إنتحار الحكمة وجنون الحكيم
يوم تموت الحكمة على بوابة العقل تنقلب الحكمة الى شأن غير شأنها وقد تكون في ميدان غير ميدانها ويضيع ترجمانها في ترجمة خيبتها بين اهلها وحين يتخذونها اهلها في غير موضعها فانهم يتخذونها مهجورة ضارة لا نافعة او نافعة في غير ابوابها نفع اللسعات فالحكمة جذوة نار فان لم تنفع في دفئها تلسع في كيها فيقوم مجتمع الضائعين حيارى بلا حكيم لان حكمة الحكيم ريشة تعتصر مستقرها فالرياح تتقاذفها من شرق واخرى من غرب ويبقى الحالمون بحكيم اسطوري عاجزون عن مسك الحكمة وإن كان بين الناس الف الف حكيم فبماذا ينفعون .
ينتحر الحكماء حين تنتحر الحكمة على بوابات العقول ويخرج الحكماء مع اهلهم حفاة من كل حذاء واق من المتفسخات الآسنة في ازقة قومهم بشعر مصفوف وكلام معسول يبرز هوية الحكيم يصادقون على غفوة عقول قومهم فمن لا يستطيع اصلاح الصبية العابثين فليتصابى معهم ومن لا يستطيع ان يشفي المجانين فليجن مثلهم حتى انخرط الحكماء في نقابة الغافية عقولهم الذين اقفلوا قلوبهم باقفال صدئة وجعلوا من مفاتيحها سنارة لصيد الحيتان ورموها في اعماق البحر فصدأت المفاتيح وصدأت الاقفال والحيتان انتحرت على شواطيء خالية من الأءدميين فكان اليأس حكمة واليائس حكيم واسعدهم من يجعل الشخير نشيدا وطنيا وافصحهم من يزيد طول لسانه وجميلهم من يتجمل ببريق حضاري وشريفهم من يبيع الشعارات وبطلهم من يجلس على كرسي كثير الايراد وعظيمهم من تملأ صوره الشوارع والحارات وأحمق الحكماء من يبيع حماقته في سوق الحمقى على طاولة قمار الاسهم وطويلهم اقصر من دخان مداخن النفط فلا يرى سمومها وقصيرهم من تقصر حكمته في تكفير دخان سيجاره قصيرة فلا حكيم في مقهى الحكماء فهم مشغولون في اسواق الحكمة يتنافسون على زحمة المتسوقين فكل طلاب الحكمة الذين يتسوقون انواع محددة منها لهم مع حكيمهم صف انتظار طويل فقد يستهلك احد المتسوقين عمره بالكامل في طابور حكمة وطنية قضى عمره في خدمتها واذا بحكيم الوطن يرميه في سلة المتقاعدين براتب شهري لا يساوي قوت يوم واحد
نحن في زمن انتحار الحكماء لان الحكمة تنتحر على بوابات العقول ويبقى مترجم الحكمة اصم ابكم حتى يكتشف العلم تقنيات للذكاء الآلي لان الانسان فقد الذكاء فاصبحت الدنيا مجاميع تتبع مجاميع تقترب من حافة الهاوية حتى يأتي وعد الله ان الله لا يخلف الميعاد .
الحاج عبود الخالدي
تعليق