حديث عن الحياة والموت
من أجل فهم الموت من خلال الحياة
ورد بريدنا اثارة عن الحياة والموت وحملت الاثارة تساؤلات فكرية وجدنا من الضروري نشرها لتعميم منفعة الذكرى ... مضمون الرسالة :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ونشكركم شكرا لا متناهيا حمدا لله على جهدكم المتواصل معنا .. وان شاء الله سنجرب ما تفضلتم بذكره من استخدام ماء الجرة للشرب ..فألف شكر على رشيد توجيهاتكم الحكيمة المستخلصة من نتاج ابحاثكم القويمة,
سيدي الكريم لازال السؤال (القديم) يحوم حول رحاب افكاري : هل يفيد الأنسان (بعد الموت) ان مات بجسد سليم .. ؟؟
وهل يضره (بعد الموت ان مات بجسد عليل او مريض) ؟؟
فقد ذكر(مثلا) علاء الحلبي في كتابه العقل الكوني موضوع (التقمص) في صفحة 178 وعودة الروح الى الولادة من جديد بجسد جديد وقد استشهد بأمثلة حية لأشخاص مروا بتلك التجربة ولا زالوا يتذكرون حياتهم السابقة .. وبرأي الشخصي ونظرتي المستقلة اقول بأن مثل تلك المواضيع لابد ان تحمل ولو جزءا صغيرا من الصحة , ولازلت أؤمن بأننا نعيش في الجحيم وبأننا نخوض تجربة (معادة) او نعيش في عالم الاحلام المتواصل الى ان تنقى نفوسنا من الذنوب فنلحق حينئذ فقط بالركب الاعلى مع المصطفين والابرار من اولياء الله المخلصين ..
لم نسمع بعد رأيكم الحكيم حول الكتاب ؟ ورغم معرفتي برشيد ارائكم وابحاثكم المستخلصة من القرءان فقط ولكن رغم ذلك فأن الاطلاع على تجارب الغير لايضر (برأي) رغم ان التوسع في مسالك البحث يؤدي غالبا الى الابتعاد عن الطريق الصحيح ..
علميا سمي هذا الموضوع (العودة الى الحياة بتجربة جديدة ) بأسم (ديجافو) والأمثلة كثيرة في قرءان ربنا الكريم كمثل اصحاب الكهف ومثل الذي اماته الله وحماره لمدة مائة عام ولم يتسن طعامه والمشهور بالنبي عزير!!؟؟
سيدي الكريم معذرة من سيادتكم على بساطة تفكيري وقلة علمي بحق(لاتواضعا) ولكني حقا لا استطيع التوقف عن التفكير والابتعاد عن تلك الاسئلة التي تحوم حول رحاب افكاري مهما حاولت جاهدا .. ولا زال السؤال الكبير يحيرني ما اليقين في معرفة الحكمة من تواجدنا على ارض واقعنا في فلك زمننا؟؟
وهل دار بنا الزمان من جديد؟؟
وهل كنا في زمن مضى احياء؟؟
وهل سيعاد احيائنا بعد موتنا بجسد جديد وذاكرة جديدة (ممسوحة) من المعلومات القديمة لحياتنا السابقة؟؟
وهل وهل وهل ولا تنتهي الحيرة الا بهدي الله وحده ليري ابراهيم اليقين .. ولكن من ذا الذي يستطيع ان يكون ابراهيم وقد عصفت امواج فرعون من كافة الاتجاهات ؟؟
اخي الحبيب ارجو السماح من حضرتكم وان لايضيق صدركم فانني اتكلم كما يتكلم المبتدئون في علوم الله المثلى رغم مرور بضع سنوات على دراساتي المستمرة لكل كلمة من ابحاثكم الرشيدة ورغم يقيني بصحة توجهاتكم ونبيل مصداقية قلمكم ... واصارحكم القول بأنني أشعر عند قراءة القرءان الكريم بأن كل اسم ورد فيه هو نفس مسميات ذاتنا المتجسدة كل حسب اسمه , فالحاج عبود مثلا (حسب فهمي) هو نفسه موسى وهارون و ايوب ويوسف ويونس ونوح وابراهيم و .. و .. و .. و .. و .. وذو القرنين وكذلك ينطبق الحال على كل فرد (قارئ) للقرءان و كل حسب دوره في حياتنا الواعية , وهذا الشعور هو الذي يمنعني مرارا من الاستمرار في التعمق خوفا من ان يؤدي ذلك الى فقدان عقلي ان لم استند على اساس (علمي) ..
والسؤال الذي يطرح نفسه بأي علم يمكن الاعتماد عليه في بحرنا الهائج ؟؟ وهل الابتعاد عن التفكير هو الحل الامثل لنعيش كما يعيش الانعام ؟؟؟
وما الحل .. ؟؟
هل نستمر كما يسير القطار على السكة.. ؟؟
ومتى يتوقف القطار واين تؤدي بنا المحطة الأخيرة؟؟؟؟
معذرة مرة اخرى اخي الغالي ان خيبت ظنكم الكريم بطرحي لأفكاري الغريبة جهرة امام كريم ناظريكم .. ولكن حقا لا أجد احدا غيركم يستحق ان اتكلم امامه دون ان يتهمنا بالجنون !!!؟؟؟
شكرا دائما لحسن استماعكم ومعذرة على اخذ ثمين وقتكم .. ربي يحفظكم ويديم حضور قلمكم .. هاديا ومرشدا واخا لنا ولكل من يبحث عن الخلاص من نار الحياة المبهمة على عقولنا المتفكرة ..
سلام عليكم
الجواب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكر الله ونشكركم على ثقتكم العالية بمراشدنا الفكرية نسال الله تعالى ان يهبنا واياكم سبل الرشاد فمن لم يهد الله فلن تجد له وليا مرشدا ...
الله سبحانه خلق الحياة والموت بموجب نص شريف
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ـ 2 ـ الملك)
فالموت (خلق) كما هي الحياة (خلق) فالانسان يموت بذنوبه ويكون حاملا لوزرها بعد الحياة فالاساءة التي يقوم بها الفرد تجاه جسده فيعتل مريضا انما ستلاحقه بعد الموت بجسد معتل ايضا في وعاء الموت ...
هنلك (قاعدة بيانات عريضة) ومبينة في القرءان تبين صفات الخلق بعد الحياة الا ان طرحها سيكون (خيال) بالنسبة لمعارف الناس فهي بيانات لا يتلقاها الا من اقتحم عقبة بيانات مباديء علوم الله المثلى واستطاع ان يجمع حزمة غير قليلة من راسخات ذلك العلم لكي يستوعب شكل (الخلق بعد الحياة)
كتاب (العقل الكوني) للحلبي قرأنا منه قرابة 50 صفحة ونفرنا منه لانه (مجرد كلام) لا يمتلك قاعدة بيانات ثابتة بل وجدناه يتقلب بين البيان الصحفي والديني والسياسي ويحاول ان يصفها وكأنها قاعدة للبيان الا انه لم يوفق بل كان موفقا في اضافة فكر مختلف يجمع اطياف فكرية قد تكون خاطئة مثلما ذكر مديحا لفكر (فولتير وروسو) ووجدناه ياخذ من الفكر الماركسي بعض البيانات المركزية خصوصا في معالجة الحقيقة الدينية ورغم انه وصف الدين المسيحي حصرا ونقل ما تم تسجيله من قبل العلمانيين والماركسيين وحاول ان يجعل منه قاعدة بيان متحاشيا المساس بالدين الاسلامي وكهنة الدين الاسلامي (الفقهاء) الا انه اعترض بشدة على الهيكلية العلمية التي نشأت بعد عزل الدين في اوربا وجعلها بديل الكهنوت الديني في طمس الحقيقة وبالتالي وجدناه قد فقد اتزانه في توفير (قاعدة بيانات) ثابتة ... المعلومات التي حملتها رسالتكم الكريمة في ما ورد في الكتاب سوف تشجعنا للعودة الى قرائته (ان لم ننفر منه تارة اخرى) فالاشارات التي وردتنا منكم وكأن الحلبي يسعى الى ترشيد (العقل الكوني) فيما اطلق عليه (تناسخ الارواح) وان (العقل ثابت) و(الاجساد متغيرة عبر الزمن) وهي نظرية يشارك بها مروجي المذهب البوذي وبعض الديانات القديمة المنتشرة في ءاسيا كما ساهم بها بعض الفقهاء من المسلمين في الحقبة المتأخرة شرق الحجاز ... تناسخ الارواح كنظرية لا تمتلك اي قاعدة بيانات رصينة وقد روج لها في مصر في فترة الستينات من القرن الماضي الا انها قبرت على ما يبدو ولم نسمع لها اثر معاصر ... في مراشدنا تسقط تلك النظرية التي تقول بتناسخ الارواح لاسباب منطقية وعلى سبيل المثال فان الناس في تزايد او في نقص فهل الارواح الميتة ستقف في الصف لتنتظر دورها فترتبط مع من سيولد لكي تستنسخ روح من مات فيه ...!! كما ان الخالق العظيم اللامحدود في القدرة (له الحمد) يكون عاجزا عن توفير الارواح في الخلق فيسعى لتدويرها كما يتم تدوير النايتروجين والاوكسجين في الوعاء المادي ..؟؟
فهم الحياة لا يدخل حامل العقل في (حيرة) ولا يحتاج الى فلسفة كلامية فوظيفة المخلوق الادمي واضحة في وعاء الحياة فلكل مخلوق رغبات تنفيذية يحاول تنفيذها فان ارتبطت رغباته في العقل والتنفيذ بسنن الخلق ومرابطه النقية فان عبوديته لخالقه تكتمل وحين ينتقل الى (خلق الموت) ينتقل بصفته التي نفذها في دنياه فيكون في خلق الموت سعيدا واكثر قدرة على تنفيذ رغباته التي عجز عن تنفيذها في الدنيا (ما يشتهون) ولتلك الصفات ولتلك المراشد قاعدة بيانات فخمة في القرءان الا انها صعبة الفهم الا لمن يقتحم عقبة المباديء لعلوم الله المثلى فيفهم الموت من خلال الحياة ويفهم وظيفة الخلق في المخلوق سواء كان في وعاء الدنيا او في وعاء الموت ... مثال توضيحي في حياتنا حين نرى (التلمذة) كجزء من حياتنا وفيها الاجتهاد بالدرس والحفظ وتأمين واجبات الدرس وتطبيق نظم منظومة التدريس و (يوم يتخرج التلميذ ليكون طبيبا او مهندسا او غير ذلك) فان (التلمذة تموت) ويبقى الخريج الاكاديمي حيا في وظيفته في المجتمع وهو حاملا معه كل مفاصل التلمذة بدءا من يوم تعلمه حروف الهجاء الى ءاخر محاضرة علمية في الكلية ... نظرة بسيطة الى وعاء الموت والحياة في ركنين اساسيين في حياة (التلميذ) و (ممات التلميذ) عندما يكون مستوظفا لوظيفة تم اعدادها له وهو تلميذ فبالقدر الذي كان التلميذ دقيقا في مقومات التلمذة ينتقل بقدره ذاك الى ما بعد التلمذة في حياة جديدة عملية تعتمد بشكل مطلق على مدى نجاحه في مقومات تلمذته (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ... وان شئتم فللحديث بقية ... ساكون معكم عسى ان ترتفع عنكم الحيرة مع دعوتي لكم بالتركيز على الاختيار الفكري في محاولة الوصول الى الاصول الفكرية الثابتة (قاعدة بيانات ثابتة) وعليها يتم بناء لبنات الفكر فكل (مفكر) لا يستطيع ان يسيطر على فكره ما لم يرتبط بقاعدة بيانات ثابتة يقتنع هو بثباتها ومن ثم ينطلق من تلك القاعدة فينمو لديه الفكر سواء كان سلبا او ايجابا وبما اننا مسلمين ومؤمنين بالله فيكون البحث عن قاعدة البيانات الثابتة التي ترضي الله وعليها نتكيء ومنها ننطلق ومن خلال تجربتنا الفكرية لم نجد قاعدة بيانات ثابتة وبشكل مطلق الثبات مثل القاعدة القرءانية الشريفة فاتكئنا عليها فكان ما كان ويكون من مراشدنا التي تعرفونها ...
قاعدة البيانات القرءانية تقول
{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }الأنعام116
لذلك فان اي قاعدة بيانية تؤتى من اهل الارض سوف تشوش ما ياتي من القرءان من بيان وهذا هو المرض المستشري في جسد امة حملة القرءان فالقرءان ان كان وحده قاعده للبيان فيهم لصاروا خير الامم واكثرها علياءا الا انهم جعلوا من البيان القرءاني وكأنه يساوي اي بيان ءاخر او ان البيان القرءاني يحتاج الى بيان من اهل الارض فضلوا وأضلوا وما كانوا مهتدين لذلك اجدد لكم دعوتنا مرة اخرى ان تنفروا من اي قاعدة بيان وتتصلوا ببيان القرءان (وحده) دون غيره فان مسالك الفكر لديكم سوف تصفو حتى تصلون الى مبتغاكم الفكري القويم ومن ثم تنتقلون الى رحم مادي تنفيذي فيه غلة الفردوس التي سوف لن تبغون عنها حولا فلا تتحولون لغيرها لان نتائجها ستكون مبينة بين ايديكم في كل امر بلا استثناء فهي تمتلك تغطية لكل رغبات الانسان بكبيرتها وصغيرتها وتتحصل بيين ايديكم المعجزات والناس يرونها قبل ان ترونها انتم لانكم في جنة فردوس لا تقبلون بالخروج منها وفيها مسارب الاصلاح (التصليح) لكل مسار سرت فيه الخطيئة من قبلكم او من قبل محيطكم او البشرية جميعا ...
السلام عليكم
تعليق