حقائق غير مرئية
من اجل حضارة اسلامية علمية معاصرة
(1)
الـــعـــقـــــل
الـــعـــقـــــل
العقل : حقيقة غير مرئيــــــة رغم انوف العقلاء
العقل : مصطلح اختص به النشاط الانساني واستقرت الحضارات البشرية على ثابتة مفادها ان الانسان هو حيوان عاقل وان صفة العقل لصيقة بالأنسان دون غيره من المخلوقات وقد استقرت تلك الثابتة ردحا طويلا من الزمن ولكنها تغيرت مؤخرا .
العقل بلا جواب ... شعار اكاديمي رفع في عاصمة صناعة العلم امريكا ... هذا الشعار لم يكن شعارا سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا بل هو شعار علمي محض ملزم لكل الباحثين عن الحقائق المادية لانه صادر من عرش اكاديمي كبير لا يضاهى ولا يناقش الا في حاضرته هو وفي ذلك الرصد بؤرة فكرية تقوض أي محاولة للبحث العلمي خارج الاكاديميات العلمية المعترف بها تحت خيمة الدولة الحديثة (الصفة الرسمية للنشاط الاكاديمي) ... فالعلماء الاكاديميون لا يقبلون النقاشات الصحفية او الاثارات الكلامية ولا يقبل النقاش عندهم الا عندما يرقى الى حاضرة اكاديمية موازية للنتاج الاكاديمي (حرم جامعي) ... السبب يمتلك وضوحا اجباريا وليس رأيا لكاتب او صحفي لانه بداهة عقل ملزمة للحكيم العاقل الا وهي ارتباط النتاج الاكاديمكي بسلطوية الدولة على جماهيرها فللدولة سلطوية علمية مستوحاة من الهيكلية الاكاديمية نفسها فلو ان احد الاشخاص برع في علوم الطب واخترق بعلمه علماء الطب كلهم بعبقرية علمية طبية فذة فانه سوف لن يسمح لذلك العبقري بممارسة مهنة التطبيب ولا تعترف أي جهة علمية بطروحاته العلمية الا اذا كانت اكاديمية الطب قد منحت ذلك العبقري شهادة علمية والشهادة العلمية لا يحق لطالبها ان يقوم بزراعة افكاره العلمية خارج الحرم الجامعي ومن ثم يأتي بها الى صروح العلم ليقول تعالوا صادقوا على اعلمية هذه النتاجات الفكرية الفذة بل ان افكارالعبقري وطروحاته مهما بلغ بها الطول العلمي تبقى مجرد افكار لايسمح بتطبيقها وعلى ذلك العبقري ان يتخطى منهجية الصرح الاكاديمي سلمة سلمة حتى يرقى الى منزلة تسمح له بطرح طروحاته ويشترط لتلك الطروحات ان تتطابق مع الرواسخ العلمية الثابتة في تلك المنظومة الاكاديمية والا فان الطروحات الجديدة ستكون مرفوضة اذا تعارضت مع راسخات علمية سابقة ... سلطوية الدولة تكون فاعلة بعد مصادقة الاكاديميات العلمية , الاكاديميات العلمية سبق وان حصلت على مصادقة الدولة الحديثة فلا تقوم اكاديمية علمية الا والدولة تكون قد صادقت بشكل مسبق على قيامها بموجب نظم صارمة ... هذا الترابط جعل من القول الاكاديمي سهم نافذ في جسد الجماهير كيفما تكون واينما تكون وتعتبر الوثيقة الرسمية التي تصدر من جهة علمية رسمية في دولة ما نافذة في اية دولة في العالم بعد تصديقات روتينية (دبلوماسية) اما موضوعية الوثيقة الرسمية فهي رسمية رغم انوف الجماهير وتحمل صفة الرسمية في كل بقاع الارض .
هذه الضابطة الفكرية ليست ارهاصة فكر تطرح على سطور هذه المحاولة بل هي حقائق ميدان يعرفها القاصي من الحقيقة العلمية والداني منها لانها مشهورة شهرة واسعة . وهي ليست تشخيصا لمنقصة تداعبها هذه السطور بل هي قضية لمنهجية علم تتكسر على حافاته يوما بعد يوم امال الجماهير في النجاة من كوارث طبيعية وامراض قاتلة وتدهور اخلاقي لبني البشر يطرد مع اطراد التطور الحضاري .
من تلك الضابطة الفكرية المهمة تقوم عند المتابع والماسك عقلا بها ان العقل مصطلح ضائع في اروقة الاكاديميات بل العقل هو كيان ضائع وسط زحمة علمية فالعقل :
لا شكل له ... لا وزن له .. لا حيز له .. لا لون .. لا طعم .. لا طول .. ولا عرض .. ولا رائحة .. ولا يمتلك صفة طاقوية معروفة او شكلا موجيا معروفا او اشعاعا ماديا معروفا ولا يمكن وضعه في قمقم او يمكن استنساخه او اعارته او بيعه او شرائه ولا يمكن تسجيل تفاعلياته على اجهزة مادية بشكل مباشر ... فعزموا امرهم وقالوا ... العقل بلا جواب ... ولكن الاكثر نكاية بالجماهير هو ان احدا لايحق له ان يقول قولا فوق قولهم وعلى الجميع ان يعترف رغما عنه ان (العقل بلا جواب) لانه قول اكاديمي ملزم وذلك ينطبق على كل نتاج علمي يصدر من اروقة العلم الرسمية.
كل مخلوق على الارض استطاع ان يعرف الانسان بهويته .. الماء والهواء وعناصر الارض والحيوانات والحشرات والجراثيم استطاع الانسان ان يقرأ مكوناتها وان يتعرف عليها لان تلك المخلوقات بتكوينها تكون صالحة للتعريف بنفسها الا العقل فهولا يتصف بنفس الصفات التكوينية فهو غير قادر على ان يعرف نفسه حتى لحائزه ... انه (العقل) حقيقة غير مرئية لان العقل بلا جواب .
هذا الظلام القاتم للعقل اصبح لغزا حضاريا بل حافة علمية لاهل العلم فاصبح العقل يتحدى المختبرات في زمن النهضة العلمية المتألقة ورغم ان محاولات الانسان لمعرفة العقل لم تكن حديثة فهي محاولات قديمة سعى اليها علماء الاغريق وتناقلت الاجيال عبر حضاراتها انشطة معلنة ومكثفة لمعرفة العقل ومكامنه ...
بذلت المدرسة الحديثة خلال اكثر من قرنين من الزمن جهدا مكثفا ومحاولات متكررة في برنامج العلوم البيايولوجية والنفسية والبيئية وهندسة الوراثة لكي تتعرف على صفة ثابتة للعقل ليكون للعقل تعريفا اوليا الا ان تلك المحاولات فشلت جميعها بدءا من النظرية البايولوجية العتيقة للعالم الطبيب (لومبروزو) مرورا بعلم الفسلجة الدماغية الذي تألق به العالم الجراح (بافلوف) مرورا بالفكر الذي طرحه (فرويد) عن تقسيمات الانا والعقل الباطن والعقل الظاهر ونظرية الكبت ومحاولات مدرسة التحليل النفسي ومدرسة علم النفس التجريبي حتى اثخن العلماء محاولاتهم بالبحث عن العقل في الخلية وفي جيناتها وقالوا بالهندسة الوراثية ليصلوا الى مكامن العقل وقماقمه داخل جينات الخلية وتصوروا ان العباقرة يمكن استنساخهم من خلية واحدة من اجسادهم الا ان تلك التجارب فشلت وبقي العقل بلا جواب حتى زمن سطر هذه السطور ونحن في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين ولا يزال الباحثون عن العقل في نفق مظلم ... مراجعة تلك المدارس العلمية مراجعة مستفيضة لا تغني هذه السطور سوى قدرة هذه المحاولة على تهشيم تلك الافكار وبما ان تلك الافكار محطمة ومهشمة تماما من قبل رجالات العلم انفسهم فان الخوض في منهجية تلك المدارس وموضوعية النتاج العلمي فيها او الصادر منها منقلب على نفسه دون ان يكون لهذه السطور حاجة لدحضها جميعا فالعنوان الاكاديمي المطلق ان (العقل بلا جواب) يكفي ليكون معولا قد حطم تلك المحاولات بشكل مسبق بل حتى سخر منها . هذه المحاولة ليست اجهاضا للجهد العلمي السابق بل لوصف نتاجات المحاولات العلمية السابقة وليس ذلك بجديد فتلاميذ فرويد هم انفسهم الذين هاجموا نظرية فرويد واشهرهم تلميذه المباشر (ادلر) وكذلك تلاميذ (بافلوف) عالم الفسلجة الدماغية الشهير هم انفسهم دحضوا افكار معلمهم ولعل الركون الى العلوم الباراسايكولجية كان السهم النافذ الذي نفذ في جسد المنظومة العلمية . لقد استعرت بدايات نهضة العلم حربا على العلوم الروحانية والعقائدية واتهمتها بالتخلف الفكري والصقت صفات الاحتيال والشعوذة لمروجي العلوم الروحانية ومنهم رجال دين الا ان الاعتراف بالباراسيكولوجي (القدرات العقلية الفائقة) يعتبر تراجعا كبيرا في المنظومة العلمية وقد لوحظ بوضوح في النصف الثاني من القرن العشرين احتضان علمي لذوي القدرات العقلية الفائقة التي اذهلت العلماء واخرست السنتهم الطويلة حول العقل وقد مهدت لذلك الاحتضان العلمي الاكاديمي انشطة فكرية حملها اكاديميون كبار تحت عناوين علوم (الميتافيزيقيا) وعلوم (السوبر ناتيكيا) والتي راجت في اوربا في النصف الاول من القرن العشرين وشكلت تلك الانشطة بداية الاعتراف الاكاديمي بفشل الجهود المادية والنفسية لمعرفة العقل مما دفع بالمنظومة العلمية الى بناء صروح اكاديميات العلوم الباراسايكولوجية والتي لم تسجل نجاحا ملحوظا او تقدما ملموسا بعد اكثر من ربع قرن من تفعيلها مما رسخ بشكل اكبر الشعار الامريكي المشهور (العقل بلا جواب) .
المدرسة العلمية المثقلة بهموم العقل والتي عجزت عن معرفة جزء من جزء من بعض فعاليات العقل مثل فعالية النوم حيث لم تستطع فرق البحث العلمي عن النوم ومختبراتها العملاقة ان تضع وصفا علميا واضحا ومستقرا لحالة النوم عند الانسان في الوقت الذي كشفت فرق علمية اخرى ان الخلية الواحدة كمخلوق مستقل او مرتبط بمخلوق متعدد الخلايا تمتلك عقلا مستقلا فهي عاقلة ايضا وان العقل الخلوي يمتلك قدرة عقلانية غير مفهومة وغير مسيطر عليها واكثر تلك الاعترافات وضوحا في ساحات العلم هو جنون الخلية في مرض السرطان حتى وصف السرطان تحت عنوان (الجنون الخلوي) .
في خضم مجهولية العقل الاكبر وهو عقل الانسان والتورط العلمي الكبير في مجهولية العقل الخلوي خصوصا السرطاني (المجنون) تعلن امريكا في بدايات تسعينات القرن الماضي ان (المادة عاقلة) ورغم ان تلك الثابتة العلمية لم تكن مفاجئة حيث اظهر المجهر (المكبر) الالكتروني في بدايات تشغيله في ستينات القرن الماضي ان ذرات الحديد في قطعة حديدية تحت المجهر الالكتروني تقفز من مكانها الى مكان مختار ولم يكن قفزا عشوائيا , لم يكن احد من العلماء يستطيع ان يمنح عقله تصورا يؤكد ان المادة (الجماد) هي مخلوق عاقل ايضا .. وتزداد العقدة تعقيدا عندما يقول العلم كلمته معترفا بعقل العضو الواحد في جسد المخلوق فالعين لها عقلها والجلد له عقله والقلب له عقله وقد استطاع علماء الهندسة الوراثية ان يفسروا تلك الظاهرة قائلين بان الخلية الواحدة في جسد المخلوق تمتلك البرنامج الكامل لذلك المخلوق وان تلك الخلايا عندما تكون في عضو من اعضاء الجسد تلغي ذلك البرنامج الشامل للمخلوق وتقوم بالعمل على برنامج العضو الذي تعيش فيه فقط وعندما تكون خلية ما في عضو من الجسد كأن تكون خلية في اللسان فانها تعمل بعقلانية اللسان وعندما يتم نقلها الى العين او أي عضو اخر فانها سوف تخضع لعقلانية ذلك العضو ... ولكن... من المسيطر على ذلك العقل سواء كان في المادة (الجماد) او في العضو او في جسد المخلوق بشكل كامل ..؟؟ واذا اراد العلماء ان يتنازلوا عن هدفهم في مسك المسيطر العقلاني (المشغل) أي (آلة العقل) فان ما تحت ذلك المشغل العقلاني مجهولية كبرى وقد تغلقت العقول العلمية ازاء ابسط تساؤل عقلاني عندما تسأل أي شاعر كيف تقول الشعر ؟؟ او عندما نتسائل لماذا ننام ؟؟ واصعب المصاعب لماذا تصاب الخلية بالجنون وكيف ..؟ .. لتكون المستعمرة السرطانية قاتلة..؟؟... ولعل اكثر العقد تعقيدا عندما يريد العلماء التعامل مع مفهوم (الذكاء) لمعرفة حقيقته ومثل ذلك العقم العلمي يصيب موضوع الشيخوخة عند الكائن الحي , لا جواب بل ظلام مضاف الى الظلمة الحالكة .
من ذلك الظلام الدامس تظهر حقيقة تمثل ثقل ذلك الظلام وهي في مجهولية العقل سواء كان في المادة او في الخلية او العضو او في الكائن الحي عموما او في شاعرية الشاعر (عقل الانسان) وتلك المجهولية لم تكن حصرا في العقل الانساني بل هي شاملة لكل وعاء العقل اينما يكون .. هذه الحقيقة يغض العلم الطرف عنها لان العقل بلا جواب فالعقل حافة علمية لا يمكن الاقتراب منها ... واذا كانت بعض التفاعليات العقلانية يمكن رؤيتها مختبريا دون معرفة اسرارها مثل تفاعليات عقلانية النوم التي تترك مؤثرات هرمونية وبايوفيزيائية في جسد النائم حيث وجد العلماء كثرة تتكاثر من الاسرار والمجاهيل واصبح المجهول الواحد يتصف بصفة توليد مجاهيل لا حصر لها .
من التفاعليات العقلانية التي لا يمكن مراقبتها مختبريا ولا يمكن التعامل معها ماديا على الاطلاق هو فاعلية الذكاء الانساني والاصعب منه نظام الشيخوخة , ولعل الذكاء الانساني لفظا لا يمكن ان يكون له تعريفا واضحا ويستخدمه الناس او العلماء كمؤشر لفاعلية عقلانية دون معرفة كينونته الحقيقية وربما تكون العبقرية وهي (ذكاء مفرط) والتي يحوزها عبقري ما عصية على العبقري نفسه ليكون الذكاء حالة واهية لا تمتلك معايير يقينية اما المعايير التي وضعتها مدرسة التحليل النفسي للذكاء فما هي الا مشاريع بحث لم تنجز اي تقدم يذكر , وعنصر الشيخوخة الذي يمسكه العلماء سريريا يبقى يتحدى العلم بشكل يومي وعلى مدار الساعة واصبح وكان ويكون لطمة علمية بوجه فريق استنساخ النعجة (دوللي) التي ورثت الشيخوخة من امها الناسخة لها حيث كان عمر الوليد المستنسخ يساوي عمر الام التي نسخت منها فتقطعت السنة علماء الاستنساخ التي طالت كثيرا بعد النجاح الاولي لاستنساخ النعجة حيث خرست الاصوات العلمية تلك وخجلت حتى من اعلان فشل الاستنساخ فقام رجل سياسي (الرئيس الامريكي) باعلان فشل الاستنساخ لان الترابط بين الدولة والعلم الزم رجل سياسي (غير علمي) بالحفاظ على هيبة العلم ليعلن سياسيا فشل الاستنساخ . !!! .. اشتمل اعلان الرئيس الامريكي على ان الاستنساخ البشري قد يسبب اضطرابات عقلية خطيرة غير مسيطر عليها للبشر المستنسخ وقد سبق الرئيس الامريكي ببضع سنين محافظ احدى الولايات الامريكية الذي طالب بوقف عملية الاستنساخ في احد المعاهد العلمية الرسمية في ولايته قائلا ربما سينتج لنا هذا المعهد مخلوقا ماردا يدمر كل شيء في وقت قد نفقد السيطرة عليه .
لقد نقل عن احد الفلاسفة المشهورين قولا مأثورا قال فيه (انا افكر اذن انا موجود) ولعل ذلك الفيلسوف الفذ (ديكارت) الملقب بلقب (ابو العلوم) قد ادرك ان العقل لا يستطيع ان يمسك نفسه فالعقل اذن غير قادر على التعريف بنفسه فكان ويكون حقيقة غير مرئية .
عندما استطاع العلماء السيطرة على تشغيل جسد الانسان بالتقنيات الحديثة (اجهزة الانعاش) كانوا عاجزين عن اعادة العقل الغائب الى صاحبه واصبحت الثوابت الاكاديمية تؤكد ان فقدان الوعي لمدة ثلاثة ايام يعني الموت حتما ولكن الجسد يمكن ان يستمر لسنين طويلة مع غياب عقل الانسان رغم ذلك حصل تحديا علميا مضافا عندما سجلت سريريا اكثر من حالة تحت رقابة العلماء عودة العقل الغائب بعد اكثر من عشر سنوات لجسد خاضع لاجهزة الانعاش الميكانيكية ... لم يستطع جهد علمي ان يصف مكمن العقل فقد سقطت اقوى الثوابت العلمية التي تقول ان العقل في القشرة المخية حيث تدهورت تلك الثوابت في الربع الاخير من القرن الماضي وتراجع العلماء عن ثوابتهم التي اقرتها مدرسة علم الانسجة في فسلجة الدماغ وسقطت نظرية (دواعي الاستجابة) التي صورت ان القشرة المخية مبنية عليه ولا تزال مدرسة الهندسة الوراثية تراوح في مكانها دون ان تقدم للبشرية نتاجات حاسمة عن العقل في قماقمه المفترضة الان وهي جينات الخلية في المخلوق ... عجزت بحوث عديدة ومكثفة من معرفة ابسط الحقائق عن النوم والجدير بالانتباه والملاحظة ان بحوث النوم زادت من قائمة التساؤلات وكثرت المجاهيل مع كل بحث قام به العلماء عن النوم . لقد حاول العلماء جاهدون لمعرفة المادة المنومة ليحصلوا على عقار منوم ففشلوا في انتاج ذلك العقار الذي يدفع الانسان للنوم ويجب التفريق بين النوم والغيبوبة او حالة التخدير فالنائم يستيقظ عندما تناديه باسمه اما النائم تحت تأثير المهدئات او المواد التخديرية فهو يفقد ملكة اليقظة لحين انتهاء فاعلية المخدر في جسده اما النائم فانه يمتلك تلك الملكة بشكلها التكويني .
في تجربة علمية تحت اشراف فريق من العلماء على مستوى علمي رفيع اجبر احد المتطوعين على ابقائه في حالة صحو دون نوم لمدة اقتربت من احد عشر يوما الا انه بدأ يفقد عقلانيته (رصانته العقلية) مما اضطر العلماء الى انهاء التجربة بمؤتمر قصير ولكنه حال ما بدأ يتكلم في المؤتمر حتى عادت اليه رصانته وسط استغراب اذهل العلماء المشرفين على تجربته ليبقى النوم يتحدى العلم الذي اثخن الجماهير بسلطوية قاتلة كما نراه اليوم من تقنيات علمية (نتاج علمي) يستخدم وسيلة القتل الجماعي المدمر دمارا هائلا والذي سيطر على نشاط الارض في اغلب بقاع الارض وسط فوز علمي يتبجح به العلم والعلماء وعندما يتبجحون بنتاج علمي دوائي او جهاز تقني يخرسون عن تطويرهم لاسلحة القتل والفتك ببني البشر وما زرعت عبوة ناسفة ولا تفجرت سيارة ملغومة الا وعائديتها العلمية وزرا يحمله العلماء في كل بقعة من بقاع الارض التي تسيطر عليه الدولة الحديثة دون استثناء شبر مربع واحد .
اذن عندما يقول علماء النهضة المعاصرة بل المعاصرة جدا ان (العقل بلا جواب) فذلك يعني في بديهة عقل ان العقول الباحثة عن العقل اما ان تكون في (غفلة) او ان تكون في (ضلال) وكلا الوصفان قاسيان على حضارة تبحث عن مخلوق عاقل في الكون في الوقت الذي لا تمتلك تعريفا ثابتا للعقل ...!!! اليس نحن امام حقيقة غير مرئية ...؟؟؟!!!
كيف تبحث عن درهم وانت لا تمتلك مواصفات الدرهم ..؟ اليست تلك بداهة عقل ..؟ كيف تتشدق عروش علمية عملاقة ببحوث عن مخلوقات عاقلة في ارجاء الكون والعقل لا يزال بلا جواب .. انه ليس تساؤل لاظهار منقصة جهد علمي بل ان التساؤل يمكن ان يكون مرصدا نرصد من خلاله الحقيقة غير المرئية التي تسعى لترسيخها سطورنا الثائرة لاجبار العقول على ولوج القرءان لمعرفة العقل من خلاله ... انه اذا ليس هجوم على جهد يتصف بالرصانة العلمية بل ان المحاولة تستهدف منهجية العلم وليس العلم نفسه .. تلك حقيقة قرءانية قبل ان تكون رأيا يقول به ساطر السطور والحقيقة القرءانية لا بد ان يكون لها حضورا اجباريا يلزم الباحثين عن الحق والحقيقة خصوصا اذا كان وعاء الحق غير مرئي وبين أيدينا سنة ابراهيم عليه السلام الذي قال (رب ارني كيف تحيي الموتى) وهو طلب الكيفية لحقيقة غير مرئية .. المعاد وعاء حق راسخ في الفكر العقائدي الاسلامي وهو ركن من اركان الايمان ولكن (كيف ...؟) سألها ابراهيم عليه السلام وطلبها من ربه وفي القرءان منهج استقراء تلك الحقائق ولم يكن القرءان مجموعة قصصية لمؤلف اسمه الله دون ان يترك اثرا منهجيا في العقل لنرى وترى البشرية كلها من خلال القرءان حقائق غير مرئية وبين أيدينا قرءان الله (ولو ان قرءانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى) .. الرعد ... فهل الله يتمنى ان لو ان قرءانا ... ام انها اشارة قدس لحقائق غير مرئية لو اجتمع اهل الارض جميعا ولاجيال العلم كلها فان علوم الله لا تقوم عندهم الا بدلالة الله عليها .
في ظلمة العقل وصروح العلم لا بد ان يكون لدستورية القرءان العلمية حضورا اجباريا ولو انزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدعا ولكن القرءان نزل على بشر لم يخشع ولم يتدبر الحق بين يديه (افلا يتدبرون القرءان ام على قلوب اقفالها) .. سورة محمد .... ولكن لمن تلك الدعوة ... ؟؟ هل هي لعلماء منظمة ناسا الامريكية ..؟ ام لاكاديمية العلوم الفرنسية ..؟ انها لن تكون الا لوارثي القرءان حصرا ... فمن ورث الكتاب ؟؟!!... مسلموا ما بعد عصر الرسالة ..؟ ام اليهود ...؟ واي يهود ..؟ يهود موسى ..؟ او يهود ما بعد موسى ..؟ او النصارى ..؟ واي نصارى ..؟ نصارى عيسى ..؟ او نصارى ما بعد عيسى ..؟
لا يستطيع احد ان يكلم السابقين ويناقشهم او يحاورهم فيما اشتملت عليه افكارهم ولكن المعاصرين هم المخاطبون بكلمات تصدر في زماننا ولكن المعاصرين لايسمعون شيئا الا في اروقتهم التي صمموها واحكموا تصميمها ليتحاورا فيما بينهم فقط فهم لا يسمعون حديثنا وان سمعوه فلسوف يضعون اصابعهم في اذانهم .
القرءان يخاطب كل جيل من اجيال البشر وتلك بداهة عقل تلزم الحكيم العاقل لان تحتها (افلا تعقلون) وهو للناس كافة .. ونتسائل هل نزل القرءان فينا ...؟ الجواب بداهة كلا .. نحن وارثون له .. نعم .. فهل المخاطبون بالقرءان هم حصرا مسلمي زماننا ..؟ كلا بل هو للناس كافة ولكن التكليف (الحجة) يقع على حملة القرءان (وارثوه) في كل زمان يلى حقبة التنزيل ... كل جيل مكلف بالقرءان بحسب ما تمليه عليه حاجته من القرءان وكل جيل هو المخاطب بالقرءان بقدر ما يحمله من علم وحاجة البشر العلمية لتلك الحقبة التي يعيش فيها بني البشر حتى قيام الساعة ونهاية برنامج البشرية في الارض .
النص القرءاني الذي صدر في عصر الرسالة الاول (لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر) لن يتفعل في ذلك الجيل لانهم لا علم لهم بقوانين الجاذبية بين الاجرام السماوية فهم لا يحتاجون فاعلية قوى الجذب بين الاجرام علميا ولكن جيلنا عرفها وعليه ان يربط بين الشمس والليل والنهار والقمر ليعرف تمام خارطة الخلق الصادرة من الخالق في قرءانه والتي لا تزال منقوصة في ساحات العلم المعاصر الباحث عن الساعة البايولوجية في جسد المخلوق (مثلا) والتي لم يعثر عليها بعد ..!!! وان عثر عليها فلسوف يتعرف العلم على لغز النوم وعندها سيعرف العلماء ما هي نتائج سابقية النهار على الليل لتكون الساعة التي يبحثون عنها .
التساؤل الملزم لعقل الحكيم الباحث عن الحق يتبلور بشكل اكثر قربا من الحقيقة وهو في (وهل للعقل جوابا في القرءان) .. انها مناظرة الحق والباطل كما يتصورها الباحث لاول مرة او قد يضنها قبل مضغها فكريا .
المناظرة بين الحق والباطل لا تكون ولن تكون لان الحق يزهق الباطل ويمحقه فالتناظر بين الحق والباطل يسقط في بديهية عقل ملزمة اما تشدق حاملي الباطل بوصفهم الكاذب بانهم حملة حق فيكون الحق يقابله حق في المناظرة ولكن احدهما باطل والثاني حق ولا بد للحق ان يزهق الباطل لان الباطل كان زهوقا بكينونته التكوينية (كان زهوقا) ... اذا اردنا ان نقول ان القرءان يقول ان للعقل جواب فان المناورة سوف لن تكون مناظرة بين اكاديميات العصر والقرءان بل ان القرءان سوف يمحق باطل المسرفين وان زهوق الباطل يعني اندثار بنيانه وسقوط ثوابته رغم ان بعض تلك الثوابت سلبية وتظهر السلبية الموصوفة في مجهولية العقل (العقل بلا جواب) وبالتالي فان العقل سوف لن يرى قرءانيا بناظور اكاديمي لان الاكاديميات لا تعترف بالكتب السماوية كمصدر من مصادر العلم فكلام نيوتن وكلام انشتاين قد يكون دستورا علميا اما ما يقوله القرءان فليس دستورا علميا صالحا للتشريح على طاولة علم اكاديمي .. فلو كان للقرءان حضورا لعكفت الاكاديميات والمنظمات الباحثة عن مخلوقات عاقلة في الكون في برامجية بحث عن مخلوقات الجان والملائكة وتلك المخلوقات تسجل حضورا واضحا ومتكررا في المتن القرءاني الشريف ..!!!! ..اذا كانت مرابط تلك الاكاديميات غير اسلامية فما بال علماء مسلمون تخرجوا من تلك الاكاديميات وقد تقطعت بهم السبل مع قرءانهم وظلوا يرددون ما تقوله اكاديمياتهم دون ان يتمكنوا من الخروج من دائرة المعايير الاكاديمية لينشروا بساطا يمكن للقرءان ان يسجل حضورا بحثيا عليه . بل الاكثر من ذلك قساوة ذهبوا بالعقيدة لربطها بالمنظومة الاكاديمية وبعض الدول الان تطالب بقوانين تمنع المفتي العقائدي من الافتاء الا تحت مظلة اكاديمية واصبح عرفا معروفا في ايامنا صفات لم يكن لها حضور عقائدي سابق
فذلك فضيلة الدكتور فلان !!!
وهذا سماحة الدكتور فلان !!!
وبذلك التصقت النياشين الاكاديمية برجال العقيدة في يومنا المعاصر وهي سابقة سبقت وسيف نفذ في جسد العقيدة وهو تفعيل غير مباشر لهيكلة العقيدة بهيكلية اكاديمة وتلك الهيكلية ان لم تنفث سمومها في ايامنا المعاصرة فسوف تكون شديدة السم في اجيال لاحقة كما حصل لعلماء التلمود وعلماء اللاهوت .
اذن القرءان يجيب على العقل ولكن بنواظير قرءانية ايضا وهذا يعني ان الخارج من مجهولية العقل في المدرسة المادية سيدخل مجهولية اخرى للعقل في المدرسة العقائدية .. لو ان قرءانا :
لو ان قرءانا قريء على بساط بحث خاص بالقرءان فانه يحتاج الى باحثين لهم خصوصيتهم وتلك الخصوصية تنحسر في اعترافهم المطلق بدستورية العلم القرءاني فيكون للبحث منهج ذي معايير منضبطة انضباطا مختلفا عن المعايير الاكاديمية المثبتة في اكاديميات العلم .
عملية استرجاع ذاكرة قتيل من بني اسرائيل لمعرفة قاتله تحتاج الى انضباط منهجي خاص وهو جهد لماسكات عقل محض
منهجية قرءانا يكلم به الموتى ... منهجية تعامل مطلق مع العقل وهو برنامج بحث لا وجود له في اكاديميات علمية حتى تلك الصروح الباراسايكولوجية التي انتشرت حديثا .. اصحاب الكهف ونومتهم الطويلة ....يوسف ورؤياه وقميصه الذي القاه على وجه ابيه ليعود بصيرا .. ضوابط للعقل .. ولسوف يدرك الباحث ان النص القرءاني يتعامل مع العقل بحزم نتاج وغلة انتاجية علمية وليس لبيان قصة في التاريخ الغابر ... بساط علم ..
ليس العقل كوعاء او كيان في الخلق يرى في النواظير القرءانية المقترحة اعلاه حصرا ولكن تلك النواظير في مثل بقرة بني اسرائيل واصحاب الكهف ما هي الا عناوين لها حضور فاعل في عقلانية قاريء القرءان على ان لا يكون على القلوب اقفال فلا يفقه القرءان ويبقى القرءان اغنية يتغنى بها ذوي الاصوات الرخيمة .. هذه الاثارة الفكرية سوف تنقل مشروعنا الفكري هذا الى حقيقة اخرى لا ترى الا وهي حقيقة القرءان
العقل : مصطلح اختص به النشاط الانساني واستقرت الحضارات البشرية على ثابتة مفادها ان الانسان هو حيوان عاقل وان صفة العقل لصيقة بالأنسان دون غيره من المخلوقات وقد استقرت تلك الثابتة ردحا طويلا من الزمن ولكنها تغيرت مؤخرا .
العقل بلا جواب ... شعار اكاديمي رفع في عاصمة صناعة العلم امريكا ... هذا الشعار لم يكن شعارا سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا بل هو شعار علمي محض ملزم لكل الباحثين عن الحقائق المادية لانه صادر من عرش اكاديمي كبير لا يضاهى ولا يناقش الا في حاضرته هو وفي ذلك الرصد بؤرة فكرية تقوض أي محاولة للبحث العلمي خارج الاكاديميات العلمية المعترف بها تحت خيمة الدولة الحديثة (الصفة الرسمية للنشاط الاكاديمي) ... فالعلماء الاكاديميون لا يقبلون النقاشات الصحفية او الاثارات الكلامية ولا يقبل النقاش عندهم الا عندما يرقى الى حاضرة اكاديمية موازية للنتاج الاكاديمي (حرم جامعي) ... السبب يمتلك وضوحا اجباريا وليس رأيا لكاتب او صحفي لانه بداهة عقل ملزمة للحكيم العاقل الا وهي ارتباط النتاج الاكاديمكي بسلطوية الدولة على جماهيرها فللدولة سلطوية علمية مستوحاة من الهيكلية الاكاديمية نفسها فلو ان احد الاشخاص برع في علوم الطب واخترق بعلمه علماء الطب كلهم بعبقرية علمية طبية فذة فانه سوف لن يسمح لذلك العبقري بممارسة مهنة التطبيب ولا تعترف أي جهة علمية بطروحاته العلمية الا اذا كانت اكاديمية الطب قد منحت ذلك العبقري شهادة علمية والشهادة العلمية لا يحق لطالبها ان يقوم بزراعة افكاره العلمية خارج الحرم الجامعي ومن ثم يأتي بها الى صروح العلم ليقول تعالوا صادقوا على اعلمية هذه النتاجات الفكرية الفذة بل ان افكارالعبقري وطروحاته مهما بلغ بها الطول العلمي تبقى مجرد افكار لايسمح بتطبيقها وعلى ذلك العبقري ان يتخطى منهجية الصرح الاكاديمي سلمة سلمة حتى يرقى الى منزلة تسمح له بطرح طروحاته ويشترط لتلك الطروحات ان تتطابق مع الرواسخ العلمية الثابتة في تلك المنظومة الاكاديمية والا فان الطروحات الجديدة ستكون مرفوضة اذا تعارضت مع راسخات علمية سابقة ... سلطوية الدولة تكون فاعلة بعد مصادقة الاكاديميات العلمية , الاكاديميات العلمية سبق وان حصلت على مصادقة الدولة الحديثة فلا تقوم اكاديمية علمية الا والدولة تكون قد صادقت بشكل مسبق على قيامها بموجب نظم صارمة ... هذا الترابط جعل من القول الاكاديمي سهم نافذ في جسد الجماهير كيفما تكون واينما تكون وتعتبر الوثيقة الرسمية التي تصدر من جهة علمية رسمية في دولة ما نافذة في اية دولة في العالم بعد تصديقات روتينية (دبلوماسية) اما موضوعية الوثيقة الرسمية فهي رسمية رغم انوف الجماهير وتحمل صفة الرسمية في كل بقاع الارض .
هذه الضابطة الفكرية ليست ارهاصة فكر تطرح على سطور هذه المحاولة بل هي حقائق ميدان يعرفها القاصي من الحقيقة العلمية والداني منها لانها مشهورة شهرة واسعة . وهي ليست تشخيصا لمنقصة تداعبها هذه السطور بل هي قضية لمنهجية علم تتكسر على حافاته يوما بعد يوم امال الجماهير في النجاة من كوارث طبيعية وامراض قاتلة وتدهور اخلاقي لبني البشر يطرد مع اطراد التطور الحضاري .
من تلك الضابطة الفكرية المهمة تقوم عند المتابع والماسك عقلا بها ان العقل مصطلح ضائع في اروقة الاكاديميات بل العقل هو كيان ضائع وسط زحمة علمية فالعقل :
لا شكل له ... لا وزن له .. لا حيز له .. لا لون .. لا طعم .. لا طول .. ولا عرض .. ولا رائحة .. ولا يمتلك صفة طاقوية معروفة او شكلا موجيا معروفا او اشعاعا ماديا معروفا ولا يمكن وضعه في قمقم او يمكن استنساخه او اعارته او بيعه او شرائه ولا يمكن تسجيل تفاعلياته على اجهزة مادية بشكل مباشر ... فعزموا امرهم وقالوا ... العقل بلا جواب ... ولكن الاكثر نكاية بالجماهير هو ان احدا لايحق له ان يقول قولا فوق قولهم وعلى الجميع ان يعترف رغما عنه ان (العقل بلا جواب) لانه قول اكاديمي ملزم وذلك ينطبق على كل نتاج علمي يصدر من اروقة العلم الرسمية.
كل مخلوق على الارض استطاع ان يعرف الانسان بهويته .. الماء والهواء وعناصر الارض والحيوانات والحشرات والجراثيم استطاع الانسان ان يقرأ مكوناتها وان يتعرف عليها لان تلك المخلوقات بتكوينها تكون صالحة للتعريف بنفسها الا العقل فهولا يتصف بنفس الصفات التكوينية فهو غير قادر على ان يعرف نفسه حتى لحائزه ... انه (العقل) حقيقة غير مرئية لان العقل بلا جواب .
هذا الظلام القاتم للعقل اصبح لغزا حضاريا بل حافة علمية لاهل العلم فاصبح العقل يتحدى المختبرات في زمن النهضة العلمية المتألقة ورغم ان محاولات الانسان لمعرفة العقل لم تكن حديثة فهي محاولات قديمة سعى اليها علماء الاغريق وتناقلت الاجيال عبر حضاراتها انشطة معلنة ومكثفة لمعرفة العقل ومكامنه ...
بذلت المدرسة الحديثة خلال اكثر من قرنين من الزمن جهدا مكثفا ومحاولات متكررة في برنامج العلوم البيايولوجية والنفسية والبيئية وهندسة الوراثة لكي تتعرف على صفة ثابتة للعقل ليكون للعقل تعريفا اوليا الا ان تلك المحاولات فشلت جميعها بدءا من النظرية البايولوجية العتيقة للعالم الطبيب (لومبروزو) مرورا بعلم الفسلجة الدماغية الذي تألق به العالم الجراح (بافلوف) مرورا بالفكر الذي طرحه (فرويد) عن تقسيمات الانا والعقل الباطن والعقل الظاهر ونظرية الكبت ومحاولات مدرسة التحليل النفسي ومدرسة علم النفس التجريبي حتى اثخن العلماء محاولاتهم بالبحث عن العقل في الخلية وفي جيناتها وقالوا بالهندسة الوراثية ليصلوا الى مكامن العقل وقماقمه داخل جينات الخلية وتصوروا ان العباقرة يمكن استنساخهم من خلية واحدة من اجسادهم الا ان تلك التجارب فشلت وبقي العقل بلا جواب حتى زمن سطر هذه السطور ونحن في العقد الاول من القرن الحادي والعشرين ولا يزال الباحثون عن العقل في نفق مظلم ... مراجعة تلك المدارس العلمية مراجعة مستفيضة لا تغني هذه السطور سوى قدرة هذه المحاولة على تهشيم تلك الافكار وبما ان تلك الافكار محطمة ومهشمة تماما من قبل رجالات العلم انفسهم فان الخوض في منهجية تلك المدارس وموضوعية النتاج العلمي فيها او الصادر منها منقلب على نفسه دون ان يكون لهذه السطور حاجة لدحضها جميعا فالعنوان الاكاديمي المطلق ان (العقل بلا جواب) يكفي ليكون معولا قد حطم تلك المحاولات بشكل مسبق بل حتى سخر منها . هذه المحاولة ليست اجهاضا للجهد العلمي السابق بل لوصف نتاجات المحاولات العلمية السابقة وليس ذلك بجديد فتلاميذ فرويد هم انفسهم الذين هاجموا نظرية فرويد واشهرهم تلميذه المباشر (ادلر) وكذلك تلاميذ (بافلوف) عالم الفسلجة الدماغية الشهير هم انفسهم دحضوا افكار معلمهم ولعل الركون الى العلوم الباراسايكولجية كان السهم النافذ الذي نفذ في جسد المنظومة العلمية . لقد استعرت بدايات نهضة العلم حربا على العلوم الروحانية والعقائدية واتهمتها بالتخلف الفكري والصقت صفات الاحتيال والشعوذة لمروجي العلوم الروحانية ومنهم رجال دين الا ان الاعتراف بالباراسيكولوجي (القدرات العقلية الفائقة) يعتبر تراجعا كبيرا في المنظومة العلمية وقد لوحظ بوضوح في النصف الثاني من القرن العشرين احتضان علمي لذوي القدرات العقلية الفائقة التي اذهلت العلماء واخرست السنتهم الطويلة حول العقل وقد مهدت لذلك الاحتضان العلمي الاكاديمي انشطة فكرية حملها اكاديميون كبار تحت عناوين علوم (الميتافيزيقيا) وعلوم (السوبر ناتيكيا) والتي راجت في اوربا في النصف الاول من القرن العشرين وشكلت تلك الانشطة بداية الاعتراف الاكاديمي بفشل الجهود المادية والنفسية لمعرفة العقل مما دفع بالمنظومة العلمية الى بناء صروح اكاديميات العلوم الباراسايكولوجية والتي لم تسجل نجاحا ملحوظا او تقدما ملموسا بعد اكثر من ربع قرن من تفعيلها مما رسخ بشكل اكبر الشعار الامريكي المشهور (العقل بلا جواب) .
المدرسة العلمية المثقلة بهموم العقل والتي عجزت عن معرفة جزء من جزء من بعض فعاليات العقل مثل فعالية النوم حيث لم تستطع فرق البحث العلمي عن النوم ومختبراتها العملاقة ان تضع وصفا علميا واضحا ومستقرا لحالة النوم عند الانسان في الوقت الذي كشفت فرق علمية اخرى ان الخلية الواحدة كمخلوق مستقل او مرتبط بمخلوق متعدد الخلايا تمتلك عقلا مستقلا فهي عاقلة ايضا وان العقل الخلوي يمتلك قدرة عقلانية غير مفهومة وغير مسيطر عليها واكثر تلك الاعترافات وضوحا في ساحات العلم هو جنون الخلية في مرض السرطان حتى وصف السرطان تحت عنوان (الجنون الخلوي) .
في خضم مجهولية العقل الاكبر وهو عقل الانسان والتورط العلمي الكبير في مجهولية العقل الخلوي خصوصا السرطاني (المجنون) تعلن امريكا في بدايات تسعينات القرن الماضي ان (المادة عاقلة) ورغم ان تلك الثابتة العلمية لم تكن مفاجئة حيث اظهر المجهر (المكبر) الالكتروني في بدايات تشغيله في ستينات القرن الماضي ان ذرات الحديد في قطعة حديدية تحت المجهر الالكتروني تقفز من مكانها الى مكان مختار ولم يكن قفزا عشوائيا , لم يكن احد من العلماء يستطيع ان يمنح عقله تصورا يؤكد ان المادة (الجماد) هي مخلوق عاقل ايضا .. وتزداد العقدة تعقيدا عندما يقول العلم كلمته معترفا بعقل العضو الواحد في جسد المخلوق فالعين لها عقلها والجلد له عقله والقلب له عقله وقد استطاع علماء الهندسة الوراثية ان يفسروا تلك الظاهرة قائلين بان الخلية الواحدة في جسد المخلوق تمتلك البرنامج الكامل لذلك المخلوق وان تلك الخلايا عندما تكون في عضو من اعضاء الجسد تلغي ذلك البرنامج الشامل للمخلوق وتقوم بالعمل على برنامج العضو الذي تعيش فيه فقط وعندما تكون خلية ما في عضو من الجسد كأن تكون خلية في اللسان فانها تعمل بعقلانية اللسان وعندما يتم نقلها الى العين او أي عضو اخر فانها سوف تخضع لعقلانية ذلك العضو ... ولكن... من المسيطر على ذلك العقل سواء كان في المادة (الجماد) او في العضو او في جسد المخلوق بشكل كامل ..؟؟ واذا اراد العلماء ان يتنازلوا عن هدفهم في مسك المسيطر العقلاني (المشغل) أي (آلة العقل) فان ما تحت ذلك المشغل العقلاني مجهولية كبرى وقد تغلقت العقول العلمية ازاء ابسط تساؤل عقلاني عندما تسأل أي شاعر كيف تقول الشعر ؟؟ او عندما نتسائل لماذا ننام ؟؟ واصعب المصاعب لماذا تصاب الخلية بالجنون وكيف ..؟ .. لتكون المستعمرة السرطانية قاتلة..؟؟... ولعل اكثر العقد تعقيدا عندما يريد العلماء التعامل مع مفهوم (الذكاء) لمعرفة حقيقته ومثل ذلك العقم العلمي يصيب موضوع الشيخوخة عند الكائن الحي , لا جواب بل ظلام مضاف الى الظلمة الحالكة .
من ذلك الظلام الدامس تظهر حقيقة تمثل ثقل ذلك الظلام وهي في مجهولية العقل سواء كان في المادة او في الخلية او العضو او في الكائن الحي عموما او في شاعرية الشاعر (عقل الانسان) وتلك المجهولية لم تكن حصرا في العقل الانساني بل هي شاملة لكل وعاء العقل اينما يكون .. هذه الحقيقة يغض العلم الطرف عنها لان العقل بلا جواب فالعقل حافة علمية لا يمكن الاقتراب منها ... واذا كانت بعض التفاعليات العقلانية يمكن رؤيتها مختبريا دون معرفة اسرارها مثل تفاعليات عقلانية النوم التي تترك مؤثرات هرمونية وبايوفيزيائية في جسد النائم حيث وجد العلماء كثرة تتكاثر من الاسرار والمجاهيل واصبح المجهول الواحد يتصف بصفة توليد مجاهيل لا حصر لها .
من التفاعليات العقلانية التي لا يمكن مراقبتها مختبريا ولا يمكن التعامل معها ماديا على الاطلاق هو فاعلية الذكاء الانساني والاصعب منه نظام الشيخوخة , ولعل الذكاء الانساني لفظا لا يمكن ان يكون له تعريفا واضحا ويستخدمه الناس او العلماء كمؤشر لفاعلية عقلانية دون معرفة كينونته الحقيقية وربما تكون العبقرية وهي (ذكاء مفرط) والتي يحوزها عبقري ما عصية على العبقري نفسه ليكون الذكاء حالة واهية لا تمتلك معايير يقينية اما المعايير التي وضعتها مدرسة التحليل النفسي للذكاء فما هي الا مشاريع بحث لم تنجز اي تقدم يذكر , وعنصر الشيخوخة الذي يمسكه العلماء سريريا يبقى يتحدى العلم بشكل يومي وعلى مدار الساعة واصبح وكان ويكون لطمة علمية بوجه فريق استنساخ النعجة (دوللي) التي ورثت الشيخوخة من امها الناسخة لها حيث كان عمر الوليد المستنسخ يساوي عمر الام التي نسخت منها فتقطعت السنة علماء الاستنساخ التي طالت كثيرا بعد النجاح الاولي لاستنساخ النعجة حيث خرست الاصوات العلمية تلك وخجلت حتى من اعلان فشل الاستنساخ فقام رجل سياسي (الرئيس الامريكي) باعلان فشل الاستنساخ لان الترابط بين الدولة والعلم الزم رجل سياسي (غير علمي) بالحفاظ على هيبة العلم ليعلن سياسيا فشل الاستنساخ . !!! .. اشتمل اعلان الرئيس الامريكي على ان الاستنساخ البشري قد يسبب اضطرابات عقلية خطيرة غير مسيطر عليها للبشر المستنسخ وقد سبق الرئيس الامريكي ببضع سنين محافظ احدى الولايات الامريكية الذي طالب بوقف عملية الاستنساخ في احد المعاهد العلمية الرسمية في ولايته قائلا ربما سينتج لنا هذا المعهد مخلوقا ماردا يدمر كل شيء في وقت قد نفقد السيطرة عليه .
لقد نقل عن احد الفلاسفة المشهورين قولا مأثورا قال فيه (انا افكر اذن انا موجود) ولعل ذلك الفيلسوف الفذ (ديكارت) الملقب بلقب (ابو العلوم) قد ادرك ان العقل لا يستطيع ان يمسك نفسه فالعقل اذن غير قادر على التعريف بنفسه فكان ويكون حقيقة غير مرئية .
عندما استطاع العلماء السيطرة على تشغيل جسد الانسان بالتقنيات الحديثة (اجهزة الانعاش) كانوا عاجزين عن اعادة العقل الغائب الى صاحبه واصبحت الثوابت الاكاديمية تؤكد ان فقدان الوعي لمدة ثلاثة ايام يعني الموت حتما ولكن الجسد يمكن ان يستمر لسنين طويلة مع غياب عقل الانسان رغم ذلك حصل تحديا علميا مضافا عندما سجلت سريريا اكثر من حالة تحت رقابة العلماء عودة العقل الغائب بعد اكثر من عشر سنوات لجسد خاضع لاجهزة الانعاش الميكانيكية ... لم يستطع جهد علمي ان يصف مكمن العقل فقد سقطت اقوى الثوابت العلمية التي تقول ان العقل في القشرة المخية حيث تدهورت تلك الثوابت في الربع الاخير من القرن الماضي وتراجع العلماء عن ثوابتهم التي اقرتها مدرسة علم الانسجة في فسلجة الدماغ وسقطت نظرية (دواعي الاستجابة) التي صورت ان القشرة المخية مبنية عليه ولا تزال مدرسة الهندسة الوراثية تراوح في مكانها دون ان تقدم للبشرية نتاجات حاسمة عن العقل في قماقمه المفترضة الان وهي جينات الخلية في المخلوق ... عجزت بحوث عديدة ومكثفة من معرفة ابسط الحقائق عن النوم والجدير بالانتباه والملاحظة ان بحوث النوم زادت من قائمة التساؤلات وكثرت المجاهيل مع كل بحث قام به العلماء عن النوم . لقد حاول العلماء جاهدون لمعرفة المادة المنومة ليحصلوا على عقار منوم ففشلوا في انتاج ذلك العقار الذي يدفع الانسان للنوم ويجب التفريق بين النوم والغيبوبة او حالة التخدير فالنائم يستيقظ عندما تناديه باسمه اما النائم تحت تأثير المهدئات او المواد التخديرية فهو يفقد ملكة اليقظة لحين انتهاء فاعلية المخدر في جسده اما النائم فانه يمتلك تلك الملكة بشكلها التكويني .
في تجربة علمية تحت اشراف فريق من العلماء على مستوى علمي رفيع اجبر احد المتطوعين على ابقائه في حالة صحو دون نوم لمدة اقتربت من احد عشر يوما الا انه بدأ يفقد عقلانيته (رصانته العقلية) مما اضطر العلماء الى انهاء التجربة بمؤتمر قصير ولكنه حال ما بدأ يتكلم في المؤتمر حتى عادت اليه رصانته وسط استغراب اذهل العلماء المشرفين على تجربته ليبقى النوم يتحدى العلم الذي اثخن الجماهير بسلطوية قاتلة كما نراه اليوم من تقنيات علمية (نتاج علمي) يستخدم وسيلة القتل الجماعي المدمر دمارا هائلا والذي سيطر على نشاط الارض في اغلب بقاع الارض وسط فوز علمي يتبجح به العلم والعلماء وعندما يتبجحون بنتاج علمي دوائي او جهاز تقني يخرسون عن تطويرهم لاسلحة القتل والفتك ببني البشر وما زرعت عبوة ناسفة ولا تفجرت سيارة ملغومة الا وعائديتها العلمية وزرا يحمله العلماء في كل بقعة من بقاع الارض التي تسيطر عليه الدولة الحديثة دون استثناء شبر مربع واحد .
اذن عندما يقول علماء النهضة المعاصرة بل المعاصرة جدا ان (العقل بلا جواب) فذلك يعني في بديهة عقل ان العقول الباحثة عن العقل اما ان تكون في (غفلة) او ان تكون في (ضلال) وكلا الوصفان قاسيان على حضارة تبحث عن مخلوق عاقل في الكون في الوقت الذي لا تمتلك تعريفا ثابتا للعقل ...!!! اليس نحن امام حقيقة غير مرئية ...؟؟؟!!!
كيف تبحث عن درهم وانت لا تمتلك مواصفات الدرهم ..؟ اليست تلك بداهة عقل ..؟ كيف تتشدق عروش علمية عملاقة ببحوث عن مخلوقات عاقلة في ارجاء الكون والعقل لا يزال بلا جواب .. انه ليس تساؤل لاظهار منقصة جهد علمي بل ان التساؤل يمكن ان يكون مرصدا نرصد من خلاله الحقيقة غير المرئية التي تسعى لترسيخها سطورنا الثائرة لاجبار العقول على ولوج القرءان لمعرفة العقل من خلاله ... انه اذا ليس هجوم على جهد يتصف بالرصانة العلمية بل ان المحاولة تستهدف منهجية العلم وليس العلم نفسه .. تلك حقيقة قرءانية قبل ان تكون رأيا يقول به ساطر السطور والحقيقة القرءانية لا بد ان يكون لها حضورا اجباريا يلزم الباحثين عن الحق والحقيقة خصوصا اذا كان وعاء الحق غير مرئي وبين أيدينا سنة ابراهيم عليه السلام الذي قال (رب ارني كيف تحيي الموتى) وهو طلب الكيفية لحقيقة غير مرئية .. المعاد وعاء حق راسخ في الفكر العقائدي الاسلامي وهو ركن من اركان الايمان ولكن (كيف ...؟) سألها ابراهيم عليه السلام وطلبها من ربه وفي القرءان منهج استقراء تلك الحقائق ولم يكن القرءان مجموعة قصصية لمؤلف اسمه الله دون ان يترك اثرا منهجيا في العقل لنرى وترى البشرية كلها من خلال القرءان حقائق غير مرئية وبين أيدينا قرءان الله (ولو ان قرءانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى) .. الرعد ... فهل الله يتمنى ان لو ان قرءانا ... ام انها اشارة قدس لحقائق غير مرئية لو اجتمع اهل الارض جميعا ولاجيال العلم كلها فان علوم الله لا تقوم عندهم الا بدلالة الله عليها .
في ظلمة العقل وصروح العلم لا بد ان يكون لدستورية القرءان العلمية حضورا اجباريا ولو انزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدعا ولكن القرءان نزل على بشر لم يخشع ولم يتدبر الحق بين يديه (افلا يتدبرون القرءان ام على قلوب اقفالها) .. سورة محمد .... ولكن لمن تلك الدعوة ... ؟؟ هل هي لعلماء منظمة ناسا الامريكية ..؟ ام لاكاديمية العلوم الفرنسية ..؟ انها لن تكون الا لوارثي القرءان حصرا ... فمن ورث الكتاب ؟؟!!... مسلموا ما بعد عصر الرسالة ..؟ ام اليهود ...؟ واي يهود ..؟ يهود موسى ..؟ او يهود ما بعد موسى ..؟ او النصارى ..؟ واي نصارى ..؟ نصارى عيسى ..؟ او نصارى ما بعد عيسى ..؟
لا يستطيع احد ان يكلم السابقين ويناقشهم او يحاورهم فيما اشتملت عليه افكارهم ولكن المعاصرين هم المخاطبون بكلمات تصدر في زماننا ولكن المعاصرين لايسمعون شيئا الا في اروقتهم التي صمموها واحكموا تصميمها ليتحاورا فيما بينهم فقط فهم لا يسمعون حديثنا وان سمعوه فلسوف يضعون اصابعهم في اذانهم .
القرءان يخاطب كل جيل من اجيال البشر وتلك بداهة عقل تلزم الحكيم العاقل لان تحتها (افلا تعقلون) وهو للناس كافة .. ونتسائل هل نزل القرءان فينا ...؟ الجواب بداهة كلا .. نحن وارثون له .. نعم .. فهل المخاطبون بالقرءان هم حصرا مسلمي زماننا ..؟ كلا بل هو للناس كافة ولكن التكليف (الحجة) يقع على حملة القرءان (وارثوه) في كل زمان يلى حقبة التنزيل ... كل جيل مكلف بالقرءان بحسب ما تمليه عليه حاجته من القرءان وكل جيل هو المخاطب بالقرءان بقدر ما يحمله من علم وحاجة البشر العلمية لتلك الحقبة التي يعيش فيها بني البشر حتى قيام الساعة ونهاية برنامج البشرية في الارض .
النص القرءاني الذي صدر في عصر الرسالة الاول (لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر) لن يتفعل في ذلك الجيل لانهم لا علم لهم بقوانين الجاذبية بين الاجرام السماوية فهم لا يحتاجون فاعلية قوى الجذب بين الاجرام علميا ولكن جيلنا عرفها وعليه ان يربط بين الشمس والليل والنهار والقمر ليعرف تمام خارطة الخلق الصادرة من الخالق في قرءانه والتي لا تزال منقوصة في ساحات العلم المعاصر الباحث عن الساعة البايولوجية في جسد المخلوق (مثلا) والتي لم يعثر عليها بعد ..!!! وان عثر عليها فلسوف يتعرف العلم على لغز النوم وعندها سيعرف العلماء ما هي نتائج سابقية النهار على الليل لتكون الساعة التي يبحثون عنها .
التساؤل الملزم لعقل الحكيم الباحث عن الحق يتبلور بشكل اكثر قربا من الحقيقة وهو في (وهل للعقل جوابا في القرءان) .. انها مناظرة الحق والباطل كما يتصورها الباحث لاول مرة او قد يضنها قبل مضغها فكريا .
المناظرة بين الحق والباطل لا تكون ولن تكون لان الحق يزهق الباطل ويمحقه فالتناظر بين الحق والباطل يسقط في بديهية عقل ملزمة اما تشدق حاملي الباطل بوصفهم الكاذب بانهم حملة حق فيكون الحق يقابله حق في المناظرة ولكن احدهما باطل والثاني حق ولا بد للحق ان يزهق الباطل لان الباطل كان زهوقا بكينونته التكوينية (كان زهوقا) ... اذا اردنا ان نقول ان القرءان يقول ان للعقل جواب فان المناورة سوف لن تكون مناظرة بين اكاديميات العصر والقرءان بل ان القرءان سوف يمحق باطل المسرفين وان زهوق الباطل يعني اندثار بنيانه وسقوط ثوابته رغم ان بعض تلك الثوابت سلبية وتظهر السلبية الموصوفة في مجهولية العقل (العقل بلا جواب) وبالتالي فان العقل سوف لن يرى قرءانيا بناظور اكاديمي لان الاكاديميات لا تعترف بالكتب السماوية كمصدر من مصادر العلم فكلام نيوتن وكلام انشتاين قد يكون دستورا علميا اما ما يقوله القرءان فليس دستورا علميا صالحا للتشريح على طاولة علم اكاديمي .. فلو كان للقرءان حضورا لعكفت الاكاديميات والمنظمات الباحثة عن مخلوقات عاقلة في الكون في برامجية بحث عن مخلوقات الجان والملائكة وتلك المخلوقات تسجل حضورا واضحا ومتكررا في المتن القرءاني الشريف ..!!!! ..اذا كانت مرابط تلك الاكاديميات غير اسلامية فما بال علماء مسلمون تخرجوا من تلك الاكاديميات وقد تقطعت بهم السبل مع قرءانهم وظلوا يرددون ما تقوله اكاديمياتهم دون ان يتمكنوا من الخروج من دائرة المعايير الاكاديمية لينشروا بساطا يمكن للقرءان ان يسجل حضورا بحثيا عليه . بل الاكثر من ذلك قساوة ذهبوا بالعقيدة لربطها بالمنظومة الاكاديمية وبعض الدول الان تطالب بقوانين تمنع المفتي العقائدي من الافتاء الا تحت مظلة اكاديمية واصبح عرفا معروفا في ايامنا صفات لم يكن لها حضور عقائدي سابق
فذلك فضيلة الدكتور فلان !!!
وهذا سماحة الدكتور فلان !!!
وبذلك التصقت النياشين الاكاديمية برجال العقيدة في يومنا المعاصر وهي سابقة سبقت وسيف نفذ في جسد العقيدة وهو تفعيل غير مباشر لهيكلة العقيدة بهيكلية اكاديمة وتلك الهيكلية ان لم تنفث سمومها في ايامنا المعاصرة فسوف تكون شديدة السم في اجيال لاحقة كما حصل لعلماء التلمود وعلماء اللاهوت .
اذن القرءان يجيب على العقل ولكن بنواظير قرءانية ايضا وهذا يعني ان الخارج من مجهولية العقل في المدرسة المادية سيدخل مجهولية اخرى للعقل في المدرسة العقائدية .. لو ان قرءانا :
لو ان قرءانا قريء على بساط بحث خاص بالقرءان فانه يحتاج الى باحثين لهم خصوصيتهم وتلك الخصوصية تنحسر في اعترافهم المطلق بدستورية العلم القرءاني فيكون للبحث منهج ذي معايير منضبطة انضباطا مختلفا عن المعايير الاكاديمية المثبتة في اكاديميات العلم .
عملية استرجاع ذاكرة قتيل من بني اسرائيل لمعرفة قاتله تحتاج الى انضباط منهجي خاص وهو جهد لماسكات عقل محض
منهجية قرءانا يكلم به الموتى ... منهجية تعامل مطلق مع العقل وهو برنامج بحث لا وجود له في اكاديميات علمية حتى تلك الصروح الباراسايكولوجية التي انتشرت حديثا .. اصحاب الكهف ونومتهم الطويلة ....يوسف ورؤياه وقميصه الذي القاه على وجه ابيه ليعود بصيرا .. ضوابط للعقل .. ولسوف يدرك الباحث ان النص القرءاني يتعامل مع العقل بحزم نتاج وغلة انتاجية علمية وليس لبيان قصة في التاريخ الغابر ... بساط علم ..
ليس العقل كوعاء او كيان في الخلق يرى في النواظير القرءانية المقترحة اعلاه حصرا ولكن تلك النواظير في مثل بقرة بني اسرائيل واصحاب الكهف ما هي الا عناوين لها حضور فاعل في عقلانية قاريء القرءان على ان لا يكون على القلوب اقفال فلا يفقه القرءان ويبقى القرءان اغنية يتغنى بها ذوي الاصوات الرخيمة .. هذه الاثارة الفكرية سوف تنقل مشروعنا الفكري هذا الى حقيقة اخرى لا ترى الا وهي حقيقة القرءان
*****
ملحق به (القرءان) حقيقه غير مرئيه
تعليق