وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي
من اجل فهم الواقع الفكري العقائدي
من اجل فهم الواقع الفكري العقائدي
(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طـه:28 )
تلك الآيات الشريفة تؤكد في بيانها الدستوري ان الادارة الالهية مباشرة على المخلوقات واهمها البشر وانها بالغة العمق فيما نتصوره من صلاحيات مطلقة نمتلكها ومنها القول والحديث الذي تنطلق به السنتنا الا ان النص الشريف يؤكد ان اللسان والقول يخضع الى تدخلات إدارية الهية مباشرة على اللسان وفقه القول (عقلانية القول) والنص واضح في مراميه ومقاصده ولن يحتاج الى عمق تفسيري اومناورة للفهم ..!!
في تجربة عقلانية شخصية مرت على خاطري فسجلت حضورا بحثيا ذلك لان العقل لا يمتلك مختبرات مادية من اجهزة تقنية بل يمتلك مختبرا عقليا واضح المعالم يمتلكه كل ذي عقل وهو يبدأ منذ سن التمييز حيث يبدأ ذلك المختبر من اعلان نتائجه لتطفو على سطح الوعي عند المميز ومن صفة التمييز للصبي نعرف حقيقة مختبرالعقل الذي انقل اليكم منه تجربتي العقلية التذكيرية والتي يمكن ان يدركها كل متابع فاضل معنا ... ففي عمر الشباب وفي زمن حدة تسويق الشعارات الوطنية في بلدي ملأت الاذاعة والتلفزيون عندنا بنشيد وطني نشاز اللحن نشاز الكلمات نشاز الإداء مما اذهلني ذلك النشاز الواضح الذي وصفه عقلي آنذاك بصفة المقرف الا ان ذلك كان موقفا شخصيا حيث الاذاعة والتلفزيون أداة حكومية تفرض نفسها على انظار ومسامع الناس خصوصا في بداية سبعينات القرن الماضي قبل تطور انتشار التقنيات المسموعة والمرئية ... بدأ ذلك القرف من ذلك النشيد المنتشر والذي يذاع في اليوم عشرات المرات يخفت عندي ويقل القرف منه بعد اشهر من تكرار سماعه حتى احسست بعد حين ان حالة القرف قد اختفت وان هنلك اذن تستسيغ ذلك النشيد ويصادق العقل على قرار الأذن الغريب ولكن العجيب انني بعد حين بدأت ادندن مع نفسي بكلمات ولحن ذلك النشيد ولا زال وجداني يدندن بشكل لا ارادي بمفردات من ذلك النشيد رغم اختفاء اذاعته قرابة ربع قرن مضى من الزمن ... من تلك التجربة العقلية التي لا يستطيع ان يقيلها العقل من وعائه عرفت كيف يقوم فرعون زماننا بذبح الابناء (غسيل العقول) وكيف يمارس منهجية مرتبطة بكينونة العقل من خلال(عقدة) عقلانية بين اللسان ومصدر الكلام في العقل (فقه القول) والتي اشار اليها النص الحكيم بصفته خارطة خلق ملزمة لمن يريد ان يعرف موقعه من خلق الله العظيم .
تلك العقدة التكوينية (عقدة من لساني) يصف لنا القرءان صفتها إن (الله يحللها) والا فان وجودها بصفة (عقدة) فان (فقه القول) يتدهور وهو يقيم دليل اخر وهو تدهور فقهي في مصدر القول وهو (العقل) وهي الضلالة بعينها وهي الراشدة الفكرية التي تمنح عقل الباحث ان الرابط القدسي بين العبد والخالق هي التي تضع لتلك العقدة صفاتها وبالتالي فان (العقل لا يذبح) من خلال العلوم المكتسبة والمعرفة (لا يقوم غسيل العقل) من تلك المعارف التي يختزنها العقل البشري اذا كان العبد ذو علاقة حسنة مع خالقه ..!! وقام عندنا دليل ان تلك الفترة التي نروي تلك التجربة في زمنها كانت العلاقة بيننا وبين الخالق ضعيفة واهنة مما تسبب عندي عبور ما هو باطل الى عقلي وانقلابه الى شأن مستساغ تسبب في اضطراب فقه القول فاصبح عقلي يدندن بما هو نشاز وهو من اساس باطل ...!! وعندما نضع ميزان فكر لما كانت عليه عقلانيتنا في تلك الفترة نرى مصداقية الراشدة الفكرية التي بين ايدينا ..!!
لعلني لا ابذل جهدا لنقل متابعنا الفاضل الى مساحة واسعة من الشأن العقائدي الذي اخترق العقول كما اخترقته تلك الانشودة النشاز واختل عند الناس في مختلف العقائد (فقه القول) فترى احدهم يتباكى من خلال مستقرات استقرت في عقله كتقديس البقر او امثالها بحيث تظهر في مصادر (فقه القول) وهو العقل عندما تكون تلك (العقدة) التكوينية التي اشار لها الله منعقدة على ناصية الضلال ... سمعت من احدهم ان في (القمل) خبت لله استنادا لحديث يكرره شيخه عليه ..!! وسمعت من اخر ان فلان الفلاني من حملة عرش الله من كثرة مايسمعه من مشايخه ..!! ما نلمسه من احتظان مبالغ به لشؤون شرعية بعيدة عن الدين ماهي الا مثل تلك الانشودة التي اخترقت مستقرات عقلي رغم اعتراف عقلي بقرفها الا ان تكرارها تسبب في رسوخها ..!!
فكيف الحال من تكرار طال اربعة عشر قرن من الزمن يمثل انشودة عقائدية في كتب لا ترضى ان تصمت وقد ملكت من القدسية ما لم يمـلـّكها الله تلك الصفة فاصبحت بديلا للقرءان الذي اصبح مهجورا والذي يدخل العقل وكأن منزله انزله ليعبر تلك (العقدة) التكوينية رغم العقل لانه رحمة للناس والدليل على هذا الرشاد الفكري هو الزامية قراءة القرءان بعربيته ولو كان القاريء اعجميا لايفهم منه شيئا ذلك لان القرءان يمر من قناة عقلية ليس فيها (عقدة فقه القول) فهو يهدي للتي هي اقوم حتى لو كان القاريء اعجميا ..!!
تحلل عقدة فقه القول هوشأن الهي (انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء) فمن يبحث عن عقلانية فقهية عند فقيه للدين او كتاب فقه به يستعين او مذهب به يدين انما شطب بارادته قدرة القادر على تحلل عقدة فقه القول والتي تقع في صلب الرابطة الوتر بين العبد وخالقه فقامت الضلالة بشطبها لاستبدالها بعلاقة من خلال بشر وكأن العقدة التكوينية ليست في قناة العقل كما خلقها الله بل تصوروا تلك العقدة الفقهية هي في شخصية دينية اوكتاب ديني او رواية راوي ..!!
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات:55)
الحاج عبودالخالدي
تعليق