الشيخوخة والمتقون ـ الوقاية ـ
من أجل شيخوخة هانئة
المتقون لـ الشيخوخة :
اصبحت ثقافة المؤسسة الصحية المعاصرة جزء من ثقافة الناس حتى وان كانوا بعيدين عن المؤسسة الصحية سواء كانوا اصحاء لا يحتاجون الطبيب او كانت مهنيتهم واهتماماتهم بعيدة عن انشطة الطب ومؤسساتها ومن تلك الثقافات فان اكثر الناس يعرفون الكثير الكثير عن الامراض وما قيل في اسبابها او بعض انواع الممارسات او الاغذية وما قيل فيها اما جسد الانسان فان تفاصيله وحيثياته تم بثقها في المنهج التعليمي الاساسي مدعوما بالوسائل التوضيحية سواء كانت رسوم ملونة او مجسمات تشكيلية ومنها مثلا عضو اسمه (الكبد) وهو من الاعضاء المهمة والحساسة فهو عضو يتأثر بالمحيط الخارجي المادي وعرّفته بعض المنشورات الصحية انه (المعمل الكيميائي) لمجمل الجسد البشري
نظم الله وسننه تمتلك صفة فائقة الحكمة في ارسال رسائل تبشيرية ورسائل انذارية وتلك الرسائل تصدر من منظومة الخلق التخصصية نفسها فلو شاهدنا بناية مائلة فان ذلك يعني ان نظم الفيزياء ارسلت رسالة انذارية تنذر بسقوط البناية وتلك الرسالة لا تعني ان تلك البناية فقط سوف تسقط لانها بنيت على اساس خاطيء بل تنذر كل من يريد ان يبني بناية انه لو اخطأ في نظم فيزياء البناية فان بنايته سوف تسقط وكذلك البايولوجيا كنظام الهي فهي منظومة ترسل رسائل الهية المنشأ لان تلك الرسائل هي جزء من منظومة الخلق فهي الهية النشيء والوظيفة
في حالات طبية معروفة تحت اسم (تليف الكبد) او (تشمع الكبد) تكون الاسباب واضحة عند الاطفال الذين يتناولون الاتربة او الجبس الكلسي وهم في اعمار صغيرة عند الحبو وقبل ان تستوي اقدامهم للمشي فيلتقطون الطين من اوعية النباتات الظلية في المنزل او يقتلعون بعض قطع الجبس الكلسي التي يتم بها طلس الجدران وغالبا ما تكون تصرفات الاطفال تلك بعيدة عن رقابة ذوي الصغير او ان يكون ذوي الصغير يهملون صغيرهم ولا يعيرون لتصرفه ذلك أي اهتمام فتظهر حالات تشمع الكبد فيفقد عضو الكبد كثيرا من وظيفته مما يتسبب في اضطراب جسدي كبير وخطير وقد يصل المريض الى حالة يصعب اصلاحها في عمر سبع او ثمان سنين حيث يتضخم الطحال لغرض تعويض بعض وظائف الكبد ويزيد من المادة الصفراء في الدم حتى يبدو المريض مشوها في بعض الحالات
تلك الظاهرة ما هي الا رسالة تبليغية تصدر من جسد انساني يمكن ان يكون (نذيرا) لقومه وتلك الرسالة فيها بلاغ ان اي مواد غير عضوية تدخل الجسد البشري تنذر باضطراب حاد ومؤثر في وظيفة الكبد فكل خطيئة في المأكل ستكون تصدعات مؤكدة في عضو الكبد لاننا نقرأ رسالة مبينة من نظم الله واذا ما كانت المواد غير العضوية (طين او جبس كلسي) ذات كمية كبيرة لطفل صغير فلا يمكن (تكذيب الرسول) والقول ان ما ظهر عند طفل صغير لا يظهر في الكبار فان (طول عمر الانسان) ومأكله المخلوط بالمواد غير العضوية وان كانت قليلة الا انها حين تكون مستمرة فانها سوف تشكل خطيئة تراكمية تؤثر تاثيرا مؤكدا في وظيفة الكبد وبالتالي يصاب جسد الانسان بكثير من التصدعات في زمن استراحة الانسان في شيخوخته خصوصا في زمننا المعاصر الذي تم فيه تدخل سافر بالاغذية وبشكل خطير واصبح منتجوا الاغذية المغلفة والمصنعة يضيفون اضافات غير عضوية متعددة الاصناف مثل الالوان الغذائية والمواد الحافظة والنكهات والمطيبات الكيميائية ومواد اخرى نافخة مثل (بيكربونات الصوديوم) او مواد محمصة مثل (كربونات الصوديوم) والتي يطلق عليها (محسنات الفطائر) واكثر الاستخدامات للمواد غير العضوية هي الادوية المشهورة في زمننا وجميع تلك المواد غير العضوية تشارك الطين في صفته غير العضوية ومنها تقوم ترجمة الرسالة الالهية في تشمع الكبد عند بعض الاطفال الذين يتناولون ما يقع تحت ايديهم من مواد غير عضوية وبما ان الصغار يتناولونها بكمية تفوق قدرة اعضائهم الجسدية الغضة فان طول السنين من عمر الانسان الذي يتناول الاغذية الحديثة واهمها الخبز والمعجنات بمصنعيته الفاسدة وبقية الاصناف الاخرى التي اختلطت بها مواد غير عضوية فان تصدعات اعضاء الجسد تكون قد نتجت عن (طول زمن) من مأكولات تحمل مواد غير عضوية تحمل صفة (التراكم) في اجساد الناس وعندها تتزايد مشاكل (الكبد) وتتدهور وظيفته في عمر متقدم لدى الانسان وتطفو على صحة المريض تداعيات يعزوها الطب الحديث الى الشيخوخة مثل ضغط الدم المرتفع او اضطراب عضلة القلب الا ان الرسالة الالهية التي قرأت في السطور اعلاه رفدت العقل البشري لتذكيره ان التصدع يصيب عضو الكبد ومن ذلك التصدع تظهر مظاهر ضمور او وهن لا تقرأ من خلال الكبد بل تقرأ مختبريا في الاعضاء المتصدعة ويمنح المرضى حفنة متنوعة من الادوية مما يزيد الازمة سوءا مضافا خصوصا حين يعطى للمريض ادوية يومية مستديمة كتلك التي تخص السكري وضغط الدم او تنظيم ضربات القلب وجميع تلك الاعراض المرضية تظهر في سن الشيخوخة بشكل واضح يكون الطب فيها عاجزا عن تقديم الافضل للشيخ وهي تعزي الاسباب الى الشيخوخة مع اختفاء الاسباب المباشرة لكثير من الامراض العصرية
من خلال السطور اعلاه تتضح الصورة اكثر بيانا في حاجة الانسان الى التقوى من يوم اسود سيكون في خريف عمره ومن نظم التقوية تقوم نظم (الوقاية) حيث المتقي انما يتقي السوء في الوقاية منه ليقوم بتأمين شيخوخته من السوء
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ }الدخان51
النص الشريف يقيم دستورا غاية في الرفعة والعظمة الا ان (التقوى) في مفهوم الناس هو تطبيق المناسك والاعمال الحسنة في الزكاة والصدق والوفاء بالوعد وغيره الا ان اللسان العربي المبين يربط بين لفظ (التقوى) و (الوقاية)
الخضوع لنظم الله النقية فيها نجاة اليوم واليوم الاخر وحين تأتي الشيخوخة في اليوم الاخر يكون المتقين الذين كانوا قد قاموا بتأمين كياناتهم في منظومة الهية نقية فان الشيخوخة ستمر عليهم بسلام وينتقلون الى الرفيق الاعلى وهم على وفاق مع منظومته في الخلق ...
للناس حظوظ مختلفة في مراشد الايمان فمنهم من ينشأ مؤمنا ومنهم من يستلهم رشاد الايمان والتأمين بنظم في وقت مبكر ومنهم من يهبه الله الرشاد في وقت متأخر فيكون قد اصابه ما هو استحقاقه من سوء شيخوخته لانه عاش شبابه ولم يقوم بتأمين يوم شيخوخته الا ان الاستغفار والتوبة والعودة الى منظومة الله النقية وان كانت متأخرة الا انها تؤتي ثمارها ولا كفران لسعي الساعي لمرضات ربه
{فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ }الأنبياء94
حيث تتراجع مساويء الشيخوخة عندما يمارس الشيخ طقوسا في المأكل والمشرب النقي الخالي من الرجس المعاصر وكلما استطاع الشيخ لـ وسعة الانشطة التي تعيده الى منظومة الله كلما خفتت مساويء الشيخوخة وان امد الله في عمره بضع سنين فانه سيكون قادرا على تخطي عتبات السوء في جسده وينتقل الى ربه وقد تطهر من كل ما يغضب الرب وهو انما يجني (جنة المتقين)
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ }الشعراء90
فاذا كان الشيخ موهوبا من ربه الوهاب بشيء من الرشاد فان مراشده سوف لن تسمح له بزيارة الطبيب لاطفاء مساويء الشيخوخة بل مواهب الرشاد تدفعه الى التوبة النصوح لربه فيهجر كل مطعم سوء وملبس سوء وان استطاع ليهجر مساكن الذين ظلموا انفسهم وينتقل الى الارياف ليقضي شيخوخة هانئة هادئة ويهيء نفسه لملاقاة ربه وقد حاز مرضات الله
{إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ }الأنفال19
ومن القرءان نقرأ ما ينفع ونستذكر عسى ان تنفع الذكرى
الحاج عبود الخالدي
تعليق