وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا .. كيف يكون ؟!
من أجل قرءان يقرأ في زمن الحاجة لـ بيانه المبين
من أجل قرءان يقرأ في زمن الحاجة لـ بيانه المبين
{ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا } (سورة المزمل 12 - 13)
سبق وان روجنا لـ الفارق التكويني بين الاكل والطعام في ادراج منشور
الفرق بين الأكل والطعام في القرءان
فالطعام هو تركيب من وحدات اكل مختلفة يتميز بقبول الطاعم وفق طريقة التركيب والطهو وتلك الصفة (صفة القبول) ظاهرة مبينة في طبيعة الانسان الواعية فالانسان مثلا لا يقبل ان يأكل البصل او الثوم لمليء جوفه بل يأكلهما مختلطة في تركيبة طعم مستساغ واذا اراد ان ياكل الرز او القمح او البقوليات فهو يكون عاجزا عن مضغها ثم اكلها الا اذا عرضها لحالة فيزيائية (حرارة) ليفكك صلادتها ويضيف اليها ما يضيف من اصناف غذائية ليستسيغ مذاقها ومضغها بـ (قبول) كبير وجاءت صفة حب الطعام في وجه من وجوه الانفاق في القرءان لـ الدلالة على (القبول الفائق) لمذاق الطعام
{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ } (سورة آل عمران 92)
فمن يطعم طعاما يجب ان يكون مما يحبه وان انفق ثيابا فيجب ان تكون محبوبة عند من ينفقها (مما تلبسون) لتؤدي غرضها وتقيم نفقا يتصل بنظم الله الامينة فيتفعل (ربط عقلاني) بين من انفق الطعام والملبس والمستفيد منه ... قبول الطعام في الفطرة العقلية له نبأ مبين يخص ذلك القبول فـ الانسان بفطرته يدرك حبه لاصناف محددة من الطعام الا ان هنلك خفايا سيئة في الطعام يرفضها الانسان ويظهر نبأها عندما يقوم الرفض من احشائه بدون ارادته الواعية فإن اكل الشخص شيئا لا يستسيغ مذاقه كليا اي (عدم القبول) كلا او جزءا فانه يتقيأ ويندفع الطعام من داخل جوفه الى الخارج لبيان (عدم القبول) من داخل الاحشاء او قد يكون القيء لاسباب لا تتصل بالمذاق كما سنرى ... القرءان يبين لنا ان هنلك (طعام ذا غصة) اي انه يمر عبر قناة (القبول العقلاني) لـ الطاعم الا ان الغصة هي التي تصاحب ذلك الطعام فما هي الغصة ؟؟!! وكيف تكون !! ؟
غصة لفظ يتحدد فيه القصد الشريف انه (حاوية) (غص) فهو حاوية في رصد اولي لـ القصد الشريف ... لفظ (غص) هو جذر عربي وله تخريجات لفظية في منطق الناس (غص .. يغص .. مغص .. غصة .. غاص .. غوص .. غواص .. غواصة .. و .. و ... )
صفة الغصة في منطق الناس هي صفة غير حميدة ومنه (المغص المعوي) وهو اضطراب مؤلم يحصل في الامعاء نتيجة لـ (تصدع القبول) في جهاز الهضم علما ان جهاز الهضم يمتلك (حاوية عقلانية) كبيرة جدا وترتبط بنظم التكوين ويمكن ان ندركها بشكل علمي كبير في (وحم الحامل) حيث يتحكم الجهاز الهضمي بعقلانية عظيمة توحي لـ عقل المرأة الحامل بوجود نقص تكويني في غذاء الجنين وهو (خلق جديد) يخضع الى نظم غذائية تكوينية جذرية خاصة ياخذها من امه الحامل حيث تشير تلك الذكرى في ما كتبه الله في الخلق ان هنلك (عقلانية) عليا تكمن في جهاز الهضم عند الانسان هي التي (تصنع القبول) او فيها (يتصدع القبول) رغم ان الانسان حين يستسيغ الطعام يكون قد اصدر قبولا الا انه (قبول اولي) يليه قبول (يغوص) مع الطعام في جوف الانسان لذلك يحصل (القيء) لطعام قد يكون حائز على قبول العقل الا ان (جوف الانسان) يرفضه بعد ان غاص الطعام في جوفه ومثل تلك الحالة مرصودة في ما كتبه الله في الخلق فقد يحصل الغثيان والتقيوء بسبب تلوث بكتيري يؤدي الى (رفض عقلاني) من قبل جهاز الهضم فيحصل القيء نتيجة رفض يصدر من جهاز الهضم ويقع القيء خارج ارادة المتقيء نفسه .. مثل ذلك يحصل عندما يحصل تسمم في طعام ما يؤدي الى افراغ الجهاز الهضمي بطريقة القيء وطريقة الاسهال الشديد وهي دلالة على ان الطعام حين يدخل الى جوف الانسان من خلال فاعلية عقلانية مزدوجة وهي :
الاولى : قبول ظاهر يدركه العاقل بوعيه في مستواه العقلاني الخامس ويوافق على الطعام بمجرد تذوقه فيقرر التهامه نتيجة قبول عقلاني في مستوى عقلاني (خامس) لـ العقل
الثاني : قبول غير ظاهر يتفعل في عقلانية العضو (جهاز الهضم) وهو المستوى العقلي (الثالث) وفيه تقوم (الغصة) بفاعلية متنحية عن الوعي العقلاني
ما يؤكد تلك المراشد التي تقوم على طاولة علوم الله المثلى هو في الترجمة الحرفية للفظ (غصة) في علم الحرف القرءاني .. لفظ (غص) في علم الحرف يعني (فاعلية متنحية لـ حيز متنحي) فالفاعلية المتنحية (القبول الثاني) في مستوى عقلاني يمتلك (حيز متنحي) داخل جسم الانسان فهو جهاز غير ظاهر (متنحي) وفيه يكون الطعام (ذا غصة) ... لفظ (ذا) في علم الحرف يعني (فاعلية سريان حيازه) فالطعام خارج جهاز الهضم (مقبول) في المستوى العقلي الخامس الا ان (فاعليته تسري حيازتها) في المستوى العقلي الثالث حيث تقوم فيه (فاعلية متنحية) وهو الرفض لـ حيز متنحي وهو التصدع الذي يصيب الجسد متنحيا عن (نظم الخلق) فيحصل الارتداد المرضي كظاهرة لتلك الـ (غصة) فيكون (وطعاما) (ذا غصة) حيث يفيد حرف الواو ان هنلك رابط يربط الطعام بفاعلية سريان صفة (غصة)
مسمى المغص في منطق الناطقين يقيم البيان ان الغصة تمتلك مشغل داخل جسد الطاعم والمغص له ظاهرة العذاب (عذاب اليم) وهو امتداد لبيان الاية الشريفة التي ربطت بيان (وطعام ذا غصة) مع (وعذاب اليم)
{ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا } (سورة المزمل 11 - 12)
المكذبين (أولي النعمة) نص يحتاج الى تبصرة وتدبر ذلك لان أولي النعمة ذوي صفة حميدة اما المكذبين فصفتهم غير حميدة واذا اردنا ان (نقرن) القرءان بما هو قائم في يومنا (انه لقرءان كريم * في كتاب مكنون) سنجد ان النعمة في زمن مكننة الزراعة ومكننة نظم الري الوفير والسريع ادت الى (اوليات النعمة) بتوفير الماء بعيدا عن مصادره ليسقي مساحات واسعة ما كان مثلها متاحا قبل تلك التقنيات كما تطورت بشكل كبير مصادر المياه من ءابار عميقة تم حفرها بـ ءاليات ما كان لها مثيل في السابق حيث توفر الماء لـ الزرع بواسطة مكائن الضخ بالسقي المباشر او بمكائن رش الماء لمساحات شاسعة او الري بالتنقيط او الزراعة المحمية (المغطاة) وكذلك توفرت ءاليات حراثة تحرث الارض بزمن قصير وبمساحات هائلة وباذرات تقنية تبذر مساحات شاسعة بالبذور ومكائن حصاد سريعة وذلك الحشد التقني الآلي جعل من (أوليات النعمة) متاحة بشكل لم يسبق له مثيل في الزمن السابق على زمن حضارة اليوم فكان مشغلوا تلك التقنيات هم (اولي النعمة) في راشدة فكرة تمخضت عن تبصرة قرءانية ترتبط بما هو مرئي في ما كتبه الله واذن به ليكون , فكل تلك التقنية اقيمت (باذن الله) لان مصنعيها انما استثمروا نظم الله في تصنيعها وما كانوا لها بخالقين !!!
تلك الصفة الحميدة في (اولي النعمة) اتصلت بصفة (غير حميدة) فيهم فهم (والمكذبين اولي النعمة) اي ان رابطهم يرتبط بـ (المكذبين) وهم (اسياد الارض) الذين يقودون (انشطة الزرع) في كل انحاء الارض من حيث نشر (التعديل الوراثي) ونشر (الاسمدة الكيميائية) و (الهرمونات المحفزة) وهم (يعلنون انها لزيادة الخير) يصاحبها خلط الاطعمة العضوية بمواد غير عضوية تحت اجازة رسمية من قبل مؤسسات حكومية فانتشرت الالوان الصناعية ومثلها المطيبات والمواد الحافظة الا ان حقيقتها لسيت خير لـ الناس بل ترتبط بخطة خفية لـ (قتل المزيد من البشر بعمر مبكر) وهي مخططات خطط لها احفاد (كارل مالتوس) الذي يدعو الى (قتل الفائض) من الناس لانهم فائضين في رأيه ويشكلون (كابحات لـ التطور البشري) كما زعم في نظريته فالاغذية التي تحمل (غصة) من خلال متغيرات جينية عبثت بنظم الله في الطعام وما اختلط مع الطعام من مواد غير عضوية ادت الى تقصير مطرد في (متوسط عمر الانسان) وهنلك تقارير احصائية كثيرة تؤكد انخفاض حاد في متوسط عمر الانسان خصوصا في المجتمعات المغفلة التي تلتهم كل جديد دون تعييره ومعرفة اضراره فاصبح في طعامها غصة تتكاثر نوعا وتنتشر لتغطي معظم محاصيل الارض عدا بعض الاستثناءات وتنتشر بين الناس ... فالله يعد (المكذبين أولي النعمة) وسبحانه القائل (وذرني والمكذبين اولي النعمة) اي ان امر مكافحتهم والقضاء على فاعليتهم متصل بمنظومة الهية وليست منظومة من صنع بشري كالثورات او الانقلابات او التفجيرات او الحروب بل ان الله امهلهم (قليلا) واعد لهم (انكالا وجحيما) وهي الفاظ لا تحتاج لـ بيان فهي مبينة ففي نظم الخلق هنلك قوانين ارتدادية تنكل بالمخالف سواء كان المخالف منتج لـ النعمة او مستهلك لها ولعل (اكبر غصة) في الطعام يدركها انسان اليوم هي الاضطرابات المعوية في (القولون) حيث يستشري مرض القولون بين الناس وتتزايد اصابته بالسرطان ومن المعروف ان اضطراب القولون يؤتى من اضطراب عقلاني لا ينفع معه دواء !!! وهو (مغص مبين) من طعام ذا غصة يقرأ في قرءان مبين !!
الطعام (ذا الغصة) رسالة يحملها رسول (بايولوجي) في جسد البشر المعاصر تصل الى فرعون (الدولة الحديثة) التي تتصدى لصحة الانسان في كل الدول تحت إمارة متألهة هي (وزارة الصحة) ووزارة الصحة في كل دول العالم تقوم بتكذيب الرسول وتصف الاطعمة بانها سليمة !!! ونقرأ القرءان فيتبين بين ايدينا (تزامن زمني) بين ظاهرة الاطعمة ذات الغصة وانهيار النظام الفرعوني
{ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14) إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18) (سورة المزمل 11 - 18)
متوالية ءايات سباعية تقيم بيانا قرءانيا عظيما في ظاهرة مأكل السوء (ذا الغصة) ترتبط مع ظاهرة تكذيب فرعون لـ الرسول وعصيانه ذلك لان عروش المؤسسة الصحية في العالم تدرك ان هنلك سببا معاصرا في امراض الجهاز الهضمي الا انها تصر على معصية ذلك (الرسول البايولوجي) الذي جعل (الولدان شيبا) وهي ظاهرة مبينة في تراجع مستمر في (متوسط عمر الانسان) فكيف تتقون ان كفرتم !!! وماذا يفعل الناس ان قصرت اعمارهم !! وعندها يحصل تدهور مجتمعي اصبح اليوم ذا مظاهر متصاعدة في تكاثر نسبة (الايتام) وهنلك احصائيات مفزعة في تصاعد نسبة الايتام ليس من الحروب فقط بل من (الموت المبكر) عموما !!
فاخذناه أخذا وبيلا ... لفظ (وبيلا) من جذر (بل) وهو يعني في علم الحرف (نقل القابضة) فيقال مثلا (لم يذهب الى الطبيب بل ذهب لـ المشفى) فكانت وظيفة (بل) تعني نقل قابضة الطب في الطبيب الى قابضة الشفاء في المشفى وبذلك يكون القصد الشريف في (ويبلا) يعني (فاعلية رابط ينقل حيازة القابضة) اي ان فرعون سيؤخذ تحت صفة قيام رابط فعال ينقل اي (ينفي) حيازة القابضة التي يقبضها فيصاب بالاختناق في صفته فيكون (الغرق الفرعوني) ومثل ذلك الوصف (غرق فرعون) لا يخضع الى عداد زمني (ميقات) بل يخضع الى نظام خلق تكويني تأتلف فيه نظم الله في الصفة التي بينها القرءان فيحدث الوعد الالهي في انهيار النظام الفرعوني المعاصر
{ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا } (سورة المزمل 14)
وتلك الاية تحتاج الى مقام تخصصي في معرفة صفة ارتجاف الارض وكيف تكون الجبال كثيبا مهيلا ونأمل ان يوفقنا الله لها لتقوم مقومات الذكرى فيها
لا تقوم مثل تلك الذكرى لو لم يكن القرءان مذكرا يذكرنا والذكرى لا تقوم في من يتابع هذه التذكرة الا ان يشاء الله
{ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ } (سورة المدثر 56)
فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا
الحاج عبود الخالدي
تعليق