دورة الطبيعة بين فكي الخرسانة والبلاستك
من أجل بيان حجم الجرم في نشاط الانسان المعاصر
تدوير عناصر الطبيعة في تشكيلة مركباتها شأن من الشؤون التي تعلنها الطبيعة على شكل رسائل مادية يمكن التعرف عليها فطرة فلا شيء يبقى كما هو دهرا او دهورا فنشاهد اثار التعرية في السواحل الصخرية مثلا ونرى عملية التفسخ للمادة العضوية ومن ثم العود الى التربة ليكون سمادا وحتى عظام الموتى تختفي بعد دهر وحين جاء نشاط العلم المعاصر كشف حقائق كثيرة في عملية التدوير تلك كانت خفية على الانسان ما قبل نهضة العلم المادي مثل دورة النايتروجين في الطبيعة ودورة الاوكسجين في الطبيعة فكل شيء في الطبيعة يدور وان طال زمنه وتختلف اطوار الاشياء عند تفتتها في عنصر الزمن حسب ما يعتري تلك الاشياء من موثرات بيئية وعوامل التغيير ... الاشياء التي نرى ثباتها وعدم تحللها كالجبال والصخور والرمال وغيرها فانها تقبع في مكانها (الطبيعي) وبما ان الله خلق الطبيعة وهو الذي يديرها بصفته الخالق وبيده ملكوت كل شيء فذلك يعني ان (المكان) لتلك الاشياء ذا وظيفة خصها الله في خلقه من حكمته وان نقلها من مكان الى مكان ءاخر يعني العبث بما خلقه الله وثبت له مستقره ففي المستقر وظيفة كما هو (مستقر الشمس والقمر) فان تغير مكانهما احدثت خللا في الخلق والله لا يرضى لمخلوق ان يعبث بالخلق
من مواليد الحضارة المعاصرة نستحضر مادتين صناعيتين يشهد عليهما العلم انها مادة لا تتحلل ولا تعود الى مكنون مكوناتها التي كانت عليها او اي مكون يمكن ان يخضع للتحلل وهما (اولا) الخرسانة الاسمنتية (ثانيا) البوليمرات البلاستيكية ... كلا المادتين يمكن ان يتفتتا الى جزئيات صغيرة الا ان تركيبتها الكيميائية لا تتحلل فالبوليمر يبقى بوليمر حتى وان تم تحويله الى دقيق كذلك الاسمنت يحافظ على تركيبته حتى حين يتم تهشيمه ... الحضارة المعاصرة تتسارع بشكل كبير جدا في انتاج تلك المادتين مع اتساع كبير في استخدامهما بسبب الازدياد المطرد للعنصر البشري وبسبب الازدياد المطرد لوسعة استخدام البلاستك والاسمنت وتزداد كتل المادتين بشكل كبير ادى الى اعتراف المؤسسة العلمية المعاصرة وبشكل واضح ومعلن ان تلك المادتين من ملوثات البيئة ....
نحن نستفيد بشكل فعال من تلك المواد وشعابها التي ملأت اركان كل شيء الا ان تراكم تلك المواد وعدم تحللها سوف يكون لعنة على هذه الاجيال التي جعلت لتلك المتراكمات المادية غير القابلة للتحلل تراكما مفرطا وكلما يأتي جيل يزيد اللعنة على من سبقه حتى تصل الارض الى حالة الارتداد على اهلها وتصيبهم قارعة بما صنعوا فما الذي يمكن ان نتصوره لحجم تلك المواد بعد مئات السنين ..!! ستكون بالتأكيد صورة مخيفة !! لاننا نرصد مائة سنة مضت ونرى صورة ضخمة ومبالغ في ضخامتها من الخرسانة والبلاستك والشعوب تنادي هات المزيد !!
بما ان صناعة وانتشار تلك المواد يحصل بموجب اجازات تصدر من الحكومات وبما ان وسعة استخدام تلك المواد يخضع الى تراخيص حكومية في البناء وانشاء المصانع فان حكومات الارض انما تمارس عملية اغتيال لـ أجيال الارض اللاحقة بشكل مفرط ... التراكم المفرط لتلك المواد ظاهر مرئي للعيان من خلال الاطلاع على العمران (الاسمنتي) الهائل من خلال ابراج البنايات التي لا تتوقف الى حد حتى سميت بـ (ناطحات السحاب) بل عبرت علو السحاب فاصبحت كتل المدن العصرية وكأنها (جبال صناعية) اضيفت على سطح الارض دون ان يكون هنلك معيار محدد لتوزيع تلك الكتل بموجب نظام معروف يحافظ على ميزان الارض سواء عند دورانها حول نفسها او حين تدور حول الشمس ذلك لان الكتل الضخمة للمدن الحديثة هي مراكز لاثقال مخالفة لطبيعة الارض وميزانها الدوار ويمكن ادراك تلك الصفة فطرة اما التصورات التي قد تحيل تلك الاثقال الى ركن مهمل لانها لا تساوي قدرا يكفي لــ يؤثر بميزان الارض ذو الكتلة العظمى فهو تصور باطل علميا لان اسس الفيزياء لا تغادر مؤثراتها مهما كانت قليلة ولعل عتلة الميزان ذو الكفتين ترينا الاثر واضحا من خلال مؤثر قليل لا يتناسب مع الثقل الكبير الذي يمر عبر عتلة الميزان حتى وان كان نفحة هواء فهي مؤثرة في عتلة الميزان كما ان النظم الفيزيائية حاسمة حاكمة لا تسمح لكهنة الفيزياء ان يقرروا اهمال اي مؤثر من مؤثراتها فكيف اذا كان ذلك المؤثر متزايد بشكل طردي كما في حجم انتاج الاسمنت والبلاستك !!
بما ان قيادة هذا الملف الاجرامي بحق اجيال الغد القريب والبعيد بيد الحكومات والمعايير الدولية (كما يسميها الاعلام) والمؤسسات الدولية ومنظماتها القطاعية والتي اقرتها الحكومات , الا ان المؤمن لا يكفيه ان صام او صلى وهو يضيف الى نفسه لعنة باضافة ما يضيف الى سوء الارض ولا يحق لفرد ان يبريء نفسه من المسؤولية لانه قلد الاخرين او ان الاصلاح بيد الحكومات وليس بيده الا انه سار على خطوات شيطان يدمر الارض ومن عليها ... لو كان هنلك حلم يقضة بوجود (قيادة اسلامية حق) تستخدم (الاسلام) في (السلام) لاصدرت حكما بتحريم مادة الاسمنت والبلاستك على الاسلام والناس اجمعين خوفا من لعنة الله ولعنة اللاعنين الذين سيرثون السوء من اجيال سبقتهم
{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } (سورة الروم 30)
الدِّينُ الْقَيِّمُ ... فهو دين قيم (قائم) في فطرة عقل بشري يحمله كل مسلم والمسلم هو المرشح ان يبدأ بالصيحة ليصحو الناس على الصح وليس الاصرار على خطأ يتراكم فيفسد الارض ومن عليها فهو (لا سلام) والدين القيم يقوم في الفطرة بموجب نص قرءاني دستوري تكليفي فلا عذر بين يدي الله لان لله الحجة البالغة التي تقوم بتبليغ العقل البشري ولله رسائل ليس من بشر في البيئة وهي تنذر بخطر كبير ... وهذه ذكرى لمن يشاء له ربه ان يتذكر فيستغفر ويعتزل (الاسمنت والبلاستك) قربة الى الله ونجاة من اللعنة واعتزاله سيكون (صيحة) ليصحو الناس فيكون له ثواب ما عمل وثواب من يعمل بمثل ما عمل
{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } (سورة الذاريات 55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق