بسم الله الرحمن الرحيم
الكلب في القرءان
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ* وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
مثل قرءاني رائع تتفعل مرابطه بشكل مطرد على هيئة متقابلات مربوطة ربطا محكما :
· آتيناه آياتنا : الأصل أن يرتفع بها
· انسلخ منها : أخلد إلى الأرض
· أتبعه الشيطان : اتبع هواه
· كان من الغاوين : كمثل الكلب
حيثيات هذا المثل قائمة بشكل فاعل لان المسلمين قد هجروا قرءانهم وهو نظام الخلق الذي استأمنهم عليه الله سبحانه ، فاتبعوا كل شيء إلا القرءان فأخلدوا إلى الأرض فأفسدوها لان الهوى الشيطاني هو المسير لهم حيث استبدلوا القرءان به فحلت بهم الغواية وهي غواية الكلب المسخر للخدمة في الحراسة والصيد والأثر والرعي وغير ذلك وهم بذلك يلهثون لتحقيق مقاصد غيرهم لا مقاصدهم .
آتاه الله الآيات ليرتفع بها. الرفع في قراءة علم الحرف من رفع يرفع ومنها الرافعة ، رفع تعني : نتاج فاعلية وسيلة تبادلية . فالآيات هي الوسيلة التبادلية التي تكون في من آتاه الله إياها بحيث تكون فاعلة ومنتجة فيه وفي غيرة ، فتكون دليلا وهاديا لحركة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية وغير ذلك . أما إذا انسلخ منها فلا بد أن يخلد إلى الأرض ، والانسلاخ يعني سريان غالب للنقل ، أي سريان ما غلبه على الآيات وهو الخلود للأرض . أي لا بد أن يحصل انقلاب مسار في كينونة الناقل الساري وبذلك يحصل الفساد والإفساد في كل شيء حتى يتبعه الشيطان في كل أموره . وأتبع في علم الحرف تعني : نتاج فاعلية تكوين تقبض محتوى. وكأن جميع أموره تكون شيطانية ، الربا والزنا والتعري والوطنية والقومية والأفكار الفاسدة والمفاهيم المغلوطة لأن الهوى هو المتبع ، ولفظ (هواه) يعني (ديمومة تديم فاعلية الربط).
النتيجة هي (كان من الغاوين)
ذلك الحال ينطبق على من (ءاتاه الله ءاياته فانسلخ منها) وهي كثيرة لا تعد منها (ءايات القرءان) فذهب إلى غيرها (راضيا) هو بها فكانت في مكون (ارض) واتبع (هواه) في الخارجات على الصراط المستقيم (شيطنة) ولفظ (هواه) يعني (ديمومة تديم فاعلية الربط) أي انه يتمسك بما خرج به عن الصراط لـ (غاية) يرضى هو بها فأصبح كيانه (كان من الغاوين) فلفظ (غاوين) من (غاية) وهو من لسان عربي مبين
هذه الغواية كمثل الكلب اللاهث في جميع أحواله لا يحقق لنفسه هدفا وإنما هو دائما مسخر للغير .
والكلب في علم الحرف هو قبض ماسكة منقولة ، ويلهث من (لهث) وهذه الصفة موجودة في الكلب الذي نعرفه و (علتها العلمية) هي أن حيوان الكلب لا يمتلك (غدد التعرق) في جسمه فيضطر لتبريد جسمه من خلال تبريد لعابه في فمه بطريقة الـ (لهث) والتبريد يحصل عندما يتعرض لعابه للتبخر فتنخفض حرارته فيزيائيا وباستمرار العملية (ديمومة اللهث) تنخفض حرارته .. أما بقية المخلوقات (ذوات الدم الحار) تمتلك غدد خاصة تفرز التعرق فتتبخر فيحصل التبريد ..
جاء المثل الشريف بحكمة بالغة بل غاية في الحكمة في (الكلب) فلفظ (لهث) في علم الحرف يعني (منطلق فاعلية ـ ينتقل ـ بشكل دائم) والانتقال هنا يقع في قصد (النفي) مثل لفظ (لا) حيث تكون (فاعلية نقل) الصفة وهو نفيها فتكون (لا نافية) والكلب الذي نعرفه منفي عنه (منطلق فاعلية دائم) وهو أداة التبريد في مخلوق الكلب إلا أن الكلب تحول إلى (منطلق فاعلية بديل) أي (يلهث) ولا يمكن أن يكون (دائم) بل متقطع بخلاف غدد التعرق فهي دائمة ... لذلك كان اسمه (كلب) وهو (قبض ماسكة منقولة) وهي التي كشف عنها غطاء العلة في غدد التعرق فـ (قبض الكلب) ماسكة أخرى .. الكلب أيضا يمارس (صفة قبض ماسكة منقولة) في الصيد وفي الحراسة وغير ذلك .
أما غير الكلب من الجوارح الذين تم تكليبهم(مكلبين) وهم الذين تم تشغيل صفة الكلب فيهم (وما علمتم من الجوارح مكلبين) فهم ليسوا كلابا وإنما مشغلين لصفة الكلب .
لو طبقنا هذه الآية في واقعنا لوجدنا أن هذه الماسكة القرءانية تنطبق على نوعين من الأمة السلاطين القابضين للماسكة المنقولة ، وعلمائهم الذين تم ترويضهم حتى تم شغيل هذه الصفة فيهم .
السلام عليكم