عدة المرأة حكم على المرأة والتكليف على الرجل !
من أجل بيان حكمة الاحكام الشرعية
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }البقرة234
النص الشريف يحمل شأنا تكليفيا يحتاج الى التدبر والتبصرة ليس في موضوعية العدة وعلتها فقط بل في منهج الخطاب الشريف فهو يخص النساء المتوفي عنهن ازواجهن الا ان الخطاب جاء للرجال وليس لهن ولعل الاشارة الشريفة في (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وضوح مبين ان النص يقيم تذكرة وهي ان المرأة المتوفي عنها زوجها ان تزوجت او خطبت اثناء العدة سيكون الـ (الجناح) على المتوفي فما هو الرصد الفكري الذي يجعل من زواج المرأة في عدتها (جنحة) على المتوفي وليس على المرأة نفسها ..!!
التبصرة في العقل المستقل تؤتي ثمارها وترفع غشاوة الابصار عن عيون حامل القرءان حيث يؤكد النص الشريف ان الرابط هو رابط يقع حصرا في عنصر الزمن (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) كذلك (التربص) فهو ممارسة مقرونة بزمن (اربعة اشهر وعشرا) فما هي مرابط المتوفي مع عنصر الزمن ..؟؟
موضوعية(صفة الموت) يتم رصدها رصدا جسديا محضا حين يتوقف الجسد البشري عن ممارسة وظيفته الحياتية فيكون الانسان قد (مات) وهي حكومة الهية مرتبطة بنظم خلق الانسان ودروته الحياتية غير الدائمة
{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً ءاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14
{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ }المؤمنون15
في فقه الدين قيل في علة عدة المرأة المتوفي عنها زوجها انها تخص (خلو الرحم) من الحمل الا ان الاحكام الشرعية توجب العدة على اليائس او على زوجة المنقطع عنها زوجها زمنا يكفي لبيان خلو رحمها من الحمل فالمفقود والمسافر والمريض مرض الموت ان طال امده لشهور وهو منقطع عن ممارسته الغريزية فان ذلك يعني خلو رحم المرأة المتوفي عنها زوجها الا انها محكومة بالتربص بنفسها
حكمة (عدة ) المراة المتوفاة عنها زوجها ( 4 أشهر ) وتطور العلم في معرفة الحمل
هل الموت يفسخ العلاقة الزوجية ؟ ام لا ؟
وقيل في الفقه ان عدة المرأة المتوفي عنها زوجها ان تضع حملها وتلك الراشدة الفقهية هي من تحصيل عقلاني فلا يعقل ان تتزوج الحامل وان انقضت عدتها ذلك لان فعل الزواج ذو شقين (الاول) هو ممارسة غرائزية و (الثاني) هو ممارسة في الانجاب فكيف يقوم زواج في شقه الثاني والرحم مشغول بجنين من زوج سابق ..!! وهذا الحكم يجري على المطلقة ايضا لانه يمتلك ناصية عقلانية بشرية فالمرأة المطلقة لا تتزوج الا بعد ان تضع حملها وان انقضت قروئها الثلاث ومثلها المتوفي عنها زوجها وهي حامل فلا تتزوج وان انقضت الاشهر الاربع وان ولدت قبل الاجل (اربعة اشهر) فمن الواجب ان تتربص بنفسها حتى يبلغ الكتاب اجله وهو ما كتبه الله في سنة الخلق يوم خلق الانسان وقدر له مقاديره
الاسطر التثويرية اعلاه توصل الباحث الى راشدة فكرية تضع لعنصر الموت جزء من صورة تكاد تكون مرئية لذلك العنصر الخفي بتكوينته على العلم والناس مفادها ان المتوفي انما يمتلك رابط مع زمن الحياة يستمر اربعة اشهر وعشرا رغم انه ميت لذلك كان الخطاب الشريف موجها له وحين ينقضي الاجل (الكتاب) الذي كتبه الله في سنة خلقه فلا يتحمل المتوفي أي جنحة من زواج زوجته (فلا جناح عليكم) وتلك المراشد هي مراشد فكرية تذكيرية اولية تذكر حامل العقل ان هنلك عنصر زمني مختلف عن زمن الحياة يتوسط بين زمن الموت وزمن الحياة يحيا فيه الانسان بعد موته وان ما يحدث في زمن الحياة ان تزوجت زوجته انما يقع عليه جناج وذلك الجناح ينتفي بان يبلغ الكتاب اجله وهنا يقوم سؤال كبير (هل التكليف في تربص الزوجة المتوفي عنها زوجها يقع في ذمة الزوج او الزوجة ..؟) وهنا تقوم اثارة مفادها ان المتوفي لا يمتلك أي اداة من ادوات التربص بما ذرى من زوجات فالزوجة هي التي تتربص بنفسها والزوج يكون قد مات !! فلماذا كان الخطاب التكليفي موجها الذكور دون الاناث (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا) ... هنا تظهر حكمة النص الشريف ذلك لان تكوينة المرأة ترتبط مع رديفها الزوج وعندها تقوم الزوجية فعنصر الزواج يجمع الذكر والانثى فيكون التكليف بالتربص في ذمة الزوج (طالب الزواج) فهو الذي عليه ان يتربص ويترك الزوجة المتوفي عنها زوجها تكمل تربصها بنفسها فيمنع عليه خطبتها او الزواج منها حتى يحل اجل الكتاب لانه طرف في زواج لاحق بعد وفاة الزوج الاول فيكون من تكاليف الزوج حين يتقدم لامرأة ارملة (ثيب) ان تكون قد استكملت اجلها سواء كانت في عدة طلاق او عدة من توفى عنها زوجها فهو تكليف ذكوري واذا كان يدري ان زوجها متوفي فعليه ان يكتم رغبته في زواجها (خطبتها) ويكنها في نفسه فكان تكليفا ذكوريا وليس انثويا وفي هذا الفارق بين التكليفين تقوم حكمة الاجل فلو كان تكليف التربص في ذمة الزوجة فقط فان الزوجة المتوفي عنها زوجها والزوج كان بعيدا عنها لزمن طويل اطول من العدة الشرعية أي (اكثر من اربعة اشهر وعشرا) قد تكون مؤهلة للزواج لاسباب الشق الثاني (الغرائزي) مما يدفعها للقبول بزوج ءاخر قبل الاجل المكتوب وذلك يقيم جنحة في حق الزوج الاول فيكون التكليف ذكوري بامتناع الذكور عن المرأة وهي في عدتها وقد جاء نص شريف يبين تلك الحاكمية
{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }البقرة235
وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ... فالنص الشريف بالغ البيان في ان اتخاذ قرار الزواج عند الزوج وكتاب التربص لم يبلغ اجله فهي جنحة ضارة في ما كتبه الله في منظومة الخلق
من تلك المراشد الفكرية المستقلة يقوم علم كبير يخص كينونة الانسان في ادق نشاط من انشطته (الزواج والانجاب) ويجعل للتكاليف الدينية مسربا يبين علة تلك الاحكام التي تختلف عن الحيوان والنبات بشكل كبير وفي تلك النظم رحمة بالناس وصفاء دورتهم الحياتية ونقائها من السوء ونجاتها من التخبط الخاضع للاهواء وطهارة نظم الانجاب وحصول الاولاد على مرابط فعالة في محيط حياة الانسان بكامل مرابطه ويكون الطهر قائما من الجذور لصالح اجيال الناس جميعا فالدستور القرءاني يبين لحملته ما يستوجب فعله وما لا يجوز فعله بعلته المبينة في كتاب مستبين يعلن عن بيانه لمن يريد ان يهتدي فهو (بشير ونذير)
الذكور مسؤولون عن تربص الزوجات المتوفي عنهن ازواجهن بالامتناع عن الزواج منهن او التفكير بالزواج بهن اثناء الاجل المحدد لهن ومثل هذا التكليف ووضوح بيانه يقيم علما قرءانيا تخصصيا عن موصوفات حالة الموت ففي الموت تنضبط نظم المتوفي نفسه مع ما ذرأ من زيجات فان تزوجت زوجته قبل الاجل تقوم فيه جنحة تؤثر فيه وهو في الموت ومثل تلك المرابط مهمة جدا للإنسان اذا كان يفكر بمصيره عند الموت ويهتم بحاله بعد الموت ذلك لان العقل الانساني يدرك بشكل (مطلق) ان دورته الحياتية ذات اجل مسمى فعليه ان يكتب اسم ذلك الاجل بما يخدمه في رحلته خارج زمن الحياة
الادوات الفكرية المطروحة في السطور اعلاه لم تؤتى من رأي فهي ذكرى من قرءان وان كانت الحاجة الى تلك الذكرى خاصة في صنف محدد من الناس (الارامل ومن يريد الزواج منهن) الا ان قيام ذلك العلم وحيازته يزيد ثقة العبد بنظام الدين في زمن تزايدت الثقة بالنظريات الحديثة على حساب ضعف الثقة بالدين فالدين اصبح في زمن الحضارة انما هو شأن اختياري فصار حكرا للمتطرفين في ثقافة مسلمي هذا الزمان مما جعل الدين بعيدا عن الحضارة او طفيليا عليها الا ان الحقيقة القاسية هي في عدم فهم الدين بما يواكب الاتساع المعرفي الحضاري فعقول النشيء الجديد (اليوم) ليست عقول فطرية بل هي عقول ذبحت باعلام مركز يبدأ مع افلام الصور المتحركة (افلام كارتون) وفيها ما فيها من ثقافة تبنى خارج الدين في سن مبكرة ومن ثم يبدأ تثقيف النشيء بمسلسلات تلفزيونية وافلام سينمائية فصار الحكم الديني غريبا على اهله مما ادى الى ان يفقد الدين وقاره بين المسلمين ولعل الربيع العربي واحداث العراق وافغانستان وباكستان مع ما صاحبها من تصرفات الصقت بالمتطرفين بالدين حتى بات الجماهير يرفضون حكم الاسلاميين في اكبر صفعة معاصرة للدين الاسلامي وعدم الثقة بمنظومته فيطلب الناس دستورا وضعيا تخطه ايادي المثقفين المعاصرين ومنها حفظ حقوق المرأة وحين تثور في شوارع المسلمين صرخات (حقوق المرأة) فان اكبر حق من حقوق المرأة اغتصب حين تكاثرت اعداد العوانس والارامل ولا حلول !!! الا في الدين !!!
في تكليف الذكور في ما يخص الاناث سيكون عنوان لاحق (معالجة عنس النساء تكليف في اعناق الذكور)
الحاج عبود الخالدي