تساؤل عن حكم الاسرى في الصراعات القائمة في الربيع العربي والاسلامي
وردنا على بريدنا الخاص رسالة خاصة ننقلها على صفحات هذا المعهد بتصرف كما ننقل جوابنا عليها تاكيدا لمنهجنا التذكيري في علوم القرءان
السؤال:
السلام عليكم
سؤال ملح يطرحة المجاهدون في ارض بعض اقاليم العرب والاسلام
هل يجوز قتل الاسرى ..؟
هذا و قد قال الله تعالى
{ ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة }
و قال ايضا
( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم
و يقول ايضا
{ فَإِمَّا تَثْقَفَنهُمْ فِي الْحَرْب فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفهمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }
ارجوا ان تجيبني اجابة شافية لما في الصدور
ببحث قرأني علمي موثق من كتاب الله و سنة نبيه
لك حبي و شوقي سيدي الحاج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القتال العقائدي الجاري في بعض اقاليم المسلمين لا تنطبق عليه احكام الحرب الاسلامية ذلك لان الله يقول
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء94
(أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ) هو بيان قرءاني يتم الامساك به عند تدبر النص والتبصرة فيه والتفكر فيه فهي لا تعني من القى التحية (السلام عليكم) بل تعني (من اعلن اسلامه) وان كان غير مسلما حقا مثل ان يكون (منافقا) وهنا نرى سنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام في المنافقين فهم انما (اعلنوا اسلامهم) اي (القوا السلام) والقرءان يهاجمهم هجوما شديدا
{إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }المنافقون1
ومع ذلك الوصف (المبين) فالرسول عليه افضل الصلاة والسلام لم يسجن احدا منهم ولم يقتل احدا منهم بل كانوا يصلون معه وهو يعرفهم وقد قام بتكفين احدهم بمقميصه فجاء فيه نص تذكيري قرءاني
{وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }التوبة84
ولا يوجد مذهب اسلامي يتم تكفيره اشد قسوة من وصف المنافقين ( إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ) ولم يحاربهم الرسول عليه افضل الصلاة والسلام وهو قادر على ابادتهم ولم نسمع في تاريخ الرسالة الشريفة غزوة على المنافقين او حربا عليهم لانهم (القوا السلام) وذلك حكم الهي مسطور في قرءان الله وهو دستور اسلامي اعلى ... الصراعات التي تجري الان في الربيع العربي وامثاله هي ليست صراعات عقائدية بل هي صراعات استثمارية تستثمرها الفئة الباغية التي تتحكم بشعوب الارض فهي تصنع وتحاك ببرامجية نافذة عند نشر (ثقافة الصراع) بين الشعوب المستهدفة لغاياتها فهي ثقافة تم انشاؤها من مادة فكرية وليدة من جنس المتصارعين انفسهم وتلك الصفة تعمم على كل شعوب الارض عندما تثار فيها فتنة عقائدية او عرقية او غيرها وليس للمسلمين او للعرب وحدهم وعندما تكون ثقافة الصراع المستنبتة بين الناس ذات سمة عقائدية فان الثقافة التي يتم استثمارها هي ثقافة تكفير الاخر وحين نقرأ القرءان سنجد ان اصعب فئة عاصرها رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام بعد استقراره بالمدينة المنورة هي فئة المنافقين لانهم في مجتمعه الذي يحيا هو فيه ولم يكن له الحق في (اسرهم) او في قتلهم او حتى طردهم من المدينة او حتى اعلان كفرهم ... حتى اعلان كفرهم لم يمارسه الرسول عليه افضل الصلاة والسلام فكيف لمروجي السنة الشريفة حق تكفير الاخرين ..؟؟!!بل الحرب عليهم ..!! فهي حرب غير اسلامية في العنوان والمضمون معا ..!!
ثقافة القرءان تؤكد وتبين ان الكافر عليه كفره والمؤمن له ايمانه
{إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }الزمر41
ولا يحق للمسلم ان يكون وكيلا لله عليهم ولا يكون حفيظا على الدين او على المتدينين او مدعي التدين او انه قادر على هدي الناس بالقوة فكل تلك الصفات هي صفات رسالية (سنة نبوية شريفة) سطرت في القرءان
{لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ }الغاشية22
{وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ }الأنعام107
استثمار الشعوب لاغراض الفئة الباغية يمكن ادراكها من خلال رؤيا جذور الحراك الخاص بخطة الفئة الباغية فعلى سبيل المثال حين كان الصراع الطائفي في لبنان ادركنا ان هنلك ازمة طائفية في المنطقة وليس هي مفردة لبنانية وتر ومن خلال مراصدنا الباحثة في المحرك الذي تحركه الفئة الباغية كان هنلك رصدا في الشام وهو رصد (فكري) ولد منذ سنين طويله كان عقلنا يتسائل عن ماهية الوجود العسكري السوري في الحرب الاهلية اللبنانية وكيف وافق المتصارعون المختلفون اختلافا جوهريا على وجود الجيش السوري هناك دون معارضة عربية او اممية ولم نكن نمتلك جوابا لعقلنا المتسائل في ذلك الوقت الا اننا حين زرنا سوريا لاول مرة في 1998 وجدنا في الشارع السوري ان الزي الرسمي لاطفال المدارس الابتدائية عبارة عن (بدلة قتال عسكرية) يتواجدون فيها في شوارع المدن السورية ومنها استطعنا ان نجيب على سؤال عقلنا القديم ان سوريا يتم ارضاع اهلها رضاعة حرب اهلية بحقن فكرية غير محسوسة الا ان نتائجها نتائج مؤكدة حسب خبرات الفئة الباغية الواسعة ارضا وزمنا فالشباب السوري الذي شارك في جيش سوريا في لبنان في الثمانينات شهد الحرب الاهلية ميدانيا وخبرها خبرة لا تؤتى عند غيرهم من سامعي الاخبار او المتفرجين على الحرب ففصائل الجيس السوري حضرت واقع الحرب الاهلية (الطائفية) وصارت ذات خبرة عالية في تلك الحرب وشباب الامس الذي كان منتسبا للجيش السوري في لبنان ولزمن طويل صار اليوم ءاباء الشبيبة السورية التي لبست بدلات قتال على مقاعد الدراسة الاولى فاختلطت خبرة الامس برغبة اليوم التي عشقها ابناء المدارس حين غسلت عقولهم رغبة في القتال او ان القتال بالنسبة لهم غاية غير غريبة فهم عاشوا في احظان بدلة قتال عسكرية .. انها برامجية عميقة لا يمكن ادراكها الا حين يتبرأ (المتفكر) من كل متراكم فكري يصنعه الناس ويلجأ الى الحصن الفكري العظيم وهو (قرءان الله) ومنه تقوم (التذكرة) لان القرءان جعله الله حامل لـ صفة (المذكر) اي ذي ذكر والله سبحانه يدير الذكرى بمشيئته المباشرة التي تقوم في عقل المتفكر
{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ }المدثر56
ولدنا الغالي .. نحن نخاف عليكم من قوة التيارات التي تعصف بالمجتمع العربي الاسلامي ونسأل الله ان ينجيكم منها ونؤكد لكم اننا لا نمارس الافتاء او اصدار الاحكام بل نمارس عملية فكرية في بناء (مقومات الذكرى) التي بموجب قوائمها يتم (تأهيل الذكرى) لمن يتذكر اما من لا يتذكر فنحن لا نستطيع ان نعمل له شيئا سوى مساعدته في بناء (مؤهلات الذكرى)
سررنا برسالتكم .. سلام عليكم
الحاج عبود الخالدي
تعليق