لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ
من اجل اخضاع ممارسات العصر لمنظومة الإسلام
{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ }الحج67
المسلمون على مختلف مذاهبهم يفهمون لفظ (منسك) على انه (مراسم دينية) كالصوم والصلاة وغيرها ورغم ان تلك الممارسات هي مناسك فعلا ولكنها لن تكون حصرية فكل فعل واجب يستوجب التفعيل لدرء سوء او لجني ثمرة انما هو (منسك) فهو لفظ يغطي ممارسات بشرية واسعة قد تشمل مجمل انشطة الانسان الواجبة في التنشيط سواء كانت لقيام صفة مطلوبة او لإصلاح صفة معطوبة فاذا مورست حزمة انشطة بشرية واستقرت في مجتمع بشري فذلك هو المنسك الذي يكون في (أمة) من البشر فلكل (امة منسكها) فالبشر الذين يعيشون في مناطق باردة (مثلا) لهم منسك او حزمة مناسك تختلف عن المجتمع البشري الذي يعيش في مناطق دافئة اومناطق حارة ... كما ان الفهم الاوسع للنص الشريف اعلاه المروج خطابه في المدرسة التقليدية ذهب الى فهم (لكل امة) باعتبارها مجموعة امم من البشر يعيشون في زمن واحد أي ان المناسك المتخصصة بالامم وكأنها (طوائف) تعيش في زمن موحد الا ان شمولية النص القرءاني تقيم (علما) يفيد حامل القرءان ان الامم الموصوف ذكرها في النص يتم رصدها عبر مساحة زمنية ماضية وفي نفس الوقت يمكن رصد الامم في ساحة زمن واحد
{تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النحل63
{قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }هود48
فهنلك امم من قبلنا وامم معنا وامم بعدنا والله جعل لكل امة منسكا هم ناسكوه .... لفظ (أمة) في علم الحرف القرءاني يعني (حاوية تكوينية التشغيل) فالله هو الذي جعل لكل (حاوية تشغيلية) تخص العنصر البشري (منسكا هم ناسكوه) وذلك يعني ان المنسك المجعول في بيان الاية الشريفة هو منسك مصاحب لنظم الخلق فهو ممارسة لـ (ضرورة) تظهر مع صفات الامة وخصوصياتها سواء كانت خصوصيات حميدة او صفات غير حميدة (وجعلنا لكل امة) فهي عملية (جعل) أي جزء من منشأة الخلق وما يؤكد تلك الراشدة هو بيان الاية في (فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ) ذلك يعني ان هنلك (امر متنازع عليه) يخص (المنسك) الذي اختص بتلك الحاوية التكوينية (امة) من البشر فهي مناسك وصفها القرءان انها تخضع للرأي والرأي الاخر اي فيها (تنازع)
لفظ منسك في علم الحرف القرءاني يعني (ماسكة مشغل غالبة الاستبدال) ومن المؤكد ان تلك (البدائل) التشغيلية الغالبة لها وجهان تنفيذيان
(الاول) حين يكون المنسك غير حميد الصفة مثل قرية تعمل الخبائث فهي قد استبدلت نظم الله النقية بخبائث لها (غلبة مشغل) فصار منسكا هم ناسكوه مثل تلك القرى التي تخصصت بصناعة النبيذ مثلا فالله سبحانه قد جعل لها جنات اعناب وفيرة ونقية في نظم الخلق الا انهم استبدلوا مرابطهم بتلك الغلة فصاروا يصنعون النبيذ في (مشغل تخميري غالب) فاستبدلوا النعمة (الحميدة) بصناعة غير حميدة في المنسك الذي نسكوه وذلك المنسك غير الحميد جاء حين كفروا بانعم الله فهو منسك (مجعول) من نظم الهية مرتدة على مؤهلي السوء
(الثاني) وهو منسك (السلامة) وهو ممارسة او حزمة ممارسات تقوم لتقويم السلامة في كيان الانسان باكمله او في جزء من كيانه كما هو منسك الصلاة حيث يحصل المصلي على (فيوض عقلية ) + (فيوض مادية) لا يمكن الحصول عليها الا من خلال الصلاة لترسم نهاية الفحش الذي يحصل في اجساد الناس (تنهى عن الفحشاء والمنكر) فالمتغيرات الفلكية للشمس تضفي على بلازما الكون الذي يحيا به الانسان بمزيد من الجسيمات المادية المتناهية في الصغر (غبار نيوتروني) كما يسميه علماء العصر الحديث حيث يستطيع المصلي ان يتخلص من الجسيمات الضارة والجسيمات التي لا يعرفها الجسم البشري في تكوينه (منكرة) وهي ستكون ضارة بفعل مباشر وبالتالي يجب ان يضع لها المصلي نهاية في جسده عند (منسك الوضوء) + (منسك الصلاة)
اذا استطاع حامل العقل والباحث في نصوص القرءان ان يرسخ ان زمننا المعاصر يختلف عن الازمان التي سبقت نهضة الحضارة الحديثة فان ذلك يعني ان هنلك حزمة (مناسك) مجعولة من قبل الله تخص زمننا بسبب انتشار الممارسات الحديثة الكافرة وعلى انسان اليوم ان يمارسها منسكيا مجعولا في صفته الحميدة كما هي نظم الله الحسنى لكي يستبدل (السوء) بـ (الحسن) وهي ممارسات تكوينية مجعولة من قبل المصمم والمنفذ للخلق (الله سبحانه) وبالتالي فان تعيير ممارسات زمننا يجب ان تستحلب من (علوم الله المثلى) المسطورة في القرءان لغرض الوصول الى (جذور الجعل الالهي) الذي تحتويه منظومة السلام (السليمانية) التي توجب (سلامة الفعل) + (سلامة اداة الفعل)
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ }الأنبياء78
{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً ءاتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ }الأنبياء79
{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ }الأنبياء80
ولعل مثل ايوب في القرءان واحد من النصوص التذكيرية التي توجب الكشف عنها لممارسة منسك او حزمة مناسك مجعولة في نظم الخلق واجبة التطبيق بسبب تكاثر امراض العصر وشراستها مع ما يصاحبها من تلكؤ وانكفاء في قدرة المؤسسة الصحية المعاصرة ازاء امراض العصر
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }ص41
{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ }ص42
{وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ }ص43
{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }ص44
تلك الايات من سورة (ص والقرءان ذي الذكر) وهي تعني تخصص تذكيري مهم في سورة خصصت للذكرى ان استذكرها حملة القرءان ... فمن يسجل صفة الاياب الى نظم الخلق فهو (ايوب) ... في صفته تلك حين يمسه الضر فـــ جعل الله له (كاشفات الضر) بل يهبه الله من خلال نظمه مؤهلات (ووهبنا له اهله) وتلك المؤهلات تقيم قيمومة النجاة اما في المثل السليماني فان سلامة الفعل وسلامة اداة الفعل تمنح فاعلها غلة عالية النتاج فيكون من ذوي الحظ الدنيوي الكبير الذي يكون له متاعا في يومه الاخر
عندما ترسخ الذكرى بقيام منسك (مجعول) في نظم الخلق يصاحب الامم عند الحاجة اليه فيكون البحث عن ذلك المنسك من خلال نظم الخلق نفسها ومن خلال تذكرة قرءانية كما في مثل ايوب (اركض برجلك ...) أي ان المنسك المجعول لن يكون (بدعة) يبتدعها الناشط او عند الحصول على (اكتشاف) علمي او تطبيقي كما في الحضارة المعاصرة فالانسان بدأ حديثا يبتدع كل شيء بدءا من منسك تنظيف اسنانه بمواد كيميائية فعالة لغاية اكثر الانشطة حرجا كما في استخدام الادوية الكيميائية (غير العضوية) كما هو في الطب الحديث وكثيرة هي البدع الحضارية الحديثة جيء بها مستنسخة من امم كفرت بالله وعزلته في دويلة فاتيكانية او دينية طائفية كهنوتية ليستلهم المسلمين منها انشطتهم بالباطل وتمسكوا بـ (ترجمان كفرهم بالله) على شكل ممارسات منسكية تخص اجسادهم في مأكلهم او مشربهم او ملبسهم او مسكنهم كما شملت الانشطة المستنسخة في الممارسات المستحدثة انظمتهم في (فقه الوطن) واستنسخت (العلمانية) و (الديمقراطية) من امم خرجت عن طاعة الله بشكل تام وتصوروا انهم يتحكمون بكل شيء وانساهم شيطانهم ان نظم الله فعالة في قوانين ارتدادية تحمل تذكرة من قرءان في التردي نحو (اسفل سافلين) ... فتلقفها المسلمون في ادق تفاصيلها بل بعثوا اولادهم ليتعلموا ادق دقائق تلك الممارسات الحضارية فضاع منسك المسلمين كأمة مسلمة تحمل فقه سليماني الصفة في سلامة الفعل وسلامة اداة الفعل لتبرز كأمه ناجية من نار الحضارة التي بانت نواجذها النتنة في تردي صحي خطير وتفكك مجتمعي اخطر .. !
بين المنسك والناسك (جعل الهي) ومنه علم قرءاني يقرأ الا ان القرءان مهجور ومناسك المسلمين (الخمس) اصبحت غير كافية لدرء السوء الحضاري وعلى المسلمين ان يتفقهوا في دينهم على بساط حضاري علمي فعال للخروج من عنق زجاجة المتحضرين الذين حشروا الناس في المدائن وطغى فعل السحرة فعله الاخاذ في امة كان يريد لها الله ان تنجو فوق الامم بما من عليهم من رحمة ثبتها الله في قرءان يقرأ
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }الذاريات55
الحاج عبود الخالدي
تعليق