اثارات في الصلاة الوسطى :
علنا ندرك ان لفظ (صلاة) جاء رسمه في القرءان (صلوة) مع ظهور حرف الالف المنقطع فوق حرف الواو وتقرأ (صلاة) ورسم الحرف القرءاني ملزم في وسيلة الباحث القرءاني مثل (مصيطر) ولفظ (بكة) لان الرسم جاء بما يخالف لسان العرب ومدى فاعلية ذلك الالزام في اللسان العربي المبين ومنه علم الحرف القرءاني ومن ثبات رسم الحرف في المتن القرءاني لفظ (صلوة) فهو المعتمد لدى الباحث المستقل ولا محيص ... اذا كانت (صلاة) فهي تعني (حاوية فاعلية الصلة) واذا كانت (صلوة) فهي تعني (حاوية رابط الصلة) وبينهما فرق جوهري في مكعبات البحث حيث (حاوية الربط) تختلف عن (حاوية التفعيل) اختلافا جوهريا ..
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَت وَالصَّلوةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238)
اما في الطبع الحديث للقرءان فهي تكتب
(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238)
لحسم هذه النقطة فان معرفة كينونة الصلاة ستكون حاضرة على طاولة البحث ذلك لان (الصلة) بين الخالق والمخلوق قائمة اساسا بموجب سنة الخلق فهل يمكن ان نتصور ان (لا صلة) بين صانع الماكنة والماكنة ..؟؟ ذلك مستحيل اذن فالصلة تحتاج يقينا الى (رابط) وهي في لفظ (صلوة) وليس الى تفعيل (صلاة) لانها موجودة وفعالة والله لم يقطع صلته بالعبد ليقوم العبد بتفعيلها ..!! حتى وان كان العبد فاسقا فالله لا يقطع صلته بمن خلق وهو يدير خلقه كاملا حتى وان كان العبد كافرا فاسقا لان بيده ملكوت كل شيء فالصلة مع الله من قبل العبد لا تحتاج الى تفعيل بل تحتاج الى (رابط)
من هذه الرجرجة المستقلة فان رصد الصلوة تعني رصد الرابط ولا تعني رصد الفاعلية ... وفي هذه المحطة من مسطح التفكر بايات الله سنبحث عن الرابط الذي يربط الانسان بربه لنعرف اين يكون الوسط في تلك الرابطة
1 ـ في الصلاة المنسكية يكون الرابط مع الشمس (كتابا موقوتا)
(أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرءانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرءانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (الاسراء:78)
عندما يكون لحركة الشمس بالنسبة لنا من خلال دوران الارض رابط مع الصلاة فان وسط تلك الحركة لن يكون الهدف في (الصلاة الوسطى) ذلك لان رابط الشمس قائم ما دامت الشمس قائمة (اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل) وهي تبدأ (من الخيط الابيض الى الخيط الاسود) فما دامت الشمس حتى الغسق ما دام الرابط الصلواتي موجود فوسطه لا يعني شيء لانه قائم بقيامة بقية مساحة الرابط الا ان الصفة الوسطية تظهر في (كم) الرابط فهنلك صلاة بركعتين (الكم الاصغر للرابط) وهنلك صلاة باربع ركعات ( الكم الاكبر للرابط) وهنالك صلاة بثلاث ركعات (الكم الاوسط للرابط)
2 ـ صلاة الذكر
(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طـه:14)
الذكرى تقوم في رحمين ... في رحم المادة .. وفي رحم العقل
الذكرى العقلانية ... عندما يتفكر العبد في الله في الخلق والتفكر في ايات الله اجمالا وجاء ذكرها في القرءان
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191)
يذكرون الله (تساوي) واقم الصلاة لذكري ... فهي رابط يقام مع الله
وقد افرز الخطاب القرءاني بين الصلاتين بوضوح (صلاة المنسك ... وصلاة الذكر) في النص التالي
(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء:103)
النص واضح جدا ان هنلك صلاتان (الاولى مادية منسكية) والثانية (ذكرى) وهي في (يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات ...) فالصلاة المادية ليس فيها تفكر بل فيها حركات واقوال وافعال منسكية ثبتها الرسول عليه افضل الصلاة والسلام ووردتنا فعلا متواترا لا قولا منقولا ..!ولن تكون على جنب المصلي (وعلى جنوبهم)
اذا قضيتم الصلاة .... يتم ذكر الله حتى وان كنتم على جنوبكم فان حصلت الطمأنينة تقوم قيامة الصلاة وان كان الفرد قائما او قاعدا مستلقيا على جنبه وهي (عبادة صلاة العقل)
الصلاة المنسكية وانفرادها في واجبات المسلم هي التي جعلت المسلم (ريبوت صلاة) وفهمت الذكرى وكأنها ليس من الصلاة الا انها رابط يفوق رابطة الصلاة المنسكية بكثير كثير وهي (صلاة العقل) التي يرتبط فيها العبد بخالقه وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر وهي التي تجعل من الصلاة المنسكية منضبطة في تكوينتها ..!! فمن لا يمتلك صلاة العقل لن تكون صلاته المنسكية الا رئاء للناس ..!! او ان تكون (عادة اتبعها ...!) ... الصلاة الوسطى (رابط) يتوسط بين الفاعلية العقلية والفاعلية المادية ...
عندما يشتري العبد منزلا ( فعل مادي) يسبقه (فاعلية عقلانية)
سكن العيال (فعل مادي) يسبقه (فاعلية عقلانية)
فتكون الصلاة الوسطى هي التي تتوسط بين الفاعلية العقلانية والفاعلية المادية فيكون (اشتري منزل ـ مما افاء الله علي من مال ) فاشتريته (قربة لله) لسكن عيالي ..!! ... عندما يتوسط فاعلية عملية الشراء وفاعلية العقل شيء عقلي في غير ذكر الله انما يحصل الشطط الفكري وكثير ممن يشترون منازل وهم يتصورونها شطارة شاطر وليس مما افاء الله عليه او يتصور شراء المنزل نكران ذات منه وتضحية للعيال او ..او .. لانهم لا يحافظون على (الصلاة الوسطى) .... وعندما يكون شراء المنزل لغرض سكنى العيال فان فاعلية (سكنى العيال العقلية) وفاعلية سكنى العيال (المادية) يجب ان تتوسطها رابطة مع الله (القربى الى الله) ولن تكون للمباهاة او للمنـّة على العيال .. او لتحسين مقاييس العيش لهم فان كان بين الفعلين (العقلي والمادي) ذكرى لله فهي (صلاة وسطى) وعلينا ان نحافظ عليها ... (ربي اني اسكنت ذريتي فيما تفضلت علي من نعم وبما استحفظتني على عيالي وانت القائل نحن نرزقكم واياهم ـ صلاة وسطى)
المسلمون يحافظون على الصلاة المنسكية عموما ولكن الضياع حصل في (الصلاة الوسطى) التي تتوسط بين رحم المادة ورحم العقل
في رحم العقل الخالق هو (الله)
في رحم المادة الخالق هو (ربي)
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (الاحقاف:13)
الاستقامة هي (الصلاة الوسطى) بين مفهومي (الله والرب)
عندما يقوى الرابط في (الصلوة الوسطى) تتسع قناة الاتصال بين الخالق والمخلوق الا ان (الصلاة الوسطى) كمسمى لـ (مكعب واضح الابعاد) اختفى في الفكر العقائدي
عسى ان يكون للفكر الابراهيمي (المستقل) والبريء من كل فكر ماسكة تمسك بحقيقة الصلاة الوسطى للحفاظ عليها (وحافظوا ...)
الطمأنينة (واذا اطمأننتم فاقيموا الصلاة) تحصل عندما يطمأن العبد ان (الفعل المادي) لا يخالف امر الله فلا يمكن ان يخرج الانسان من بيته بطرا ويقول قربة لله فالصلاة لن تقوم ولا يمكن ان يدفع الانسان مالا لشخص يلعب القمار ويقول قربة لله ... ولا يمكن ان يشتري الانسان منزلا لعياله ليسكنهم فيه وعياله لا يتمتعون بالحد الادنى من الايمان ويقول قربة لله ... الصلاة الوسطى تحتاج الى طمأنينة عقل تسبقها ان الفعل المادي كان في رضا الله اولا ومن ثم تقام الصلاة الوسطى
بعد ان اطمأن بالي ان هذا الادراج يرضي الله فان قيامة (رابط الصلة الوسطي) الذي يتوسط هذا الفعل وعقلانيته ان يكون (قربة لله) وما اسأل عليه اجرا الا القربى لله سبحانه وهي الصلاة الوسطى وفيها وجوب الحفاظ عليها
الحاج عبود الخالدي
تعليق