ان النظرة الاسلامية هي نظرة شمولية تدعونا الى ملاحظة القضايا والظواهر دون تجزئة
فالانسان المؤمن عندما ينظر الى قضية سياسية ينظر اليها من منظار التقوى
واذا نظر الى قضّية دينيّة فانّه يأخذ بنظر الاعتبار الوضع السياسي وعلينا ان نكون متمتعين
ببعد النظر الشمولي في جميع الجوانب لا في جانب واحدعلى حساب الجوانب الأخرى
وهنا أضرب مثلا من قصّة فرعون التي يأتي بها القرءان الكريم ويدخلها في وعينا
وكأنّها من قضية نعايشها اليوم اذ يحثنا على استلهام العبر منها هذه العبر التي تضيء
الطريق وتعلّمنا كيف نتحرّك وعلى الرغم من انّ هذه القصة ذات بعد سياسيّ من خلال
وجود الصراع فيها وعملّية تغيير النظام الا انّ القرءان الكريم لا ينظر اليها من زاوية
سياسيّة فحسب وانما يتعمّق في طرحها ليحولها الى قضية تربوية
وعلى هذا فان فهم الاسلام الأصيل البعيد عن الأفكار الغربية والشرقية الدخيلة
ليس عملّية بسيطة فمن الممكن ان يعبد الانسان شيئا ما يتصوّر أنه الله تعالى
ولكنّه بعد عشرات السنين من العبادة حسب تصوّره يكتشف انه كان يعبد
الطاغوت والأهواء أو الشيطان
واذا علمنا ان الناس كما يختلفون في اشكالهم وألوانهم ولغاتهم كذلك
يختلفون في أذواقهم وعقولهم وعواطفهم ويختلفون في ادراكهم وفهمهم وتحليلهم
ويختلفون في خلفياتهم ونظراتهم ومعطياتهم فبين شباب لا ثقة لهم بفكر الشيوخ
وبين شيوخ لا ثقة لهم بتجلد الشباب ومن هنا تلعب الأهواء والميول والأتجاهات
في هذا المجال ادوارها الفعالة بين حسد وغبطة وتنازع على الصعود هذا
كله في السياسة المادية البحتة التي يمارسها ساسة اليوم غالبا في الغرب والشرق
اما سياسة الاسلام المبتنية على ادارة الناس في كافة شؤونهم المادية والمعنوية
بالاضافة الى الالتزام الكامل بالعدل والاحسان والانسانية والعواطف الخيرة
والفضيلة والأخلاق الكريمة واستقامة الفكر والعقيدة في كل الأدوار وفي كل المستويات
هذا المزيج من المادة والروح في كل الأبعاد لكل منهما هذا هو من رابع المستحيلات
في منطق السياسة المادية لكن الاسلام هو الذي جعل هذا المستحيل ممكنا لا ممكنا فحسب
بل طبقه رسول الله عليه افضل الصلاة والسلام وعكس صورة واضحة حية أصيلة
عن سياسة الاسلام وفلسفتها وآفاقها وواقعها يترآى من أطرافها الجمال والعظمة والانسانية
وذلك لتكون ربطا لقلوب المؤمنين وتثبيتا لأفكارهم في كل مجالات الاسلام
ولكي تكون أيضا مرغبا عميقا لغير المسلمين في الاسلام .
تعليق