الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ـ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
من اجل بيان علل الامان
من اجل بيان علل الامان
{ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ } (سورة التوبة 44)
{ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } (سورة البقرة 3)
عرف الناس (الغيب) انه شكل من اشكال المجهول فكيف لـطالب الايمان (الأمان) ان يؤمن بمجهول لا يعرفه ؟ ام إن للغيب قصد اخر ؟
لفظ غيب .... يعني في علم الحرف (قابض حيز متنحي الحيازه) فما هو الشيء الذي يقبضه المؤمن وهو حيز متنحي الحيازه ؟!
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .... الايمان بالله هو اكثر الموصوفات (قابض حيز متنحي الحيازه) فلا احد يستطيع ان يقبض حيز الله ماديا او فكريا ولا احد يستطيع ان يتعرف على أي كينونه تخص الله سبحانه المنزه عن مجالسة مخلوقاته , كذلك ندرك ان (الْيَوْمِ الْآخِرِ) لكل فعل (مستقبل الاعمال) مجهول أيضا وهو في علة غائبه (عالم الغيب) وقد اكد الله سبحانه ان عالم الغيب صعب الادراك
{ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا } (سورة الجن 26)
وذلك يعني ان الله سبحانه يمتلك مشغلات كل العلل واكثر العلل (غائبه) كما يدركها العقل الفطري فالانسان الملتزم بالخطاب الديني (العلمي) عليه ان (يؤمن بغيب الله) وإن كان لا يعرف علة ما ءامن به !! ذلك شأن مشهور ومعروف عند كل المسلمين على مر اجيالهم فهم يؤدون المناسك جميعا من حج وصوم وصلاة ووضوء وغيرها وهم لا يعلمون (لا يعرفون مشغل عللها) ولكنهم ءامنوا بها وتوارثوها على امتداد عصور كثيرة !
{ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } (سورة الأَعراف 143)
موسى (العقل السادس) هو اول المرشحين لتأمين نشاطه العقلاني بالله سبحانه (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) كما جاء في النص الشريف أعلاه رغم انه لم ير الله جهرة ولكنه ادرك وجوده من خلال (دك الجبل) وفقد موسى وعيه (صعق) وبعدها (أفاق) وعند صحوته كان اول المؤمنين بغيب الله لانه عرف ان الله لا يرى ولا يمكن التعامل مع كينونته الشريفة
مثل تلك الصورة تظهر عند كثير من الناس حين تتراكم عليهم الهموم والاشكاليات ويتوجه الى الله وكأنه يكلمه وكأن الله سيرد على كلامه او سيتعاطف معه في حل اشاكاليات حياته الا ان شيئا لن يحدث بل قد تزداد ازمة ذلك الشخص فيصحو (بعضهم) من تجاوزه على ربه (يفيق) من ازمته وعندها يرى ان الله بدأ ينصره ويحل ازماته واحدة بعد الأخرى فيكون عندها حاملا لصفة (أول المؤمنين بالغيب) لان اكثر المؤمنين يضعون في عقلهم (السادس) موسى شخصية من نوع ما لله تستقر في ثنايا عقولهم (تصورات) تشخصن الله سبحانه وهم قد يشعرون بها او لا يشعرون الا ان امثالهم يشخصنون الله عقلا وليس لسانا وتحصل لديهم ملكة عقلية خاطئه وهم بحاجه الى افاقه منها كما هو مبين من مثل موسى ودعوته لله ليراه !
اليوم الاخر لا يعني انه يوم الحساب بعد الموت كما روج له الخطاب الديني حيث روجنا في كثير من بحوثنا ان اليوم الاخر يعني في منطق العربية انه (اليوم الأخير) او اليوم الآتي من نشاط الانسان في أي شأن يحتويه نشاط الآدمي
مع أي نشاط ينشط فيه الانسان عليه ان (يتفكر) مليا في تأمين اليوم الأخير من نشاطه أي (يقوم بتأمين نتيجة فعله او افعاله) على رؤيا تصاحب نشاطه فيكون قد أمن يومه وأمن مستقبله فما فائدة ربح حصل عليه مقامر ما وهو يعلم ان المقامرين نهايتهم أي (يومهم الاخر) غير أمين
لـ (الايمان بالله واليوم الاخر) نحتاج الى ثقافة تطبيقية عالية الدقة حين يعرف الناشط أن قدرات الله غير محدوده وأن الله قوي جبار يمتلك أنظمة قهرية غير مرئية تعمل تلقائيا بموجب أنظمة قهرية لا يمكن تغيير مسارها فيسعى لتقوية نشاطه وكيانه في تلك الأنظمة الامينه فيكون مؤمن بالله وبالتبعية يعترف بقدرته الجباره غير المحدودة
{ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } (سورة آل عمران 114)
{ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ ءامَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ وَكَانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيمًا } (سورة النساء 39)
{ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا } (سورة النساء 162)
شخصنة الله في العقل مثل (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) يحصل تدهور لـ العقل كما صعق موسى ... عدم الاهتمام بعاقبة النشاط لاي فعل قد توصل العبد الى (اللاأمان) وعلى العابد أن يتقي الله (يتقوى بنظم الله) حين يؤمن بالله واليوم الاخر تطبيقيا
الانسان المعاصر زاد من انشطته الحضارية دون ان يكون له حضور عقلي لـ نتيجة علل انشطه الحضارة فتورط الناس في انشطه غذائيه وسياسيه وسكنيه دون تمحيص لـ نتيجتها ومدى ارتباطها بانظمة الله الامينه فكان يومهم الأخير صعب جدا
{ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } (سورة الِانْفطار 6 - 12)
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
تعليق