تحية واحترام
الدولة الحديثة اعلنت حداثتها من خلال مدنها فاصبحت المدن زينة العصر وزخرف الحياة الدنيا وبعد ان غزت المكائن والتقنيات عالم الزراعة اصبح انسان العصر فائضا على ارض الله مما دفع الملايين الى الحشر في المدائن في يوم زينة ياخذ بالابصار وبالقلوب , تقول تقارير امريكية ان واقع العمل الزراعي الامريكي بلغ 3 مليون عامل واداري ينتجون غلة زراعية تكفي لـ 2 مليار شخص !! فاين يذهب الناس وقد طردتهم آلة العصر من ارض ربهم غير الحشر في المدن حتى بلغ الخناق البشري اوجه المتأجج بالسوء والجريمة وزحمة السير وتلوث الاجواء في مدن حشر بها الملايين الملايين من البشر فضاقت الارض بهم بما رحبت وتنازع الانسان على امتار معدودة في مدن جمعت مترفين مفرطين في الترف وفقراء مدقعين بالفقر وتوسط بينهم بشر يعدو عدو الجمال الهيم في صحراء من جحيم وكل يسعى على قدر مقدور وقدر غير مقدور وقد افرزت تلك الظاهرة افرازات لا آدمية ولا بشرية ولا انسانية في مدن محشورة بالبشر عندما غابت فيها قوة الدولة الحديثة بشكل مفتعل ومؤقت كما في ضاحية لندن التي تحولت الى غابة بشرية تنهش الاموال وتدمر زخرف المدينة وفي عراق تمزقت اوصاله شر ممزق وليبيا ومصر وسوريا واليمن والصومال وكأن مدن الغرب المترف ستكون في منأى عن تلك الظاهرة ذات السوء المتنامي حين يكون العدوان البشري اقسى من طاعون اي زمان مضى واقسى من اي زلزال عرف بقوته
البشر المتحضر اليوم يعلن عن ارقام مخيفة في (نازحون عن المدن) بما يزيد عن 50 مليون نسمة والعدد يتزايد ويتزايد اما النازحون في قلب المدن فهم اكثر بكثير من احصاءات النازحين عن المدن فالذين يفترشون الارصفة وينامون في المتنزهات يتزايدون في كثير من الدول حتى وصل الامر في بعض الدول ذات الحشر البشري الكبير الى قتل اكثر من 2 مليون وليد من الاناث بعد الولادة مباشرة والعقل البشري الانساني الآدمي يتفرج دون ان يكون للحكمة وجود وسط جاهلية عمياء تخضع لسلطوية وطنية لا ترى الانسانية الا في حدود الوطن لا من اجل الانسانية بل من اجل التسلط على الانسان المواطن حتى تصدعت صفات الآدمية والانسانية تصدعا خطيرا فاصبحت علاقة الاغنياء بالفقراء علاقة تزيد في الوصف عن علاقة الذئاب بالخراف فمن اجل اقتصاديات وطنية عالية لزخرف مدني فائق نرى ان مصانع السلاح في الدول المترفة شكلت وتشكل عمود اقتصاد الترف في تلك الدول ولا احد يسأل عن آدمية منتج السلاح الذي صنع آلة لقتل الانسان وليس لاصطياد الحيوان فانتشرت الحروب في الارض واصبح الموت الطبيعي للانسان نادرا وموت القتل شائعا
الصحوة من تلك الجاهلية لا تقوم الا في كارثة مدنية تمحق المدن حتى تخوى عروشها لان الضمير الانساني المنتج للسلاح والممول للفتن قد مات موتة الابد ولبس البشر ثياب بشرية وفي جوفها قلوب الذئاب المفترسة ولا ملجأ الا في صحوة دين يقوم في حاجة يوم قاسي في زمن قست فيه القلوب فلا مفر الا الفرار من المدن قبل ان تنهدم على رؤوس الاولاد او الاحفاد
فاز من نفر من المدينة الى ربه ’ الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين’ ـ الاعراف , ولعل هذا التحذير المنشور على صفحات هذا المعهد المبارك لا يحتاج الى الدليل العميق فنظرة حكيمة لما يصيب المدن المزخرفة من دمار على اهلها في شرق الارض وغربها نتيجة عضبة الله في اعاصير وزلازل وغضب البحر يكفي لبيان سوء المدن المعاصرة وسوء الحشر البشري المفرط فيها
احترامي
تعليق