بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الأيكة
وردت كلمة الأيكة في القرءان في أربع آيات في أربع سور
وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (الحجر: 78 )
كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ( الشعراء: 176)
{ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ } (سورة ص 13)
{ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } (سورة ق 14)
لكن اللافت أنها وردت برسمين مختلفين، ففي سورة الشعراء و ص رسمت (أصحابُ لئَيْكَة)الشعراء176 ( وأصحابُ لئَيْكَة ) ص آية13
وفى سورة الحجر وقاف قد رسمت هكذا (أصحابُ الأيْكَةِ ) سورة الحجر 78 وسورة ق (وأصحاب ُ الأيْكَةِ ) آية 14
معنى لاك في معجم اللغة العربية المعاصرة لاك / لاك في يلوك ، لك ، لوكا ، فهو لائك ، والمفعول ملوك لاك الشخص اللبان وغيره : أداره في فمه ومضغه لاك الفرس اللجام : مضغه وعضه - لاك الطعام في فمه . لاك الناس الموضوع : تحدثوا عنه كثيرا السؤال الذي تلوكه الألسن - قضية لاكتها الألسن . لاك الشخص أعراض الناس / لاك الشخص في أعراض الناس : طعن فيها بالعيب والتنقيص لاك سيرة فلان : اغتابه تحدث عنه بما لا يرضى .
الأَيْكَةِ ( الشعراء 176 ) الشجر الكثيف الملتف
أصحاب الأيكة (176) الشعراء أصحاب الغيْضَة الكثيفة الملتفة الشجر (قرب مدين)
الأيكة (الشعراء 176) الأيكة: الشجر الملتف المجتمع، و كل شجر ملتف عند العرب فهو أيكة جمعها أيك. و قيل: هو شجر الدّوم.
أيك الأيك: شجر ملتف، وأصحاب الأيكة قيل: نسبوا إلى غيضة كانوا يسكنونها، وقيل: هي اسم بلد.
اللَّيكَةُ أَهمَلَه الجَوْهَرِيُّ هُنا كالجَماعَةِ ولكِنّه ذكره في أ ي ك استِطْرادًا فقال: ومَنْ قَرَأَ لَيكَةَ فهي اسْمُ القَريَةِ ويُقال : هما مِثْل بَكَّةَ ومَكَّةَ هذا نَصُّ الصِّحاحِ هُناكَ أي قَريَة أَصْحابِ الحِجْرِ وبها قَرَأَ أَبو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بنُ القَعْقاعِ ونافِعٌ وابنُ كَثِير وابنُ عامِرٍ في الشُّعَراءِ وص كما نقله الصّاغاني في أ ي ك . وفي التَّهْذِيبِ : وجاءَ في التَّفْسِيرِ أَنَّ اسمَ المَدِينَةِ كان لَيكَةَ واخْتَار أَبو عُبَيد هذه القراءة ! وجَعَلَ لَيكَةَ لا يَنْصَرِفُ وِإنْكارُ الزَّمَخْشَرِيِّ كَوْنَها اسْمَ القَريَةِ غَيرُ جَيِّد . وقال الزَّجّاجُ : ويَجُوزُ وهو حَسَن جِدًّا. أَصْحابُ لَيكَة بكسرِ التّاءِ من غيرِ أَلفٍ عَلَى أَنَّ الأَصلَ الأَيْكَةُ فألْقِيَتْ الهمزة فقِيلَ : أَليكَةِ ثم حُذِفَتْ الأَلِفُ فقيل : ليكَة وقد تَقَدَّم ذلِكَ.
لا يمكن للباحث في القرءان أن يضع إصبعه على معنى محدد للأيكة بناء على ما ورد في المعاجم، وانه وان كان لفظ الأيك مستعملا وينطبق على (الأيكة) إلا انه لا يمكن أن ينطبق على (ليكة) معرفا أو منكرا، لذلك لا مناص من اللجوء إلى فطرة النطق حتى يتبين المعنى.
الأيكة هي حاوية (الـ (أيك) وهي حاوية مكون ماسكة حيز
(وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ ) الحجر :78
وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ غ? كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ ( ق)
***أصحاب الأيكة ظالمون ومكذبون لرسلهم ويستحقون الوعيد والانتقام، الوعيد لتكذيبهم الرسل، والانتقام لظلمهم. وهم بإمام مبين، والإمام المبين ورد في قوله تعالى(وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)
الله سبحانه أحصى كل شيء فهو صاحبه وربه ومليكه وجعل كل شيء يسير بقانون سطره بعلمه وجعله نافذا في الخلق. قال تعالى (قل من بيده ملكوت كل شيء) والعدل أن تنسب كل صنعة لصانعها وضده الظلم، فحين يغوص العلماء في صنع الله ويكشفون عن أسرار ونظم وقوانين هذا الخلق فان العقل يقضي أن ينسب هذا العلم وهذه القوانين وهذه العظمة والدقة في الخلق لله سبحانه الذي أتقن كل شيء وهذا هو العدل. ولذلك فإن أصحاب الأيكة هم أولئك العلماء الذين أدركوا دقة الصنع في خلق الله لكنهم نسبوا كل ذلك للقوانين ولأنفسهم وللمادة فهم بذلك ظالمون ومكذبون. وهم في نفس الوقت (لبإمام مبين). والإمام ما يؤتم به ولذلك كانوا أئمة في الظلم والتكذيب، ومن جهة أخرى فان لفظ الإمام فيه معنى الأمام أي المستقبل، أي أن أصحاب الأيكة هي ظاهرة لها امتدادها في المستقبل، وهذا عين ما هو حاصل في العلوم المعاصرة فأصحابها ظالمون ومكذبون.
الأيكة هي حاوية (الـ (أيك) وهو في علم الحرف ماسكة مكون حيازة، والأيكة هي حاوية هذه الماسكة وأصحاب الأيكة هم الذين يمسكون هذه الماسكة، فهم علماء قوانين حركة المادة وعلماء مادة الحياة(البيالوجي) وهم علماء الطب والنبات وغير ذلك من التخصصات العلمية الدقيقة التي يمسك أصحابها بقوانين مادة الكون والخلية والعضو والكائن الحي.
***أصحاب ليكة ورد ذكرهم في سورتي الشعراء وصاد قال تعالى كذب أصحاب ليكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
وقال تعالى: وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ ليْكَة أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ.
وهي كقولنا ( أصحاب بدعة وأصحاب رأي) مطلق بدعة ومطلق رأي، فهم قد تمرسوا بالبدعة والرأي حتى صاروا أصحاب بدعة وأصحاب رأي ومثله قول الله تعالى (ولا تزال تطلع على خائنة منهم) أي متمرسون في الخيانة. وأصحاب الـ(ليكة) هم المتمرسون في الـ(ليكة) حتى صاروا أصحابها. ويظهر ذلك في وصف القرءان لهم: يخسرون الكيل ولا يوفونه ولا يزنون بالقسطاس المستقيم ويبخسون الناس أشياءهم ويفسدون في الأرض و... إذن هم يعرفون الإيفاء لكنهم لا يوفون ويعرفون القسطاس المستقيم ولكنهم لا يزنون به ...الخ، فهم يمسكون العلم لكنهم لا يقيمونه وفق خلقة الله له أي ينقلونه من حال الخلقة وفق نظام الخلق إلى الفساد والإفساد. وهم بوصف الله لهم حزب (أولئك الأحزاب) أي قابضون لفائقية مفعل الوسيلة فيتحكمون بتفوق في نقل القوانين من الصلاح والإصلاح إلى الفساد والإفساد، وهذا ظاهر جلي في اقتحام الذرة والتلاعب بمكوناتها واستغلالها في صنع الطاقة الرهيبة الناتجة عن الاندماج النووي والانشطار النووي بما فيهما من دمار، واقتحام الخلية والتلاعب بالمورثات الطبيعية فيها. مما أدى إلى الكوارث البيئية والإمراض الفتاكة.
ليكة في علم الحرف هي ماسكة نقل حيز. لذلك فان صفتي أصحاب الأيكة وأصحاب ليكة هما صفتان متكاملتان في الفساد والإفساد.
شعيب ليس مثلهم وهو ليس أخا لهم بنص القرءان (إذ قال لهم شعيب) ولم يقل أخوهم كما قال في نوح وهود وصالح ولوط. لأنه ليس من أصحاب الـ(ليكة) بل هو رسول لهم وصفته الغالبة أنه مقوم لفسادهم وإفسادهم أي هو قابض للفاعليات المتعددة والمتنحية عن فطرة الخلق التي يمارسون الفساد والإفساد بها ليحوزوا نتاج هذه الفاعليات المتعددة من خلال حزبهم الذي يتحكم بهذا النتاج في الاستثمار واستعمار الثروة وحيازة كل أموال الأرض للتحكم فيها وبأهلها.
ورغم أن رسل الله في حياتنا المعاصرة كثيرة (الإمراض وتدهور البيئة والقتل والحروب التي تحصد حصدا) إلا أنهم لا يذكرون حتى يأتيهم الانتقام الذي يطالبون به وهو الكسف الذي يتمثل بفاعلية استبدال ماسكة غالبة فيمسك أهل القرءان بهذه الفاعلية فيصلحون ما أفسده أصحاب الأيكة وأصحاب ليكة.
تعليق