حقيقة الوفاق الأمريكي-الروسي والغرض من القمم النووية
أولاً: الوفاق الأمريكي الروسي المضطرب:
1- إن بوتين وقد كان مدير الكي جي بي في الاتحاد السوفييتي السابق يحن إلى دور دولي بارز كما كان الاتحاد السوفييتي مع أمريكا، ولهذا وافق على القيام بالدور العدواني الإجرامي في سوريا لمصلحة أمريكا بتثبيت حكم بشار إلى أن تجد أمريكا البديل بعد أن كاد يسقط وخشيت أمريكا أن يملأ الفراغ بعده قوى إسلامية مخلصة... لقد كان بوتين يظن أنه بخدمة أمريكا في سوريا ستهدِّئ عنه مشاكل الحدود الجنوبية لروسيا في أوكرانيا وما حول أوكرانيا، ولكن هذا أمر وذاك أمر! فإن انزلاق روسيا في حرب المسلمين سيذيق روسيا بعون الله ويلات وويلات تكون معها مشاكل أوكرانيا والملحقات نقطةً في بحر غضب المسلمين عليها، وإن غداً لناظره قريب. هذا من جهة...
ومن جهة أخرى، فإن بوتين كان يظن أن أمريكا ستكافئه برفع دور روسيا الدولي، وإبرازها في المسائل الدولية! إن هذا غباء سياسي لأن الدول القائمة على المبدأ الرأسمالي ليس لديها قيم إلا المنفعة، واستغلال الآخرين، ولذلك فإن الدول الرأسمالية الأقوى تبذل الوسع للهيمنة على الدول الرأسمالية الأضعف... وأمريكا وأوروبا وروسيا تتبع المبدأ الرأسمالي، وليس كما كان الوضع السابق عندما كان الغرب يتبع المبدأ الرأسمالي والاتحاد السوفيتي يتبع المبدأ الاشتراكي الشيوعي، فكان لكل من المبدأين قيمه المتصارعة مع بعضها البعض، فكان يمكن أن يتنافسا على الهيمنة والنفوذ وأن تكون الندية متوقعة... وأما الدول الكبرى التي تتبنى الرأسمالية فتبقى الهيمنة فيها للدولة القوية، واتفاقها مع الدول الأخرى التي من المبدأ نفسه يكون لخدمتها وليس لتكون نداً لها، ولذلك فلا تقبل أمريكا أن تكون أوروبا نداً لها، أو تكون روسيا نداً لها، إلا أن تكون هذه الدول في درجة من القوة تستطيع أن تنازعها النفوذ لتكون نداً لها، وذلك لأن المبدأ الرأسمالي قائم على المنفعة، والحظ الوافر للأقوى.
2-وهكذا فإن ظن بوتين أنه لو خدم مصلحة أمريكا في سوريا فإن أمريكا ستهدئ من مشاكل روسيا الإقليمية والدولية هو ظن خاطئ، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في الأمرين المذكورين في السؤال، وهما القمة النووية، والحرب بين أذربيجان وأرمينيا:
أ- أما القمة النووية فقد قامت أمريكا بالتحضير للقمة والإعداد لها من برامج وجدول الأعمال مهمِلةً في كل ذلك روسيا التي هي ثانية دولة نووية في العالم... وقد استمرت القمة من 2016/3/31 إلى 2016/4/1 حاولت فيها الولايات المتحدة إثبات أنها القوة الكبرى والعظمى، والزعيمة التاريخية التي تقود كل دول العالم، وتفعل ما يحلو لها في أي مكان وفي أي وقت، حتى إنها لم تعر اهتماماً لروسيا فلم تشركها في التحضير للقمة باعتبارها ثانية أكبر دولة نووية: (لقد أكد الكرملين على أن التحضير لهذه القمة افتقر إلى التعاون مع روسيا. كما أن دراسة القضايا المتعلقة بالأمن النووي تتطلب جهوداً مشتركة، والأخذ بعين الاعتبار مصالح ومواقف الأطراف الأخرى. هذا ما قاله الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف. ولكنه أوضح بشكل مباشر بأن موسكو واجهت أثناء التحضير لعقد القمة نقصاً في التعاون في دراسة القضايا والمواضيع المدرجة على جدول الأعمال.. مع حملة إعلامية استفزازية من جانب الولايات المتحدة).(روسيا اليوم 2016/3/31م).
لقد ظهر على تصرفات واشنطن خلال الدعوة للقمة وأثناء انعقادها ما يمكن وصفه بالاستخفاف إلى حد الإهانة لروسيا ما دعا بوتين إلى عدم الحضور، ومع أن السبب كان إهمال أمريكا لروسيا في التحضير وإجراءات المؤتمر إلا أن الرد الأمريكي على عدم حضور بوتين كان أكثر برودًا واستخفافًا مما كان عليه الأمر إبان الحرب الباردة، فنائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بن رودس قال: (نعتقد أن روسيا بقرارها عدم المشاركة بوفد على مستوى عالٍ في قمة الأمن النووي في واشنطن هذا الأسبوع أهدرت الفرصة على نفسها في المقام الأول، وأن كل ما يفعلونه هو عزل أنفسهم بعدم المشاركة مثلما فعلوا في السابق). (موقع البديل 2016/3/31). بل إن أوباما قد أنزل من قيمة روسيا بوضعها في الخانة نفسها لكوريا الشمالية، فقال في نهاية القمة النووية: (إنه لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لتقليص الترسانة النووية لروسيا وكوريا الشمالية، مضيفاً "عملنا لم ينته بعد فهناك الكثير من المواد النووية التي يتعين تأمينها على مستوى العالم"). (الجزيرة نت 2016/4/2)، وهكذا فإنه يتبين مدى الاستخفاف الأمريكي بروسيا في موضوع القمة النووية!
ب- وأما الحرب بين أذربيجان وأرمينيا... فقد اشتعلت المعارك بشكل شبه مفاجئ على طول خط وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان في منطقة كاراباخ الجبلية ليلة 2016/4/2... تداعت القيادات السياسية والعسكرية في باكو عاصمة أذربيجان لاجتماعات عاجلة وكذلك فعلت أرمينيا التي صرح رئيسها سركسيان: (إنها المعارك المسلحة الأخطر منذ إرساء وقف لإطلاق النار عام 1994). (الجزيرة نت 2016/4/3)، ويمكن الاستنتاج بأن النفوذ الروسي كان مستقراً للغاية في أرمينيا التي تستضيف واحدة من كبريات القواعد العسكرية الروسية التي تضم الفرقة 102 في الجيش الروسي ويتمركز فيها قرابة 5000 جندي روسي، وتقدم روسيا المنح والقروض لدولة أرمينيا الفقيرة بالموارد، وكانت تمدها بالدعم العسكري في حقبة النزاع مع أذربيجان على إقليم كاراباخ الجبلي قبل وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وكانت روسيا هي الوسيط الذي فرض وقف إطلاق النار سنة 1994 بين الطرفين، وكان ذلك لصالح أرمينيا إذ إنها وأشياعها في إقليم كاراباخ قد سيطروا على الإقليم الأذري بشكل كامل وتم احتلال 9% من أراضي أذربيجان الأخرى غرب وجنوب الإقليم، بل في شرقه أيضاً، ولذلك كانت روسيا مهتمة في وقف هذه الحرب الأخيرة... وأما دور أمريكا في هذه الحرب التي اشتعلت... فقد كان من وراء ستار بل دون ستار، فقد نشر موقع "المصري اليوم" في 2016/3/31 أن (رئيس أذربيجان قد طالب الأربعاء 2016/3/30 في واشنطن أمام وزير الخارجية الأمريكي كيري أرمينيا بأن تسحب "فورا" قواتها من ناغورني قره باخ، الإقليم الذي يخوض حوله البلدان نزاعا تحاول واشنطن منذ سنوات حله. واستقبل كيري الرئيس الأذربيجاني على هامش قمة دولية حول الأمن النووي ينظمها الرئيس باراك أوباما يومي الخميس والجمعة. وقال علييف للصحافيين أمام كيري "نحن ممتنون لحكومة الولايات المتحدة على جهودها الرامية لإيجاد سبيل لحل النزاع المديد بين أرمينيا وأذربيجان". وأضاف أن "النزاع يجب أن يحل على قاعدة قرار لمجلس الأمن يدعو لانسحاب فوري وغير مشروط للقوات الأرمنية من أراضينا". أما كيري فدعا من جهته إلى "حل نهائي للنزاع المجمد في ناغورني قره باخ والذي يجب أن يكون حلاً تفاوضياً").
وإذا كانت أذربيجان ونفطها وأنابيب النقل منها إلى البحر الأسود وتركيا قد جذبت اهتماماً أمريكياً كبيراً بها منذ استقلالها سنة 1991 بما تحويه من أهمية في الصراع الروسي الأمريكي، فإن تصريحات الرئيس الأذري قبل اندلاع القتال بثلاثة أيام، ومن واشنطن، وبرفقة وزير الخارجية كيري، تشير بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا هي التي تشعل الحرب في فناء روسيا القفقازي، وهذا تهديد للمصالح الروسية في أرمينيا والقفقاز، فهذه المنطقة شديدة الحساسية لروسيا... أي أن أمريكا بتفجير هذه الحرب إنما توجه صدمات ضاغطة في خاصرة روسيا...
والخلاصة هي أنه من الغباء السياسي أن يظن بوتين أنه بصفقته الإجرامية القذرة مع أمريكا في سوريا سينال حظوة أمريكية بتهدئة مشاكله الإقليمية والدولية، بل ستبقى حدود الصفقة محصورة في سوريا بسبب خدمة روسيا لمصالح أمريكا وليس بالضرورة أن تتجاوز ذلك إلى قضايا دولية أخرى، وهذا يفسر توتر العلاقات الأمريكية الروسية في القمة النووية والحرب بين أذربيجان وأرمينيا رغم هدوء العلاقات في سوريا.
ثانياً: القمم النووية والغرض منها:
1-خلال الحرب الباردة لعبت الأسلحة النووية دوراً أساسياً في تنافس القوى العظمى وفي إقرار أمن الدول، وقد شجعت المعضلة الأمنية الناجمة عن اختلال التوازن في الأسلحة التقليدية بين الدول بعضها بعضاً على الحصول على مزيد من الأسلحة التقليدية والنووية في محاولة لاستعادة التكافؤ. لقد كانت الولايات المتحدة أولى الدول التي صنعت القنبلة النووية، وهذا ما أعطاها ميزة كبيرة على روسيا، وكانت روسيا مهددة بالأسلحة النووية حتى امتلكتها، وبذلك، نجحت في استعادة التوازن العسكري مع أمريكا... وبالمثل، فإن فرنسا وبريطانيا اللتين شعرتا بالتهديد والخوف من الترسانة النووية التي استحوذت عليها روسيا حاولتا وسعتا إلى استعادة بعض التكافؤ مع روسيا. الصين أيضا التي شعرت بالضعف أمام روسيا سعت وتمكنت من امتلاك قنابل نووية، وهذا الشعور بالضعف دفع الهند أيضا لشراء قنابل نووية لمواجهة العدوان الصيني ثم تبعتها باكستان في محاولة للتفوق العسكري على الهند. أما الدول التي لم تكن تطمع بأن يكون لها نشاط نووي فقد تحالفت إما مع أمريكا أو مع الاتحاد السوفييتي لتحمي نفسها من الأسلحة النووية، وقد كانت هذه الحماية على هيئة مظلات نووية، فعلى سبيل المثال فإن أمريكا كانت تزود أوروبا والعديد من بلدان منطقة المحيط الهادي الآسيوية بمظلة نووية لحمايتهم من الاتحاد السوفييتي.
2-في فترة ما بعد الحرب الباردة مهّد الردع النووي الطريق أمام تحرك من أجل نزع السلاح النووي، فقد شعر الكثيرون بأنه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي قد تغيرت البيئة الأمنية الدولية وإلى الأبد، وبأن السلام النووي الذي فُرض زوراً بعد هيروشيما وناغازاكي لم يعد قائماً. إن العولمة، والتغير المناخي، وبروز المنظمات والكيانات غير الدول، وظهور التوترات العرقية في الفضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي، كل ذلك كان يعني بأنه إن لم يتم التخلص من الأسلحة النووية التي كانت بيد الاتحاد السوفييتي سابقاً وبشكل صحيح فإنها من الممكن أن تقع في الأيدي الخطأ وتسبب بالتالي ضرراً بالغا... وفي مواجهة هذا الوضع، فإن الدول الناشئة في امتلاك الأسلحة النووية كأوكرانيا وكازاخستان تخلت بسرعة عن أسلحتها النووية في مقابل ضمانات إقليمية.
3-لقد دفعت هذه البيئة الأمنية الجديدة بمفهومين أساسيين إلى الصدارة هما نزع السلاح وعدم انتشار الأسلحة النووية، وبما أن أمريكا كانت القوة العظمى الوحيدة في العالم، فإن الناس في جميع أنحاء العالم نظروا إلى أمريكا وتأملوا بأن تقوم بأخذ زمام المبادرة في مجال نزع السلاح النووي وعدم انتشاره. ومع ذلك، فإن كلاً من إدارتي كلينتون وبوش فعلتا القليل جداً في هذا الخصوص. وفي كانون الثاني/يناير 2007 اقترح مسؤولون أمريكان سابقون هم هنري كيسينجر وجورج شولتز وبيل بيري وسام نان (والذين عرفوا بـ"عصابة الأربعة" للردع النووي)، اقترحوا بأن تكرس الولايات المتحدة نفسها للقضاء على الأسلحة النووية... ومع ذلك فلم يتم وضع نزع السلاح النووي في صلب جدول الأجندة النووية إلا عند تولي أوباما للرئاسة... وفي عام 2009 قال أوباما متحدثا من براغ أمام حشد من 20,000 شخص بأن: (الولايات المتحدة مسؤولة أخلاقياً عن العمل على تخليص العالم من الأسلحة النووية. وقال: "إن وجود آلاف الأسلحة النووية هو إرث أكثر خطورة من الحرب الباردة. اليوم اختفت الحرب الباردة إلا أن آلافا من هذه الأسلحة لم تختف بعد"). (موقع بي بي سي 2009/4/5)... وبعد ذلك عقدت أربع قمم نووية:
* القمة النووية الأولى 12-2010/4/13 في واشنطن...
* القمة النووية الثانية 26-2012/3/27 في سيئول كوريا الجنوبية...
* القمة النووية الثالثة 24-2014/3/25 في دنهاق هولندا...
* القمة النووية الرابعة 3/31-2016/4/1 في واشنطن...
4-إن سياسة أمريكا في ما تسميه نزع السلاح النووي ليس مقصوداً منها حسب خطتها النزع الفعلي للسلاح النووي من جميع الدول بل هي تقصد منه نزع أسلحة الدول الأخرى ويبقى السلاح النووي فقط لديها، وإن لم تستطع ذلك فأقصى ما يمكن أن تفعله بموجب مخططاتها هو التخفيض بنسبة معينة من مخزون السلاح النووي لدى الدول النووية، وهي التي تتحكم بهذه النسبة، ولأن مخزونها النووي هو الأعلى فإنها بتحديد نسبة تطبق على الدول النووية ستخفض مخزون الدول الأخرى بحيث يصبح ما لديها غير فاعل إذا ما قيس بمخزون أمريكا، ولذلك فإن البيانات الختامية للقمم النووية الأربع هي بيانات فضفاضة لا يوجد فيها أي نص يدل على نزع الأسلحة النووية فعلاً من العالم. وهذا يظهر بوضوح في البيانات الختامية، وإذا أخذنا البيان الختامي للقمة الرابعة التي هي أبرز تلك القمم فسنجده لا يتجاوز نصوصاً عامة غير ملزمة وغير مجدية في نزع السلاح النووي، فقد جاء في البيان الختامي:
(أكدت الدول المشاركة بقمة "الأمن النووي" الرابعة في واشنطن، التزامها بنزع السلاح النووي والحد من انتشاره والتأكيد على الاستخدام السلمي للطاقة النووية... وحذرت القمة في بيانها الختامي من أن "تهديد الإرهاب النووي والإشعاعي لا يزال واحدا من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الدولي وأن التهديد في تطور مستمر"... وأكد زعماء العالم التزامهم بمنع وصول الأسلحة النووية إلى أيدي المتطرفين، إلا أنهم حذروا من أن التهديد "في تطور مستمر"... وقال الزعماء في بيان مشترك في قمة الأمن النووي التي تستضيفها واشنطن: "لا يزال هناك مزيد من العمل يتعين القيام به لمنع الجهات الفاعلة غير الحكومية من الحصول على النووي وغيره من المواد المشعة الأخرى، التي يمكن استخدامها لأغراض خبيثة"... وأضاف القادة في بيانهم
"إننا نؤكد مجددا التزامنا بأهدافنا المشتركة لنزع السلاح النووي، وعدم الانتشار النووي، والاستخدام السلمي للطاقة النووية"... وتابعوا "نحن نلتزم تعزيز بيئة دولية سلمية ومستقرة عن طريق الحد من خطر الإرهاب النووي وتعزيز الأمن النووي"... وكانت قمة الأمن النووي الرابعة انطلقت في واشنطن أول أمس الخميس وذلك لبحث سبل تعزيز إجراءات الأمن للمواد النووية ومنع وقوعها في أيدي الإرهابيين وذلك بمشاركة قادة أكثر من50 دولة ومنظمة). (موقع اليوم "واس-واشنطن" 2016/4/2) انتهى
وبتدبر هذا البيان فلا يُرى فيه أي نص عملي لنزع السلاح العالمي، بل حتى لم يذكروا شيئاً عن امتلاك دولة يهود لترسانة من الأسلحة النووية في منطقة تخلو من السلاح النووي، ولطالما قالوا إن تحقيق الأمن النووي الحقيقي يبدأ من العمل الجاد لإنشاء مناطق خالية من أسلحة الدمار الشامل! وهكذا فليس المقصود من هذه القمم نزع السلاح الفعلي للأسلحة النووية من العالم، بل المقصود منه التحكم الأمريكي النووي في شئون الدول... ويؤكد ذلك أوباما في تصريحاته حول المؤتمر بأن أمريكا تريد ضبط الأسلحة النووية والتحكم بها: (الرئيس الأمريكي باراك أوباما: "لا يزال هناك قدر كبير من المواد النووية والمشعة في جميع أنحاء العالم والتي تحتاج إلى التأمين. المخزون العالمي من البلوتونيوم في نمو متزايد، الترسانات النووية تتوسع في بعض البلدان، وقد تكون هناك أسلحة نووية تكتيكية صغيرة عرضة للسرقة."، وأوضح أوباما أن بلاده ستقوم بدورها لحماية المواد النووية حتى تقوم الدول الأخرى بتحسين إجراءات الأمن والشفافية). (موقعeuronews 2016/4/2)، وكذلك قال أوباما: (وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مؤتمر صحفي عقب انتهاء القمة يوم السبت إن هناك قدرا كبيرا من المواد النووية حول العالم يتعين تأمينها مع نمو المخزونات العالمية من البلوتونيوم... واعتبر أوباما أنه لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لتقليص الترسانة النووية لروسيا وكوريا الشمالية، قائلا إن أمريكا الجنوبية باتت خالية من المواد النووية، وإن 14 دولة - منها تايوان وليبيا وفيتنام - تخلصت من اليورانيوم والبلوتونيوم المخصب). (الجزيرة 2016/04/02م).
وهكذا فإن أمريكا تريد من هذه القمم أن تتولى ضبط السلاح النووي لتكون هي المتحكمة فيه، حتى المؤتمرات التي تعقدها تجعلها تحت تصرفها فتدعو من تشاء وتمنع من تشاء، وتستفز أو تهين من تشاء معتبرة نفسها سيدة العالم، وما ذلك إلا لأنها لا تجد دولة ذات شأن تقف في وجهها!
وسيبقى هكذا حال أمريكا مع الدول الخانعة لها إلى أن يبزغ فجر الاسلام وعندها ستأتيهم قوة الإسلام من حيث لم يحتسبوا، ويرتد الذين أجرموا على أعقابهم لن ينالوا خيراً
( سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ) الانعام
124
أولاً: الوفاق الأمريكي الروسي المضطرب:
1- إن بوتين وقد كان مدير الكي جي بي في الاتحاد السوفييتي السابق يحن إلى دور دولي بارز كما كان الاتحاد السوفييتي مع أمريكا، ولهذا وافق على القيام بالدور العدواني الإجرامي في سوريا لمصلحة أمريكا بتثبيت حكم بشار إلى أن تجد أمريكا البديل بعد أن كاد يسقط وخشيت أمريكا أن يملأ الفراغ بعده قوى إسلامية مخلصة... لقد كان بوتين يظن أنه بخدمة أمريكا في سوريا ستهدِّئ عنه مشاكل الحدود الجنوبية لروسيا في أوكرانيا وما حول أوكرانيا، ولكن هذا أمر وذاك أمر! فإن انزلاق روسيا في حرب المسلمين سيذيق روسيا بعون الله ويلات وويلات تكون معها مشاكل أوكرانيا والملحقات نقطةً في بحر غضب المسلمين عليها، وإن غداً لناظره قريب. هذا من جهة...
ومن جهة أخرى، فإن بوتين كان يظن أن أمريكا ستكافئه برفع دور روسيا الدولي، وإبرازها في المسائل الدولية! إن هذا غباء سياسي لأن الدول القائمة على المبدأ الرأسمالي ليس لديها قيم إلا المنفعة، واستغلال الآخرين، ولذلك فإن الدول الرأسمالية الأقوى تبذل الوسع للهيمنة على الدول الرأسمالية الأضعف... وأمريكا وأوروبا وروسيا تتبع المبدأ الرأسمالي، وليس كما كان الوضع السابق عندما كان الغرب يتبع المبدأ الرأسمالي والاتحاد السوفيتي يتبع المبدأ الاشتراكي الشيوعي، فكان لكل من المبدأين قيمه المتصارعة مع بعضها البعض، فكان يمكن أن يتنافسا على الهيمنة والنفوذ وأن تكون الندية متوقعة... وأما الدول الكبرى التي تتبنى الرأسمالية فتبقى الهيمنة فيها للدولة القوية، واتفاقها مع الدول الأخرى التي من المبدأ نفسه يكون لخدمتها وليس لتكون نداً لها، ولذلك فلا تقبل أمريكا أن تكون أوروبا نداً لها، أو تكون روسيا نداً لها، إلا أن تكون هذه الدول في درجة من القوة تستطيع أن تنازعها النفوذ لتكون نداً لها، وذلك لأن المبدأ الرأسمالي قائم على المنفعة، والحظ الوافر للأقوى.
2-وهكذا فإن ظن بوتين أنه لو خدم مصلحة أمريكا في سوريا فإن أمريكا ستهدئ من مشاكل روسيا الإقليمية والدولية هو ظن خاطئ، وقد ظهر ذلك بشكل واضح في الأمرين المذكورين في السؤال، وهما القمة النووية، والحرب بين أذربيجان وأرمينيا:
أ- أما القمة النووية فقد قامت أمريكا بالتحضير للقمة والإعداد لها من برامج وجدول الأعمال مهمِلةً في كل ذلك روسيا التي هي ثانية دولة نووية في العالم... وقد استمرت القمة من 2016/3/31 إلى 2016/4/1 حاولت فيها الولايات المتحدة إثبات أنها القوة الكبرى والعظمى، والزعيمة التاريخية التي تقود كل دول العالم، وتفعل ما يحلو لها في أي مكان وفي أي وقت، حتى إنها لم تعر اهتماماً لروسيا فلم تشركها في التحضير للقمة باعتبارها ثانية أكبر دولة نووية: (لقد أكد الكرملين على أن التحضير لهذه القمة افتقر إلى التعاون مع روسيا. كما أن دراسة القضايا المتعلقة بالأمن النووي تتطلب جهوداً مشتركة، والأخذ بعين الاعتبار مصالح ومواقف الأطراف الأخرى. هذا ما قاله الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف. ولكنه أوضح بشكل مباشر بأن موسكو واجهت أثناء التحضير لعقد القمة نقصاً في التعاون في دراسة القضايا والمواضيع المدرجة على جدول الأعمال.. مع حملة إعلامية استفزازية من جانب الولايات المتحدة).(روسيا اليوم 2016/3/31م).
لقد ظهر على تصرفات واشنطن خلال الدعوة للقمة وأثناء انعقادها ما يمكن وصفه بالاستخفاف إلى حد الإهانة لروسيا ما دعا بوتين إلى عدم الحضور، ومع أن السبب كان إهمال أمريكا لروسيا في التحضير وإجراءات المؤتمر إلا أن الرد الأمريكي على عدم حضور بوتين كان أكثر برودًا واستخفافًا مما كان عليه الأمر إبان الحرب الباردة، فنائب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض بن رودس قال: (نعتقد أن روسيا بقرارها عدم المشاركة بوفد على مستوى عالٍ في قمة الأمن النووي في واشنطن هذا الأسبوع أهدرت الفرصة على نفسها في المقام الأول، وأن كل ما يفعلونه هو عزل أنفسهم بعدم المشاركة مثلما فعلوا في السابق). (موقع البديل 2016/3/31). بل إن أوباما قد أنزل من قيمة روسيا بوضعها في الخانة نفسها لكوريا الشمالية، فقال في نهاية القمة النووية: (إنه لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لتقليص الترسانة النووية لروسيا وكوريا الشمالية، مضيفاً "عملنا لم ينته بعد فهناك الكثير من المواد النووية التي يتعين تأمينها على مستوى العالم"). (الجزيرة نت 2016/4/2)، وهكذا فإنه يتبين مدى الاستخفاف الأمريكي بروسيا في موضوع القمة النووية!
ب- وأما الحرب بين أذربيجان وأرمينيا... فقد اشتعلت المعارك بشكل شبه مفاجئ على طول خط وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان في منطقة كاراباخ الجبلية ليلة 2016/4/2... تداعت القيادات السياسية والعسكرية في باكو عاصمة أذربيجان لاجتماعات عاجلة وكذلك فعلت أرمينيا التي صرح رئيسها سركسيان: (إنها المعارك المسلحة الأخطر منذ إرساء وقف لإطلاق النار عام 1994). (الجزيرة نت 2016/4/3)، ويمكن الاستنتاج بأن النفوذ الروسي كان مستقراً للغاية في أرمينيا التي تستضيف واحدة من كبريات القواعد العسكرية الروسية التي تضم الفرقة 102 في الجيش الروسي ويتمركز فيها قرابة 5000 جندي روسي، وتقدم روسيا المنح والقروض لدولة أرمينيا الفقيرة بالموارد، وكانت تمدها بالدعم العسكري في حقبة النزاع مع أذربيجان على إقليم كاراباخ الجبلي قبل وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وكانت روسيا هي الوسيط الذي فرض وقف إطلاق النار سنة 1994 بين الطرفين، وكان ذلك لصالح أرمينيا إذ إنها وأشياعها في إقليم كاراباخ قد سيطروا على الإقليم الأذري بشكل كامل وتم احتلال 9% من أراضي أذربيجان الأخرى غرب وجنوب الإقليم، بل في شرقه أيضاً، ولذلك كانت روسيا مهتمة في وقف هذه الحرب الأخيرة... وأما دور أمريكا في هذه الحرب التي اشتعلت... فقد كان من وراء ستار بل دون ستار، فقد نشر موقع "المصري اليوم" في 2016/3/31 أن (رئيس أذربيجان قد طالب الأربعاء 2016/3/30 في واشنطن أمام وزير الخارجية الأمريكي كيري أرمينيا بأن تسحب "فورا" قواتها من ناغورني قره باخ، الإقليم الذي يخوض حوله البلدان نزاعا تحاول واشنطن منذ سنوات حله. واستقبل كيري الرئيس الأذربيجاني على هامش قمة دولية حول الأمن النووي ينظمها الرئيس باراك أوباما يومي الخميس والجمعة. وقال علييف للصحافيين أمام كيري "نحن ممتنون لحكومة الولايات المتحدة على جهودها الرامية لإيجاد سبيل لحل النزاع المديد بين أرمينيا وأذربيجان". وأضاف أن "النزاع يجب أن يحل على قاعدة قرار لمجلس الأمن يدعو لانسحاب فوري وغير مشروط للقوات الأرمنية من أراضينا". أما كيري فدعا من جهته إلى "حل نهائي للنزاع المجمد في ناغورني قره باخ والذي يجب أن يكون حلاً تفاوضياً").
وإذا كانت أذربيجان ونفطها وأنابيب النقل منها إلى البحر الأسود وتركيا قد جذبت اهتماماً أمريكياً كبيراً بها منذ استقلالها سنة 1991 بما تحويه من أهمية في الصراع الروسي الأمريكي، فإن تصريحات الرئيس الأذري قبل اندلاع القتال بثلاثة أيام، ومن واشنطن، وبرفقة وزير الخارجية كيري، تشير بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا هي التي تشعل الحرب في فناء روسيا القفقازي، وهذا تهديد للمصالح الروسية في أرمينيا والقفقاز، فهذه المنطقة شديدة الحساسية لروسيا... أي أن أمريكا بتفجير هذه الحرب إنما توجه صدمات ضاغطة في خاصرة روسيا...
والخلاصة هي أنه من الغباء السياسي أن يظن بوتين أنه بصفقته الإجرامية القذرة مع أمريكا في سوريا سينال حظوة أمريكية بتهدئة مشاكله الإقليمية والدولية، بل ستبقى حدود الصفقة محصورة في سوريا بسبب خدمة روسيا لمصالح أمريكا وليس بالضرورة أن تتجاوز ذلك إلى قضايا دولية أخرى، وهذا يفسر توتر العلاقات الأمريكية الروسية في القمة النووية والحرب بين أذربيجان وأرمينيا رغم هدوء العلاقات في سوريا.
ثانياً: القمم النووية والغرض منها:
1-خلال الحرب الباردة لعبت الأسلحة النووية دوراً أساسياً في تنافس القوى العظمى وفي إقرار أمن الدول، وقد شجعت المعضلة الأمنية الناجمة عن اختلال التوازن في الأسلحة التقليدية بين الدول بعضها بعضاً على الحصول على مزيد من الأسلحة التقليدية والنووية في محاولة لاستعادة التكافؤ. لقد كانت الولايات المتحدة أولى الدول التي صنعت القنبلة النووية، وهذا ما أعطاها ميزة كبيرة على روسيا، وكانت روسيا مهددة بالأسلحة النووية حتى امتلكتها، وبذلك، نجحت في استعادة التوازن العسكري مع أمريكا... وبالمثل، فإن فرنسا وبريطانيا اللتين شعرتا بالتهديد والخوف من الترسانة النووية التي استحوذت عليها روسيا حاولتا وسعتا إلى استعادة بعض التكافؤ مع روسيا. الصين أيضا التي شعرت بالضعف أمام روسيا سعت وتمكنت من امتلاك قنابل نووية، وهذا الشعور بالضعف دفع الهند أيضا لشراء قنابل نووية لمواجهة العدوان الصيني ثم تبعتها باكستان في محاولة للتفوق العسكري على الهند. أما الدول التي لم تكن تطمع بأن يكون لها نشاط نووي فقد تحالفت إما مع أمريكا أو مع الاتحاد السوفييتي لتحمي نفسها من الأسلحة النووية، وقد كانت هذه الحماية على هيئة مظلات نووية، فعلى سبيل المثال فإن أمريكا كانت تزود أوروبا والعديد من بلدان منطقة المحيط الهادي الآسيوية بمظلة نووية لحمايتهم من الاتحاد السوفييتي.
2-في فترة ما بعد الحرب الباردة مهّد الردع النووي الطريق أمام تحرك من أجل نزع السلاح النووي، فقد شعر الكثيرون بأنه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي قد تغيرت البيئة الأمنية الدولية وإلى الأبد، وبأن السلام النووي الذي فُرض زوراً بعد هيروشيما وناغازاكي لم يعد قائماً. إن العولمة، والتغير المناخي، وبروز المنظمات والكيانات غير الدول، وظهور التوترات العرقية في الفضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي، كل ذلك كان يعني بأنه إن لم يتم التخلص من الأسلحة النووية التي كانت بيد الاتحاد السوفييتي سابقاً وبشكل صحيح فإنها من الممكن أن تقع في الأيدي الخطأ وتسبب بالتالي ضرراً بالغا... وفي مواجهة هذا الوضع، فإن الدول الناشئة في امتلاك الأسلحة النووية كأوكرانيا وكازاخستان تخلت بسرعة عن أسلحتها النووية في مقابل ضمانات إقليمية.
3-لقد دفعت هذه البيئة الأمنية الجديدة بمفهومين أساسيين إلى الصدارة هما نزع السلاح وعدم انتشار الأسلحة النووية، وبما أن أمريكا كانت القوة العظمى الوحيدة في العالم، فإن الناس في جميع أنحاء العالم نظروا إلى أمريكا وتأملوا بأن تقوم بأخذ زمام المبادرة في مجال نزع السلاح النووي وعدم انتشاره. ومع ذلك، فإن كلاً من إدارتي كلينتون وبوش فعلتا القليل جداً في هذا الخصوص. وفي كانون الثاني/يناير 2007 اقترح مسؤولون أمريكان سابقون هم هنري كيسينجر وجورج شولتز وبيل بيري وسام نان (والذين عرفوا بـ"عصابة الأربعة" للردع النووي)، اقترحوا بأن تكرس الولايات المتحدة نفسها للقضاء على الأسلحة النووية... ومع ذلك فلم يتم وضع نزع السلاح النووي في صلب جدول الأجندة النووية إلا عند تولي أوباما للرئاسة... وفي عام 2009 قال أوباما متحدثا من براغ أمام حشد من 20,000 شخص بأن: (الولايات المتحدة مسؤولة أخلاقياً عن العمل على تخليص العالم من الأسلحة النووية. وقال: "إن وجود آلاف الأسلحة النووية هو إرث أكثر خطورة من الحرب الباردة. اليوم اختفت الحرب الباردة إلا أن آلافا من هذه الأسلحة لم تختف بعد"). (موقع بي بي سي 2009/4/5)... وبعد ذلك عقدت أربع قمم نووية:
* القمة النووية الأولى 12-2010/4/13 في واشنطن...
* القمة النووية الثانية 26-2012/3/27 في سيئول كوريا الجنوبية...
* القمة النووية الثالثة 24-2014/3/25 في دنهاق هولندا...
* القمة النووية الرابعة 3/31-2016/4/1 في واشنطن...
4-إن سياسة أمريكا في ما تسميه نزع السلاح النووي ليس مقصوداً منها حسب خطتها النزع الفعلي للسلاح النووي من جميع الدول بل هي تقصد منه نزع أسلحة الدول الأخرى ويبقى السلاح النووي فقط لديها، وإن لم تستطع ذلك فأقصى ما يمكن أن تفعله بموجب مخططاتها هو التخفيض بنسبة معينة من مخزون السلاح النووي لدى الدول النووية، وهي التي تتحكم بهذه النسبة، ولأن مخزونها النووي هو الأعلى فإنها بتحديد نسبة تطبق على الدول النووية ستخفض مخزون الدول الأخرى بحيث يصبح ما لديها غير فاعل إذا ما قيس بمخزون أمريكا، ولذلك فإن البيانات الختامية للقمم النووية الأربع هي بيانات فضفاضة لا يوجد فيها أي نص يدل على نزع الأسلحة النووية فعلاً من العالم. وهذا يظهر بوضوح في البيانات الختامية، وإذا أخذنا البيان الختامي للقمة الرابعة التي هي أبرز تلك القمم فسنجده لا يتجاوز نصوصاً عامة غير ملزمة وغير مجدية في نزع السلاح النووي، فقد جاء في البيان الختامي:
(أكدت الدول المشاركة بقمة "الأمن النووي" الرابعة في واشنطن، التزامها بنزع السلاح النووي والحد من انتشاره والتأكيد على الاستخدام السلمي للطاقة النووية... وحذرت القمة في بيانها الختامي من أن "تهديد الإرهاب النووي والإشعاعي لا يزال واحدا من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الدولي وأن التهديد في تطور مستمر"... وأكد زعماء العالم التزامهم بمنع وصول الأسلحة النووية إلى أيدي المتطرفين، إلا أنهم حذروا من أن التهديد "في تطور مستمر"... وقال الزعماء في بيان مشترك في قمة الأمن النووي التي تستضيفها واشنطن: "لا يزال هناك مزيد من العمل يتعين القيام به لمنع الجهات الفاعلة غير الحكومية من الحصول على النووي وغيره من المواد المشعة الأخرى، التي يمكن استخدامها لأغراض خبيثة"... وأضاف القادة في بيانهم
"إننا نؤكد مجددا التزامنا بأهدافنا المشتركة لنزع السلاح النووي، وعدم الانتشار النووي، والاستخدام السلمي للطاقة النووية"... وتابعوا "نحن نلتزم تعزيز بيئة دولية سلمية ومستقرة عن طريق الحد من خطر الإرهاب النووي وتعزيز الأمن النووي"... وكانت قمة الأمن النووي الرابعة انطلقت في واشنطن أول أمس الخميس وذلك لبحث سبل تعزيز إجراءات الأمن للمواد النووية ومنع وقوعها في أيدي الإرهابيين وذلك بمشاركة قادة أكثر من50 دولة ومنظمة). (موقع اليوم "واس-واشنطن" 2016/4/2) انتهى
وبتدبر هذا البيان فلا يُرى فيه أي نص عملي لنزع السلاح العالمي، بل حتى لم يذكروا شيئاً عن امتلاك دولة يهود لترسانة من الأسلحة النووية في منطقة تخلو من السلاح النووي، ولطالما قالوا إن تحقيق الأمن النووي الحقيقي يبدأ من العمل الجاد لإنشاء مناطق خالية من أسلحة الدمار الشامل! وهكذا فليس المقصود من هذه القمم نزع السلاح الفعلي للأسلحة النووية من العالم، بل المقصود منه التحكم الأمريكي النووي في شئون الدول... ويؤكد ذلك أوباما في تصريحاته حول المؤتمر بأن أمريكا تريد ضبط الأسلحة النووية والتحكم بها: (الرئيس الأمريكي باراك أوباما: "لا يزال هناك قدر كبير من المواد النووية والمشعة في جميع أنحاء العالم والتي تحتاج إلى التأمين. المخزون العالمي من البلوتونيوم في نمو متزايد، الترسانات النووية تتوسع في بعض البلدان، وقد تكون هناك أسلحة نووية تكتيكية صغيرة عرضة للسرقة."، وأوضح أوباما أن بلاده ستقوم بدورها لحماية المواد النووية حتى تقوم الدول الأخرى بتحسين إجراءات الأمن والشفافية). (موقعeuronews 2016/4/2)، وكذلك قال أوباما: (وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مؤتمر صحفي عقب انتهاء القمة يوم السبت إن هناك قدرا كبيرا من المواد النووية حول العالم يتعين تأمينها مع نمو المخزونات العالمية من البلوتونيوم... واعتبر أوباما أنه لا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب لتقليص الترسانة النووية لروسيا وكوريا الشمالية، قائلا إن أمريكا الجنوبية باتت خالية من المواد النووية، وإن 14 دولة - منها تايوان وليبيا وفيتنام - تخلصت من اليورانيوم والبلوتونيوم المخصب). (الجزيرة 2016/04/02م).
وهكذا فإن أمريكا تريد من هذه القمم أن تتولى ضبط السلاح النووي لتكون هي المتحكمة فيه، حتى المؤتمرات التي تعقدها تجعلها تحت تصرفها فتدعو من تشاء وتمنع من تشاء، وتستفز أو تهين من تشاء معتبرة نفسها سيدة العالم، وما ذلك إلا لأنها لا تجد دولة ذات شأن تقف في وجهها!
وسيبقى هكذا حال أمريكا مع الدول الخانعة لها إلى أن يبزغ فجر الاسلام وعندها ستأتيهم قوة الإسلام من حيث لم يحتسبوا، ويرتد الذين أجرموا على أعقابهم لن ينالوا خيراً
( سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ ) الانعام
124
تعليق