براءة إبراهيم ولوط من ابوة إبليس...كيف تكون؟!
-1-
-1-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة لقد أشغلني إسم لوط وإخوانه لأحاول أن أعقل صفته...ولقد حاولت أن أحرك عربة لسانه لأعجل به دون جدوى ولكن هنا محاولة عجولة وسريعة لبعض مما عجلنا به خارج عربة اللسان المنزل...
(لط) وتستخدم هذه الصفة في بلاد الشام فيقولون على سبيل المثال لطه أي لطمه أو علّم عليه بشكل فاضح...وهناك (ملاط) وهي صفة تستخدم في أعمال البناء ويراد به المادة التي تلصق أو تكسا بها الحوائط أو الجدران من الداخل أو الخارج للحماية أو لتستقبل أعمال الدهان عليها بعد تنعيمها...(بلاط) وهو صفة معروفة أيضاً في أعمال البناء وهي عملية لصق وتغطية أو (تبليط) الحوائط والأرضيات بمواد من الرخام أو السيراميك أو البورسيلان ذات ابعاد معينة...(بلوط) وهي الصفة الأقرب وتستخدم في وصف نوع من الأشجار المعمرة وتتميز بنوعية خشب صلد ذا كثافة ومتانة عالية...وهناك بناء مهم ومشابه لتلك الصفة يمكن أن يحمل على نفس العربة (فولط/فولت) وهي صفة لوحدة كمية مستعملة لقياس القوة الكهربائية المحركة أو فرق الجهد أو التوتر الكهربائي بين نقطتين في دائرة كهربائية وهي طاقة كامنة تنبعث عند سريان تيار كهربائي سميت على اسم مكتشفها...وهناك الصفة المقلوبة لـ لوط وهي (طول)...
لذلك إتجهت وعلى مكث لإنشاء الذكرى من علّة جمعه وقرءانه التي تطلق فاعلية علّة بيانه والمتمثلة في عربة الحراك التبادلي بين الرسول ومن أرسل إليهم أي لسان قومه ومن خلال
هذا الحراك تظهر علّة البيان فيكون من خلال هذه العلّة أما بشير أو نذير أو كلاهما معاً...لأن أي رسول لسانه من لسان قومه أو مقوماته فهو سبب إرساله (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)...فـ لوط رسول من المرسلين الذين يشغلون الرسل أو الرسائل في حيز بشكل تبادلي ولنعلم صفته ومحتوى رسالته (نذير/بشير) يجب أن نعلم لسان قومه المرسل به وهو ما نقول عنه (لسان الحال) أو الحالة الفعلية التي هم عليها...
وقصة صفة لوط تختلف مفاصل ذاكرتها المفروقة من سورة الى سورة ولكنها تتماثل في بعض المفاصل وسنركز في بحثنا على مفصل سورة الحجر بشكل مقصود ففيها تم ذكر نقل المكون الفعال الخاص بصفة لوط (ءال لوط)...ولكن قبل ذلك علينا أن نتعرف على ذاكرة صفة إبراهيم ولو بشكل سريع فالقارىء لقصص القرءان سيلاحظ تزامن أحداث ابراهيم وأحداث لوط في أكثر من موقع وبينهما متشابهات حتى ليظن القارىء أنهما نفس الحدث ولكن بقطبين متعاكسين موجب وسالب والملاحظ هنا أن المرسلين كي يصلوا لصفة لوط ليتبادلوا تشغيلها يجب أن يمروا من خلال صفة إبراهيم كمضيف لهم فهم يشكلون نبأ إصلاح تبشيري له ولـ لوط ورسالة عذاب لقومه كما سنرى...عكس أقوام القصص الأخوية الأخرى المتتالية الخاصة بالإصلاح والتي جاءهم المرسلين مباشرة وكذبت بهم (نوح وهود وصالح وشعيب) وإن كانت صفة إبراهيم وقومه حاضرة بشكل ضمني في قصصهم إلا أنها ءاتت في ذلك التتابع كذاكرة فاصلة وحاوية لتبين لنا بشكل متزامن سبل التقوية والنجاة من مقومات السوء من خلال البراءة التي تمتلك درع الحماية والأمان والمتمثلة بكشف الخلل ومن ثم الإصلاح المرتبط بالعذاب قبل أن يتفعل باقي شريط الذاكرة بما يحمله من سوء وخسران مبين لا مرد له...فدائماً ما تبشرنا ذاكرة القرءان بالهدي إن نحن اتبعناه حتى في طريقة ترتيب الذاكرة تقديمأ أو تأخيراً هناك هدي...
فهي ذاكرة داخل ذاكرة...ذاكرة من أسلم وجهه لله وهو محسن ليجمع الهام الفجور والتقوى وذاكرة تبديل السيئات بالحسنات أو كيفية ذهاب الحسنات بالسيئات ففي ذلك ذكرى (للذاكرين)!...فما نحسبه شر في ظاهره لـ إبراهيم هو خير له في باطنه ولكن بشرط أن يأتي ربه بقلب سليم.
إن الذين جاءو بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم (11) النور
فـ لعقل صفة لوط يجب أن نعقل أولاً صفة إبراهيم والتي تعتبر من أهم الصفات المذكورة في القرءان فهو الأب الروحي لأبجدية التوحيد الوجودي (الف باء را) والبراءة العقلية والمادية والطرق الأسلم بإستخدام وحيازة وسائل ومشغلات قوانين الخلق الطاهرة والمفطورة والحفاظ عليها من الشرك حين التفاعل وهي صفة متشعبة ولها محطات كثيرة ولا يمكن اختزالها في بضع سطور إذ مسرحها السموات والأرض وما بينهما ولكن نستطيع ان نذكر ما يفيد البحث بشكل مختصر جداً ومن أراد المزيد فأبواب المعهد مليئة بها إن كانت كبحوث مستقلة أو كمعالجات بين السطور...
لعل من أهم صفاته أنه جعل أمة وإمام بعد أن إبتلاه ربه بكلمات وأتمها وصفة لتطهير البيت ورفع القواعد منه...أي يمكن أن نقول عنه مبدئياً أنه نظام الذاكرة الخاص بالمناعة سواء العقلية أو المادية والخاصة بالبيت وإحتياجته...وصفة لمن يريد أن يتوب ليتبرىء من روابط السوء والمقومات الفاسدة التي حملها من قابضه التكويني أي من من ءازره في مسيرته البحثية (النفسية) وليحقق ذلك أتجه للتوبة من خلال وسيلة الإعتزال المزدوج (العقلي والمادي) ونتيجة هذا الإعتزال الدعوي والعبادي تم منحه مواهب متعددة وءامن له لوط...أي أنه أمًن لنفسه كـ (إنسن) نفاذية نقل وسيلة الربط فأصبحت قناة ذكر أمينة لأحداث الفطر المتزامنة بريئة ومعزولة من عادة الشرك والفساد كما خلقها له ربه (محجورة عن الفساد)...وهو أيضا وذريته صفة مجعولة في تكويننا لتقويم الصلات مع المحيط (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء)...ومولداته التكوينية في حالة غفر من ربه يوم يقوم الحساب (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب)...
وهنا مختصر مفيد لصفة إبراهيم في محيطه الاجتماعي ليتبرىء ويصلح...
فـ إبراهيم ليس رجل اسمه ابراهيم وليس له اب بشري اسمه (ءازر) بل هو صفه في مخلوق بشري استبرأ من شرك الناس واعتزلهم فيما يعبدون من دون الله مثل عبودية الوطن وعبودية المذهب والقبيلة والقوميه وغيرها واعتزلهم فيما يدعون من دون الله مثل الدعوة للرأسماليه او الماركسيه او نظريات نشوء الخلق او اي فكر قام ويقوم خارج رضوان الله وسننه التي فطرها عندما فطر خلق السماوات والارض فـ ابو ابراهيم هو الحال السيء الذي عليه الناس وهو سبب وجود ابراهيم الصفه فهو ابوه فلو لم يكن الناس على ضلال خطير لما قامت الصفة الابراهيمية فـ اب ابراهيم ليس رجل من الناس بل هو صفه فاعله في الناس انجبت حامل الملة الابراهيمية.
الشرك ... كلمة ... وهي ربط مرابط مع إله اخر ... عندما يرى المتبرهم ان الوطن شريك لله وان المواطنين (قومه) يربطون مرابطهم بالوطن فبرائته من ذلك الرابط باعلان فساده وبذلك يكون قد اتم الكلمة التي ابتلي بها .... عندها يقنت لله ... يعيد ربط المواطنون والوطن مع الله فتسقط شراكة الوطن فيقيم الوطن ولا يقطع الانسان ... يبقى الانسان انسان خلق الله في كل وطن وفي ذلك قنوت لله ... تفكيك مرابط الناس بالوطن هي مهمة قنوت ابراهيمية حيث يعاد ربط الوطن والناس بالله وبذل يظهر المعول الابراهيمي في تهشيم الصنمية الوطنية ليس من خلال تهشيم الوطن بل من خلال فك مرابط الشرك بين الوطن والناس واعادة ربط رابطة الحق (كلمة طيبة) الوطن بالله والناس بالله فيسمو الوطن ويسمو المواطن ... تلك إمامة ابراهيم ... وتلك صفته في رؤية ملكوت السماوات والارض والقرءان يذكرنا بها تذكيرا ...
فصفتهم (عابدين) لا تعني انهم يكثرون الصوم والصلاة ولكن ذلك يعني ان ما يقومون به من افعال انما هي منقلبة الى الله وهم لا مصلحة لهم فيها شأنها شأن المملوك (العبد) انما يجمع الغلة لمالكه فهو عبد .. وفعله عبودية لمالكه ..
أما صفة لوط فيظهر نبأها (فجأة) في أحداث إبراهيم في سورة الأنبياء بعد أن أرادوا به كيدا ليتم تنجيته ولوط الى الأرض التي باركنا فيها للعالمين...فيبدو أن أفعال قوم لوط هي نفسها أو تشترك وتتزامن وأفعال قوم إبراهيم وأبيه أي خلق التماثيل والعكوف لها لإنه حائز لذاكرتها فهو الذي يذكرهم...مما يدل أن صفة لوط التي ترافق إبراهيم وهو فتى مأتي رشدا هي صفة (خوارزمية عقلية) لإكتشاف الخلل والضلال الذي هم فيه من خلال تشخيص علّة (العادة السيئة) التي تم إنتاجها واستقروا عليها خارج نظام الفطر والشاهد على ذلك هي صفة البراءة نفسها ومن ثم معالجة مسار حيازة علّتها بشكل عكسي من نفس مكوناتها وذلك بجعل ءالهتهم جذاذا لعلهم يرجعون...فإبراهيم يريد أن يفك الاستقطاب الفاحش والفاسد الذي يؤدي بقومه إلى عادة الاعتكاف وبنفس الوقت يريد أن يصلح أثره...فالافك عملية استبدال ماسكة سواء إن كان محتوى عقلي أو مادي...ففي المحتوى العقلي يكون الإفك هو لإستبدال ذاكرة ماسكة الحق أو الحقيقة من خلال مرابط كاذبة (تغيير روابط واقعة الحدث التزامنية) أما في المادة فهي لإستبدال ذاكرة محتوى الجينات من خلال مرابط مادية (تغيير مواقع الربط التزامنية)...فاحداث إبراهيم تبين لنا سيرورة هذا الحدث في التكوين العقلي والمادي..اي إننا عندما نكذب أو نصدق يتم استبدال محتوى ينعكس بدوره على جيناتنا فكلاهما خلق مترابط العلّة في العلمين ولكن من يصدق هذا الكلام!!...
فهذه هي وظيفة صفته في التكوين أي إتمام الكلمات المبتلى بها من ربه فهو يهدم ويفكك المرابط الفاسدة في كل محتوى لقبض الحيازة ليبني ويقيم صلاتها بالحق فهو عبد صالح من المحسنين وذي قرنين يتبع سببا فيتابع مسار الطاقة من مطلعه إلى مغربه ليكتشف الخلل ويصلحه ردماً دون العبث بزمن مكوناته فإبراهيم برىء من قوى مقوماته المضادة الشركية سواء تمثلت في قوة وسيلة التفعيل التكوينية من قبل ابيه (ءازر) او في قوة ماسكة التفكيك (افك) من قبل قومه العاكفين على أصنامهم...فمحيط أنباء الصفة الابراهيمية يبين لنا أنها تنشط بين فعاليتين ففعالية تفكك وفعالية تقبض ما تم تفكيككه بشكل تكويني ونجد مثال لسريان بيان هذه الصفة في سياق نظر الإنسان الى طعامه (وفاكهة وابا) وهو سياق يبين لنا كيف يقوم جسم الإنسن الأرضي بإستبدال غلبة نتاج القبض في طعامه ليكون متاعا له كعقل ولأنعامه الثمانية كجسم دون أمر ودون أدنى تدخل منه فالعملية لها ذكر محفوظ وتحدث بشكل دوري فطري...فعلّة التماثل تقع هنا فقوم إبراهيم يريدون أن يماثلوا هذه الالية ليتخذوها ءالهة عن طريق التفكيك والتحكم بمرابط مكوناتها من خلال ما وجدوا عليه ءاباءهم والصفة المستخدمة في كل ذلك هي صفة لوط فهي أداة التنفيذ...ومن خلالها أيضا تم وهبه صفة اسحق ويعقوب نافلة وجعلت المجموعة الإبراهيمية كلها بمواهبها (وجعلنهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرت وإقام الصلوة وإيتاء الزكوة وكانوا لنا عبدين) وهذه المجموعة وما ءاتى بعدها من صفات مترابطة والمذكورة في سورة الأنبياء ما هي إلا حاوية تشغيل واحدة لأوامر الفطر والخلق بدون تقطيع أمرهم (إن هذه أمتكم أمة وحدة وأنا ربكم فاعبدون)...
ولا بد أن نذكر هنا رابط أولي مهم يربط بين صحف إبراهيم وموسى فيبدو أن مرحلة الأصنام تتزامن أيضاً ومرحلة تجاوز بنى اسراءيل البحر بقيادة موسى بعد غرق فرعون وءاله فأحداث موسى في ضفة ويقابلها في الضفة الأخرى أحداث إبراهيم وبينهما بحر!!...إذ نحن مطالبين بما نملك من مستشعرات تكوينية بأن نتلوا نبأ إبراهيم عليهم بشكل دائم في سورة الشعراء (واتل عليهم نبأ إبرهيم) ويبدو أيضا أن فروع عادة التأليه لم تغرق وما زالت فعالة في الضفة المقابلة فهم أتو على قوم يعكفون على أصنام لهم فطلبوا من موسى (...اجعل لنا إلها كما لهم ءالهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وبطل ما كانوا يعملون) وهو نفس قول لوط لقومه انكم قوم تجهلون...
فلوط هو جدار أو سور الحماية الخاص بإبراهيم باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب فهو الذاكرة السليمة التي يعتمد عليها إبراهيم في معرفته لمنكر مقوماته وإنعزاله عنه فهو مهاجر مثله (فامن له لوط وقال اني مهاجر الى ربي انه هو العزيز الحكيم)...(ولوطا ءاتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث)...فكينونة القرية التي تعمل الخبائث هي الحاوية التي استقر عليها قوم إبراهيم وأبيه وهي التي تنتج علّة ءالهة التماثيل والاصنام التي يظلوا لها عاكفين وتحولت لعادة...ونستطيع أن نقول بشكل عام أن كل القصص التي ذكرت عن قوم كل نبي ورسول ماهي الا بيانات أو مؤاشرات تعكس عادات أو أكواد برمجية (اعدادات) تمثل نظام نفسي فسيولوجي بيئي فاسد للإنسان نفسه ككائن حي ولمحيطه الذي يسعى فيه كُتب من خلال ثقافة وعادات وسلوكيات المجتمع نفسه ان كانت أوطان أو شركات أو منظمات أو هيئات أو أفراد...الخ فإن نظرنا اليها بمنظور قرءاني سنجد أنها كتلة فساد واحدة وقوم إبراهيم ليس استثناء...
عندما يقوم (الناس) الناسين الذين (اختزلت ملة ابراهيم من عقولهم) نتيجة لـ نسيانها فيقومون بتقليد الضالين عبر اعرافهم وممارساتهم فتصبح عادة اعتادوها ترتبط بــ (مقومات عاد) وتكون قد بنيت على سفاهة عقل كما اكدها النص الدستوري ... وما اخطر سفاهة العقل في زمننا المتحضر المبني على تقليد المتحضرين دون تعيير امانه اي صلاحه للبشر !!
فصفة إبراهيم تعتبر مجس عقلي تكويني طاهر لمشغل البراءة ساري في الانسان ليتنبىء بأي إضافة مرسلة اليه وعليه سواء كانت رسالة للغفر أو للعذاب...وهذه الصفة لا يمكن تفكيك مكوناتها والعبث بسعيها وأثقال ذريتها بأي حال من الأحوال هي وصفة لوط مهما تمت محاولة إثارتها وسترجع لحالتها الأرضية المستقرة المباركة لأن الذي يتحكم بها هي هذه الذاكرة المحفوظة والمحمية من العبث (وانا نحن نحيي ونميت ونحن الوارثون)...
يتبع...
تعليق