العقيدة وبريق الأباريق
من اجل ثقافة عقائدية معاصرة
الأبريق تراث بشري يظهر في آثار السابقين منذ عهود موغلة في الزمن ... بدأ الابريق يختفي من المستلزمات المنزلية وينحسر استخدامه حتى يكاد يختفي بعد نظم الاسالة الحديثة فاصبح الأبريق خارج الخدمة .... طبيعة الانسان المتمسكة بماضيها جعلت من كثير من الناس يندفعون الى اقتناء الأباريق لتكون جزءا من اكسسوارات صالات المنازل وتفخيم اثاثها وكأن التاريخ يتجمد في بريق الاباريق .
بالتأكيد المعالجة تحمل شواهد تطبيقية تؤكد ان العقل الانساني يتعامل مع التراث بصيغ جامدة لا حراك فيها ولا تمتلك فاعلية الاستخدام كما هيالأباريق التراثية .
يحدثني زائر زار الهند مؤخرا فوجد ان تماثيل الالهة تملأ الاسواق وارصفة الطرقات وهو يرى العجب العجاب في اشكال لأمرأة تمتلك عدة ايدي او إمرأة بعدة وجوه واشكال لا حصر تمثل مقدسات عقائدية تباع على الطرقات . تلك المراقبة تمثل رقابة علمية للعقل البشري الذي يقبل بتحويل العقيدة الى مادة جامدة لا تمتلك سوى بعض التفصيلات الصورية ومما لا شك فيه ان العلوم المعاصرة قد غزت الهند واولئك الناس يعرفون ان تلك التماثيل لا قدرة لها على ما التحق بها من صفات كأن تكون آلهة زرع او آلهة حب او آلهة حياة او موت ..!! ولكن التحليل العقلاني الذي يربط بين الابريق وتماثيل الآلهة بقناة عقلانية واحدة الا وهي تجسيد الماضي في رمزيته فكانت في ابريق تراثي وتكون في صورة مجسمة للإله تمتلك قيمة عالية في الفكر لا تمت أي صلة بتكوينتها يوم كانت .
نجد ذلك التصرف العقلاني واضحا عندما نجرده من العقيدة فنرى باعيننا وبشكل يومي معاصر ان الابناء يضعون صور ابائهم في مجالسهم المنزلية او مكاتب العمل وفق نفس المفهوم العقلاني (تجسيد الماضي رمزيا) وهذا حال كثير من الناس ذلك لان تلك الفاعلية العقلية لها مرابط فطرية ينفذها الانسان بلا دراية من مخاطرها عندما تكون في العقيدة .
عندما تنتقل تلك الرغبة الفطرية في العقل الى العقيدة فان العقيدة ستكون كما يكون الابريق في قاعة الاستقبال مجرد رمز لا يمتلك صفة التفعيل بل يمتلك صفة ارضاء ناظره ليس اكثر .
عندما تكون هذه المعالجة في حصن عقائدي فان حامل العقيدة سوف يسعى الى تفعيل العقيدة دون تجسيد رموزها في حاضره لان تجسيد الرموز يعني تجميد تلك الرموز وحل روابطها في التفعيل والا سيكون حال حملة العقيدة كحال الناظرين الى بريق.
كتبه : الحاج عبود الخالدي
تعليق