ربوبية الرب وعبودية العبد بين الجبر والتفويض
من اجل بيان جذور الدين
(1)
كثير من الناس يتصورون ان الدين اجباري النشأة (لاي دين !) فالفرد ينشأ في مجتمع يحمل طيفا دينيا ملزما لمنتسبيه ولعل ما عرف عن (التعميد) عند النصارى وعند بعض الأديان في الشرق حيث يلبسوا الوليد لباس الدين قبل ان يعي الدين والدنيا ومثله المسلمون بمختلف مذاهبهم ولعل وضوح صورة (ارث الدين) تظهر في كثير من مسميات الولادات الجديدة بأسماء مشهورة الصلاح في تأريخ مذهبهممن اجل بيان جذور الدين
(1)
لغرض إيصال الذكرى نضرب مثلا ورد في القرءان ليكون مدخلا الى معالجة التدين بصفته الموجبة ضمن هذا المتصفح المتسلسل
{ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } (سورة النحل 75)
في النص أعلاه ضرب الله مثلا لـ عبد مملوك (لا يقدر على شيء) والعقل يدرك صفة ذلك العبد المملوك المتصف بصفة قاسية فهو مملوك (لا رزق مالي له) فالعبد وما يملك لمالكه حتى ثوبه الذي يستر عورته والله سبحانه يضاهي ذلك العبد مع عبد اخر له رزق وفير (وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ) وذلك يقيم ذكرى أن من يجد ويجتهد (يقدر على شيء) ويحصل على رزق من جهده وينفقه سرا وجهرا لا يستوي مع من (لا يقدر على شيء) ويحدثنا التأريخ عن عبيد مملكوين لمالكيهم ولكنهم يقدرون على كل شيء فبذلوا جهدا جهيدا فتحرروا من عبوديتهم واصبحوا اسيادا وملوكا ومنهم (المماليك) الذي حكموا الغرب العربي !
من تلك الذكرى القرءانية يتضح ان العبادة تحتاج الى جهد (جهاد) ولن تكون العبادة منسكية الصفة حصرا فالمناسك جزء من دين المتدين وليست الدين كله !!
{ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } (سورة يوسف 40)
إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ .... كما نوهنا أعلاه ان كثير من الناس تمسكوا بمنهج عبادي تأريخي ما كان للمخالفات البشريه لها قاموس ضخم كما هي أيامنا المليئة بالسنن الحضارية سواء كانت سنن حراك مجتمعي مثل عبودية الأوطان او عبادة العمل الحكومي (موظف حكومي) او كثير من الأفكار المنتشرة في عصرنا المنحرفة عن مذهب او التصرفات الخطيرة التي التصقت بالدين مثل قتل الكافر او قتل من يقول غير ما يؤمن به القاتل والله يقول (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) وينتشر بين الحين والاخر قيام فرقة تتمنطق بالدين وكأنه دين جديد !
عبادة الله حسب المضاهات القرءانية بين العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء والعبد المأتي من الله رزقا توضح للباحث حقيقة لا غبار عليها
فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا .... ولم يأتي بالنص اشاره الى نوع ذلك الانفاق هل هو للفقراء والمحتاجين وعند تدبر تلك التذكرة قرءانيا يتضح ان الذي ينفق من ماله سرا وعلانية (لا يعبد المال) وليس من الذين وصفهم المسلمون بـ (دينهم دنانيرهم) فهو مشمول بتذكرة قرءانية رفيعة
{ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ } (سورة ص 54)
فمن يحكم عقله وارادته خارج عبوديته لله فيحسب ان رزقه قد يتوقف في ما يحوز من مال فيصاب بالبخل ولا ينفق ماله سرا وعلانية لانه يعبد ماله وهو يعلم انه سيموت وينتقل المال لورثته ! ولو ان عبوديته لله حصرا ولا يعبد المال فينفق ماله ولا يخشى لان ورثته أيضا مرزوقين من عند الله ولن يكون البخيل إلها لرزق ورثته !
تلك ذكرى عن عبودية المال والتي تسبب الخروج عن امر الله (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) ومثلهم من يعبد حكومة الوطن وكثير من يعبد زوجه وءاخر يعبد مزرعته او دكانه او مصنعه او شطارته او التحايل عند البيع او الشراء !
يتبع
الحاج عبود الخالدي
قلمي يأبى أن تكون ولايته لغير الله
تعليق