في القرءان (وشفاء لما في الصدور) هل هو شفاء لمرض القلب ؟
وردنا تساؤل عن شفاء (الصدور) الوارد في القرءان وهو من (موعظة) تجيء من ربنا فهل القصد الالهي هو الشفاء من الامراض الصدرية او امراض القلب ؟
الجواب :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
جاء نص شفاء الصدور في سورة يونس
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } (سورة يونس 57)
نحن نعرف (الموعظة) على انها راشدة عقل حكيم فمجيء الموعظة من الله ترتبط بنظام الخلق وهي مودعة في عقل البشر بما يميزه عن بقية المخلوقات والاية (57 يونس) بنيت على موعظة تأتي من ربنا ونتيجتها هو الشفاء (لما في الصدور) وفيها رابط تذكيري وهو (هدى ورحمة) تختص بمفعلي التأمين بنظم الله وهم (المؤمنين) , ولغرض تأهيل التذكرة القرءانية علميا فاننا نحتاج الى (تدبر النص الشريف) والتبصرة فيه بوسيلة عقلانية قائمة فينا وبلسان عربي مبين هو (خامة الخطاب القرءاني) الشريف
الموعظة من جذر (عظ , عض) ومنها (الموعظة) و (العضة) مثل عضة الحيوان المفترس وعندما نربط هذه المعالجة بفطرة (القلم) للتفريق بين (ظ , ض) فان الـ (عـِظة) بكسر حرف العين وصورة حرف الظاء (ظ) يعني ان الصفة لا تتفعل الا في مفعل الصفة وهو (المتعظ) اما الـ (عـَضة) بفتح حرف العين وصورة حرف الضاد (ض) فهو يعني ان الصفة تتفعل في الفاعل وفي غيره فالحيوان المفترس يفعل فعل العض في غيره وننصح بمراجعة التذكرة في الرابط التالي :
الناطقون بالضاد عاجزون فيها
لفظ عظ , عض ... في علم الحرف القرءاني يعني (خروج حيازة نتاج فاعلية) ففي عضة الحيوان المفترس تفعل العضة فعلا منتجا بخروج حيازة (حيز) من المخلوق المعضوض وهي انسجة الحيوان او دمه او حين يأخذ الانسان عضة من تفاحة او عضة من قطعة لحم ... الـ عـِظة هي ايضا (خروج حيازة نتاج فاعلية) فاذا كانت (موعظة) فهي تعني في علم الحرف (حاوية مشغل لـ خروج حيازة رابط نتاج فاعلية) سواء كانت حاوية (العظة) كلاما يقيم رابط تشغيلي لتفكير عقلاني او رابط تشغيلي لنشاط مادي يقيم مشغل خروج حيازة رابط تشغيلي فالنار (مثلا) فيها موعظة للعاقل من خلال ما هو خارج من حيازتها من (حرارة) تكوي من يقترب منها او يمسها فـ النار هي نظام كوني (فيزيائي) يدركه العاقل بموجب نظم مودعة في النار ومودعة ايضا عند حامل العقل فـ (الموعظة) عموما تجيء من ربنا عبر منظومة الخلق في كل مظاهر الخلق المرئية او المستورة وفي (عالمين) وهما (عالم عقلاني + عالم مادي) فالله سبحانه (ربنا) وهو (رب العالمين) العقلاني والمادي الا انه لا يمتلك منبرا خطابيا للوعظ والارشاد بل الموعظة الإلهية مودعة في نظمه في العقل والمادة معا لانه (رب العالمين)
الشفاء .. من جذر (شف) وهو في البناء العربي الفطري (شف .. شفا .. شفى .. شفة .. شفتين ... شفاء .. شافي .. شفاف .. مشفى .. و .. و ... ) لفظ شف في علم الحرف القرءاني يعني (تبادل فاعلية لـ فاعليات متعددة متنحية) ففي المشفى (مثلا) يتم (تشغيل) فاعلية تبادلية لفاعليات متعددة متنحية وهي (الفاعليات الصحية) التي نتجت عن جسد المريض فيتم (شفاء) المريض عبر نظام (فعل تبادلي) بين الادوية وما هو متصدع من انسجة واعضاء المريض كما تتم التبادلية الفاعلية بين ما يجري من عمليات جراحية والاعضاء المصابة فهو مشفى !!! .. كذلك الشفتين تتبادلان الفاعلية بينهما مع فاعليات متعددة متنحية وهو الكلام لان فاعليات العقل (المتنحية) اي (مقاصد العاقل) هي التي تنتج فعل التبادل في الشفتين فنرى باعيننا كيف تتبادل الشفتان الفاعليات بينهما حتى في الابتسامة والبكاء والتعجب والصمت (لغة الوجوه) حيث الفعل التبادلي للشفتين يظهر مع فاعليات متعددة متنحية لا حصر لها
الصدور ... فهمت بين الناس انها من (صدر الانسان) وهو الجزء الذي يضم القلب والرئتين والكبد وهي اجهزة مهمة وان كان ذلك (صدر) الا انه قصد عقلاني له (أوليات) ثابتة و يستوظف في وظائف اخرى غير مقاصدنا في صدر الانسان مثل ما نقول (صدر الاسلام) او (صدور قرارات) من الوزارة او المحكمة فهي صدور ايضا كذلك يـ (صدر من العقل) ما يصدر منه راسخات فكرية فجذر (صدر) وهو قصد (أولي) ثابت الا ان له تخريجات كثيرة ومتعددة وهو في البناء العربي الفطري البسيط (صدر .. صادر ... يصدر ... تصدير .. صادرات .. مصدر .. مصادر ... صدور .. اصدار .. صدارة .. مصادره .. و ... و ... ) فالصدر البشري وفيه رئتان وقلب وكبد ليس كل صدر (في مقاصد العقل) ومن ذلك التدبر نبدأ بالبحث عن القصد الشريف عن نص (لما في الصدور) ...
لفظ (صدر) في علم الحرف القرءاني يعني (وسيلة فاعلية متنحية منقلبة المسار) ففي صدر الانسان تظهر تلك الصفة في (وسيلة الصدر) التي ينقلب مسارها في حركة (الحجاب الحاجز) وفي خروج ودخول الهواء (الشهيق والزفير) وفي اضلع الحماية في الصدر لاجهزة حساسة كالقلب والرئة والكبد لتكون تلك الاضلع بمتانتها المعروفة (مصد) تصد اي طاريء اي (تقلب مسار) الكدمات وامثالها التي يتعرض لها الصدر
في صدور القرارات ايضا تظهر الصفة نفسها فالقرار هو (وسيلة) لفاعلية (متنحية) غير موجودة الا انها تظهر كمنقلب مسار لمسببات القرار ... ومثلها اصدار كتاب او صحيفة فهي وسيلة لفاعلية متنحية اي (لم تكن صادرة من قبل) ينقلب مسارها الى (فاعلية ظاهرة) وليست متنحية لان الصحيفة صدرت والقرار صدر ... ومثلها (الصادرات) فهي سلع او غلة تخرج من البلد الذي صنعت فيه او زرعت فيه فينقلب مسارها فهي في مكانها (متنحية) عن المواطن الاخرى الا ان مسار حيزها ينقلب الى مواطن غير موطنها فتكون (صادرات)
بعد تلك الرحلة الفكرية مع النص الشريف واعادة الالفاظ الى (اولياتها) في العقل يتضح القصد الرباني العظيم في وصف (الموعظة) التي جاء بها (الرب) وهو (رب العالمين) في كل شيء فعلى سبيل المثال للتوضيح ندرك العقل (عقولنا) انها تعقل اي انها في حاجة العاقل نفسه عندما (يتفكر) والتفكر فاعلية عقلانية ويقع تحت صفة (فاعلية تبادلية لـ فاعليات متعددة متنحية) لاي مكون فكري ينشط بين ثنايا عقل العاقل وهو (شفاء) لما سـ (يصدر) منه وذلك (الصدور) من العقل هو (خروج حيازة لـ (نتاج فاعلية فكرية) وهو (موعظة) من (الرب) الذي هدى العاقل ليتفكر في عقله ويتبادل الفاعلية الفكرية ويستبدل الفكرة بالفكرة حتى يصل الى (مصدرية فكرية) تكون من حيثياتها خروج حيازة وهي (فكرة) يتبناها العاقل تحت صفة تبادلية الفعل وهو القصد الشريف لـ شفاء لما في الصدور .... وفي الانشطة المادية يدرك العاقل (موعظة الرب) ومثال ذلك ندركه في كل امر فما من عاقل الا ويعرف ان السرعة الفائقة خطر عليه وكلما زاد من السرعة كلما زادت احتمالية الخطر وحجم الخطر ومن تلك (التبادلية للفاعلية الفكرية) (يصدر قرار) من العاقل بتخفيف السرعة (موعظة) (إن اتعظ) سواء في عمل او في سيارة حتى عند طرق مسمار على جدار او عند استخدام سكينة المطبخ في تقطيع اللحم والخضر !! فالسرعة في كل نشاط تنذر بالخطر وهي موعظة الرب مودعة في عقل العاقل وفي نشاطه هو او نشاط مسرع اسرع في فعل مثل فعله .... فتكون المعادلة (الام) في بيان الاية 57 من سورة يونس ان (الموعظة الربانية) فيها (شفاء) اي (فاعلية تبادلية لـ فاعليات متعددة متنحية) اي فاعليات لم يفعلها بعد ذلك الناشط لانها متنحية الا ان (الموعظة) تسبق (الفعل) بهدي ورحمة من (ربنا) اي (رب العالمين) فيكون لـ القرار (مصدرية) سليمه بـ (هدي ورحمة) لـ المؤمنين ..
إن قامت لديكم مؤهلات الذكرى في السطور الصعبة اعلاه فيحق عليكم القول أن (الحمد الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله)
السلام عليكم
تعليق