الإمامة بين الفرض والاختيار
هل الإمامة صنف واحد ؟
هل الإمامة صنف واحد ؟
من أجل محاولة فهم أدوات الدين عند المسلمين
الإمامة صفة اختص بها المسلمون دون بقية الملل وهي صفة فكرية تنفيذية في الدين يحملها فرد يمثل الذين يأتمون به سواء كان حيا او ميتا ومن لا يكون له مأتمين رغم انه يحمل الفكر الديني فلن يكون حاملا لصفة الإمام وقد استخدم لفظ الإمامة في الصلاة الجامعة وهي إمامة منسكية وليست إمامة فكرية او مذهبية وهي إمامة تنقطع بانتهاء الصلاة او بموت الإمام او الاعتزال فهي إمامة تختص بمنسك الصلاة
المشهور في الفقه ان الامام فيه صفات التقوى والصلاح فهو متقدم في طروحاته في الدين ويمارس اعمال الفكر في الشؤون الدينية الغامضة عند الناس ليهديهم الى سواء السبيل
شهد التاريخ الاسلامي حراكا فكريا شديدا عند انطلاق ربيع الفقه في الربع الاول من الحكم العباسي وتزايد أئمة المسلمين عددا واتسع نطاق طروحاتهم الفكرية فلمعت اسماء كثيرة يعرفها كل مذهب بما انتسب اليه من أئمة فاصبح الإمام حاملا لصفة الإمامة سواء كان حيا او ميتا واستمرت الإمامة من إمام حي الى إمام حي بعده بوتيرة شبه مستمرة وبقي الحال قائما عند كل المسلمين ليومنا هذا ورغم ان مصدر الدين واحد الا ان طروحات الأئمة جعلت للدين مصدرية مذهبية متعددة وان اتحدت في قمم المعتقد الاسلامي في شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله معززا بقرءان موحد المتن متفق عليه انه من عند الله
رغم ان اختلاف أئمة المسلمين في الفروع ادى الى اختلاف المسلمين في ما يندرج فوق الفروع كثيرا حتى وصل الامر ذروته في تكفير الغير ومن ثم الانفلات الخطير نحو الصراع المسلح حتى بين المذاهب المؤتلفة قديما ذلك لان الاختلاف القديم بين أئمة المسلمين تحول الى شرخ يتسع مع تقادم الزمن وانقسمت الفرق الاسلامية الى مستعمرات فكرية بشكل مطرد مع تراكم الزمن عبر تاريخ المسلمين وذلك بسبب توارث الفكر الذي جعل من الإمام الوريث إمام مجدد يروج لمختلف جديد مضاف حتى اصبح اسلام اليوم لا ينظر اليه من خلال لحمة اسلامية واضحة المعالم بل اصبح الاسلام وكأنه نسيج رخو الحبك غير منتظم فكرا وتطبيقا ولعل الصورة القاسية كانت ضامرة البيان قبل انشطة الاتصال الحضارية وكل حزب بما لديهم فرحون مع قلة الاحتكاك الجماهيري بين حملة المذاهب وأئمتهم وخطبائهم الا ان تلك الصورة القاسية المحدودة باتت متسعة المعالم ومتسعة الافاق بعد انتشار وسائل الاتصال الحديثة وبسبب كثرة الطرح الديني الهجومي عبر فضائيات تخصصت بالدين واعلنت هويتها الفكرية بشكل حاد مما أدى الى اتساع مرابط الاختلاف والاصرار عليها مع شهرة فائقة لـ أئمة عاشوا في بطن التاريخ وتركوا ءاثارا فكرية اصبحت اليوم دستورا اسلاميا غير موحد الطيف وغير موحد النتيجة !
وظيفة الإمام ..؟؟ تساؤل يجيب عليه كل مأموم إئتم بإمام يثق به فيقول انه يهدي للدين او انه يبين ما خفي وما اشتبه به في الدين واجوبة اخرى تجتاح الفكر الإسلامي بشكل كثيف وجميعها ذات صفات حميدة وفق ما هو ثابت في المذهب وقد تصل الى حالات تقديس الإمام وهي لا تخرج من نطاق الترويج للدين الحق على لسان أئمة يهدون الى الحق المبين كل مع مريديه المأتمين به
صفات الإمام ...؟؟ تساؤل يجيب عليه كل مأموم إئتم بإمام فيقول بعلو عرفانية الإمام بالدين واصوله وفروعه من قرءان وسنة وحديث يضاف اليه الورع والتقوى والزهد في أمر الدين حتى باتت سنن الأئمة الشخصية (غير الدينية) سنن مستحبة عند من يأتم بهم بل شكلت سننهم الشخصية تراثا إسلاميا حميدا يعتز به كل حامل مذهب بإمام مذهبه
على هذه السطور الحرجة نتسائل هل الإمامة صنف واحد متحد بالصفة والوظيفة ..؟؟ ام إن الإمامة تمتلك أصناف متعددة ومن الواجب علينا ان ندرك مضامينها لضرورة نحن بحاجه اليها كأفراد او كمجتمعات ؟؟ وبما ان الامامة كانت مصدرا خلافيا بين المسلمين وجب التوسع الفكري بحيثيات الامامة لمعرفة مضامينها فنجد مثلا اننا عندما نرصد إمام الصلاة ندرك ان هنلك إمامة مؤقتة يمارسها أئمة الصلاة عند الصلاة ويفقدها عند انتهاء صلاة المنسك فهو إمام عند قيام الصلاة والناس المؤتمين به يقلدون حركته المنسكية وهي حركة محددة الفعل وردت من سنة نبوية شريف يؤديها الإمام ويقلده فيها المؤتمين به في الصلاة الجامعة الا انه حين يفرغ من صلاته فان حركته لا يقلدها احد فقد انتهت إمامته بنهاية صلاته الجامعة !!! تلك ءاية منقولة عبر تاريخ المسلمين تضع لـ الإمام حدود إمامته وهي ءاية مرئية مشهودة يدركها حامل العقل ومن تلك الظاهرة المرئية تقوم الراشدة الفكرية التي تقرأ بيقين في ما كتبه الله في الخلق (إمام صلاة الجماعة) وندرك ان هنلك (إمامة مؤقتة) وكان يمارسها الرسول عليه افضل الصلاة والسلام رغم انه نبي ورسول الا ان إمامته لجمع المصلين تنقطع بعد الفراغ من الصلاة فالرسول عليه افضل الصلاة والسلام مارس نوعا من الامامة المؤقتة الظاهرة في إمامته عند صلاة الجماعة .
إن ظهرت (الإمامة المؤقتة) في منسك الصلاة اليومية وصلاة الجنازة وصلاة العيد الا اننا نرى أن إمام الصلاة يمارس ايضا إمامة فكرية محدودة الابعاد وهي عملية نقل الرأي المذهبي لطالبيه في شؤون عبادية كثيرة ثابتة ومستقرة تحتاج الى (ناقل) ينقلها لطالبيها فهو انما يمارس تلك المهمة بصفته (نائب مبلغ) عن الإمام الذي ولدت عنده المعالجة في واجب او مستحب او مكروه من الاعمال او قد يكون مجرد (ناقل معرفي) وتلك هي إمامة مؤقتة محدودة يمكن ان تحمل مضمون (إمام معرفي) لا يمتلك الفتيا بل ينقل الفتيا
مصدر الإمامة :
الإمامة سواء كانت مسمى او صفة نافذة في التطبيقات الاسلامية وردت في القرءان وفق خارطة فكرية مبينة تمنح حامل القرءان والمكلف عموما حجم المسؤولية ثوابا او عقابا في تبعيته لـ إمامه ونقرأ :
{ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } (سورة الإسراء 71)
من النص الشريف اعلاه يوضح البيان القرءاني ان هنلك إمامة بالاختيار يسعى فيها المكلف نحو إمامه المختار من قبله وهي تقوم حين يقوم الناس بالالتفاف حول إمام محدد فيكون إمامهم فيكونون جمهرة مؤتلفة لـ إمامهم وتتم الدعوة الالهية في القرءان مسماة بإمامهم هم (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) واولئك الـ (اناس) سوف يقرأون ما كتبوه لانفسهم في ما إئتموا به هم في إمامهم (المختار) ولا يظلمون فتيلا !!
فتيل من جذر (فتل) وهو في منطق الناس يعني (البرم) او (الغزل) وفي علم الحرف القرءاني يعني (نقل فاعلية تبادلية المحتوى) وهي هي في الفهم فعل غزل النسيج حيث يتم نقل محتوى النسيج من شعيرات مبعثرة الى شعيرات (ملتفة) حول بعضها ليكون على شكل (خيط) (مفتول) فالشعيرة الموجودة في خامة الخيط المفتول ملتفة على بعضها مع شعيرات اخرى الا انها مستقلة وان فتلت مع شعيرات اخرى في الخيط ... فتيلا .. يعني في علم الحرف القرءاني (فاعلية تبادلية) لـ (حيازة محتوى) فيكون القصد الالهي الشريف مبينا انكم ايها الناس وان اخترتم إماما لكم فانكم لا تظلمون لانكم اخترتم إماما ولا تظلمون في (فعلكم التبادلي) لـ (حيازتكم محتوى الامام) فان كان خيرا فهو لكم وان لم يكن خيرا فهو عليكم وبذلك يتضح القصد الشريف ان ما اخترتموه من إمام وعملتم بما افاء عليكم في الدين لا علاقة له بالإمام بل يتعلق بالفعل التبادلي في حيازتكم أنتم مثله مثل من يختار طبيبا وليس إماما فإن اصاب الطبيب في الدواء استفاد ممن اختاره وإن اخطأ الطبيب في وصف الدواء يتحمل من اختاره سوء فعله هو والطبيب في معزل عن السوء الذي يصيب الشخص صاحب الاختيار ذلك لان (إختيار الإمام) في أمر الدين هو طاعة لـ مطاع وفي القرءان بيان لتلك التبعية
{ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } (سورة الأحزاب 67)
وفي هذا البيان المبين تقوم في العقل صرخة تنذر بالخطر حين يسأل المطيع كما يسأل المطاع ونقرأ
{ رَبَّنَا ءاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } (سورة الأحزاب 68)
وعند تلك النقطة الحرجة على من يبحث عن رضوان الله ان يقيم لنفسه مسربا فكريا أمينا وبيقين مطلق ان من يأتم به هو أهل للإمامة الحق وان لا ينتصر لفرقته فان فئته سوف لن تنجيه ولا ينتصر لعرق او منهجية ربت في نفسه منذ صغره ويتصورها منهجية نجاة ذلك لان التكليف فردي ولا يمكن ان يكون الجمع الضال او اي منهج ضال شفيعا عند الله وكثيرا ما نسمع من المتدينين قولا مثل (سألت رجل الدين وافادني بكذا وكذا وعملت به على ذمته وهو المسئول امام الله) وذلك رشاد غير موفق ولو اردنا أن نتوسع فكريا للاقتراب من دائرة اليقين فان الانسان هو المسئول الاول عن تصرفاته وان كانت تصرفاته تقليدا لاباه او لامام او لصديق او غيره وتلك فطرة عقل فعلى سبيل المثال التوضيحي من ينصح احدا بان عملية مسك التيار الكهربائي فيه منفعه فان فعلها فاعل في غفلة منه فان نتيجة الفعل يتحملها الفاعل اما الذي نصحه سيكون في مأمن من الضرر وعندما نبحر فكرا في رحاب القرءان سنجد نوعا ءاخر من الأئمة وهم أئمة مجعولين ونقرأ
{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } (سورة البقرة 124)
{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ } (سورة الأنبياء 73)
{ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } (سورة القصص 5)
{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } (سورة السجدة 24)
من النصوص الشريفة يتبين ان هنلك نوع من الإمامة يحمل صفة (الجعل) وهو مفصل في الخلق فالله جعل الخلق وهو (جعل) منتج فالله حين جعل الملائكة أولي اجنحة فهو جعل منتج وحين قال اني جاعل في الارض خليفة فهو جعل منتج وحين قال جعل من الزوجين الذكر والانثى فهو جعل ينتج الانجاب والتكاثر وقد ورد لفظ الجعل وتخريجاته في القرءان قرابة 340 مرة مما يدلل على اهمية مقاصد الله في الجعل فهو الذي جعل الارض فراشا وهو الذي جعل القبلة وكل ذلك جعل منتج بفعل الهي لا يمتلك الانسان قدرة محقه او تجاوزه لغيره من جعل بشري وليس جعل الهي وحين جعل الله أئمة فان ذلك يعني ان هنلك (خلق منتج) في عملية الجعل بعيدا عن الاختيار وبعيدا عن الصفة المؤقتة لان امر الله نافذ دائم غير متقطع وغير منقطع وكان على المسلمين ان يبحثوا عن الائمة المجعولين لان مجعوليتهم تنتج في شأن الهي ولا علاقة لها بشأن البشر وبالتالي فان نتاج اولئك الائمة متناغم مع نظم الخلق وليس مخالفا له لانهم يهدون بامر الله وليس من رأي فقهي مختلف عليه وفي تلك المركزية الفكرية فان اسم الإمام سوف لن يكون مهما ولا شهرته ولا انتمائه المذهبي بل المهم في ذلك هو (وظيفة الجعل) التي جعلها الله فيه وهي مركزية لا توحي بالاختيار بل توحي بالسعي من اجلها لانها ضرورة عند الحاجة اليها
المسلمون لا يعرفون شيئا عن الأئمة المجعولين ويتصورون ان الإمامة شأن يصنعه الإمام نفسه من ورعه وتقواه ومعرفته بشؤون الدين او أن الإمام يصنعه مريدوه حين يلتفون حوله فكرا وتطبيقا الا ان الإمامة المجعولة من قبل الله حاكمة ولا تقبل الخطيئة مهما كان شكلها عن عمد او غفلة او عن سهو او نسيان وبما ان الإمامة جعل الهي فانها ستكون نافذة في المكلفين سواء عرفوا الإمام او لم يعرفوه كما في مثل العبد المأتي من لدن الله علما والذي خرم السفينة دون إذن من اصحابها وقتل الغلام دون إذن من ابواه ومن ثم بنى الجدار بدون ان يقدم اليتمين طلبا له باعادة بناء الجدار
علينا ايضا ان نتعرف على صفات الامام المجعول وهل يمكن ان يكون من الاموات او ان يكون من شروطه الحياة بيننا وعلينا ان نتعرف على وظيفة الإمام وهل الإمام جامع لوظائف متعددة وعلينا ان نتعرف على وسيلة الإمام وهل هي حقا مرتبطة بنظم خلق الله وكيف ! كل تلك المراشد الفكرية لها ذكرى في قرءان الله المبين
نقرأ في القرءان عن أئمة مجعولين يهدون بامر الله ونقرأ وجها ءاخر من الامامة
{ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } (سورة القصص 5)
{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } (سورة السجدة 24)
من النصوص الشريفة يتبين ان هنلك نوع من الإمامة يحمل صفة (الجعل) وهو مفصل في الخلق فالله جعل الخلق وهو (جعل) منتج فالله حين جعل الملائكة أولي اجنحة فهو جعل منتج وحين قال اني جاعل في الارض خليفة فهو جعل منتج وحين قال جعل من الزوجين الذكر والانثى فهو جعل ينتج الانجاب والتكاثر وقد ورد لفظ الجعل وتخريجاته في القرءان قرابة 340 مرة مما يدلل على اهمية مقاصد الله في الجعل فهو الذي جعل الارض فراشا وهو الذي جعل القبلة وكل ذلك جعل منتج بفعل الهي لا يمتلك الانسان قدرة محقه او تجاوزه لغيره من جعل بشري وليس جعل الهي وحين جعل الله أئمة فان ذلك يعني ان هنلك (خلق منتج) في عملية الجعل بعيدا عن الاختيار وبعيدا عن الصفة المؤقتة لان امر الله نافذ دائم غير متقطع وغير منقطع وكان على المسلمين ان يبحثوا عن الائمة المجعولين لان مجعوليتهم تنتج في شأن الهي ولا علاقة لها بشأن البشر وبالتالي فان نتاج اولئك الائمة متناغم مع نظم الخلق وليس مخالفا له لانهم يهدون بامر الله وليس من رأي فقهي مختلف عليه وفي تلك المركزية الفكرية فان اسم الإمام سوف لن يكون مهما ولا شهرته ولا انتمائه المذهبي بل المهم في ذلك هو (وظيفة الجعل) التي جعلها الله فيه وهي مركزية لا توحي بالاختيار بل توحي بالسعي من اجلها لانها ضرورة عند الحاجة اليها
المسلمون لا يعرفون شيئا عن الأئمة المجعولين ويتصورون ان الإمامة شأن يصنعه الإمام نفسه من ورعه وتقواه ومعرفته بشؤون الدين او أن الإمام يصنعه مريدوه حين يلتفون حوله فكرا وتطبيقا الا ان الإمامة المجعولة من قبل الله حاكمة ولا تقبل الخطيئة مهما كان شكلها عن عمد او غفلة او عن سهو او نسيان وبما ان الإمامة جعل الهي فانها ستكون نافذة في المكلفين سواء عرفوا الإمام او لم يعرفوه كما في مثل العبد المأتي من لدن الله علما والذي خرم السفينة دون إذن من اصحابها وقتل الغلام دون إذن من ابواه ومن ثم بنى الجدار بدون ان يقدم اليتمين طلبا له باعادة بناء الجدار
علينا ايضا ان نتعرف على صفات الامام المجعول وهل يمكن ان يكون من الاموات او ان يكون من شروطه الحياة بيننا وعلينا ان نتعرف على وظيفة الإمام وهل الإمام جامع لوظائف متعددة وعلينا ان نتعرف على وسيلة الإمام وهل هي حقا مرتبطة بنظم خلق الله وكيف ! كل تلك المراشد الفكرية لها ذكرى في قرءان الله المبين
نقرأ في القرءان عن أئمة مجعولين يهدون بامر الله ونقرأ وجها ءاخر من الامامة
{ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ } (سورة التوبة 12)
{ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ } (سورة القصص 41)
فمثلما جعل الله ائمة يهدون بامره جعل ائمة يدعون الى النار (مفرقة الصفات) فالنار تفكك الصفات المترابطة ومثل اولئك الأئمة حين يمتلكون وظيفة (إمام) فان الغفلة لوظيفتهم تحمل مخاطر كبيرة ورغم ان الاية مستقلة الا ان رابطها جاء مع مثل فرعون
{ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ } (سورة القصص 40)
وبما ان مثل فرعون (فروع مرتبطة) كما هي اليوم الدولة الحديثة في زمننا فان زمننا مرشح للبحث عن أئمة الكفر والداعين الى النار وسيكون التركيز الفكري متجها نحو أئمة الكفر المنتشرين في زمننا وذلك لضرورة التعرف على صفاتهم لحماية المتدين حين يبحث عن الوسيلة لـ رضوان الله وكسب ثوابه والنجاة من عقابه
الحاج عبود الخالدي
تعليق