بيان عقبات النداء الرسالي في نصوص القرءان
من أجل معرفة مصير سنة البلاغ الرسالي القرءاني بين الناس
حين يتفعل العقل في القرءان والذي خصص للذين يعقلون يصطدم حامل العقل بعقبات تتصف بصفة القانون الالهي الذي يصاحب كل امثلة الرساليين الوارد ذكرهم في القرءان ويقف العقل حائرا بين الحقيقة الحق للبلاغ الرسالي والصدود البشري عنه والذي يصل الى العدوان على القائم بالبلاغ الرسالي وتبقى حيرة العقل (المستقل) في ترجمة صفات سنة البلاغ الرسالي من خلال مدى نجاح وظيفته بموجب معايير النجاح التي نعرفها فكل نداء رسالي ورد في القرءان يجب ان يؤخذ به للضرورة التي اوجبها الله في موضوعية ذلك النداء الا ان القانون الالهي الذي صاحب مصير البلاغ الرسالي مع الانبياء والرسل كان يتصف بصفة النداء (الفاشل) حسب معايير النجاح القائمة في معارفنا ففي الوقت الذي يعلن القرءان تلك المصاعب التي واجهت البلاغات الرسالية التي ابلغ بها الرسل وفشلها يتسائل حامل العقل عن مصير البلاغ الرسالي واول ما يستفز حامل العقل نص قرءاني عميق الدلالة كبير الوصف اختص بالرسالة المحمدية الشريفة
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144
الانقلاب على الاعقاب ورد بخطاب جماعي يعني ان البلاغ الرسالي المحمدي الشريف يضيع بين اكثر المتأسلمين ولم يستثن الله الا (الشاكرين) وهو بيان مهم وكبير حين نقرأ في التاريخ ما يخالف ذلك الوصف في المتن الشريف فالتاريخ الاسلامي تحدث عن نجاح البلاغ الرسالي وان الفتوحات الاسلامية كانت الدليل الكبير على تلبية الدعوة المحمدية الشريف الا ان (تكذيب القرءان) و (تصديق التاريخ) شأن عصيب على حامل القرءان بفكر مستقل فالتاريخ فيه ريب وهو قابل للزيف فالتاريخ يكتب حسب وجهة نظر كاتبه اما القرءان فهو كلمات الله التي تعلن عن حقيقة التكوين سواء في الخلق او في ما هو مكتوب في الخليقة والقرءان يقول (انقلبتم على اعقابكم) ورسول الله عليه افضل الصلاة والسلام لا يزال فيهم الا ان التاريخ يقول غير ذلك فتقوم حيرة العقل المستقل حين يقرأ القرءان ونقرأ ايضا
{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرءانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً }الإسراء46
فاذا كان الله قد جعل على القلوب (أكنة) ان يفقهوا القرءان فما هي وظيفة البلاغ الرسالي بعده ..؟؟!! بل ما هي فائدة التبليغ ذو الصفة الرسالية ونرى بوضوح بالغ ان النص الشريف انما يخاطب حملة القرءان وليس غيرهم من حملة الاديان الاخرى بدليل مبين حين يكون النص متضمنا لصفة اسلامية تخص حملة القرءان (وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرءانِ وَحْدَهُ) ونتيجة ذكر الرب في القرءان (وحده) دون شراكة مع اقوال ما نقل عبر الروايات والمفسرين وهي (اقوال بشر) وليس (كلام الله) كما هو القرءان وان الصاق تلك الاقوال بالمصطفى عليه افضل الصلاة والسلام تبقى في دائرة (اقوال البشر) ولا يستطيع حامل القرءان اليوم ان يحصل على معايير تصديق او تكذيب تلك الروايات الا من خلال القرءان وحده لا غير الا ان الذين يسمعون ذكر الرب من القرءان وحده سوف تكون ولايتهم لغير القرءان بل تقوم ولايتهم الفكرية لما تدبروه من القرءان المنقول عبر الاراء التفسيرية والمذهبية (وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً) فاي منفعة تبقى للبلاغ الرسالي المنشأ من القرءان بصفته سنة تبليغية (وذكر بالقرءان) .... ونسمع صفات مبينة في البلاغ الرسالي عبر الامثلة القرءانية
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً }نوح5
{فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً }نوح6
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي ءاذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً }نوح7
{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً }نوح8
{ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً }نوح9
ويبين الله لنا طبيعة النداء الرسالي في مثل نوح حتى اثخن نوح يأسا من فاعلية النداء الموجه الى قومه والحيرة تقوم في العقل عن منفعة النداء الرسالي وهو يفقد صفة (التبليغ) فالنداء لا (يبلغ) عقول النافرين منه وهم الاكثرية الساحقة الا نفرا محدودا وحين يبين القرءان صفة السوء المتكاثر في النفور من البلاغ الرسالي يعلن ان هنلك كارثة بعد النداء الذي يفتقد الى صفة البلاغ للعقول التي تسمع النداء فتنفر منه فيكون وصفهم كما وصفهم القرءان
{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً }نوح26
{إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً }نوح27
نوح في مطلبه اليائس طلب من من ربه القضاء على الذين سمعوا النداء الا انهم نفروا منه او كانوا معارضين له ولم يستثن سوى ثلة محدودة جدا
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً }نوح28
وما يزيد من الوصف القرءاني الشريف في بيان (عقبات) النداء الرسالي في مثل نوح ما جاء نصه في قرءان مبين (وَمَا ءامَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ـ هود من الاية 40) وحين يقرأ حامل القرءان مثل لوط فان عقله يصاب بالحرج حين يرى صدود قوم لوط عن دعوته الرسالية
{قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ ءاوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ }هود80
وفي مثل شعيب ما هو اصعب حين تمت مواجهة ندائه الرسالي بمحاولة العدوان على شعيب نفسه
{قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ }هود91
وفي مثل ابراهيم نقرأ ما يبين لنا ربنا عقبات البلاغ الرسالي بشكل اكثر قساوة
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }العنكبوت24
وفي مثل عيسى كان الامر اكثر قساوة حين قرروا قتله صلبا وما كان عيسى الا حاملا لبلاغ رسالي له ضرورة خلق اوجبها الله سبحانه لتصل الى عقول بشرية انحرفت عن سنن الخلق ونظمه
اما رسولنا الكريم محمد عليه افضل الصلاة والسلام فهو خاتم النبيين وهو ءاخر مبلغ رسالي وكل تبليغ رسالي يأتي من بعده ما هو الا سنة نبوية محمدية وردت في القرءان ومن البلاغ القرءاني تقوم سنة خاتم النبيين ولعل حامل العقل حين يقرأ القرءان سيرى المصاعب التي واجهها الرسول عليه افضل الصلاة والسلام قبل فتح مكة وبعد الفتح فقد جاهد الكفار من قومه وهم الاكثر عداوة له حتى كادوا يقتلوه عدوانا عليه فاضطر للهجرة من دياره وحين اقام في مدينة يثرب واصر على بلاغه الرسالي اظهر لنا القرءان معاناة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام من قومه الذين حملوا صفة الاسلام كذبا دون الايمان بما جاء به البلاغ الرسالي على لسان محمد عليه افضل الصلاة والسلام وحيا قرءانيا دستوريا لا ريب فيه فكان للاعراب والمنافقين وصفا قاسيا في صدودهم عن البلاغ الرسالي
{الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة97
هذا نص القرءان الا ان التاريخ المزيف جعل من الحقيقة المخفية مركبا للعياء وبناء دول اسلامية الاسم وهي الابعد عن الاسلام ذلك لان الانقلاب الذي ورد في القرءان لم يكن (نبأ) يخبرنا به الله سبحانه بل (قانون) الهي يصاحب البلاغ الرسالي
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }التوبة73
واذا كنا حاملين للقرءان بصدق وأمانه فلن نكون كالذين صدقوا التاريخ وكذبوا القرءان فالانقلاب كان نتيجة قبض المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام وورثوا الاسلام ليس لانهم مسلمين حقا بل لان الاسلام اصبح (مادة) للعلياء والحكم اما المنافقين فقد قتلوا الرسول في انفسهم فما كان محمدا نبيا في عقولهم وهو حي بينهم فقد قتلوه بصفته الرسالية
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ ءامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14
{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء142
وذلك الوضوح الكبير في القانون الالهي انما هو قانون نافذ في الخليقة وعلينا ان ندركه ونؤمن ان الاسلام (اليوم) اسم لا يحمل صفته فهو ليس الاسلام الحق الذي وصفه القرءان وان أي بلاغ رسالي مستن من سنة رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام سيكون على (عقبة) لا يتم اقتحامها فالناس فطروا على تدبير دينهم بموجب نظم مذهبية وضعها مؤسسوا تلك المذاهب او بموجب نظم حضارية وممارسات عصرية تعلن الصالح وغير الصالح (حلال وحرام) عصري يدين الناس له وهو من غير الله ولم يبق من البلاغ الرسالي الا ما هو لاتمام الحجة على الناس والقرءان فينا مهجورا وائمة الحديث هم اسياد الفكر وقادته ..!!ومنظري ثقافة الحضارة المعاصرة يسهمون بشكل كبير في ديدن الناس ودينهم فلا ينفع بلاغ رسالي ولا ينفع نصح ولو أتى ربنا بالملائكة تحمل ءاياته فانهم سيكونون عن ءايات ربهم معرضين
ازاء تلك الحقائق القرءانية المبينة والملزمة للعقل (المستقل) يكون من تبعة ذلك القانون الذي يصاحب البلاغ الرسالي وهو قانون قد صاحب الرسل جميعا ومن يأتي بعدهم ويستن بسنتهم الا رسول واحد فقط ذكره القرءان وهو يونس فهو الرسول الوحيد الذي أوتي رحمة من الله بعد غضبته
{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }الأنبياء87
وكان لقرية يونس خصوصية ايمانية رفيعة
{فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ }يونس98
ويبقى البلاغ الرسالي واجبا على حامل القرءان بموجب نص دستوري ملزم لحامل القرءان
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159
ولكن ..!! ضيق الصدر يصاحب كل من اقام سنة البلاغ الرسالي ذلك لان ضيق الصدر هو جزء من السنة الشريفة وليس عارضا عليها
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ }الحجر97
والله سبحانه قد وضع لتلك الظاهرة (ضيق الصدر) علاجا
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ }الحجر98
وقد وضع الله سبحانه كيفية التسبيح وكيفية السجود
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }الحجر99
وعبادة الرب حتى يأتي (قانون اليقين) يحتاج الى تفرغ (عبادي) يجعل القائم على احياء سنة البلاغ الرسالي عاجزا عن الاستمرار في قيمومة تلك السنة الشريفة حتى يأتي اليقين (قانون الله)
قانون الله قاسي جدا ازاء الذين لا يسمعون النداء الرسالي ولا يطيعون ما يرسله الله من نذر تنذر بقيام قارعة الا ان (قانون وقوع القارعة) امر محتوم لا مرد له فلا يرد باس الله من قبل بشر او منظومة بشرية التفعيل ولن يكون صلاح الناس الا حين يكون للناس قيمومة قيامة قوم يونس وهو بعيد المنال حسب ظاهر الحال المرئي في المسلمين او في البشرية جميعا فيكون اليأس بديلا عن الامل ويموت الطموح الفردي ازاء العزوف الجمعي الذي يجمع عليه الناس
واخيرا
{هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً }الكهف44
الحاج عبود الخالدي
تعليق