سر القرءان المفقود (2) سبعا من المثاني والقرءان العظيم
من أجل منهج البيان القرءاني
تقديم
{وَلَقَدْ ءاتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرءانَ الْعَظِيمَ }الحجر87
من فطرة العقل النافرة من المتراكمات الفكرية يطرح العقل تساؤلا لا يقبل العقم ..!! هل الله انزل قرءانه من غير ان يبين لقارئه وسيلة منهجية لما يقرأ ..!!؟ العقل يجيب ان أي مؤلف لكتاب او أي ملف فكري او علمي انما يمنهج كتابه الى فصول موضوعية ويضع لكتابه فهرست يبين مواطن تلك المواضيع ... حتى الشركات الصناعية حين تطرح مع اجهزتها كاتولوك المستخدم انما تجعل معه دليل استخدام ذلك الكاتولوك فكيف يقبل العقل ان يكون القرءان خالي من مداليل منهجية لغرض قراءته ونرى بوضوح بالغ ان العقل الحامل للقرءان يمسي ويصبح على ميثاق غليظ ناطق ان (الله اكبر) ولا بد ان يكون في القرءان دليل استقراء القرءان اكبر بكثير من أي منهج مفتعل يفتعله غير الله لان الله اكبر ...
في هذه المحاولة يمكن ان نصف سطورنا بمزيد من الحرج لانها سوف تبحر في بحر غير البحر وتشرب من ماء غير الماء وسفينة تجري باتجاه يعاكس التاريخ فيسقط الزمن على حثالة مساويء اليوم وينتفض الرشاد الفكري باحثا عن مفتاح لم يصدأ في رطوبة الزمن ليفتح اقفال قلوب منقلبة على دينها مستعصية عليها دنياها تغترف من فساد يومها اسوأ غرفة فما ربحت تجارة وما طهر زرع وما سكنت نفوس في مساكنها فما برقت عمارة وفيها سكينة كاذبة وما تسارع سريع الا حين تضيع السكينة في وباء بيئي افسدها اهلها فصار حامل القرءان مثله مثل غيره من حملة المعتقدات معتل الجسد وكأنه عتلة حضارية تستثمرها حضارة تقودها قوى طاغية فما نفعه قرءانه وما استكمل دينه فضاعت القيم واشرأبت اعناق الغفلة موسومة باوسمة حضارية حتى فاقت ناطحات السحاب في عليائها وسمت في سماء ابراج متبرجة بنيت من نفط عميق في الارض على غفلة من لافتات الدين في حين يبحث اسياد حضارة الارض عن علوم في انفاق تحت بيت المقدس وانفاق تحت بيت الله الحرام وكأن البيت صار حراما على اهله حلالا على اعداء الدين ..!!
ولقد ءاتيناك سبعا من المثاني ... خطاب موجه لحامل العقل المتذكر بالقرءان واولهم رسول الله محمد عليه افضل الصلاة والسلام ومنه ينتقل الخطاب الموصوف بصفة (سنة ًنبوية ) الى عقول حاملي القرءان كما انتقلت سنة الصلاة والحج وغيرها من الله الى رسوله ومن ثم الى مؤهلي الدين والقائمين قيامة الدين فما صلى مسلم الا كما صلى رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام وما حج حاج الا كما حج الرسول وما اتى الله رسوله الامين من احكام معلولة بعلتها الا ومن ورائه مأتي من الله لكل عبد منيب يؤتى القرءان وفيه اشارة قدس ورمز مرموز (سبعا من المثاني)
فهل هي احجية كاحجية الشعراء في بيت قصيد من شطرين ام انها احجية سباعية كما هي احجية الشعر الرباعي ليكون بيت القصيد بل ومن يكون الله حتى يرسل الى عباده رموزا غير قابلة للتفكيك ام انها بصائر لا تبصر وقلوب جعل الله عليها أكنة ان تفقه القول في قرءان الله حتى جعلوه حكاية مسطورة مثلها في كتب اليهود والنصارى او انها رموز ماسونية لا يفقهها الى ذوي الدرجات الرفيعة من الماسون ..!! بل انها استحقاق البشر لامر جلل يزيل الغشاوة عن العيون في امر الله المفعول فمن دخل الاستحقاق كان جديرا بحمل الحق ومن نأى بجانبه الى ما هو من غير الله فقدْ فقدَ حق الاستحقاق فكانت أكنة القلوب خير عقاب من رحيم كتب على نفسه الرحمة ومكلفين ما حملوا التكليف كما يريد الله ...!!
يؤسفنا ان تكون سطورنا بلسان حاد ولكن سوء الحال وانقلاب الاحوال يجعل من كل متكلم حاد اللسان وان اراد متنمق ان يقترب من سامعيه بقول جميل فما هو الا نفاق لا عقبى حميدة له ولو عطفنا مراشدنا على لسان القرءان لوجدناه حاد كالحديد ليس لان الله امبراطور غاضب بل سنن الخليقة تعمل بحكمة خالقها حادة جارحة امضى من السيف فسنن الرشاد تمتلك حدا لا تحيد عن حدها وبلسان حاد سيكون لساننا ذا حدة مع من يريد ان يكون متفرجا على هذه السطور يتشوق لجدل السخرية حين يدخل مجالس العلم هنا دون اذن سوى انه يمتلك ازراراً الكترونية توصله الى مقام محمود بحدوده الفعاله لانه لا يقبل اللوم من مخلوق حين يكون في حياض الخالق فما كان قولنا ولن يكون لأجر يرتجى او مقام مرفوع بل اجر الله خير وأوفى
سبعا من المثاني .. (7 ’ 2) وكأنها احجية رقمية فالرقم لا يقيم القصد بل يجب ان يقترن بموضوعه فيكون للرقم بيان موضوعي مرتبط بقصد باني الرقم فلو اعلن احدهم سبعة اعداد لتكون رقما فلا قيمة عقلية لما يعلنه الا اذا قال صاحب الرقيم علة الرقم فيقول مثلا (36782945) انه رقم (هوية السجل المدني) او انه رقم هاتف او هي صحبة رقيم لوزن شحنة من الحبوب او انها صحبة رقيم تردد موجي او انها .. او انها ... فسبعا من المثاني (7 , 2) رقم له صحبة يعلنها القرءان الا وهي القرءان نفسه (سبعا من المثاني ) و (القرءان العظيم) ...
كم هي مهمة تلك الرقمية وكأنها سر عظيم في قرءان عظيم حتى تكون رقمية (مأتية) من الله وليس من غيره فما سرها حين تكون رقمية قرءانية عظمى وكيف نعرف ذلك السر ..؟؟!! هل بطرح الرأي ام بطرح مرابط ثابتة ..؟؟ وما هي ادواة العقل التي ستصنع مفتاح غير صديء يمتلك بريق ايامنا لرسم خارطة الوصول الى اصول رقمية (سبعا من المثاني والقرءان العظيم) ويستوجب ايضا ان يعرف العقل انه يبحث عن معرفة قدسية لا ينالها الا من طهرت منهجيته فهو قرءان عظيم لا يمسه الا المطهرون مع التأكيد ان صفة الطهر سوف لن تقوم بالاستحمام في حمام طاهر (طهارة الجسد) بل التطهر سيكون في طهارة عقل حين يقوم العاقل بنبذ كل ما هو من دون الله ويهجر كل ما هو من غير الله لان الإتيان المأتي في السبع المثاني مأتي من الله وليس من غيره وله استحقاق خارج عن وصف (وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه)
خامة الخطاب القرءاني تتصف بانها حمالة بيان فالقرءان موصوف بـ (مبين) فماذا اراد الله ربنا بقوله (سبعا) (من) (المثاني) وما هي وظيفة لفظ التبعيض (من) فهل هو تبعيض للمثاني ..؟ او ان للفظ (من) وظيفة قصدية اخرى متعلقة بعمق سر القرءان ..؟ وهل صفة السبع صفة عددية والمثاني هو المعدود ام ان المثاني هي معدود ايضا ..؟ وهل يصح ان يقول القائل (عشر اربعات) او (خمس سبعات) حيث يبقى العدد والمعدود رقمية مجهولة لا تقيم البيان ولا يحيط بها العلم فكيف يخصص العدد معدود مثله واين يكمن قصد الناطق ..!! وتستمر تثويرات العقل ليقوم العقل بوظيفته التكوينية ويتعرف على سر ذلك المأتي من الله عبر السبع المثاني
المثاني السبع مرتبطة بالقرءان بصفته (العظيم) والعظمة هنا لا تعني العلياء بل تعني (استكمال الوسيلة) فالملك العظيم (مثلا) هو الملك الذي استكمل وسيلة ملكه والقائد العظيم هو القائد المستكمل لوسيلته القيادية .. لفظ عظيم في علم الحرف القرءاني يعني (مشغل نتاج فاعليه حيز خارج الحيازه) وذلك التخريج يتطابق مع صفة (المستكمل لوسيلته) فالملك العظيم او القائد العظيم انما يدير مملكته بما يصدر منه من قرارات (حيز يخرج من حيازته الفكرية) بصفته ملك او قائد او طبيب عظيم او رسام عظيم فان كتم العظيم مؤهلات عظمته فهو ليس بعظيم فالقرءان يمتلك صفة العظيم التي لها فعل منتج يخرج من حيزه القرءاني فكان في الكينونة عظيم وتلك الصفة تعني ان السبع المثاني ذات (رابط) مع صفة العظيم التي يحملها القرءان وبالتالي فان السبع المثاني هي مفتاح عظمة القرءان حيث يتم اخراج ما يراد اخراجه من القرءان بصفته كاتولوك الخالق
لفظ (السبع) هو لفظ رقمي يمثل العدد (7) وصفته انه نظام كوني كما في السماوات السبع فهي لا يمكن ان تكون ست سماوات في الخلق او خمس او اربع بل تكوينة الخلق اعتمدت تلك الرقمية لانها اساس الخلق وبنيته الاساس وبالتالي فان من يريد ان يحوز بنية الخلق فعليه ان يعتمد تلك السباعية والتي سيجدها في خارطة الخلق (القرءان) واذا اردنا ان نعتمد اساس بناء الخلق في السماوات السبع سنجد بيانا قرءانيا يبين مربط تلك السباعية ربطا كونيا
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }الطلاق12
وفي النص الشريف المتعلق ببنية الخلق السباعية يبين الله ان السماوات السبع لها مثلهن ايضا من الارض فهو بناء منظومة ثنائية (مزدوجة) متوائمة في سباعية فالخلق في اساسه (سبع مثاني) ولا يقوم أي مخلوق مهما كان صغيرا او كبيرا الا ويكون ثنائي النظام
{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }الذاريات49
فتلك الزوجية (ثنائية) الربط سباعية البناء فهي (سبعا من المثاني) وهنا يستوجب بيان القصد في لفظ (من) والذي يسميه مؤهلي اللغة (حرف تبعيض) الا انه في الحقيقة ليس تبعيض للمثاني بل هو (مشغل تبادلي) حسب ما مستقر لدينا من علم الحرف القرءاني وبذلك يتبين بيان النص ان الرقمية السباعية والزوجية (المثاني) مرتبطان براط تشغيلي تبادلي (سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر ـ بينهن) وتلك الصفة التشغيلية ترتبط بمشغل كوني تبادلي في لبنات الخلق الاساسية
{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }المؤمنون86
اقترن لفظ السماوات في متن القرءان مع لفظ الارض في قرابة 180 ءاية قرءانية الا ان انفراد لفظ السماوات فقط دون لفظ الارض جاء في ثلاث ءايات تقريبا فصفة التبادل بين (مثنى الخلق) راسخ في النصوص الشريفة وهو اساس الخلق
أي شيء مخلوق لا يكون الا في وعاء الخلق المحدد بـ (السماوات والارض) وهو مرتبط حكما بنظام سباعية السماء التي تتبادل النظم مع مثاني تكون سباعية ايضا (سبع سماوات ومن الارض مثلهن) وبما ان النطق (خلق) فهو يقع في وعاء منظومة الخلق ذات السبع المثاني فتكون مراشدنا على مقربة من سر المثاني السبع في رقمية من سبعة ازواج لتكون 14 عشر مفردة في السبع المثاني تمثل خارطة مأتية من عند الله نراها في تطبيقات قرءانية واسعة النطاق مع كل بيان يريده الباحث ومنها (مقاصد الحروف) لذلك نرى ان الحروف المقطعة هي اربعة عشر حرف (سبع مثاني) والحروف غير المقطعة هي ايضا 14 حرف تمثل سبع مثاني
كيف لنا ان نستثمر تلك الراشدة الفكرية التي جعلت من الحروف الـ 28 رقمية سباعية مزدوجة (الحروف المقطعة) مع رقمية سباعية مزدوجة في حروف مرتبطه ...
السبع المثاني والقرءان العظيم نظام قراءة البيان في خارطة لا يختص بقراءة مقاصد الحروف في مستقرات العقل فقط بل هو منهج شامل (مشغل بحث) يتعامل مع كل بيان قرءاني يريد الباحث ان يصل الى جذوره في القرءان وبعد ان يحوز الباحث على ذلك المنهج فانه سيمتلك مفتاح البيان القرءاني وسيكون (الحرف) هو اداة ذلك المفتاح فيكون لزاما على الباحث ان يبدأ بتشغيل مشغل البحث القرءاني (سبعا من المثاني) بدءا بمقاصد الحروف ذلك لان خامة القرءان هو اللسان العربي المبين وهو (لسان القرءان) ومن لا يمتلك لسان القرءان سوف لن يحصل على البيان من القرءان
ونضرة الى ميسرة في عنوان لاحق
سر القرءان المفقود (3) مشغل البحث القرءاني سبع مثاني
الحاج عبود الخالدي
تعليق