بسم الله الرحمن الرحيم
{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16)} ... الكهف
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نعتقد أن الأخوة الأفاضل في معهدنا الموقر يتفقون معنا أن دستورية القرءان الكريم تفرض على حامل القرءان أن يتعامل مع جميع ءاياته بصفة آنية و كأنها أنزلت الآن ...
ولأن مجرد الاعتقاد بأن قصة أصحاب الكهف و الرقيم قد حدثت في الماضي السحيق سيكون سببا في مسح بعض البيانات المهمة من دائرة التفكير العقلي مع عدم نفي المفكر لإمكانية حدوث مثل تلك القصة في الزمن الماضي إلا أن الاتكاء على كون القصة قد حدثت في الماضي سيقوض شيئا من دستورية القرءان و دستورية آياته الآنية ...
خاصة و أن حديثا للرسول صلى الله عليه و سلم قال فيه بما معناه من رأى منكم الدجال فليقرأ عليه خواتم سورة الكهف و في رواية فواتح سورة الكهف فإن الدجال لن يضره ... و نحن إذ نرى لرفع الخلاف بين الفواتح و الخواتم فإننا نرى في قراءة كامل سورة الكهف فمن استطاع قراءة سورة الكهف كاملة فليفعل ... و القراءة حتما لا تعني تحريك اللسان بتلاوة آيات من سورة الكهف بل القراءة تعني البيان ... بيان القرءان أو بيان سورة الكهف أو بيان آيات من سورة الكهف .... و حين يكون وصف الدجال هو أكبر وصف يمكن أن نصف به الحضارة القائمة اليوم و بامتياز و دون أدنى شك ... يصار من الواجب على من عاصر الحضارة القائمة من أمة محمد صلى الله عليه و سلم أن يقرأ و يبين بيانات من سورة الكهف ... و نحن لا نسعى في هذا إلى إثبات أو عدم إثبات صدق الحديث أو الرواية الواردة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و إنما نسعى إلى بيان من سورة الكهف عسى أن نجد فيها ما نرفع به ضرر الدجال علينا أو شيئا من الضرر المترتب عن الحضارة القائمة اليوم .
الآية من سورة الكهف أعلاه تدعو بدستوريتها الآنية كل معتزل فرد أو المعتزلين فرادى لما يعبدون إلا الله بالإيواء إلى الكهف و التي وردت بصيغة المفرد (فأوا) و قد أضيفت لرسم المصحف واو صغيرة (فأووا) لتقرأ بلوي اللسان جمعا ...
و لأجل معرفة كيفية الإيواء إلى الكهف و بغض النظر عن كون الفتية سواء كانوا فرادى أو كانوا جمعا ... سنضع عدة تساؤلات نبني عليها إنتاجنا الفكري و نسأل عن الكهف هل هو كهف واحد و في مكان واحد و محدد في الأرض ... أو أن الكهف هو عدة كهوف موزعة على كامل مساحة الأرض تتوافق في الصفة و الكينونة و أن السياق القرءاني قال بكهف واحد للدلالة على كهوف متعددة ؟
القرءان الكريم حسم الأمر حين قال بكهف واحد و لم يشر في سياق السورة إلى وجود أي كهوف أخرى أو أن الكهف الوارد ذكره هو للدلالة على كهوف أخرى و هنا نقيم تساؤل ءاخر على اعتبار أن الكهف هو كهف واحد و محدد في مكان واحد من الأرض فكيف للفتية المعتزلين أن يأووا إليه إذا كانوا بعيدين عنه جغرافيا و لنضرب مثلا بعصرنا هذا و الفتية متفرقين واحد في أمريكا و ءاخر في استراليا و ذاك في روسيا و منهم من هو في جنوب إفريقيا وو و مكان الكهف مثلا قد حدد في مكة أو في بيت المقدس ... فكيف للفتية البعيدون جغرافيا و مع كم العقبات و الحواجز التي وضعتها الدولة الحديثة لكل راغب في السفر أو تغيير محل إقامته ... و إذا افترضنا أن مكان الكهف في بيت المقدس مثلا فمن المستحيل أن تسمح دولة اليهود لفتية ءامنوا بربهم أن يأووا إلى شبر في أرض اغتصبتها و ما بالك بكهف سيسعى فتية من كل بقاع الأرض أن يؤووا إليه ؟
و على أساس هذه التساؤلات و الاعتبارات نحسم أمرنا في أن الإيواء المادي إلى الكهف في عصرنا هذا هو ضرب من الخيال بل و من المستحيلات و لن يبقى أمام الفتية المعتزلين في عصرنا هذا إلا أن يبحثوا عن ماهية و كيفية الإيواء العقلي ؟
الإيواء من (أو) و هي تعني ربط مكون فالذي يخير ليختار بين شيئين أحدهما أو كلاهما فإنما هو يقوم بربط مكون أحدهما أو كلاهما و ربط المكون لا يقتصر على الربط المادي و في الحقيقة أن ربط المكون خاضع مائة بالمائة إلى العقل حتى و إن كانت له صورة مادية فالمصلي مثلا يقوم بربط مكون عقلاني مع القبلة ثم يقوم بتجسيد ذلك من خلال توجيه وجهه و جسده باتجاه القبلة ...
المؤمن المصلي يأوي إلى الصلاة بالنية و هي إيجاب عقلاني يقوم في عقل المصلي يجسده بتوجهه للقبلة التي أمر الله بها في القرءان ببيان صريح و واضح بل و شديد الوضوح
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} ... البقرة
فقامت بذلك سببية و واجب تكليفي لكل من أراد أن يقيم الصلاة المنسكية أن يعرف الموقع الجغرافي للقبلة التي سيتوجه إليها و على هذا نسأل :
هل معرفة الموقع الجغرافي للكهف واجب تكليفي على الفتية المعتزلين الذي سيؤون إلى الكهف ؟
القرءان الكريم لم يحدد الموقع الجغرافي للكهف بصورة صريحة
القرءان الكريم وضع للكهف مواصفات محددة لها علاقة مع الشمس(تزاور و قرض) يمكن فقط لمن هو مقيم جغرافيا بمنطقة تواجد الكهف أن يحدد موقعه و غير ذلك و في زحمة القيود المعاصرة فلا أحد يمكنه تحديد الموقع الجغرافي للكهف إلا بوثيقة رسمية صادرة و مصادق عليها من فرعون أو هامان شخصيا و هذا ضرب من ضروب الخيال و لن يحدث إطلاقا ...
في الآية من سورة الكهف أعلاه ربط الله سبحانه و تعالى الإيواء إلى الكهف بتحقيق {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} و إذا تحقق مطلب الاعتزال لما يعبدون يأتي أمر الله سبحانه و تعالى مباشرة {فَأْوُا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16)} بدلالة الله سبحانه و تعالى عليه في حينه لا لمعرفة مسبقة قائمة في عقول الفتية و إلا كيف ستكون الآية عجبا و جزء منها معروف مسبقا ...
خلاصة أولية : في عصرنا هذا :
الإيواء المادي إلى الكهف : لا يمكن تحقيقه إلا للمقيم بجوار الكهف .
الإيواء العقلاني إلى الكهف : يمكن تحقيقه لغير المقيم بجوار الكهف كما في الصلاة المنسكية .
الأمر الإلهي للفتية بالإيواء إلا الكهف لا يتحصل إلا باعتزال و ما يعبدون إلا الله .
الاعتزال المادي : لا يمكن تحقيقه و غير متوفر لنا شخصيا و على الأقل حاليا و في ضل استشراء الفساد المنتشر .
الاعتزال العقلاني : يمكن تحقيقه بإتباع ملة إبراهيم .
اعتزال مادي لما يعبدون لتحقيق إيواء مادي إلى الكهف لا يمكن تحقيقه في عصرنا هذا .
اعتزال عقلاني لما يعبدون لتحقيق إيواء عقلاني إلى الكهف هو المطلب الوحيد الذي يمكن تحقيقه في عصرنا هذا
****
و يبقى السؤال الملح الذي يطرح نفسه و بشدة و الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بدلالة الله عليه و هو الموقع الجغرافي للكهف ؟
و الله سبحانه و تعالى يقول { وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)} ...الكهف
و نضع بين أيدي الأخوة المحاورين محاولاتنا الفكرية لبيان الكيفية مع الوضع بعين الاعتبار بعد الفتية جغرافيا عن موقع الكهف ؟
1- الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين ...
2- الشمس إذا غربت تقرضهم ذات الشمال ( تقرض الفتية ) و الشمال لا تعني اليسار بل هي من شمل ، يشمل ، يشتمل و شمول .
3- و هم في فجوة منه أي أن الفتية في فجوة من الكهف ... و هل كون الفتية في فجوة منه تعني أن الفتية هم داخل الكهف ؟؟؟
ملاحظات فكرية نقيمها كما يلي :
1- الشمس إذا طلعت تزاور عن الكهف ذات اليمين و لا تزاور عن الفتية ذات اليمين و بالتالي فإن الشمس تزاور عن الكهف في الموقع الجغرافي للكهف و لا علاقة للفتية بذلك التزاور .
2- الرابطة التي تربط الفتية بالشمس تقوم عند غروب الشمس لتقرضهم الشمس ذات الشمال و لا علاقة للكهف أو موقعه الجغرافي بذلك القرض .
3- الرابط الذي يربط الفتية بالكهف هو رابط الفجوة بدلالة حرف الواو الوارد في (فجوة) .
*****
و هنا رسالة أخرى وردت إلى بريدنا العقلي و تحتاج إلى تدبر يرتكز على دستورية القرءان و ءاياته الآنية
{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)} ... البقرة
و نضع بين أيدي الأخوة محاولتنا الفكرية في المعادلة القرءانية التي تحملها هذه الآية من سورة البقرة كالتالي :
انقسام الناس إلى قسمين ( سفهاء + عقلاء )
القبلة قبلتان قبلة المشرق و قبلة المغرب
الناس جميعا (سفهاء و عقلاء) كانوا على قبلة واحدة هي قبلة المشرق بدلالة السبق للمشرق على المغرب الوارد في الآية
العقلاء تولوا عن قبلة الناس إلى قبلة أخرى هي قبلة المغرب بدلالة أن القول الوارد في الآية هو قول السفهاء
****
و هنا رسالة قرءانية أخرى تحتاج إلى وقوف و معالجة فكرية عميقة تقضي بانقسام بني إسرائيل (المصلين) إلى قسمين
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)} ... الصف .
و نقرأ أيضا في الرواية المروية ما يمكن أن نقيم به ما مادة علمية إذا استطعنا إثبات صدق الرواية من عدمه ... نقرأ ثم نسأل ثم نجيب :
- فنقرأ : إذا رأيتم الخلافة قد نزلت بيت المقدس فقد اقتربت الزلازل و البلابل و الأمور العظام ...
- ثم نسأل
{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16)} ... الكهف
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نعتقد أن الأخوة الأفاضل في معهدنا الموقر يتفقون معنا أن دستورية القرءان الكريم تفرض على حامل القرءان أن يتعامل مع جميع ءاياته بصفة آنية و كأنها أنزلت الآن ...
ولأن مجرد الاعتقاد بأن قصة أصحاب الكهف و الرقيم قد حدثت في الماضي السحيق سيكون سببا في مسح بعض البيانات المهمة من دائرة التفكير العقلي مع عدم نفي المفكر لإمكانية حدوث مثل تلك القصة في الزمن الماضي إلا أن الاتكاء على كون القصة قد حدثت في الماضي سيقوض شيئا من دستورية القرءان و دستورية آياته الآنية ...
خاصة و أن حديثا للرسول صلى الله عليه و سلم قال فيه بما معناه من رأى منكم الدجال فليقرأ عليه خواتم سورة الكهف و في رواية فواتح سورة الكهف فإن الدجال لن يضره ... و نحن إذ نرى لرفع الخلاف بين الفواتح و الخواتم فإننا نرى في قراءة كامل سورة الكهف فمن استطاع قراءة سورة الكهف كاملة فليفعل ... و القراءة حتما لا تعني تحريك اللسان بتلاوة آيات من سورة الكهف بل القراءة تعني البيان ... بيان القرءان أو بيان سورة الكهف أو بيان آيات من سورة الكهف .... و حين يكون وصف الدجال هو أكبر وصف يمكن أن نصف به الحضارة القائمة اليوم و بامتياز و دون أدنى شك ... يصار من الواجب على من عاصر الحضارة القائمة من أمة محمد صلى الله عليه و سلم أن يقرأ و يبين بيانات من سورة الكهف ... و نحن لا نسعى في هذا إلى إثبات أو عدم إثبات صدق الحديث أو الرواية الواردة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و إنما نسعى إلى بيان من سورة الكهف عسى أن نجد فيها ما نرفع به ضرر الدجال علينا أو شيئا من الضرر المترتب عن الحضارة القائمة اليوم .
الآية من سورة الكهف أعلاه تدعو بدستوريتها الآنية كل معتزل فرد أو المعتزلين فرادى لما يعبدون إلا الله بالإيواء إلى الكهف و التي وردت بصيغة المفرد (فأوا) و قد أضيفت لرسم المصحف واو صغيرة (فأووا) لتقرأ بلوي اللسان جمعا ...
و لأجل معرفة كيفية الإيواء إلى الكهف و بغض النظر عن كون الفتية سواء كانوا فرادى أو كانوا جمعا ... سنضع عدة تساؤلات نبني عليها إنتاجنا الفكري و نسأل عن الكهف هل هو كهف واحد و في مكان واحد و محدد في الأرض ... أو أن الكهف هو عدة كهوف موزعة على كامل مساحة الأرض تتوافق في الصفة و الكينونة و أن السياق القرءاني قال بكهف واحد للدلالة على كهوف متعددة ؟
القرءان الكريم حسم الأمر حين قال بكهف واحد و لم يشر في سياق السورة إلى وجود أي كهوف أخرى أو أن الكهف الوارد ذكره هو للدلالة على كهوف أخرى و هنا نقيم تساؤل ءاخر على اعتبار أن الكهف هو كهف واحد و محدد في مكان واحد من الأرض فكيف للفتية المعتزلين أن يأووا إليه إذا كانوا بعيدين عنه جغرافيا و لنضرب مثلا بعصرنا هذا و الفتية متفرقين واحد في أمريكا و ءاخر في استراليا و ذاك في روسيا و منهم من هو في جنوب إفريقيا وو و مكان الكهف مثلا قد حدد في مكة أو في بيت المقدس ... فكيف للفتية البعيدون جغرافيا و مع كم العقبات و الحواجز التي وضعتها الدولة الحديثة لكل راغب في السفر أو تغيير محل إقامته ... و إذا افترضنا أن مكان الكهف في بيت المقدس مثلا فمن المستحيل أن تسمح دولة اليهود لفتية ءامنوا بربهم أن يأووا إلى شبر في أرض اغتصبتها و ما بالك بكهف سيسعى فتية من كل بقاع الأرض أن يؤووا إليه ؟
و على أساس هذه التساؤلات و الاعتبارات نحسم أمرنا في أن الإيواء المادي إلى الكهف في عصرنا هذا هو ضرب من الخيال بل و من المستحيلات و لن يبقى أمام الفتية المعتزلين في عصرنا هذا إلا أن يبحثوا عن ماهية و كيفية الإيواء العقلي ؟
الإيواء من (أو) و هي تعني ربط مكون فالذي يخير ليختار بين شيئين أحدهما أو كلاهما فإنما هو يقوم بربط مكون أحدهما أو كلاهما و ربط المكون لا يقتصر على الربط المادي و في الحقيقة أن ربط المكون خاضع مائة بالمائة إلى العقل حتى و إن كانت له صورة مادية فالمصلي مثلا يقوم بربط مكون عقلاني مع القبلة ثم يقوم بتجسيد ذلك من خلال توجيه وجهه و جسده باتجاه القبلة ...
المؤمن المصلي يأوي إلى الصلاة بالنية و هي إيجاب عقلاني يقوم في عقل المصلي يجسده بتوجهه للقبلة التي أمر الله بها في القرءان ببيان صريح و واضح بل و شديد الوضوح
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} ... البقرة
فقامت بذلك سببية و واجب تكليفي لكل من أراد أن يقيم الصلاة المنسكية أن يعرف الموقع الجغرافي للقبلة التي سيتوجه إليها و على هذا نسأل :
هل معرفة الموقع الجغرافي للكهف واجب تكليفي على الفتية المعتزلين الذي سيؤون إلى الكهف ؟
القرءان الكريم لم يحدد الموقع الجغرافي للكهف بصورة صريحة
القرءان الكريم وضع للكهف مواصفات محددة لها علاقة مع الشمس(تزاور و قرض) يمكن فقط لمن هو مقيم جغرافيا بمنطقة تواجد الكهف أن يحدد موقعه و غير ذلك و في زحمة القيود المعاصرة فلا أحد يمكنه تحديد الموقع الجغرافي للكهف إلا بوثيقة رسمية صادرة و مصادق عليها من فرعون أو هامان شخصيا و هذا ضرب من ضروب الخيال و لن يحدث إطلاقا ...
في الآية من سورة الكهف أعلاه ربط الله سبحانه و تعالى الإيواء إلى الكهف بتحقيق {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} و إذا تحقق مطلب الاعتزال لما يعبدون يأتي أمر الله سبحانه و تعالى مباشرة {فَأْوُا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16)} بدلالة الله سبحانه و تعالى عليه في حينه لا لمعرفة مسبقة قائمة في عقول الفتية و إلا كيف ستكون الآية عجبا و جزء منها معروف مسبقا ...
خلاصة أولية : في عصرنا هذا :
الإيواء المادي إلى الكهف : لا يمكن تحقيقه إلا للمقيم بجوار الكهف .
الإيواء العقلاني إلى الكهف : يمكن تحقيقه لغير المقيم بجوار الكهف كما في الصلاة المنسكية .
الأمر الإلهي للفتية بالإيواء إلا الكهف لا يتحصل إلا باعتزال و ما يعبدون إلا الله .
الاعتزال المادي : لا يمكن تحقيقه و غير متوفر لنا شخصيا و على الأقل حاليا و في ضل استشراء الفساد المنتشر .
الاعتزال العقلاني : يمكن تحقيقه بإتباع ملة إبراهيم .
اعتزال مادي لما يعبدون لتحقيق إيواء مادي إلى الكهف لا يمكن تحقيقه في عصرنا هذا .
اعتزال عقلاني لما يعبدون لتحقيق إيواء عقلاني إلى الكهف هو المطلب الوحيد الذي يمكن تحقيقه في عصرنا هذا
****
و يبقى السؤال الملح الذي يطرح نفسه و بشدة و الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بدلالة الله عليه و هو الموقع الجغرافي للكهف ؟
و الله سبحانه و تعالى يقول { وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)} ...الكهف
و نضع بين أيدي الأخوة المحاورين محاولاتنا الفكرية لبيان الكيفية مع الوضع بعين الاعتبار بعد الفتية جغرافيا عن موقع الكهف ؟
1- الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين ...
2- الشمس إذا غربت تقرضهم ذات الشمال ( تقرض الفتية ) و الشمال لا تعني اليسار بل هي من شمل ، يشمل ، يشتمل و شمول .
3- و هم في فجوة منه أي أن الفتية في فجوة من الكهف ... و هل كون الفتية في فجوة منه تعني أن الفتية هم داخل الكهف ؟؟؟
ملاحظات فكرية نقيمها كما يلي :
1- الشمس إذا طلعت تزاور عن الكهف ذات اليمين و لا تزاور عن الفتية ذات اليمين و بالتالي فإن الشمس تزاور عن الكهف في الموقع الجغرافي للكهف و لا علاقة للفتية بذلك التزاور .
2- الرابطة التي تربط الفتية بالشمس تقوم عند غروب الشمس لتقرضهم الشمس ذات الشمال و لا علاقة للكهف أو موقعه الجغرافي بذلك القرض .
3- الرابط الذي يربط الفتية بالكهف هو رابط الفجوة بدلالة حرف الواو الوارد في (فجوة) .
*****
و هنا رسالة أخرى وردت إلى بريدنا العقلي و تحتاج إلى تدبر يرتكز على دستورية القرءان و ءاياته الآنية
{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)} ... البقرة
و نضع بين أيدي الأخوة محاولتنا الفكرية في المعادلة القرءانية التي تحملها هذه الآية من سورة البقرة كالتالي :
انقسام الناس إلى قسمين ( سفهاء + عقلاء )
القبلة قبلتان قبلة المشرق و قبلة المغرب
الناس جميعا (سفهاء و عقلاء) كانوا على قبلة واحدة هي قبلة المشرق بدلالة السبق للمشرق على المغرب الوارد في الآية
العقلاء تولوا عن قبلة الناس إلى قبلة أخرى هي قبلة المغرب بدلالة أن القول الوارد في الآية هو قول السفهاء
****
و هنا رسالة قرءانية أخرى تحتاج إلى وقوف و معالجة فكرية عميقة تقضي بانقسام بني إسرائيل (المصلين) إلى قسمين
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)} ... الصف .
و نقرأ أيضا في الرواية المروية ما يمكن أن نقيم به ما مادة علمية إذا استطعنا إثبات صدق الرواية من عدمه ... نقرأ ثم نسأل ثم نجيب :
- فنقرأ : إذا رأيتم الخلافة قد نزلت بيت المقدس فقد اقتربت الزلازل و البلابل و الأمور العظام ...
- ثم نسأل
1- هل نزول الخلافة بيت المقدس هو نزول مادي بجيوش جرارة و قوات مقاتلة فاتحة ؟
2- أو أن نزول الخلافة بيت المقدس هو نزول عقلاني من خلال ربط الخلافة لرابط عقلاني مع بيت المقدس ؟
3- و السؤال المهم و الأهم الذي نطرحه هل الخلافة المقصودة بالنزول لبيت المقدس هي خلافة مادية أو خلافة عقلانية ؟؟؟
2- أو أن نزول الخلافة بيت المقدس هو نزول عقلاني من خلال ربط الخلافة لرابط عقلاني مع بيت المقدس ؟
3- و السؤال المهم و الأهم الذي نطرحه هل الخلافة المقصودة بالنزول لبيت المقدس هي خلافة مادية أو خلافة عقلانية ؟؟؟
- ثم نجيب
1- أن نزول الخلافة المادي و بجيوش جرارة و قوات مقاتلة فاتحة قد حدث في الماضي في زمن خلافة عمر بن الخطاب و لم نسمع في التاريخ و منذ فتح جيوش الخليفة عمر بن الخطاب لبيت المقدس و إلى غاية يومنا و الذي ينبئ بقرب الزلازل و البلابل و الأمور العظام أن آخر ما ذكرنا من الأمور العظام قد حدث و بيت المقدس اليوم في قبضة الدجال الحديدية .
2- نزول الخلافة بيت المقدس نزولا عقلانيا من خلال ربط الخلافة لرابط عقلاني مع بيت المقدس يمكن أن نعتبره مادة علمية نقيم البيان عليها خاصة و إذا عرفنا أن بيت المقدس هو أول القبلتين و أن الرابط الذي يربطه المصلون ( بني إسرائيل ) مع القبلة هو رابط عقلاني خاصة و إذا ربطنا هذا التصور برواية أخرى للرسول صلى الله تقول (عمار بيت المقدس خراب يثرب) و يثرب هي المدينة المنورة التي عمرها الرسول صلى الله عليه و سلم عمار عقلاني من يوم هجرته صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا بعد أول حادثة للإسراء قام بها الرسول صلى الله عليه و سلم و تقرر فيها تغيير وجهة القبلة من المسجد الأقصا أول القبلتين إلى المسجد الحرام فيكون على أساس ذلك خراب يثرب هو خراب عقلاني بعمار عقلاني لبيت المقدس يقيمه بني إسرائيل بربط رابط عقلاني مع بيت المقدس .
3- و على أساس ذلك يمكن أن نقول بنزول الخلافة بيت المقدس نزولا عقلانيا لا نزولا ماديا إذا ما تم ربطه بإيواء الفتية إيواء عقلانيا إلى الكهف .
2- نزول الخلافة بيت المقدس نزولا عقلانيا من خلال ربط الخلافة لرابط عقلاني مع بيت المقدس يمكن أن نعتبره مادة علمية نقيم البيان عليها خاصة و إذا عرفنا أن بيت المقدس هو أول القبلتين و أن الرابط الذي يربطه المصلون ( بني إسرائيل ) مع القبلة هو رابط عقلاني خاصة و إذا ربطنا هذا التصور برواية أخرى للرسول صلى الله تقول (عمار بيت المقدس خراب يثرب) و يثرب هي المدينة المنورة التي عمرها الرسول صلى الله عليه و سلم عمار عقلاني من يوم هجرته صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا بعد أول حادثة للإسراء قام بها الرسول صلى الله عليه و سلم و تقرر فيها تغيير وجهة القبلة من المسجد الأقصا أول القبلتين إلى المسجد الحرام فيكون على أساس ذلك خراب يثرب هو خراب عقلاني بعمار عقلاني لبيت المقدس يقيمه بني إسرائيل بربط رابط عقلاني مع بيت المقدس .
3- و على أساس ذلك يمكن أن نقول بنزول الخلافة بيت المقدس نزولا عقلانيا لا نزولا ماديا إذا ما تم ربطه بإيواء الفتية إيواء عقلانيا إلى الكهف .
و يبقى السؤال العجب العجيب مطروحا ... فأوا إلى الكهف... كيف و متى و أين ؟
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تعليق