سر القرءان المفقود ـ 4 ـ أ (ادوات النفي ـ لا ـ إلا ـ فلا ـ ولا ) والقرءان العظيم
من اجل بيان منهج البحث في القرءان
ملاحظة : التذكرة ادناه هي استمرار للتذكرة المنشورة في الرابط ادناه :
مقدمة :
للباحثين عن سر القرءان نقدم هنا ادوات التذكير بمنهج القرءان ليسري القرءان في العقل البشري خصوصا في عقول حملة القرءان الراغبين بحيازة الحقيقة من مصدر الهي والرافضين لاي مدخل للحقيقة يأتي من دون الله فالقرءان مهجور ومحاولتنا هذه تتصف بصفة الاستقلالية فهي خارج المدرسة التقليدية التي عجزت عن سبر غور سر القرءان فتعطلت وظيفته واصبح القرءان جزءا من تراث المسلمين لا يمتلك اي وظيفة تطبيقية في زمن صعب للغاية يمر على المسلمين ولعل السنوات القليلة الماضية اعلنت بشكل جلي كيف يكون اهل الاسلام في حال صعب ففي اقاليم المسلمين ينتشر القتل واللااستقرار وتحولت بعض اقاليم المسلمين الى جحيم مهلك على اهلها مما ينذر بسوء العاقبة والناس يبحثون عن حكومات تنقذهم ودساتير ترقع فتقهم ونسوا القرءان وتناسوه عمدا او غفلة كما يتصاعد بشكل خطير حال اهل الاسلام عندما يكونوا اقليات في اقاليم اخرى او في بلدان المهجر ... سطورنا التذكيرية تسعى لتطبيق سنة نبوية شريفة في التذكير بالقرءان ونعلن لعشاق الحقيقة وطلبتها ان في القرءان منهج للبحث يغني حاجة المسلم ويسدد خطاه لانه يحمل البشارة والانذار وفيه ذكرى نافعة تنفع المؤمنين وترفع عن كل مؤمن اي خانقة تعتري كيانه ذلك لان في القرءان تصريف لكل مثل فهو قاموس الخلق وخارطة الحياة بادق تفاصيلها
ادوات النفي في القرءان تعددت الفاظها بصفتها بيان لنفي الصفة الا ان فطرة العقل المستقل تمسك بفوارق منطقية عند النطق بالفاظ تلك الادوات النافية فحين يقول القائل مثلا (لا قلق بعد اليوم) وهو ينفي القلق الا انه يجافي المنطق حين يقول (ليس قلق بعد اليوم) الا انه يستطيع ان يغير خارطة القول فيقول (ليس للقلق بعد اليوم وجودا) ومؤهلي اللغة يقولون في مثل تلك الفارقة بين القولين انها (بلاغة كلام) الا انهم نسوا او تناسوا ان (البلاغة) تعني البلاغ والتبليغ وان منطق التبليغ يفرض نفسه على المنطق فالنطق (حق) وهو (خلق الهي) له منظومة خلق ثابتة في خلق العقل البشري الناطق فلا يستطيع الناطق ان يهشم ثوابتها رغم تصوراتنا ان الناطق يمتلك صلاحيات واسعة في النطق الا ان القيود تظهر على منطقه في محاور كلامية كثيرة فالبلاغة تعني (تبليغ الاخر) عندما ينتقل القول من عقل لعقل ءاخر فيتم التبليغ ببلاغة الكلام ومن خلال تلك الثوابت التي حملها منطق القرءان (بلسان عربي مبين) نستطيع ان نفهم وظيفة كل اداة من ادوات النفي ومن تلك الماسكة الفكرية نستطيع ان ندرك مقاصد الله في القرءان اينما وردت اداة من ادوات النفي
لا .. لم .. لن .. ليس .. لست .. كلا ..
وهنلك ادوات (استثناء) تنحى منحى النفي مثل (إلا ... دون .. غير .. بغير .. ) وندرج ادناه امثلة من نصوص القرءان
لا ...{يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ }المائدة109
لم ... {إِنَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً }النساء137
لن ... {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120
ليس ... {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }البقرة272
ليست ... {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }البقرة113
كلا ... {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }الشعراء62
إلا .... {إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }آل عمران62
دون ... {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة107
غير .. بغير ... {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }الفاتحة7
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }البقرة212
فيما تفصيل تذكيري لاستخدامات ادوات النفي في القرءان
لا .. إلا .. فلا .. ولا
عموم ادوات النفي والاستثناء في منطق العقل الناطق حمالة بيان فالنفي ليس من اجل النفي والاستثناء ليس من اجل الاستثناء بل للنفي والاستثناء وظيفة بيانية تبين مقاصد الناطق فلفظ (لا إله) لا يمتلك بيانا للنفي المطلق وهو لا يعني ان لا وجود للإله بل جاء النفي لتأكيد الاستثناء (إلا الله) فمن قال (لا إله) دون ان يكمل البيان فقد كفر ومن اتممها فقد ءامن فمن وراء النفي في (لا) صفة منقولة (منفية) الا ان نقل الصفة ونفيها يراد منه ثابت لا ينتقل وهو الاستثناء .. ومثلها (لا علم لنا إلا ما علمتنا) فالعلم منفي عن الملائكة ويستثنى منه ما امتلكوا مشغل علته مثلها مثل المكائن الصناعية فهي محددة في مشغل علتها اي (علمها)
{قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }البقرة32
ففاعلية نقل العلم (نفي العلم) عن مخلوق الملائكة يراد منه بيان ان المخلوق الملائكي قد تم تشغيل علته بخلق محدد الوظيفة (إلا ما علمتنا) فحين سئلت الملائكة عن اسم ءادم فلم يعرفوا اسمه لان مشغل العلة بين ايديهم (محدد وظيفيا) فعرفنا ان اداة النفي (لا) يراد منها تاكيد حالة غير منفية من خلال صفة منفية وعلينا ان نستفيد (بحثيا) من تلك الراشدة
{قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً }الجن21
نفي صفة الملك للضر والنفع هو بيان يؤكد ويثبت ان صفة ملكية الاضرار والترشيد في يد اخرى اي ان ملكية الصفة منفية من حامل البلاغ الرسالي وهو يعني انها مودعة في يد اخرى
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188
وتلك هي سنة التبليغ الواردة على شكل رسالة مرسلة من منظومة خلق الله فالرسول عليه افضل الصلاة والسلام واي شخص استن بسنته التبليغية لا يمتلك لنفسه النفع والضر الا ضمن مشيئة الهية فهو اذن يمتلك لنفسه ضرا ونفعا من خلال تطبيقات وممارسات شاء الله لها ان تكون لخلقه فمن يتناول تفاحة تم تغيير هندستها الوراثية فيكون قد ضر بنفسه لان التفاحة التي خلق الله هندستها الوراثية بنيت هندستها على (النفع) واي تغيير فيها يقيم الضرر فالضر والنفع هو صفة يمتلكها الله بيده التي ملكت ملكوت كل شيء حتى في تفاحة خلقها الله فيها مشيئة نفع وتفاحة تم تغيير خلق جيناتها فيها مشيئة ضر الهية الملكية لان بيده ملكوت كل شيء .. فالرسول يقوم بالتبليغ والنفع والضر مرتبط بمشيئة الله في لبنات بناء خلقه
عملية ترسيخ تلك الراشدة الفكرية في مشغل البحث في القرءان تستوجب على الباحث عن حقيقة القرءان والباحث عن اسراره لغرض تطبيقات قرءانية وجوب الاطمئنان من مراشده لترقى بحامل العقل الى قمم الصلاح فعليه ان يقوم بتجربة تلك الراشدة في القرءان فاينما يجد اداة النفي (لا) في القرءان فعليه ان يبحث الثابتة البيانية التي يريد ان يبينها الله بمنهج (نفي صفه) لغرض (ترسيخ صفة اخرى) او فعل ءاخر وتلك الراشدة تظهر بشكل واضح وكبير في ميثاق المؤمن ( لا إله) (إلا الله).. تلك المراشد لا تشترط ان يكون وراء كل اداة نفي (لا) حاكمية ظهور اداة الاستثناء (إلأ) فالبيان الملحق باداة النفي لا يشترط ان يكون استثناء
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }البقرة2
فنفي الريب عن الكتاب باداة النفي (لا) يعني ان وراء النفي ثابت راسخ الا وهو احتواء الكتاب على هدى لطالبي القوة (المتقين) فالاهتداء لمقومات القوة (لا تقوم) صحبة الريب في الكتاب
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }البقرة6
فنفي الايمان عن الذين كفروا يقيم ثابت بياني ان الجهد من اجل انذار الذين كفروا (لا يقيم مقومات الايمان) وهو لا يعني الايمان العقائدي حصرا بل التأمين من قيامة مقومات الانذار لممارسة سوء عندهم ومثل تلك الراشدة الفكرية تنفع المؤمن الباحث في القرءان حين يرفع الحيف التكليفي عنه ويتوقف عن انذار الكافرين فمن يلتهم الادوية الكيمياوية انما هو كافر بما اودع الله له في جسده من نظم استشفائية بمجرد ان يبتعد عن ما يضره (واذا مرضت فهو يشفين) الا اننا نراه يكفر بالتأمين الصحي الالهي ويذهب الى التأمين الصحي الكيميائي فلا ينفع انذاره في شيء ويبقى التبليغ الرسالي كسنة نبوية واجبة لافراغ الذمة ولا أمل في من كفر ..!! ذلك لان الله يختص برحمته من يشاء فان كان ملتهم الادوية الكيميائية له خصوصية في رحمة الله لهداه الله وليس عليك هداهم ..!!
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ }البقرة11
نفي الفساد في الارض يقيم بيان ان المفسدين لا يعترفون انهم مفسدون بل (انما نحن مصلحون) فلا ينفع معهم القول ان لا تفسدوا في الارض فكانت اداة النفي (لا) لتثبيت راشدة بيانية دستورية فالذين يفسدون متصورين انهم مصلحون لا ينفع معهم القول حتى تحل فيهم كارثة العقاب
فلا ...
{أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }البقرة86
ارتباط حرف الفاء مع لفظ النفي (لا) ليكون (فلا) له منهج ممنطق في القرءان وعلى الباحث ان يبحث عن تلك الفارقة التي وردت في لفظين (لا .. فلا) لغرض استحلاب مشغل البحث (الحرفي) لفهم القرءان وفي هذا المقام سوف نستعين بمشغل البحث السباعي المزدوج كما روجنا له في المنشورات السابقة في محاولتنا (الوتر) عن سر القرءان المفقود فنرتل القرءان ترتيلا سباعيا مزدوج الثنايا وهو سيكون مزدوج الوظيفة ففي المهمة الاولى سنحاول الامساك بمقاصد الحرف (ف) ومهمة اخرى سنمسك بمقاصد لفظ (فلا) ووظيفته في البيان القرءاني بصفته اداة نفي من ورائها مقاصد الهية دستورية النفاذ
1 ـ {أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ
يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }البقرة86
الثابت في البيان الشريف هو صفة الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة وجاء لفظ النفي (فلا) لـ فاعلية بديلة بـ (تخفيف العذاب) او فاعلية بديلة ايضا عندما (ينصرون) فلا تخفيف عذاب ونصرة وهو بيان مختلف عن وظيفة لفظ (لا) حيث بيان الصفة اولا ومنها يتحقق ثبات الثابت في نفي الفعل البديل الناتج من الصفة وجاء لفظ (فلا) بشكل مغاير حيث ثبات الصفة اولا ومن ثم يتم نفي بديل فاعلية النتيجة فالتبصرة بالنص تنتج ثمرتها في استخدام لفظ النفي (فلا) فهي لا يراد منها نفي الصفة بل يراد منها نفي الفعل البديل المنتج عند احتواء الصفة (الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة) (فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون)
2 ـ {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ
تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }البقرة132
البيان الثابت في النص الشريف ان الله اصطفى لكم الدين وجائت اداة النفي (فلا) لبيان ان فعل الاتصال باي صلة (فلا تمت) الا من خلال مادة الدين فلفظ (فلا تموتن) لا تعني (الموت) فالناس لا يموتون بفعل منهم او رغبة منهم (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً ) ففعل الموت يأتي وان كان الناس في بروج مشيدة فالقصد الشريف هو في لفظ (مت) وهو احتواء مشغل والاية تبين ان اي فعل يفعله حامل الدين يجب ان (يمت بصلة) مع الدين وهنا يبين النص ان كل فعل (لا يمت بصلة مع الدين) يجب ان ينفى فالنفي لـ (الفعل البديل) وهو الفعل الذي يمت بصلة مع غير الاسلام بتكوينته التنفيذية
3 ـ {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ
تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }البقرة150
النص الشريف يبين وجهة الصلاة شطر المسجد الحرام وكثير من عقول البشر تستهزيء من تلك الممارسة (الاتجاه نحو القبلة) وجاء البيان الشريف في لفظ (فلا) وهو يخص نفي (فعل) الخشية من الذين ظلموا و (استبداله) بخشية الله (بديلا) عن خشية المستهزئين بمنسك القبلة واغلبهم من غير المسلمين وهنلك من هو حاملا لهوية المسلمين الا انه يقول اذا كان اينما تولوا فثم وجه الله فما هي ضرورة القبلة ..؟؟
4 ـ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ
جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }البقرة158
بيان الاية في الصفا والمروة بصفتها من شعائر الله والنفي الوارد بلفظ (فلا) لا يشمل حج البيت او العمرة بل يشمل فاعلية الطواف وانه (لا) يقيم جنحة (لا جناح) على من يطوف بين الصفا والمروة وتلك المعالجة هي مادة علمية تخص علوم الحج ولا تمتلك المدرسة التقليدية الاسلامية اي بيانات لمشغل علة ذلك البيان المنسكي فالحجاج يطوفون البيت ويطوفون بين الصفا والمروة بفعل الزامي غير اختياري فهو منسك ثابت عبر السنة الشريفة المنقولة فعلا متواترا فاشواط الصفا والمروة منسك ملزم والا يفسد الحج الا ان النص يبين ان هنلك (تبادلية فعل) عند الطواف بين الصفا والمروة حيث تتقاطع في تلك النقطتين كينونتين متضادتين (فيض العقل الايسر وفيض العقل الايمن) وتلك الاشارة من علوم الله المثلى لا تزال خارج معارف الناس وان تلك التبادلية بين ذينيك القطبين لا تقيم جنحة على الحاج او المعتمر وقد قام البيان عند معالجة وظيفة اداة النفي (فلا) بصفتها اداة بحث في القرءان اي ان اداة النفي تصلح لتكون اداة مدلة على البيان رغم ان اللفظ اي كانت تركيبته الحرفية هو دليل بياني الا ان ادوات النفي صالحة لتكون دليل الباحث على استكمال البيان لانها ممنهجة منهجا منطقيا يتطابق مع سنة النطق الحق ... وفي هذه الاثارة نرى ان لفظ (فلا) يمنح عقلانية الباحث سرا من اسرار مناسك الحج ذلك لان وظيفة لفظ النفي (فلا) هي التي دلت على ان هنلك (فاعلية تبادلية) بين الصفا والمروة وان الطواف بينهما لا يقيم جنحة ... لفظ من تطوع الذي جاء في النص لا يعني الطاعة بل يعني (احتواء طاعة) تكوينية حين يطوف بين الصفا والمروة ويكون جسد الحاج والمعتمر مطوع لذلك (الفعل التبادلي) بين شعيرتين في الصفا والمرة ولتلك الراشدة ملف تخصصي يختص بعلوم منسك الحج والعمرة وله مسودة مجلد واسع وكبير نوعا الا انه غير معد للنشر في المرحلة الحالية وهو ملف (العقل وبيت الله الحرام) والذي يتخصص بعلوم منسك الحج والعمرة واسرار التكوين للمشاعر المقدسة في الحجاز
5 ـ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ
فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ }البقرة193
نهاية القتال لكي لا تكون فتنة يستبدل فاعلية القتال وعدوانية الفتنة بـ فعل (اللاعدوان) ولا يستثنى العدوان الا على الظالمين وهذا دستور قرءاني لا يخص البشر فقط بل يخص كل المخلوقات سواء كانت ديدان او عصافير او جرذان او نباتات تضر بعض اصناف المزروعات او حشرات مؤذية ذلك لان القضاء التام على بعض المخلوقات يقيم (فتنة) فلكل صنف من المخلوقات وظيفة في الخلق فالله لم يخلق الجرذ او الفأر او الافعى لاعبا لاهيا بل لكل مخلوق في الخلق وظيفة خلق ايضا وعلى حامل العقل البشري ان يدرك مثل تلك الدستورية ولا يسرف في قتل الحيوانات المؤذية فيختل ميزان الخلق في الوظيفة التي يقوم بها المخلوق المؤذي فلا عدوان الا على الظالمين فالجرذ حين لا يؤذي مصالح العبد بدون فتنة فان ظلم واعتدى جاز قتله ومثله ينطبق على الناس فترى مثلا التكفيريون يقتلون الناس في الشوارع لانهم يحملون هوية محددة كأن يكونوا من جنسية اوربية او اسلاميون مختلفون معهم بالرأي العقائدي فيقتلوهم والله لا يسمح بالعدوان الا على الظالمين حتى وان كان نملة تحبو على الارض
6 ـ {فَلاَ
وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65
بيان الاية جاء ليبين انهم في شجار مختلف وهم بحاجة الى (حكم) وهو (حكيم يحكم بينهم) فجاء لفظ (فلا) ليبين انهم لا يؤمنون (لا يتم تأمين نفاذ مادة الحكم) اي لا يقبلون بها الا حين يكون المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام يكون حكما فيرضون بالحكم لانه حكم الله فلفظ (فلا) بين لنا ان فعل الشجار يتم استبداله لنفيه بفعل التحكيم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا بما قضيت .. تلك الاية تبين مفصلا مهما من مفاصل الايات القرءانية (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ) فهي دستور عام يتفعل في كل زمن حتى بعد قبض المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام فهنلك من يستن بسنته كما هي في القرءان فيكون الحكم قرءاني الصفة يمارسه حامل القرءان في كل زمن ... استبدال الشجار بالحكم الالهي مفقود بين خطباء المذاهب الاسلامية فكل شجار مذهبي مبني على مختلف مذهبي لن يتم رده الى الله وقرءان الله قائم فينا بل يردوه الى الرواية التي الصقت بالقرءان وكأن الرواية جزء من القرءان والنص الشريف يبين ان دواء داء الاختلاف بين المسلمين هو ان (يحكمون بالبلاغ الرسالي ) المودع في القرءان وان كان نبينا قد قبض الى ربه الا ان القرءان قائم وهو محمدي الاثر الهي المصدر (فردوه الى الله والرسول)
7 ـ {انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا
يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً }الفرقان9
الاية الشريفة تبين صفة الضلال فيهم من خلال ضرب الامثال الضالة وكان النفي يخص فعل الاستطاعة (فلا يستطيعون سبيلا) فهم ابطال في ضرب الامثال الا انهم لا يستطيعون سبيلا لتنفيذها مثل الصراع الاعلامي المذهبي القائم في زمننا فترى ألسنة المذهب تبرز عيوب المذاهب الاخرى الا انها لم تستطيع ان تخفي عيوبها وان دافعت عنها انما تغرق في عيوب اضافية فيزداد الطين بلة ..!!
تلك السباعية ذات الثنايا في البيان بينت لنا ان لفظ (فلا) خصص بالنفي للفعل التكويني للاية حين يتم (نقله) اي (نفيه) ومن ثم استبداله بفعل ءاخر او (نفي الفعل البديل) اذا تم تعزيز النفي من (فلا) بنفي ءاخر (حتى لا تكون فتنة ... فلا عدوان الا على الظالمين) وهو منهج مستحلب من القرءان يمتلك صفة الرسوخ (الثبات) فيصلح ان يكون اداة دلالة يستخدمها الباحث في القرءان وعندما تكتمل سباعية بثناياها في نصوص قرءانية تتحول الى راسخة عقلية فتصلح لان تكون من مشغلات البحث في القرءان اينما وجد لفظ (لا .. فلا) او (لا) او (فلا) او (فلا .. لا) وهي ادوات نفي متخصصة ونحن نمسك بخصوصيتها الوظيفية في خارطة الخلق (قرءان) من اجل فهم القرءان بعيدا عن الاراء والتصورات او الرواية التي تقلبت بين اهلها عبر اجيال كثيرة مختلفة الحاجات والثقافات والاهداف
اذا اردنا استفزاز عقولنا اي (اثارتها) فان بيان نظم الخلق لا توجب بيان النواهي بقدر ما توجب بيان النظم الا ان القرءان جاء لصالح (المستخدم) لصلاحه وهو المخلوق البشري الذي يمتلك عقلا يستخلف نظم الله ويستخدمها فيكون استخدامه حذر حرج يوجب توفير حزمة من اوامر النهي لتكون دليلا على الاصل ومن تلك الصفة تنوعت ادوات النهي حسب موضوعية الامر بالنهي وحين عرفنا ان ان لفظ (لا) ينفي صفة محددة الا انه يبين ضرورة ما ياتي من بيان تكويني بعده فيكون (لا إله) مرتبطا بـ (إلا الله) وجاء لفظ (فلا) ليدل على ان النفي قد خصص الفعل البديل وليس الصفة ومن الترتيل السباعي ينتج ان حرف (الفاء) يراد به في مقاصد العقل (تبادلية فاعلية) سواء كان التبادل منتظم كما في فعل (التنفس) حيث يشير حرف الفاء في لفظ (تنفس) ان التبادلية هي تبادلية منتظمة الا انها (تبديل) او (استبدال) وهو يحصل عندما يستبدل الشهيق بالزفير او الزفير بالشهيق فهما فعلان لا يجتمعان في ءان واحد بل يتبادلان فاعلية الصفة ودليلها حرف الفاء وهنلك صفة استبدالية نهائية يعلنها قصد العقل في الحرف (ف) مثل لفظ (نفى) فالنفي سيكون مستديم وليس متناوب ومنه لفظ (النفي) (فلا)
ولا ...
{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }الفاتحة7
النص تم فهمه بين الناس وكأنه (غير المغضوب عليهم او الضالين) فلفظ (ولا) عندهم معطوف على (غير المغضوب عليهم) الا ان طاولة علوم الله المثلى (المستقلة) تتجافى مع ذلك الفهم فلفظ (ولا) يختلف وظيفيا عن لفظ (لا) وعندما نفهم وظيفة اداة النفي (غير .. بغير) في المنشورات اللاحقة سنرى مادة من مواد علوم الله المثلى بناظور فكري اكثر ضخامة فحرف الواو لا يعطف النفي على صفة متغيره (غير المغضوب عليهم) بل يختص بنفي (الرابط الذي يربط المؤمن بالضالين) فلفظ (ولا الضالين) هو رشاد فكري ايماني يختلف عن (غير المغضوب عليهم) فالمغضوب عليهم ضالين من حيث نتيجة الوصف ايضا وهم يمتلكون نوعا من الغضب (المتغير) والا كيف كانوا مغضوب عليهم فكان لفظ (ولا) دليل قيام رغبة ايمانية تكوينية ان لا يوفق المؤمن لان يرتبط بالضالين فالانسان كائن اجتماعي يحتاج الناس والناس يحتاجونه في بيع وشراء ورهن واجارة وزواج وسكن فتلك الراشدة الفكرية (ولا الضالين) تمنح المؤمن حصانة الهية ان لا يقام رابط مع الضالين في غفلة منه غير مقصودة فلو ان احد المؤمنين (مثلا) كان مستقر في منزله واذا بجاره يعلن انه يبيع منزله وهنا تتفعل رغبة المؤمن (ولا الضالين) فمن كان ويكون ضالا سوف لن يستطيع ولن يوفق بموجب نظم الهية ان يشتري ذلك المنزل فيكون له رابط الجوار مع المؤمن لان الله يحمي المؤمن برغبته الايمانية تلك وهو مستكمل لايمانه فيدافع الله عنه ولا يجعل له جار ضال او زوج بنت ضال او زوجة ابن ضالة او مقاول ضال حتى حين يستأجر سيارة اجرة في مدينته فالله يكتب له توفيقا مع سائق سيارة اجرة يعرف الطريق وليس (ضال) فـ (ولا الضالين) لا تعني عدم الضلال بل تعني الارتباط بحامل صفة الضلال ..!! وهي لا تعني ضلال الدين فقط فالمؤمن حين يريد اصلاح حنفية في منزله يكتب الله له توفيقا في سمكري حنفيات غير ضال في مهنته ..!! انه مشغل رحم المادة ..!! سبحانه وتعالى فكيف يتمردون عليه وياخذون الدين من متحف الدين وهو بين ايديهم مبين ..!!! ومثل تلك الامثلة كثير يتكاثر مع كل حاجة يحتاجها المؤمن لها رابط مع الناس فلفظ (ولا) ينصرف الى (نفي رابط حيازة الصفة) ولا ينفي الصفة فالضال ضال ومن يريد الله ان يضله فيضله الله سواء كان ضلال المعتقد او ضلال المعرفة او المهنة او الصلاح فالصفة غير منفية بل المنفي هو رابط حيز الصفة
موجز :
اداة النفي (لا) يراد منها نفي الصفة لتثبيت صفة غيرها
اداة النفي (ولا) يراد منها نفي رابط حيازة الصفة وليس الصفة نفسها
اداة النفي (فلا) يراد منها نفي فاعلية بديله عندما تكون الصفة ذات نتاج فعلي
اداة الاستثناء (إلا) يراد منها تحديد الغاء صفة النفي في صفة محددة او فعل محدد
تلك النتائج لا ترسخ في عقلانية طالب الحقيقة ما لم يمارس طالب الحقيقة تلك المراشد بنفسه وبـ تبصرته العقلانية في مساحة واسعة في القرءان وكلما زاد من رقعة ممارسته مع حزم متكاثرة مع النصوص الشريفة كلما تجذرت الحقيقة لديه فالطبيب لن يكون طبيبا الا حين يمارس الطب ومثله كل ناشط ينشط في نشاط فكري او في نشاط مادي فلا تترسخ منهجية النشاط الا حين تقوم الممارسة وبشكل طردي
نستكمل ملف ادوات النفي في منشور لاحق ان اذن ربنا بذلك
سر القرءان المفقود ـ 4 ـ ب( ليس ـ لست ـ غير ـ لم ـ لن ـ كلا) والقرءان العظيم
الحاج عبود الخالدي
تعليق