهج تلقينية أو تحليلية فتلقينية حتماً !!.. )
فنرى اذن ان المناهج الأكاديمية ( التربوية منها والتعليمية ) تعتمد وبشكل شبه كامل على آلية ( الأسلوب التلقيني المتعمد ) !! تلك الآلية التي تقف حجرة عثرة كبيرة ضد خلق أي نوع من الابداع الفكري الحقيقي لأي طالب ، وتحوله بذلك إلى مجرد ( روبورت ) مهمته الاساسية هي في حفظ المعلومات وتخزينها ، واسترجاعها وقت ( امتحان ) لنيل شهادة ( جامعية ) وسوف لن نقول طبعا ( علمية ) تؤهله ولوج سوق العمل .
وبذلك اصبح العلم ... هو التلقين ... والتلقين هو العلم
نحن اذن امام طامة كبرى ..!!
تلقي بثقلها ( الخطير ) على كل المستويات الفكرية والعقلية ... والاجتماعية والعلمية الاسلامية
نحن امام انسلاخ كبير للعقل عن مهامه ..
نحن امام ضياع فظيع للعلم .. امام رسالته واهدافه ..
نحن امام وئد الصفة ( الانسانية ) في اهم مكوناتها ( العقل ) ...
والطامة الاكبر ... حين نضع ( القرآن العظيم ) ... داخل تلك ( الطامة ) التعليمية التلقينية الاكاديمية ؟!!
حين نسلخ من ( قدسيته ) اهم واعظم ( آياته ) ... تلك ( الايات ) التي تدعونا بكاملها الى استخدام ( العقل ) للتدبر والتفكر في كل بيان وآية .. لغور ( علوم ) القرآن ( القدسية ) وبيانها .
ونحن هنا نستحضر الحديث شريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بلغوا عني ولو آية )
فهل وقفنا على معاني والدلالات العظيمة التي يحملها هذا الحديث الشريف ؟ ! اذن ان السواد الأعظم من ( المسلمين ) يظنون او ظنوا ان مهمة التبليغ تنحصر حصرا في استرجاع ( الآية الفلانية ) ونشرها أي ( ارسالها ) ..!!
فهي مهمة ارسالية ( تلقينية ) بعيدة كل البعد عن مفهوم ( التبليغ ) ورسالة ( التبليغ ) ؟
ودعونا نلفي نظرة الى مفهوم هذا اللفظ ( بلغوا ) كما نراه ..
فهو بلوغ اقصى انواع ( الادراك ) القوة ( العلمية والمعرفة ) او ( الجسمية ) والحسية في الشيء المراد معرفته او القيام به : نرى هذا المعنى جليا في قول الحق تعالى في الآية 22 من سورة يوسف ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) .
ونقرا هنا ـ أيضا ـ في آيات ربنا عن ( فرعون ) حين تمرد وطغى وسولت له نفسه ان على بلوغ ( الاسباب ) ـ يقول الحق تعالى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي
صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ) ( غافر : 36 ) .
فاذن حين نسمع قول رسولنا الكريم ((بلغوا عني ولو آية ):
فهنا .. يجب ان نقف وقفة ( حق ) و ( صراحة ) مع ذواتنا وانفسنا لنسالها : هل حقيقة عملنا ونعمل بوصية رسول الله التي هي امر الاهي من اوامر الله تعالى الالهية لنا .
هته الوقفة الكبيرة مع الذات ...
ستجيب على كل استنفار واستغراب طرحه ( عنوان ) مقالنا :
قرآن ... واكاديمية
حيينها يجب علينا ان نختار
اما بين ( قرآننا ) ... أو بين أكاديميتنا
فمنهج ( الاثنان ) بالتاكيد لا ( يلتقيان )
اللهم انا بلغنا .. فاللهم اشهد
والسلام عليكم ورحمة الله
الباحثة وديعة عمراني
تعليق