الدين بين الضرورة وضديدها (الضرر) !!
من أجل إقامة الدين فطرة
لا شك ان الدين حورب قديما وحديثا وكانت اكبر حملة ضد الدين (بكل اطيافه) عند انطلاق الثورة الفرنسية الاولى التي قوضت سلطة الكنيسة في فرنسا ومن ثم في بقية بقاع الارض وكان الثوار يتعاملون مع المتدينين على انهم (مشعوذون) يقفون في طريق الانفتاح والتقدم ولعل اشهر مقولة قيلت في الدين على لسان زعيم شيوعي (الدين افيون الشعوب) اما اليوم فان الهجمة على الدين خصوصا (الدين الاسلامي) باتت واضحة المعالم بشكل كبير خصوصا بعد احداث مزعومة في 2001 عند تفجير برجي التجارة في امريكا كما انتقلت شدة الحرب على الاسلام في الاقاليم الاسلامية كما ظهر من احداث مبرمجة بعد استلام الاخوان المسلمين السلطة في كل من تونس ومصر وما صاحب تلك النقلة النوعية المبرمجة من هيجان جماهيري مزعوم ضد المتدينين تحت مسميات قانونية ومسميات علمانية واخرى حضارية اما في اوربا فالوصف غاية في التعقيد ...
من الاحداث المعاصرة نرى بوضوح (هيكلة الدين) حيث تم في منهجية الدولة الحديثة تحييد الدين وهيكلته في عموم الارض ولكل الاديان من خلال (العمل الوظيفي) لهياكل الدين ورجالاته فرجال الدين ووسيلة الدين تحولت الى مؤسسات رسمية خاضعة للدولة وقوانينها في بناء جوامع او احوال شخصية او حج او عمرة حيث تسود المادة القانونية على المادة الدينية بشكل واضح ومؤكد تحت شعار هلامي مفترض (المصلحة العامة للوطن والمواطنين) فاصبح الدين ذا صفة (رسمية) من خلال تمييع النهج الديني في المسالك الحكومية بشكل عام رغم وجود فئات اسلامية ثائرة على حكوماتها والتي وصفت دائما بصفة (الارهاب) مع ما هو واضح من تشدد فكري ومنهجي يمارسه المجاهدون على حكومات وشعوب تلك الدول التي ظهرت فيها نزاعات تأقلمت في اقاليمها (رسمية من جهة ودينية عقائدية من جهة اخرى) في بلدان اسلامية وبلدان اخرى غير اسلامية كما في الصين وبعض دول الشرق وقد يكون لتلك الثورات الدينية ايادي حكومية خفية نسجت تلك الايدولوجيات الثائرة والتي يراد منها ضرب الدين تحت ءالية ضرب المتمردين على الحكومات او ما اطلق عليهم صفة (الارهابيون) والهدف ليس الارهاب بل الدين نفسه وان ما نراه ونلمسه من وقائع متتالية تؤكد ذلك المسرب الفكري
امام تلك النزعات والنزاعات صار للدين (هوية معاصرة) اخرجت النظام الديني من وظيفته التي استثمرها العنصر البشري عموما وهنا قد نحتاج الى تعريف محدد الصفات على شاكلة التعريفات الصحفية فنقول في طرح مبدئي قابل للتغيير ان :
الدين هو سلكوكية بشرية يختارها العنصر البشري لتغطية انشطته بما يطابق تعليمات دينه
رغم ان التعريف اعلاه لا يراد منه الترسيخ الا انه يمكن ان نستخدمه كأداة فكرية لتغطية مهمتنا البحثية في تحديد هوية الدين بعد ان كان لنا حضورا فكريا في موضوع (الدين بين الغاية والوسيلة)
الدين بين الغاية والوسيلة
وفي هذا المنشور نحاول ان نعمم الغاية ونحاول معرفة رابطها في العقل البشري وهل الدين يرتبط بعنصر (الضرورة) او انه يمثل (ضرر) محقق كما وصفه زعيم تزعم الحرب على الدين باسم الشيوعية او كما يتناقله العلمانيون من ثقافة فكرية قد تصل في مراحل متشددة الى الالحاد او الى انهيار كثير من الروابط البشرية كما حصل في منشورات كتبتها امرأة شرقية تطالب فيها ان يسمح للمرأة بتعدد الازواج لان زوج واحد يمثل (ملل جنسي) !!! او قد يكون الفكر الملحد مبني على صيحة عصرية جدا تجعل من (المخلوق) في معزل عن الخالق كما يزعمون حيث انتشر الالحاد الحديث في فرنسا مؤخرا يحمل ثقافة (لا شأن لنا بالخالق ونحن نتدبر امرنا) او كما تقول ثقافة فئة سرية تطلق على نفسها (المتنورون) تجعل من الدين مسلة احكام تحقق اهدافها في الهيمنة على شعوب الارض جميعا من خلال تغويمها ...
ومن اجل تحجيم المساحة الفكرية التي نحاول التحرك فيها نرى الدين بناظور فكري نفترضه ونضع على هذه الطاولة الفكرية تساؤل افتراضي ايضا لغرض استفزاز الفطرة العقلية في تحديد هوية الدين ومعالمه القصيرة الاجل او الطويلة الاجل ونتسائل (لماذا لا تنتشر ممارسة الزواج بين الاخوة واخواتهن او الامهات وابنائهن او الزواج من الاعمام والعمات والخالات وغيرها من حرمات الزواج المعروفة) ... وفي هذا المفصل من اثارتنا الفكرية نرصد ظاهرة تجعل من السطور اعمق حبرا ففي المجتمع الاباحي الذي يمارس الاباحية بشتى اصنافها لم ينتشر الزواج المحرم بشكل واسع رغم حصول بعض الخروقات والاستثناءات !؟ ... حتى العلمانيون القدامى الذين كانوا يعتبرون الدولة الحديثة هي (دولة اللادين) لم ينتشر بين منظريهم ظاهرة زواج المحارم كما لم يمارس العلمانيون وفق نظريتهم الحديثة (الدولة لكل الاديان) اي ممارسة معلنة في التزاوج بين المحارم مهما طالت السنتهم العلمانية وطلبات تحريرهم من الدين الا انهم ملتزمون بحرمة الزواج من المحارم وهي مادة دينية محض كما هو معروف في الاديان ...
في الفكر الانساني مستقرات فكرية منشورة في معظم او كل المجتمعات الانسانية ان الزواج من الاقارب وان كن حلال بالمفهوم الديني يزيد من احتمالات انتقال الامراض الوراثية في سلالة الاقرباء ... تلك المعرفة هي معرفة فطرية يدركها العقل الانساني من خلال مساره الحياتي العام والخاص عبر الاجيال ويرى الانسان بفكره الثاقب ان الزواج من الاقارب يزيد من احتمالية انتقال المرض الوراثي وغالبا ما يكون مرضا خطيرا مثل امراض الشيزوفرينا (ذهاب العقل) او امراض الاصابة المبكرة بالسكري او امراض الدم وقيل في بعض البحوث ان السرطان مرض يهاجم الانسان من خلال (استعداد وراثي) ومثله امراض الذبحة القلبية حيث تمتلك بعض السلالات استعداد وراثي لاحتظان المرض وكذلك امراض العوق او امرض (الصم البكم) الوراثية وغيرها مما يفزع العقل البشري ويدفعه الى تجنب محرمات الزواج حتى وان كان اباحيا ملحدا لا يعترف بالدين بل يقف ضده في كل منازلة فكرية وفي كل موقف فكري ثقافي !! الا انه يرفض الزواج من محارمه !!!
من ذلك المثل المفترض فان ما التزمت به البشرية عموما في الامتناع عن محرمات الزواج عدا بعض الاستثناءات يجعل ذلك الرصد في ناظور فكري يعني ان (الدين) له (ضرورة) قد تكون غير عاجلة الظهور بل تأتي بعد حين وزمن طويل قد ينتقل الى جيل تالي فكثير من المتدينين يتصورون ان المخالفة الدينية تؤدي الى غضب الرب وكأنه يزعل على المخلوق الا ان الحقيقة هي غير ذلك تماما وقد نقل لنا القرءان تذكرة راقية فكريا في هذا الشأن
{ وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } (سورة إِبراهيم 8)
فالمادة الدينية مثلها مثل تعليمات منتج اي جهاز تقني في استخدام الجمهور فنرى في (كاتولوج المنتج) حفنة كبيرة من الممنوعات والمسموحات على المستخدم ان يحترمها ليضمن افضل وجه لاستخدام الجهاز ومثله والامثال تضرب ولا تقاس نرى ان الخالق سبحانه حين وضع الانسان في (عجينة كونية) فيها حراك مادي غير مرئي مثل الخطوط المغناطيسية وغبار نيوتروني غير محسوس وفيها حراك مادي في كيمياء وفيزياء وزرع ونار مؤججة ومياه عذبة واخرى مالحة ونظم للانجاب ونظم لصحة الاجساد وتلك هي (حاوية خلق) كبرى يعيش في كنفها الانسان والحيوان والنبات في ترابط يكون فيه الانسان يحمل صفة (المستخدم) كما يستخدم انسان اليوم السيارات والطائرات وغيرها فان من عدالة المنتج ان يحذر المستخدم من الاضرار التي قد تصيبه نتيجة غفلته عن تكوينة المكون الذي يستخدمه فترى المنتج مثلا يضع حدا اعلى لنسب مكونات محروقات السيارات ويشترطها على مستخدم السيارة لصالحه لانها (ضرورة تكوين) لا يعرفها المستخدم بل يعرفها منتج ذلك المكون فكيف بنا والله خلق كل شيء وهو الذي قدر اقواته ووضع الميزان
من تلك المضامين الفكرية الفطرية وغيرها كثير فان صورة الدين تتجلى في العقل على إن
الدين ضرورة تقيمها اضرار سوء النشاط
الدين عند الله (الاسلام) وفي الاسلام (سلام) وهي ضرورة الحياة وبضديدها يقوم الضرر
اذا رسخ في الفكر ذلك الرشاد فان من المضحك المبكي ان يكون الدين هو قوقعة تاريخية كما في كل الاديان ونطرح مثلا فطريا الا انه عميق المضمون وفيه بيان (قيامة الدين) كـ ضرورة تقي الضرر
في زمن انتشار الكهرباء تكاثرت السلع التي تعمل على التيار الكهربائي لتؤدي حاجات بشرية بشكل (فائق) الهبت مشاعر الناس في بدايات انتشارها وقبلها الناس قبولا فائق الوصف في اجهزة التدفئة والتبريد والمكننة والساعات اليديوية والجدارية ومصابيح الانارة وكم لا ينتهي من السلع الكهربية حتى ماكنة حلاقة الذقن !!
في ظاهرة تعرضنا لها اثناء دوامنا في مكتب عمل خاص بنا نمارس فيه ادارتنا بعد الظهر حيث كنا نتعرض الى ظاهرة (الوهن) وضعف في القوى ولم نكن ننتبه لارتباط ذلك الوهن بدوامنا المسائي الا اننا احسسنا ان الوهن يبدأ تصاعديا مع دوامنا في المكتب المسائي فانتشرت في ثنايا فكرنا كثير من التساؤلات بسبب (الضرر المبين) الذي يظهر لنا كظاهرة يدركها العقل بمدرك اجباري وقام الشك في عديد من المرابط سعينا لتجربتها وتغييرها دون ان نرى اختفاء ظاهرة الوهن ومرت سنين وتلك الظاهرة تؤشر نفس المؤشر (الوهن) في الدوام المسائي في ذلك المكتب وحين تم تغيير المكتب لاسباب خاصة بالعمل اختفت ظاهرة الوهن لدينا واستمر اختفاء الظاهرة ما دمنا نديم ادارتنا في المكتب الاحدث الا ان الظاهرة عادت حين انتقلنا الى مكتب ميداني ءاخر لادارة عمل خاص بنا في مدينة اخرى وبقيت التساؤلات الفكرية تتسع ومراصد البحث تتسع دون العثور على اي رابط سببي يربط الظاهرة بسببها وهكذا بقيت تلك الظاهرة مجهولة الاسباب حتى جاء يوم قامت فيه تذكرة في الفكر ربطت بين الظاهرة وسببها وكانت التذكرة من علوم قرءانية من (تفكر) مبني على :
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (سورة الأَنعام 153)
هذا صراطي مستقيما ... الا انه صراط غير مرئي بموجب الخطاب الديني الموروث مما يستوجب البحث والتفكر في رؤيا ذلك الصراط والنظر لما فيه وكانت الذكرى ان صراط ربنا المستقيم هي (سننه الظاهرة في الخلق) وهي سنن سارية ثابتة لا تتغير بتغير الانشطة فالماء المالح مثلا يسبب عجزا كلويا فهو يعني ان سنة الله في خلقه ان يشرب الماء بملح خفيف معتدل وفي غيره خروج على الصراط المستقيم وعند تلك الذكرى اتسعت مساحة رؤية سنن الخلق الظاهرة المبينة بصفتها صراط ربنا المستقيم ومعيار الرصد الاكبر هو رصد (الضرر) المتحصل من اي خروج على تلك السنن فاي ضرر يتحصل فذلك يعني الخروج على سنة خلق سارية فعادت بنا الذاكرة الى ظاهرة الوهن الذي صاحبنا في المكتب المسائي وفي المكتب الميداني واختفاء تلك الظاهرة في مكتب ءاخر وفي المنزل وغيرها من الامكنة التي كنا نتواجد فيها فكانت الازمة بوضوح يقينا ان (المروحة السقفية) التي كانت في المكتب تعمل بالضد على سنة الله وصراطه المستقيم بما نعرفه يقينا عن ارتفاع الغازات الساخنة نحو الاعلى (سقف الغرفة) ذلك لان عملية الزفير تخرج الهواء ساخنا وبموجب سنة خلق الهية ترتفع تلك الغازات نحو سقف الغرفة (تيارات الحمل) الا ان المروحة السقفية الكهربائية كانت تنزلها فورا بما سجل خروجا على صراط ربنا المستقيم فقام (الضرر) في ظاهرة الوهن المبين الذي اصابنا ومنه قامت (الضرورة) في الغاء استخدام المروحة السقفية لانها تخالف سنن الخلق في تيارات الحمل للهواء في الغرف والاجنحة السكنية شبه المغلقة او المغلقة وقد تمت تجربة اظهار تلك الظاهرة عمدا من خلال التواجد في حيز فيه مروحة سقفية حيث يظهر الوهن بشكل مبين بعد سويعات من تلك التجربة !! ... حين عرضنا الظاهرة وسببها على كثير من الناس وهم في اقليمنا يستخدمون المروحة السقفية بكثرة مفرطة فوجدنا ان تلك الظاهرة مسجلة عندهم ايضا الا ان مرابط اسبابها مفقودة وهم يتصورون انها من اسباب قلة النوم او الارهاق في العمل او غيرها من التصورات ومن ذلك يتضح بشكل كبير ومبين ان (الدين) لا يمكن ان يكون (مادة تاريخية) فالمادة الدينية تقوم حين تظهر ظاهرة (الضرر) كما وجدنا شديدي العداء على الدين كيف يلتزمون بحرمة محارم الزواج عندهم
البحث عن الاسباب له وجوب ديني يخص كل مكلف في زمنه هو لتأمين (السلامة) في (اسلام) يتجدد كلما تجددت انشطة الانسان وكان ذلك البناء الفكري مبني على
ثبات الصفة في الدين مع اختلاف الموصوف عبر الاجيال
الحاج عبود الخالدي
تعليق