عولمة الحرف في المقاصد البشرية
قراءة في هيمنة العلم القرءاني في زمن العلم
اذا استطاع الفكر البشري ان يمسك بالحق فانه سيرى ان القرءان خارطة خلق خطها الخالق واول المرشحين للتصدي لذلك الحق هم حملة القرءان ويتقدم ركبهم الفكري الناطقين بالعربية ومن اسرار الحروف المقطعة في عديد من بدايات سوره ستكون بداية ثائرة العقل وهي تشكل استفزازا للعقل الحامل للقرءان ومن تحت تلك الحروف يقوم علم الحرف في مقاصد العقل البشري بصفته العامة المطلقة ولن يكون حكرا لفئوية محددة من الناس بل تمتلك الحروف شيوعا في السنة الأءدميين جميعا في النطق وبما انها مرتبطة بالعقل البشري المبني على سنة لا تتبدل ولا تتحول فان الحرف الواحد انما يمتلك مقاصد بشرية موحدة مهما اختلفت اللغات ..!! انه سهم فكري قرءاني (خارطة خلق) لا يزال محجوبا عن معارف الناس خصوصا حملة القرءان لأن السهم القرءاني الفكري يبدأ في عقولهم في الحروف المقطعة ..!!
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم:30)
عندما تكون فطرت الله فهو (نظام في الخلق) ويعلمنا ربنا انه (فطر الناس عليها) أي احكمها في منظومة خلقه وهو الله القائل (لا تبديل لخلق الله) وتلك هي مفاصل مقروئة في خارطة الخالق وليس من نظرية فكرية بشرية ويؤكدها ربنا في مفصل اخر في تلك الخارطة الوتر التي لا يوجد غيرها ولن يأتي الله بغيرها بعد وعلى البشرية التي تنتظر كوارث كبرى قبل ان تركع لتلك الخارطة ذلك لان اعمدة العلم يخرسون في زمن الكوارث ..!! والقرءان يبقى ناطقا ولو كره الكافرون ..!! يحدثنا عن كل مفصل تنفيذي (نذير وبشير) ... لقوم يعقلون ..!!
(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (فصلت:21)
فالله سبحانه يثبت في كاتولوك الخلق انه الله انطق كل شيء ونحن نرى نطقنا بوضوح بالغ ونعرف جيدا ان الانسان مخلوق ناطق والناس يعرفون جيدا ان النطق هو (عقل) ذلك لان الانسان يرى كل مقومات النطق في الخروف والبقرة وغيرها من اعضاء عاملة ناشطة في لسان وشفتين وحنجرة الا انها مخلوقات غير ناطقة بل العقل هو الناطق ولا أظن ان اثنان يختلفان في ذلك ولم يستطع الانسان ان يروض احد القردة على النطق وهو يمتلك لسان وحنجرة ذلك لان الله انطق البشر بفطرة خلق في (العقل) وهو في كل الناس ولا تبديل لخلق الله وعقولنا ترى تلك الحقائق والقرءان يذكرنا ويجبرنا على التذكر ان كنا نحترم عقولنا التي هي رحمة الله لنا ..
(وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (الذريات:23)
انه لحق مثل ما انتم تنطقون ..!! فالنطق حق ..!! فاذا كان الله انطقنا .. والله خلق عقولنا ... ومنح عقولنا وحدة ادراك موحدة عند كل البشر فاللون الازرق مدرك عند كل البشر بشكل موحد والعقل البشري يدرك الجبل والوادي بشكل موحد ويأكل الاغذية بشكل موحد ويتصرف (عقلا) وفق منظومة عقلانية فهل يمكن ان نتصور ان مصدرية الحرف الناطق عند البشر مختلفة في المدرك ..!!؟؟ ولماذا تختلف المقاصد والفطرة موحدة ..؟؟ ولماذا لم تختلف في مقاصد البشر لمدركات الالوان ..؟؟ ذلك لان البشر يتعاملون مع اللفظ ويهجرون الحرف ذلك لان صوامع المعرفة بكل عصورها تتعامل مع الالفاظ بصفتها علم مكتسب من الاباء ونسيت او تناست ان الله فطر النطق في عقل بشري واحد ولا تبديل لخلق الله فالعقل العربي لايختلف عن العقل الهندي في الخلق والهندي يستخدم نفس الحروف العربية او الانكليزية او الفرنسية فلن يكتشف الانسان حروفا تعبر في تعدادها سقف الـ (28) حرف فلو كان البشر حر التصرف بالنطق ويستطيع انتاج الحروف كيفيا فلماذا لا يكتشف المزيد من الحروف على مر العصور ويبقى البشر جميعا مصرين على سقف واحد لحروف النطق ..!! من السهولة ان يثبت في العقل ان البشر ينطقون حروفا موحدة النطق ويبقى عسيرا ان نثبت ان مقاصد الحروف ثابتة عند كل البشر ولا تتغير ذلك لان الانسان يتعامل مع (عجلة المقاصد) وهو اللفظ (الكلمة) عند سماعها ولا يتعامل مع لبنات بناء الكلمة عند نشأتها في العقل البشري المفطور على النطق ... عسر الفهم لوحدوية مقاصد الحرف في العقل البشري يتيسر ولا يتعسر عندما نرسم لعقولنا ثابتة اولى ان (الكلمة) من لبنة بناء واحدة (حروف مترابطة) شأنها شأن مواد البناء للمساكن عندما تكون (لبنات مترابطة) .. العلم المعاصر استطاع كشف الحقائق عندما اوغل كثيرا في الاشياء فاعادها الى أولياتها فالسابقون كانوا يفصلون الاشياء الى مدركات رئيسية كالتراب والهواء والنار الا ان العلم المعاصر اتجه الى تأويل المادة (اعادتها الى اولياتها) فقال بالعناصر ومسمياتها وخصوصياتها ومن ثم قال بأول اولياتها (الذرة) ولم يكتفي بذلك فنزل غورا الى اول اولياتها فقال بـ (الميزون) وتلك هي منظومة سنن الخلق ترى عند اعادتها الى اولياتها (تأويل) .
مساكن البشر جميعها وبدون استثناء مبنية على نظام فطري من مكونات اساسية (تأويل) وهي (ارض + جدران + سقف + نافذة + باب) .. تلك هي فطرة عقل بشري في بناء المساكن الا ان الامم والقبائل والاجيال امتلكت مساحة واسعة من ربط تلك الاساسيات لبناء المساكن وبشكل مختلف ولعل البناء الحديث ذو الطوابق المتعددة لا يمكن ان يحيد عن تلك الخماسية الثابتة في العقل فلو ابتنى بناية بعشرات الطوابق انما ينفذ تلك الفطرة الثابتة ويمتلك صلاحيات ربط مرابطها حسب حاجاته وحسب معارفه وحسب امكانياته فان كان الاباء علمونا بناء المساكن فذلك لا يعني انهم منحونا عقولا من عندهم بل يعني انهم علمونا مرابط سنن الخلق وفق بيئتهم فمساكن الصحراء ليس كمساكن المناطق الثلجية فمرابط البناء تختلف جغرافيا و تختلف زمنيا فالاباء ما كانوا قادرين على بناء مساكن بعشرات الطبقات ..!! ذلك لانهم ما كانوا يمتلكون مرابطها من رافعات ومن مواد اسمنتية متصلبة موقعيا وما كانوا يمتلكون تقنيات (مرابط) قوة التحمل في ضخامة البناء .. اختلاف اللغات جاء نتيجة لاختلاف المرابط لاساسيات موحدة (حروف) مثلها مثل مختلفات ربط منظومة السكن فالحروف في النطق عند تأويلها لاولياتها في العقل الناطق انما تتعامل مع مقاصدها الموحدة في العقل فان اختلفت مرابطها لن تختلف مقاصدها في نشأة القصد في العقل لغرض صناعة البيان ..!!
الله خلق في عقولنا الحروف ولكل حرف مقاصد في العقل ثابتة بين بني البشر جميعا ومنح الناس حرية ربط تلك الحروف حسب حاجاتهم البيئية او الزمنية فلكل جيل حضارة ولكل حضارة حاجات والحرف يتقلب فيها ليثبت لفظا ويغير لفظا وينشيء لفظا كما هي المساكن التي يمتلك الناس حرية ربط مواد البناء التي خلقها الله فلكل مادة تدخل في البناء نظما فيزيائية ثابتة (أوليات خلق) لا يستطيع الانسان خلقها بل يستطيع ان يتحكم بمرابطها كما حصل في خلط مادة الخرسانة من مواد خام معالجة (اعادة ربط مواد ارضية) من خامات ارضية تسمى (كلنكر) وربطها مع الحديد والحصى والرمل والماء للحصول على كتل خرسانية ذات تحمل يفي بحاجات زمن معاصر لم يكن لها حاجة ايام الحضارة الطينية والصخرية ..!! نرى مثل ذلك في اللغة سواء العربية وغير العربية فلفظ (الحنفية) مثلا هو لفظ حديث حصل بعد انتشار منظومة اسالة الماء المضغوط عبر الانابيب كما تزخر اللغات بالفاظ مستحدثة للحاجة اليها الا انها جميعا مبنية من بناء تكويني واحد هو اساسا من نظم موجودة في الخلق فالحضارة لا تخلق ذبابة ..!! بل لا تخلق خلية واحدة ..!!
حرف الميم .. حرف النون .. وكل حرف يقيم في العقل البشري قصدا واحدا لا يتغير بين لغة ولغة وانما التغيير يحصل في مرابط الحروف ليقيم الانسان لفظا يفي بحاجته في اعلان البيان للاخر وتبقى لبنة النطق واحدة متحدة الا ان خفاء تلك البيانات حصل بسبب عدم قراءة خارطة الخالق لمعرفة نظم الخلق من المصمم الذي صمم الخلق ونفذه بل غفل العقل البشري حقيقة البناء اللفظي وتصور ان اللفظ المختار هو الذي يحدد لبنة البناء (الحروف) ولم ينتبه الى ان الحرف هو المتحكم باللفظ وخصوصا في ربط المرابط ولعل نظرة سريعة فطرية على لفظ ( رب .. بر) ترينا كيف تتغير المقاصد بتغيير مرابط الحروف ونرى مثلها في لغات اخرى فاصبح العقل البشري يأخذ اللفظ جاهزا دون مراقبة مقاصد الحروف وذلك ليس ببعيد على سلوكية الانسان فالانسان عندما يتنفس لم يكن يعرف انه انما يحتاج نوعا محددا من الهواء (اوكسجين) ليقوم بتحميله عنصر الكاربون في عملية الزفير وعندما جاء العلم المادي عرف الانسان حقيقة يمارسها ولم يكن يعرف تفاصيلها الا ان الاصرار العلمي في ساحة واسعة من المسطح المادي اظهر الحقائق الخفية رغم ان الانسان يتنفس الهواء من زمن موغل في التاريخ ..!! حقيقة الحرف لم تظهر بصفتها العلمية بسبب ضياع معرفي كبير لعلوم العقل ومن ظاهر الحدث العلمي المتعاظم يجب ان ندرك ان الله سبحانه ذو كيد متين فترك العلم المادي يتقلب على مساحة قرنين من الزمن ليعلن عجزه عن معرفة العقل فيكون القرءان مصدر علوم العقل في يوم قريب ليرينا نظم الخلق في (رحم العقل) لتكون خاتمة الرسالات هي الحق المبين في زمن عصي على اهله رغم بريق الحضارة الكبير .. أوليات المادة عرفت لان (رحم المادة) مرئي بالعين المجردة او بالمجهر او باي وسيلة مختبرية الا ان (رحم العقل) غير مرئي وحضارة الانسان لم تستطع فتح ملف العقل ويبقى العقل بلا جواب ما دام القرءان مهجورا .
كيف نثبت ان الحرف يحمل مقصدا موحدا في العقل البشري على اختلاف لغات الناس ... ذلك سيقوم عند معرفة علم الحرف القرءاني وبما انه علم غير معلن فان الاثارة تعلن هنا لتكون ذكرى لمن يشاء الذكرى ويبقى علم الحرف القرءاني يحتاج الى حشد مؤمن يتبرأ من كل فكر ويحتظن النص القرءاني ليكون لعلم الحرف القرءاني مسربا معرفيا يحمله ثلة من المؤمنين ولا ينفع صوت واحد ..!! فالصوت الواحد قد ينفع في التذكير ولا ينفع بقيام العلم الذي يمتلك (درجات) وسلالم تسجل علوا مطردا فالتذكرة تنفع فرادى ولن تقيم العلم اما الحشد العلمي فهو يقوم بفعل دستوري يمكن ان يمثل قاعدة انطلاق متسلسل للعلم مثل التجربة (الاكاديمية) التي بدأت بشكلها المتواضع الا انها مثلت جهدا انسانيا مطرد التسلق في سلالم العلم فعملية اعلان مقاصد الحروف من علم الحرف القرءاني سوف لن يقيم علما ذلك لان قيامة العلم تستوجب حشد متطوع لذلك العلم ليقول كلمة فصل وتبقى مهمتنا تذكيرية وتمتلك المناورة الكلامية كثيرا من المفردات التذكيرية التي تدفع عشاق مثل هذه البحوث الى ممارسة الذكرى والاستمرار بجهد فردي لحين قيام الحشد الموعود بموجب توفيق الهي .
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (التوبة:122)
يمكن ان نقوم بالمناورات التذكيرية لطرح وحدوية المقاصد البشرية للحرف الواحد ومنها يكون من خلال تفردية القرءان بالخطاب الحرفي (الحروف غير المرتبطة) وعددها (14) حرف تمثل زوجية الخلق مع (14) حرف لم يرد ذكرها كحروف مقطعة ... ظهور الحرف القرءاني غير المرتبط بالحرف (المنقطع) وذلك دليل وحدوية مقاصد الحروف في العقل البشري والحكم الشرعي يصادق على تلك السنة في الخلق في عدم جواز ترجمة القرءان الى لغة اخرى ويجبر حامل القرءان على قراءته بلفظه العربي ليس تعسفا من الله للعربية بل لان الحرف في عقل الاعجمي يحمل نفس المقاصد في العقل العربي (لا تبديل لخلق الله) .. ترجمة القرءان تعني اعادة ربط الحروف كيفيا وبما ان اعادة ربط الحروف الكيفية ستخضع لصلاحيات بشرية فان الامر الالهي بمنع الترجمة للحفاظ على مرابط خارطة الخلق من التحريف ولو رصدنا فكريا (نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) (القلم:1) فان (ن) سوف لا تحتاج الى ترجمة وبقية المتن سيعاد ربط حروفه ببناء غير البناء العربي فتختلف مرابط خارطة الخلق ويتم تحريف الكلم عن مواضعه وتبقى خارطة الخالق مبنية بشكل الزامي ببناء خصصه الله لها وهو (لسان عربي مبين) واذا عرفنا ان (اللسان) هو الرابط الذي يربط الحروف لعرفنا ان ربط الحرف القرءاني يخضع لارادة الخالق لان القرءان خارطة الخلق كما هي خارطة المصمم التي لا يمكن تفكيكها واعادة ربطها بشكل كيفي يخضع لرغبات المستهلك ..!! ترجمة القرءان الى لغة اخرى يعني تفكيك حروفه المترابطة واعادة ربطها من قبل بشر وذلك يؤثر حتما في دستورية خارطة الخلق ويفقدها ثباتها المطلق ..!! لذلك جاء النص الشريف (لا تحرك به لسانك لتعجل به ـ القيامة) ذلك لان اللسان يعيد مرابط ربط الحروف على حساب تفكيك المرابط الحرفية التي ربطها الله .
(مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ )(النساء: من الآية46)
(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:75)
يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ .. خطاب واضح القصد فالتحريف هو التلاعب بمرابط الحروف (فطرة عقل) ويكون ذلك (من بعد ما عقلوه) أي (فهموه) وهي الترجمة حصرا فالمترجم (يعقل النص) ومن ثم يقوم بربط الحروف (يحرفه) فيما عقله هو (فيما فهم هو من النص) وهو يعلم ان فهمه للنص (ظني) وليس (يقيني) لذلك قيل في مهنية الترجمة (ترجم بتصرف) أي ان المترجم لا يستطيع ان يقيم الترجمة الحرفية بل يتصرف بالترجمة حسب الفهم الذي عقله المترجم . كما ان المترجم يستخدم صيغة الخطاب (لحن القول) كمادة رئيسية للترجمة بتصرف فمثلا عندما يكون الخطاب (تأكل) فان لحن القول هو الذي يحدد ان الخطاب هو تساؤل (أتأكل ..؟؟) او انه اخبار عن عملية أكل ... هذا لا يمكن ان يقوم في دستورية خارطة فالخارطة لا تقيم تساؤلا بل تمنح خبر التذكر على شكل سؤال فتكون الترجمة سببا في تغيير منهجها الموضوعي فعلى سبيل المثال نقرأ (أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب اقفالها) فيظهر الخطاب بصيغة تساؤلية الا انه في حقيقته الممنهجة في القرءان وفق ترابط الحروف يكون مفصلا من مفاصل التكوين تذكيري الهدف ان (للقلوب اقفال) ولفظ (أم) لم يكن لفظا تساؤليا فهو من الامومة والدليل انه عطف على لفظ (قلوب) وليس (القلوب) فلو كان تساؤلا لكان (أم على القلوب اقفالها) وتلك من فطرة عقل يتلقى الخطاب (يعقله) .. كل تلك المرابط تضيع في الترجمة بضياع روابط الحروف تكوينيا كما جيء بها في القرءان بسبب اعادة مرابطها بشريا من خلال المترجم لذلك كان النص (فاذا قرءناه فاتبع قرءانه ـ القيامة) ذلك لان قرءانه محكم الفاعلية (محكم الآيات) ...
حرف ... في علم الحرف القرءاني يعني في المقاصد الثابتة (تبادل فاعلية فائقة الوسيله) وهو فاعلية النطق الفائقة الوسيلة وهو التميز الاخطر في المخلوق الناطق (انسان) ويمتلك فاعلية فائقة الوسيلة في (نقل البيان) وهو في (خلق الانسان * علمه البيان ـ الرحمن) .... الحرف دلالة القصد في العقل ... ولهو لبنة البيان الفائقة في وسيلتها ..!! ارتباط الحرف بالحرف يقيم البيان ومن هنا يقوم الخلق في (علمه البيان) ... الحرف الواحد يقيم القصد ولا يقيم البيان لانه لبنة بناء مثلها مثل الحجارة لا تقيم بناء الا اذا ارتبطت الحجارة بالحجارة ومثلها اذا ارتبط حرف بحرف اخر (فطرة عقل) ومن ذلك وجدنا في خارطة الخالق ما يذكرنا بذلك فلم نجد في القرءان اية منفصلة فيها حرف واحد لان الاية المنفصلة يجب ان تكون بينة فايات القرءان موصفة بالبينات ولن تكون الاية منفصلة بحرف واحد وتوجد ايات منفصلات فيها حرفان او اكثر او حرف + متن قرءاني مثل (ص والقرءان ذي الذكر) فالحرف الواحد لا يقيم البيان بل ينشيء القصد في العقل تكوينيا ولن يقوم البيان الا اذا ترابط اكثر من حرف وبسبب ذلك ضاعت على العقل البشري حقائق خلق الحرف الموحد في النطق الفطري البشري مثلها مثل الهواء الذي كان الانسان يتنفسه وهو يظن انه خامة واحدة اسمها (هواء) ولم يكن يعرف انه من عناصر حرة وعناصر تركيبية الا عندما استطاع العلم ان يرى (رحم المادة) فيعرف حقائق اوليات الخلق وفي نفس الوقت فان العلم لا يرى (رحم العقل) ليرى اوليات النطق... ورحم العقل لن يرى الا في قرءان ...!! وذلك حق الحق ومن فطرة عقل فاي شيء لا يمكن ان ندركه في جهاز تقني ما فيقم فينا حكمة عقلانية بالرجوع الى خارطة المصمم لمعرفة خفايا ما لانعرفه في ذلك الجهاز ومثله (رحم العقل) العصي على الحضارة فلا مناص من الركوع لخارطة المصمم (قرءان) .
ربما نرى ان هنلك اختلافات في نطق الحروف بين البشر الا انها سنة كلامية ضمن صلاحيات الناطقين وليس اختلاف حرفي مثل كثير من العرب تختلف بينهم صورة الحرف اللحنية الا انهم عندما يحولون الحرف الى رسم مكتوب فان توحيد الحرف يظهر عندهم كما يختلف نطق الحروف بين لغة ولغة الا ان مساحة استخدام الحرف تبقى في دائرة واحدة مثل حرف (p) او حرف (b) في اللغة الانكليزية فهي انما مساحة لحنية لحرف واحد مثل حرف (ض) في العربية عندما ينطق (زاد) مشددة الزاي او (ظاء) او (ضاد) ففي بعض التجمعات البشرية او العربية تقوم مقاصد الحرف مع اختلاف لحن الاصدار من الحنجرة الا انها موحدة في العقل فنرى في حرفي (b و p) قصدا واحدا والاختلاف في لحن الاصدار في الشفتين فهي واحدة في القصد الا ان ربط الحروف واستخدامها يختلف بين لغة ولغة او في اللهجات في اللغة الواحدة فلفظ (كوب) في العربية يقابله (cup) مما يدلل ان الحرف واحد مع اختلاف منهجية لحن النطق الصادر صوتيا باستخدام عدة عوامل في حركية الشفاه او اللسان او الحنجرة مع مشاركة جميع عضلات الفم في لحن القول وايقاعات الصوت في التعجب والتساؤل والغضب وكلها ترتبط بلحن القول (صوت) وتختفي في الكتابة وتظهر محلها علامات تدل على مقاصدها تم الاتفاق عليها بين البشر مثل (؟ ! ـ , ...) وكلها تؤكد سلم صوتي تم تحويله الى رموز مرسومة ... صلاحيات الانسان في تلحين الحرف وفي تلحين مرابط الحروف هي فطرة معروفة ومشهورة في اللهجات المحلية في كل لغات العالم الا ان توحيدا منهجيا يظهر في اللغة الثقافية حيث تتحد الطبقات الصوتية في اللغة الثقافية (الفصيحة) الا ان الاتحاد لن يكون مطلقا في لحن القول الثقافي (الفصحى) وتبقى اللكنة المحلية قائمة في الكلام ولن تختفي الا عند اختفاء صوت المتكلم حين يتحول الى كتابة (البيان) حيث يكون التوحيد الثقافي اللغوي يقع حصرا في البيان الموصوف بـ (اللاصوت) وهو الكتابة وهنا يقوم انضباط عقلاني يؤكد ان الانسان يمتلك صلاحيات واسعة فطرية في لحن الحرف وفي لحن ترابط الحروف ببعضها بصفتها (اصوات) ملحونة ..!! لها سلم موسيقي يتداخل مع المقاصد في لحن الدهشة ولحن التعجب ولحن الاستنكار ولحن التساؤل او لحن التأكيد او لحن استفزاز الاخر او لحن قبول قول الاخر او رفضه مع حركات خاصة بسحنات الوجه وجميعها تشترك بصناعة البيان الانساني (خلق الانسان * علمه البيان) ولو نرى وعسى ان يرى متابعنا الفاضل ان ذلك النوع من صناعة البيان (لحن القول + سحنات الوجه) هي لغة واحدة عند جميع البشر دون استثناء وتلك ضابطة بحثية راقية تؤكد ان صناعة البيان في فطرة خلق موحدة بين البشر وان اختلاف السنتهم يعني اختلاف مرابطهم في الحروف ليس اكثر
(وَمِنْ ءايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم:22)
عسى ان يدرك متابعي معي لفظ (إختلاف السنتكم) ولن يكون (اختلاف الالسنة) فهو اختلاف (فيكم) ودلالته (السنتكم) ولن يكون اختلاف خلق فالخلق واحد والفاطر واحد وقد تم ربط اختلاف السنتكم مع ايات خلق السماوات والارض دليل على خصوصية اللسان واللون في مرابط الانسان ولن يكون في مرابط الخلق فمن يختار زوجة خلاسية اللون فان اختلاف لون اولاده سيكون من خلال ارادته في مرابط الخلق فالزواج عقد رضائي اختاره الشخص في وعاء الارض من خلال ارتباط (الايجاب والقبول) فكان نتاجه اختلاف الوانكم ومثلها اختلاف السنتكم ..!! ومثلها تختلف مساكنكم ..!! ولو نرى وعسى ان نرى عدم اختلاف مساكن النحل ولغتها او اعشاش (مساكن) كثير من الحيوانات لان تلك المخلوقات تربط مرابطها وفق منهجية غرائزية لا تمتلك مساحة واسعة في الارض (وعاء الرضا) كالانسان وبالتالي لا تختلف السنتها ولا مساكنها وان اختلفت الوانها ..!! فالاختلاف بين تلك المخلوقات اختلاف تكويني بسبب محدودية صلاحياتها في ربط مرابط التكوين اما الانسان (الخليفة) فهو يمتلك وسعة في تفعيل مرابط الخلق فيكون اختلافه كبير (شعوبا وقبائل) الا ان اول اوليات النطق ستكون مرتبطة بسنن خلق ثابتة غير مختلفة كما في مقاصد الحرف في فطرة العقل البشري . ولعل فطرتنا الناطقة تستطيع ان تربط لفظ (خليفة) بـلفظ (الاختلاف) وبما ان بقية المخلوقات لم تكن (خليفة في الخلق) فهي لا إختلاف في منهجها ومرابط نظم الخلق فيها ..!!.. العقل البشري ينقل البيان العقلي بموجب وسيلة النطق ووسيلة النطق تبنى من لبنات الحرف (صناعة البيان) وهي (بناء) فاذا كان الحرف في المقاصد البشرية موحدا فان توحيد مرابط المقاصد في العقل البشري يمنحنا لغة عالمية لكل البشر وهي (عولمة الحرف) ونضرب المثل التالي :
لفط (كبير) في العربية ومنه (الله أكبر) نراه في لغات متعددة مبني بمرابط حرفية متقاربة يمكن ان تقيم رابط موحد في العقل ففي الفرنسية مثلا يكون اللفظ (كابيتال) وفي التركية يكون اللفظ (بيوك) وفي الفارسية يكون (بزرك) وفي الانكليزية (بك) وفي الصربية (كابيتالا) .. و .. و .. نجد ان مرابط الحروف في لفظ (كبير) تمحورت حول بيان المقاصد للحروف التالية (ك .. ب .. و .. ي .. ر .. ز .. ت ... ا ) نرى بوضوح ان مقاصد الكبر استخدمت حروف محددة تم ربطها بموجب صلاحيات امتلكها العقل البشري كسنة من سنن الخلق الا ان اساسيات المقاصد تبقى مرتبطة حرفيا في العقل لان الاساس الخلقي واحد كما في بناء المساكن ونرى حضورا لحرف الكاف وحرف الباء يتكرر في كل لغة استحضر فيها قصد الكبر في مثلنا في السطور السابقة ولعلنا لا نجهد انفسنا كثيرا لنرصد مساحة صلاحيات العقل البشري في ربط سنن الخلق ببعضها لغويا كما رصدنا الفوارق الجوهرية بين اللهجات المحلية واللغة الثقافية (الفصحى) حيث تكون اللغة الفصيحة هي البوتقة التي تصهر تنوع مرابط الحرف في مسرب منهجي واحد ومثل تلك السنة في الخلق مرئية بوضوح في بناء العمارات او المساكن المربوطة ربطا هندسيا موحدا على شكل مكعبات ذات ابعاد مستقيمة خالية من الانحناءات والاقواس فاصبحت هنلك لغة معمارية هندسية متعولمة في كل شعوب العالم وهي اساسا عبارة عن توحيد (مرابط) مواد البناء وفق منهج واحد ينتشر عالميا ..!!
الاختلاف في مقاصد اللفظ القرءاني عند حملته قام منذ وقت مبكر بعد نزول القرءان فقد اختلف عرب الرسالة في فهم لفظ (قرء) من نص قرءاني يخص عدة المطلقة (ثلاثة قروء) فمنهم من قال ان القرء يعني الحيضة ومنهم من قال ان لفظ القرء يعني الطهر وبالتالي اختلف حكم عدة المطلقة ازاء اختلاف الفهم للفظ قرءاني ذلك لان البشرية كانت ولا تزال تتصور ان اللفظ كالهواء الذي نستنشقه ومن ثم نخرجه (زفير) فاصبح الناس يستنشقون اللفظ من الاباء والمجتمع ومن ثم يخرجونه من عقولهم كالزفير وهم لا يعلمون انه يتكون من مجموعة عناصر كما هو الهواء ولكل عنصر من عناصر الهواء كيمياء وفيزياء خاصة به رغم ان البشر يعرفون ان اللفظ يسبح في 28 حرف لا غير ..!! يوم يقول القرءان كلمته الحق في وعاء التنفيذ يبرز نور الله فوق رغبات الكافرين الذين بدأوا بداية كافرة حين ربطوا الخلق بنظرية التطور وعزلوا العقيدة عن علومهم فكان رمحهم الاول هو الطعن بالعقيدة التوحيدية ولعل المطلعين على تفاصيل الثورة الفرنسية الاولى يدركون حجم الكفر الذي اراد اطفاء نور الله من اول يوم امتلكوا فيه ناصية الحكم .. ولكن الله يأبى الا ان يتم نوره وهو القائل ان محمدا خاتم النبيين ولن يبق امامنا منفذا عقليا غير بقية الله في الارض (قرءان الله) ومنه سينبثق النور الالهي رغم انوف من حاول ان يطفيء نور الله .. مثلما تألق الكفر في علوم (رحم المادة) واتخذ مسارب سلطوية على البشر حين اتخذ العلماء الماديين منبرا كافرا في مواقفهم الكلامية منذ اليوم الاول لانطلاقة العلم فان حملة القرءان يبدأون في غور (رحم العقل) ليكون لعلم العقل السيادة المطلقة على المادة وبالتالي يتحقق الوعد الالهي المرتقب ..
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8)
تلك تذكرة .. غير ملزمة .. وما كانت رأيا يقال .. بل تذكرة في فطرة عقل مع قرءان يقرأ في كتاب تنفيذي مسيطر عليه من قبل الله الذي بيده ملكوت كل شيء
الحاج عبود الخالدي
تعليق