سلسلة مذكرات قرءانية عن الحروف المقطعة في القرءان
(1)
ظاهرة الحروف المقطعه في بدايات بعض السور في القرءان بقيت عصية على جمهور المفسرين واللغويين من يوم بديء التفسير لغاية اليوم وقيل ما قيل عنها بما لا يصدق !
قيل ان المنافقين كانوا يُلغونَ بالكلام عند نزول الوحي وكتابته من قبل كتاب الوحي فاتى الله بتلك الحروف في بداية بعض السور ليصمتوا حتى يتم استكمال الاية بلا تشويش منهم !!وقد ورد في احد التفاسير ما نصه
{اختلف أهل التأويل في الحروف التي في أوائل السور، فقال عامر الشعبي وسفيان الثوري وجماعة من المحدثين: هي سر الله في القرآن، ولله في كل كتاب من كتبه سر فهي من المتشابه الذي انفرد الله تعالى بعلمه، ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن نؤمن بها ونقرأ كما جاءت، وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وذكر أبو الليث السمرقندي عن عمر وعثمان وابن مسعود أنهم قالوا: الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر، وقال أبو حاتم: لم نجد الحروف المقطعة في القرآن إلا في أوائل السور، ولا ندري ما أراد الله جل وعز بها}
{قالوا: الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر}
كيف والله يقول في القرءان { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ } (سورة البقرة 99)
اليس (أ ل م) الآية رقم (1) من سورة البقرة ؟!
{ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } (سورة البقرة 1 - 2)
ومثلها
{ كهيعص } (سورة مريم 1)
فكيف هي آيات بينات بحكم قرءاني وهي (من المكتوم الذي لا يفسر) ؟!
الحروف المقطعة في القرءان (ءايات بينات) وهي تحمل اخطر بيان جاء في القرءان ليكشف زيف التفسير الروائي المتناقض الذي تسبب في ولادة مذاهب المسلمين والذي كتب بداية بعد قرابة ثلاثة قرون من نزول القرءان على يد (الامام الطبري) شيخ مفسري اهل السنة وفرقهم المتعددة ويليه تفسير (الطبرسي) وهو شيخ مفسري الشيعة وفرقهم المتعددة في بدايات القرن السادس الهجري وكليهما من الفرس من مدينة (طبرستان) شمال ايران !!
التحليل العقلاني المنطقي لتلك الفارقة الصعبة تكمن في نصوص قرءانية يحتويها العقل ملزما بعربيتها وهو
{ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ } (سورة الحجر 1)
{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ } (سورة يس 69)
فاذا كان القرءان مبين وءاياته بينات فكيف نقبل أن يكون فيه ءاية غير مبينة ؟! مثل آية (كـ هـ ي ع ص) وغيرها
التحليل العلمي عربيا :
عرب الرساله عرفوا مقاصد الحروف العربية جميعا (المقطعة وغير المقطعة) لان الفاظهم نقية عربيا ومكوناتها حرف عربي فكيف لم يفقهوا معانيها !!؟ ولكنهم هجروا القرءان ولم يتصدوا لبيانه وجاء الاعاجم ليفسروه وفقا للروايات وهنا تذكرة قرءانية تبين ذلك الهجر وهو حصرا يخص العرب (قومي) والرسول عليه افضل الصلاة والسلام عربيا (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } (سورة الفرقان 30)
عندما جاء اعجمي ليفسر القرءان علينا أن نعترض على تفسيره لان لسان القرءان عربي مبين اي إن بيانه في عربيته ولا يحق لغير العربي ان يتصدى لبيانه وكذلك علينا أن نستدرك بيان مبين لتذكرة قرءانية تمنعنا من تأمين تفسير القرءان من قبل أعاجم !
{ وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } (سورة الشعراء 198 - 201)
مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ... لانهم (أعاجم) والاعجمية ليست عيب او عار على الاعجمي الا انها تتعارض مع معالجة البيان العربي بصيغته العربية (فطرة النطق العربي) لذلك قالوا ان الحروف المقطعة لا يعلم سرها الا الله وكأنها اضافة لا مبرر لها في القرءان وهي طعنة كبرى يطعنها المسلم بكتاب الله العربي المبين فكيف يفسره لسان غير عربي ! والله خاطب العرب بلسانهم خطابا مركزيا يبين فيه حكم العربية بصفته (حق)
{ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } (سورة الذاريات 23)
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ... ما قام الاعاجم بتأمينه بعد ان استقال العرب من مهمة بيانه وتصدوا له الاعاجم فمزقوا وحدة الاسلام الى مذاهب متصارعة وهو (عذاب اليم) ومبين يدركه المسلمون لغاية اليوم وقد قدح الله الفرقة والاختلاف في الدين
{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (سورة آل عمران 105)
ذلك عذاب يعاني منه المسلمون بسبب التفرقة التأريخية نتيجة الاختلاف في تفسيره ولا يزال نشهد اليوم فساده ارثا من الاولين لانه يمتد الى عمق تاريخ الاسلام ! لذلك فان جيلنا ومن بعدنا عليهم اتباع بيانه وليس اتباع تفسيره وما قيل فيه لقطع دابر الفتنه من خلال توحيد بيان القرءان في حاضرنا وإلا فنحن مسئولون امام الله والله يقول
{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } (سورة القيامة 17 - 19)
فاذا كان بيانه على الله فكيف نؤمن ببيانه بموجب روايات قالها بشر وهو منهج التفسير وما تم تأويله وفق اسباب النزول !! لذلك استوجب معرفة بيانه كما امر الله من خلال لسانه العربي المبين ولن ندرك بيانه الا اذا عرفنا وظيفة كل حرف من حروف العربية بلا استثناء وازمة الحروف المقطعة في التأريخ تبين لنا ازمة التفسير
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا } (سورة الإسراء 9)
فكيف تحول هدي القرءان عن طريق روايات قالها بشر
نأمل ان نستمر بسلسلة هذه التذكرة لكشف مقاصد الحرف العربي عموما والمقطعة خصوصا من خلال قبول او رفض هذه السلسلة من قبل قراء هذا المعهد
السلام عليكم
تعليق