اللعنة ..!! بين ذكرى القرءان ومفاهيم الناس !
من اجل قيام فكر قرءاني معاصر
لفظ (اللعن) من الالفاظ غير الحميدة التي تمارسها الفطرة الناطقة قديما وحديثا وابسط ما يقال للشخص المخالف انه (ملعون) وقد جاء لفظ اللعن في القرءان قرابة 35 مرة مما يدلل على اهمية اللفظ في مقاصد الله سبحانه وذلك يوجب على حامل القرءان ان يفهم مفردات البيان القرءاني اللفظية لتمكينه من تطبيقات وممارسات معاصرة او لغرض الوقاية من اللعن ان كان حامل القرءان يعتمد على قرءان ربه بصفة دستورية لا تحتمل الريب
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159
من النص الشريف يتضح ان هنلك لعن الهي وهنلك مخلوقات تمارس اللعن على مخلوقات اخرى
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }البقرة161
وذلك نص تذكيري يذكرنا ان هنلك لعنة جامعة يقيمها الله ومخلوقات ملائكية والناس اجمعين وهنلك لعنة متبوعة يتبعها الناس اي ان هنلك وعاء لـ اللعنة يتبعه الظالمون وغيرهم
{وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ }هود99
من النص الشريف يتضح ان (اللعنة) هي وعاء او كيان فعال (مكون) له اتباع يتبعونه وصفته انه (رافد غير حميد) فقد جاء ذكره في النص الشريف (بئس الرفد المرفود) ... من تلك الرجرجات الفكرية التي اعتمدت على ذكرى قرءانية يتضح ان فعل اللعن هو فعل له كيان ويمكن ان يكون (رافد) تفعيلي كما نفهم رافد الماء كيف يكون كيانا فعالا في سريان الماء فيه فاللعنة حين تكون متبوعة من قبل الناس فهي رافد فعال التكوين
لفظ (لعن) من الالفاظ المتداولة في النطق اما الفهم فهو لفظ لا يمتلك مفاهيم محددة حتى حين كنا نقرأ السرد القصصي العربي القديم حيث كان يرد نص (ابيت اللعن) وقد حاولنا فهم تلك الجملة من خلال معارف اللغويين فكان الجواب فقه ذلك القول يعني (البراءة من اللعن) الا ان اللعن غير معروف يقينا فهو ان كان فعلا (يلعنهم اللاعنون) او كان كيانا متبوعا او لعنا واقعا كما في (اللعنة على الظالمين) فهو في صفة غير حميده اما كينونة تلك الصفة فهو غير معروف فما هو لفظ اللعن في علم الحرف القرءاني
لفظ لعن لا يمتلك تخريجات لفظية كثيرة فهو في البناء العربي الفطري (لعن .. يلعن .. لعين .. ملعون .. لاعن .. لعون .. لعان .. لعنة .. و .. و .. ) ... واضح من ذلك البناء ان لفظ الـ (لعن) لا يمتلك وظائف متعددة كما في لفظ (عد) مثلا فهو ذو وظائف متعددة منها العد الرقمي (عد يعد عدد) او العودة (عد يعد عاد) او العدة او المعدة (عد عدة) وغيرها من الالفاظ ذات الوظائف المتعددة كما في لفظ (العين) الذي قيل فيه 40 معنى كما نقل عن الخليل الفراهيدي في موسوعته المساة (العين) وبذلك يكون لفظ (لعن) من الالفاظ التي تحتاج الى تدبر وتبصرة عقلية مميزة
لعن ... لفظ يعني في علم الحرف (استبدال ناقل لفعل منتج) واذا اردنا ان نضع مثلا معاصرا لذلك الرشاد الفكري للفظ (لعن) فان المأكل هو (ناقل ذو ماسكة) منقولة من النبات للحيوان والانسان ينتج الطاقة الحيوية وهو ضمن منهج الهي دقيق وحكيم وذو قدر مقدر والناس جميعا يعلمون اصناف الاغذية ولكل صنف وظيفة حياتية في اجساد الطاعمين الا ان (التعديل الوراثي) و (الاسمدة الكيميائية ) و (المؤثرات الهرمونية) التي تعطى للنبات المعاصر ادى الى استبدال ذلك (الناقل) ذو الفاعلية المنتجة وهي الطاقة الحيوية الضرورية لاستمرار نشاط المخلوق وذلك الاستبدال ادى الى ظهور امراض تراكمية اصابت اجساد البشر وان
(اصحاء اليوم هم مرضى الغد)
وذلك اصبح ظاهرة حتمية فالنشاط الصحي بدأ يتدهور في اعمار مبكرة والبشرية جميعا تدرك تلك الظاهرة جعلت (الناس اجمعين) قد (اتبعوا) لعنة قائمة في حضارة اليوم الغذائية من خلال اغذية تم التلاعب بمقدراتها الالهية الامينة فاصبحت غير امينة وكانت اللعنة هنا في (رافد غذائي غير حميد) ... ذلك ليس المثل الاوحد بل جميع الانشطة الحضارية عدا بعض الاستثناءات تعرضت الى العبث الحضاري مثل الملابس والسكن والمشرب والاجهزة الكهربائية التي تنتج حقولا مغنطية صناعية مؤثرة في طبيعة المسار المغنطي الطبيعي وغيرها من انشطة الناس تم استبدال ماسكاتها الناقلة كما في السفر السريع عبر السيارات ووسائل النقل وهي ءالات عدوة للانسان بشكل مبين (عدو مبين) فـ وسائط النقل الحديثة تقتل مؤهليها وبشكل مبين سافر وكل انشطة الانسان خضعت الى نظام تبعية اللعنة حين يتم اتباع النظم الحضارية التي خضعت لمعايير فكر كفر بنظم الله فـ (استبدلها) الانسان المتحضر بنظم ادت الى حلول اللعنة على الناس اجمعين ..!! ليس المأكل والمشرب والمسكن اصبح حاوية (لعن) تكوينية بل الاجواء صارت (ملعونة) وتصب (جام لعنتها) على الناس من احتقان موجي خطير فيه فساد يأجوج ومأجوج من (موج متأجج) فيه مس شيطاني يمس الناس حتى وان كانوا رقودا في اسرتهم (بلا نشاط) و (بلا ممارسات) فهم في بيئة غاضبة عليهم (باءوا بغضب من الله) ... سطورنا التي تستخدم اللسان العربي المبين لغرض التذكير بالمحاذير التي حملها القرءان وصفته انه مذكر فيه بشرى للمؤمنين وفيه انذار للمخالفين فـ (الموج المتأجج) قائم فينا بلسان عربي مبين بمنهج قرءاني يذكرنا بـ (فساد يأجوج ومأجوج) والبيئة المتدهورة تذكرنا بـ (باءوا بغضب الهي) وتذكرنا كيف تكون تلك المظاهر (لعنة متبعة) فالناس اتبعوا حضارة سعت منذ انطلاقتها الاولى الى تغيير مرابط الخلق الالهي بمرابط مصطنعة استبدلت منهج الله في غذاء النبات وغذاء الحيوان وغذاء الانسان واستبدلت خامة الملبس التي قدر الله وظيفتها للبشرية واستبدلت نظم السكن الامينة بمساكن غير امينة لا تحمي اهلها من السوء المنتشر
فاللعن هو (وعاء بديل) عن (نظم الله الامينة) تم فيها استبدال الناقل الذي ينقل النظم من خلق لخلق فاستبدال نظم الزرع انما هو استبدال ناقل يتم نقله الى الحيوان والانسان
{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24
ولو تدبرنا النص الشريف في ما (يأكل الناس والانعام) وارتباط تلك الذكرى بذكرى زخرف الارض لعرفنا كيف فصل ربنا الايات لعلنا نتفكر
وما كانت تلك السطور الا للذكرى فمن شاء ذكر ومن شاء هجر
{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ }المدثر56
الحاج عبود الخالدي
تعليق