النوم في الصوم
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
من اجل حضارة اسلامية معاصرة
كثير من الصائمين يعالجون صبر الصوم بالنوم وسمعت يوما احدهم يقول صوم النائم عبادة فنفرت من قوله ان النوم لا عبادة فيه ... وعند تقليب البيان القرءاني للذكر لتفعيل صفة القرءان التذكيرية وجدنا وعسى ان يكون سبب الذكري في خاطرة رمضانية
قال الله في كتابه :
(وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً) (النبأ:9)
والسبات هو في معارفنا ان تكون فاعلية الجسد متوقفة وهذا القصد يقترب من القصد الشريف فالسبت هو (حاوية تقبض الفاعلية) ويؤكد النص الشريف ذلك في
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47)
النشور في النهار والسبات في الليل وتلك سنة تكوينية مقروئة في تطبيقات تكوينة الخلق .. لكننا نجد اشارة قرءانية تخترق هذه المنظومة في الصوم
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (البقرة:187)
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (يونس:67)
الغرائز التي كانت متوقفة في الصوم (الرفث والمأكل والمشرب) تفعلت في الليل والصفة التي كانت في الليل (نوم) تحولت الى مأكل ومشرب ورفث ...
مساحة الاكل والشرب والرفث تمت تغطيتها من (الخيط الاسود الى الخيط الابيض) .. الخيط الاسود يبدأ عند الافطار .. الخيط الابيض يبدأ من الفجر فيكون الصيام (من الخيط الابيض الى الخيط الاسود) .. عقلانية النص ..
ذلك يوضح للعقل ان مساحة النوم مشغولة باجازة (الرفث والاكل والشرب) وبما ان النوم غريزة غير مشمولة بالصيام شأنها شأن التنفس والتفكر والبراز والتبول وفاعليات الجسد الداخلية فان العقل سينحى منحى (يعقل) النص ان :
النوم في الصوم يؤتى استحبابا عند الحاجة اليه وهو يساعد الصائم على صبره خصوصا في العطش الشديد في الاجواء الحارة او في الدول الاسكندافية عندما تطول فترة الصيام قرابة 20 ساعة في اليوم ..!!
من خلال تجارب الصيام على مساحة عمر يجد الانسان ان الحاجة للصبر على الصيام تبدأ في وقت العصر من فترة الصيام ... او بعد الظهيرة ... وتبقى المشكلة عند ربات البيوت في اعداد مائدة الافطار في وقت العصر وواجبات الموظفين وذوي الاعمال التي تبدأ بعد الظهيرة فيكونون في صبرهم غير قادرين على النوم .. حيث يمكن استبدال فترة النوم قبل الظهيرة او بعد صلاة الفجر او شروق الشمس وبالتالي فان النوم سيساعد الصائم على تقليل ساعات الصبر على الصيام ...
من تلك الافكار والمعالجات يستطيع الصائم ان يبرمج يوم الصيام وفق متطلبات عمله وهذا ما جبل عليه المسلمون حيث تختلف مواقيت العمل وكثير من مواقيت قضاء الحوائج كعيادة الطبيب او زيارات الارحام ... وتبقى لرمضان نكهة تقلب كيان المجتمع المسلم في تقليبة لذيذة يعشقها المؤمنون
اذا ظهر في نوم الصائم استحبابا من خلال عقلانية النصوص الشريفة فان توقيتات النوم يمكن ان تخضع لمتطلبات العمل وإلتزامات الكبار ولكنه بالتأكيد سيكون وسيلة للصغار الصائمين لتخفيف صبر الصوم عليهم ليستحبوا الصوم خصوصا في الاجواء الساخنة حيث تبقى مهمة مساعدة الصغار على تحمل حاوية الصوم ضمن واجبات الجهد التربوي الديني داخل الاسرة ويمكن استخدام استحباب النوم للصغار خصوصا لغرض تربوي يدفع الصغار على تقبل منسك الصوم في الاجواء الحارة ..
وجدت في ممارسة الصغار للصوم انهم يشطبون وجبة السحر تقاعسا منهم ووجدت ان ذلك يزيد من فترة الصيام وبالتالي يتعرضون الى انخفاض في نسبة السكر في الدم مما يسبب صداع الرأس او النحول بعد الظهيرة مباشرة ووجدت ان صحوة الصائم في السحر مع تمرة واحدة وقدح للماء يعيد موازنة نسبة السكر حيث وجدت ان الجسد يحافظ على نسبة سكر مقبولة لمدة 12 ساعة بعد اخر لقمة فالذين يمتنعون عن وجبة السحر يتعرضون الى انخفاض حاد لنسبة السكر في وقت مبكر (قبل الظهيرة) وتزداد مؤثرات ذلك الانخفاض بشكل حاد بعد الظهيرة مما يعرض الصغار وحتى الكبار الى معاناة في ساعات طويلة من فترة الصيام ... السحر سنة شريفة يوصى بها وهي تظهر في زماننا علميا عند قراءات نسبة السكر في الدم ..!!
الحاج عبود الخالدي
تعليق