غرق ءال فرعون .. كيف يكون .؟
من أجل بيان الوعيد الالهي في القرءان
الغرق وبعضا من تخريجاته اللفظية وردت في القرءان اكثر من 20 مرة وكل صفاته المحمولة على المتن القرءاني الشريف كانت مفصلا من مفاصل العقاب الالهي
{فَلَمَّا ءاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }الزخرف55
{وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ ءايَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً }الفرقان37
{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ }الأنبياء77
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ ءامَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي ءامَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس90
{كَدَأْبِ ءالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا ءالَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ }الأنفال54
مقاصدنا الشائعة في الغرق تنحى منحى (الغطس بالماء) وقد جاء في القرءان ما يمنح تلك المقاصد سببا في تصورات صفة الغرق
{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً }الكهف71
وهكذا استقر في مقاصد المفسرين والناس ان الغرق هو نتيجة لانعدام الهواء تحت الماء الا ان تبصرة النصوص والتفكر بايات الله تظهر بيانات صفة (الغرق) بشكل راسخ ومختلف عن الشائع في مقاصد الغرق فليس كل من يغطس بالماء يغرق فهنلك فرق مهنية من الناس تمارس الغوص في الماء وهي مزودة بقناني من الهواء المضغوط تؤمن لهم عدم الموت خنقا بالماء رغم انهم تحت الماء ومن تلك الصفة نفهم ان (الغرق) لا يعني (حكما) ان يكون بالماء الذي نعرفه والدليل ان الغواصين يقضون ساعات طويلة تحت الماء حين تتوفر لهم مصادر الهواء .!! ... اما الماء فهو لا يعني بالضرورة ماء الشرب او ماء البحر والنهر فلفظ (ماء) يعني (مشغل تكويني فعال) فالماء الذي تدركه مقاصدنا هو للحياة وليس للموت فقد جعل ربنا من الماء كل شيء حي الا ان ما يحصل في الغرق هو امتلاء الرئتين بالماء بدلا من الهواء فتحصل الوفاة جراء تعطل وظيفي للرئتين وهو تعطيل قاتل يؤدي الى هلاك الشخص ليس بسبب الماء بل بسبب تعطل وظيفي للرئتين ويمكن القول بسبب فقد الهواء وهو يحصل عند الاختناق ايضا دون ان يكون للماء الذي نعرفه دورا في الموت ... في الغرق تحت الماء يكون الماء سببا في التعطل الوظيفي للرئتين الا ان اجهزة الغوص تجعل الرئتان عاملتان تحت الماء فالماء الذي نعرفه ليس قاتلا اما المشغلات التكوينية للهلاك فهي عديدة ولا تحصى ومنها الامراض ومنها الافعال الفيزيائية التي يتعرض لها جسد الانسان وتتسبب بتعطل وظيفي كلي او جزئي مفضي للموت فجاء في مثل نوح ومثل فرعون ان الغرق يتم بوسيلة اكتساح الماء لاجساد الادميين ففي مثل نوح طغيان للماء وفي مثل فرعون انفلاق البحر
{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا ءالَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }البقرة50
{فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }الأعراف136
{فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ }القمر11
{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ }القمر12
{وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ }القمر13
فالماء الموصوف في النصوص يعني في المقاصد الشريفة هو مشغلات التكوين ومن تلك النصوص قام الفهم العام عند الناس ان عقوبة الغرق التي وعد الله بها المعاندين تؤتى من خلال الماء الذي نشربه الا ان تدبر النصوص والتبصرة فيها تشير الى ان هنلك (تعطل وظيفي) لاجزاء من الجسد البشري كما في الشخص الذي يغرق بالماء ...
لفظ (غرق) في علم الحرف القرءاني يعني (فاعلية ربط متنحية لـ حيازة متنحية الوسيلة) واذا عرفنا ان (كل وسيلة) هي من خلق الهي ولا توجد وسيلة في الخلق خارج الخلق لان الله بيده ملكوت كل شيء وهو خالق كل شيء فيكون الفهم التدبري للتذكرة القرءانية ان الغرق هو نتيجة لـ (فعل ربط متنحي) يؤدي الى (حيازة وسيلة متنحية) وتلك الوسيلة المتنحية التي جعلها الله متنحية انما هي وسيلة هلاك !! فالسرطان (مثلا) هو وسيلة خلق الهي (بايولوجيا معقدة) الا انها بايولوجيا متنحية عن خلق الجسد وحين يقوم (فعل رابط متنحي مع وسيلة متنحية الحيازة) تظهر اعراض السرطان وهي بايولوجيا نشطة جدا ومعقدة جدا وتسبب (عطل وظيفي) للاجزاء التي يصيبها السرطان فيودي للهلاك كما تتعطل الرئتان عند افتقاد الهواء تحت الماء
ولعل مرض السرطان هو مرض مفزع بسبب قساوته الفائقة في مظاهر الالم ومظاهر الموت ببطيء الا ان هنلك امراض اكثر وقعا على الانسان رغم ان مظاهرها غير قاسية على ذوي المريض الا انها اكثر قساوة على المريض نفسه الا وهو مرض الزايهايمر الذي يفقد فيه الانسان اتزانه العقلي ومن تلك الصفة يفقد شخصيته كانسان له كيان متميز بين ذويه وذلك المرض (الحديث) يقوم بتعطيل وظيفة جزء مهم من كيان العقل البشري وهي القدرة على استعادة مفردات (الذاكرة) فالنسيان في الوصف هو (وسيلة حيز متنحي عن العقل) لان الله خلق الانسان يتذكر والنسيان صفة (وسيلة) متنحية وحين يقوم (فعل رابط متنحي) مع صفة النسيان يكون قد تطابق مع لفظ الـ (غرق)
الجلطة الدماغية هي (تعطيل وظيفي) كالذي امتلأت رئته بالماء فتعطلت وظيفته الا ان الجلطة الدماغية ذات صفة حادة وقاسية جدا حين يصاب المريض بالشلل وفقدان الوعي كليا او جزئيا فيصبح جثة بلا حراك نتيجة تعطل في منطقة من مناطق الدماغ وهي وسيلة متنحية الحيازة فالدماغ خلق ليكون فعالا في خدمة حامله الا ان (الجلطة) هي وسيلة متنحية تؤتى من خلال حزمة من المخالفات التطبيقية التي يمارسها المريض ومن خلال مراصدنا وجدنا ان الجلطة الدماغية تؤتى بسبب الاستخدام المستمر والدائم للادوية لبعض الامراض مثل السكري وضغط الدم واملاح الدم والدهون غير الحميدة في الدم او امراض المفاصل المنتشرة بشدة بعد سن الاربعين فكل الاشخاص الذين يداومون يوميا على نوع من العقاقير الدوائية ولبضعة سنين انما يقومون بتفعيل مرابط اجسادهم مع وسائل متنحية عن الخلق فالادوية (غير العضوية) هي خروج فاضح على سنن الخلق فلا يحق للانسان ان يدخل في جوفه الا ما هو عضوي التكوين وان كانت هنلك بعض السماحات فهي لا تكون مهلكة فمن يشرب من ماء البحر المالح جرعة مشبعة من الماء يحصل له عجز كلوي قد يودي الى هلاكه لان الجسد غير قادر على طرد الكثير المتكاثر من المواد غير العضوية خارج الجسد الا ان الملح القليل يمكن التخلص منه عبر منظومة خلق مودعة في الجسد البشري فالكثرة غير العضوية ضارة مثلها الادوية غير العضوية فالجسد غير قادر على طرد مكوناتها لان الجسد غير قادر على طرد كميات ضارة متكاثرة كما ان الجسد لا يمتلك ارشيف عنها في منظومة خلق الجسد فهي غريبة على جسد الانسان وليس كالملح الذي يمتلك ارشيفا في بايولوجيا الجسد ولا يمتلك الانسان بما يحمله من ارشيف أي برنامج ناجح للتخلص من الادوية غير العضوية فهي فاعلية ربط متنحية عن سنن الخلق فتعبث بالاجساد وتغرقها بالسوء والفحشاء
الذبحة الصدرية مرض حديث ينتج من تعطل وظيفي في القلب يتسبب في اجهاض قدرات المريض ونشاطه ومن خلال مشروعنا الفكري المرتبط بعلوم الله المثلى وجدنا ان مسببات هذا المرض تتطابق مع مرض الجلطة الدماغية وهي المداومة على تناول الادوية غير العضوية لزمن غير قليل ...
المؤسسة الصحية المعاصرة تدعي ان اسباب تلك الامراض لا تزال غير معروفة اكاديميا الا ان الاطباء يعلمون ان الادوية جميعا لها مضاعفات جانبية غير مسيطر عليها وان كافة عناصر المؤسسة الصحية الطبية والصيدلانية تعلم علم اليقين ان الادوية هي ممارسة خطرة وان جرعات الدواء (إن تكاثرت) تؤدي الى كوارث جسدية كما ان الفطرة العقلية تعلم علم اليقين ان الادوية قاتلة فلو ابتلع شخص ما عدة اقراص دوائية فان النتيجة ستكون الهلاك او مقتربات الهلاك الا ان الشخص نفسه لو اختار مادة عضوية ليتناولها فانها سوف لن تكون ضارة مهما كثرت ..!!
اذن الغرق كعقوبة الهية يحتاج الى ثقافة فكرية بعيدة عن المدرسة التقليدية التي وصفت الغرق بصفته (حادثة) جامعة تحصل في زمن محدد ولن تكون قبله ولا تكون بعده فالناس لا يصابون بالسرطان جميعا في زمن محدد كما هو زمن حصول الكارثة في اعصار او زلزال او غيره بل الكارثة تتخطف الناس فرادى الا انهم جميعا يغرقون الا من كان متمسكا بسبل النجاة مبتعدا عن النظم الفرعونية
غرق ءال فرعون وهم (المواطنون) فـ ءال فرعون هم الوطنيون (ابناء الوطن) وهم قد شبعوا غرقا في اوطناهم فالوطنية في زمننا المعاصر ما هي الا عبودية و (رق) افقد الناس حرياتهم الشخصية في المأكل والملبس والمسكن وتربية الاولاد فاصبح الانسان اليوم في وطنه ما هو الا (عتلة وطنية) لها دور محدد الوظيفة في سفر او في مستقر او في مأكل او مشرب او ملبس او انجاب او مسكن فالقوانين الوطنية ترسم مسارا محدد السير كما كان يفعل الاسياد بعبيدهم بل اشد مراسا واكثر عنفا
البشرية الان تغرق في نظم مستحدثة وهي متنحية عن نظم الخلق ومن خلال قيام (فعل الارتباط) المتنحي بتلك الوسائل المتنحية فان انسان اليوم انما يقيم رابط مع نظم الله الارتدادية المرتدة على اهلها وهو (وعيد الله) بسرطانات وامراض عصرية لا علاج منها وهو (الغرق) بعينه وبادق تفصيل من تفاصيله الا ان حملة القرءان يتصورون ان الغرق الذي حصل في التاريخ هو حدث (سردي) سرده القرءان لنتعظ به اونتعظ منه الا اننا في اعمق اعماق الغرق غارقون لاننا هجرنا قرءاننا وتمسكنا بما قيل فيه في التاريخ
{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }التين4
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ }التين5
ءايتان مستقلتان في التذكير القرءاني والذي يحمل (وعيد الله) وهو وعده الشريف لمن يكون في وسيلة خلق الاية الاولى (في احسن تقويم) والثانية هي ءاية وعيد الهي ايضا الا انها متنحية عن سريان نظم الخلق ولا تتفعل الا حين يقوم الانسان بـ ( تفعيل رابط متنحي معها) لانها في اصل الخلق ذات (وسيلة متنحية الحيازة) وهو القصد الشريف لـ (لفظ غرق) وبلسان عربي مبين الا ان الانسان يغرق نفسه فيها فتتعطل وظيفة عظمى من وظائفه سواء في جسده او في جسد مجتمعه كما يحدث في الحروب الاهلية والعدوان البشري المجتمعي المتكاثر فكلما انتشرت الالة وتنوعت التقنيات كلما امتلك العنصر البشري وسيلة عدوان اكثر فتكا واكثر ترويعا فالله خلق الانسان كائن اجتماعي يتبادل المنفعة فالحداد يصنع للنجار والنجار يصنع للحداد والخياط وهكذا يكتمل نشاط الانسان من خلال توافقية اطوار الناس الا ان (العدوان المتبادل) بين الناس هو وسيلة متنحية الحيازة ولن تكون من اصل الخلق لان اصل الخلق هو احسن تقويم وحين ينفلت الانسان من تلك الاصول والجذور الحسنة في الخلق فانه يغرق في وسائل الله العقابية التي تعطل وظائفه منها الجسدية كما ذكرنا به من خلال امراض الاجساد ومنها ما هو يصيب كيان الانسانية الاجتماعي كما يجري الان في ربيع العرب وكما يجري الان من عدوانية يمارسها البشر ضد بعضه في كل مكان فالالة الحديثة كما قلنا وفي تطبيقاتها المعاصرة منحت الصفة العدوانية مرابط فعالة متنحية عن سنن الخلق فـ ءالات القتل متنوعة وفتاكة ولا تشبه السيف والخنجر في حجم عدوانيتها ولا يغرنا المثالية المفتعلة في البلدان التي تدعي الحضارة والتطور فرغم التكتيم الاعلامي على عدوانية شعوبها الا ان مظاهر الفساد تطفو فوق ارادة مبرمجي الاعلام الاممين فتلك لندن وما حصل فيها من انفلات امني وتلك امريكا وما فيها من مستوى مرتفع من الجرائم وتلك فرنسا وغيرها وغيرها من الامم التي ادعى فراعنتها انها ءامنة الا انها ليست ءامنة وهي غارقة في الفساد والسوء بكل المعايير دون استثناء فالرجال لا يكفون نسائهم والعنس عند المرأة المتحضرة ءافة قاتلة تقتل انسانيتها من خلال قتل امومتها وما اكثرهن والرجال وان اعجبتنا صورهم واعجبنا زخرفهم الا ان حقيقة ما هم عليه وما نحن عليه سيء للغاية ينذر بانتشار مزيد من التدهور بشكل طردي مع تزايد التطبيقات الحضارية والاولاد لا ينشأون ضمن تربية اسرية بل الدولة هي التي تربيهم فالاولاد قد ذبحهم فرعون الدولة والنساء سلب حيائهن فصارت المرأة خارج وظيفتها التكوينية في الانجاب والتربية فاصبحت راقصة شوارع وعارضة لزينتها الانثوية بشكل مفرط ادى الى الارتداد الوظيفي لسنن الخلق التي فطرها الله في البشر
من تلك السطور الحرجة والحذرة نرفع تذكرة عقلية مفادها ان الغرق بصفته عقوبة الهية قائم فينا والسلام على من تمسك بالعروة الوثقى لينجو بنفسه وكيانه من الغرق المحتوم
الحاج عبود الخالدي
تعليق