ثقافة التحريم في الزمن الحرام
من أجل بيان التعامل مع الحرمات في زمن تكاثرها
من أجل بيان التعامل مع الحرمات في زمن تكاثرها
لفظ (حرام) وتخريجاته وردت في القرءان قرابة 60 مرة واشتملت على تخريجات لفظية في (حرم .. حرّم .. حرام .. محرم .. محرمات ..)
لفظ (حرم) في علم الحرف القرءاني يعني (مشغل فائق الوسيلة) اي انه (مشغل) يمتلك وسيلة فائقة او انه مشغل وسيلة فائقة فـ (الحرم المكي) يمتلك (مشغل وسيلة فائقة التشغيل) اي متفوقة لا يفوقها موقع اخر في ما كتبه الله في الخلق .. (حرّم) بتشديد حرف الراء ينحى نفس المنحى فهو مشغل فائق في وسيلة التشغيل في الشيء الذي تم تحريمه وذلك التفوق في مشغل الوسيلة يكون ضارا بالمكلف او ضارا بنشاطه فجاء تحريمه على المكلف (رحمة به) وليس لغرض تعسفي ءاخر كما يروج له في فقه (التعبديات) التي يراد منها مجرد عبادة الله في طاعته وتنفيذ اوامره بل هي (ضر) يصيب المكلف ان لم (يحرم نفسه) من تلك المحرمات .. فالحرمات هي رحمة بالبشر وليست اوامر الهية مجردة تعبدية المضمون بل وراء العبادة علل حكيمة اختفى الترويج لها في فقه المحرمات
الحرمات في ثقافة المكلف تزحف نحو (شكل الممارسة) و (مضمون الممارسة) من خلال الضرر الذي يصيبه المكلف ان (لم يحرم نفسه) منها وبالتالي فان فقه الحرام لا يرتبط بثقافته ذلك لان المرشد الفقهي عند التفقه بالحرام موضوعا يصعب الامساك به بسبب صعوبة التمييز بين (الحرمان) و (الحرام) و (المحرم) و (الحرمات) فـ بيت الله الحرام لا يعني الحرمان في الناس من دخوله والحج اليه رغم انه (بيت حرام) وكذلك (الحرم الامن) وكيف يقوم اسرائيل بتحريم الحلال على نفسه فيحرمه والمفروض (تعبديا) ان يكون اسرائيل مقيما لحلال الله وحرام الله ولا يعبث به فكيف يحرم ما هو حلال على نفسه !!
{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا ءامِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ } (سورة العنْكبوت 67)
فالحرم الامن يتخطف الناس من حولهم .. ليس من حوله هو كحرم ءامن بل (من حولهم) هم فما (حول الناس) يتخطفه الحرم الامن فالحرمة والحرمان لا يخص الناس بل يخص ما هو (من حولهم) وندعو اعزتنا المتابعين لمشروعنا الفكري الاطلاع على الرابط التالي :
شعر الرأس والشعور الانساني في نظم الخلق
فذلك الحرم انما يتخطف الجسيمات النووية غير المؤرشفة في جسد الحجيج لان ارشيف تلك الجسيمات مختزل من اجسادهم (ناس) فجاء النص بحكمته البالغة (يتخطف الناس من حولهم) فهي جسيمات نووية منتشرة في الارض (حولهم) والاختطاف يقع في منسياتهم اي ما اختزل من ارشيف في اجسادهم لتلك المخلوقات وهي حولهم في الاجواء وفي ذلك (الحرم) وسيلة فائقة التشغيل (حرّمت) فعل ضررها في الناس من خلال تأمينها وتلك الصفة (مرئية علميا) في التلقيح الفايروسي او الجرثومي حين يحقن اللقاح وهو (فايروسات ميتة او جراثيم ميتة) في الدم لغرض (الوقاية) منها لان ارشيفها التكويني يتم تسجيله في جسد الذي تم تلقيحه !! اما في الحرم الامن يتم ارشفة كينونة الجسيمات المتناهية في الصغر (الغبار النووي) المنتشر في اجواء الارض نتيجة لـ الحراك الكوني والحراك الصناعي الحديث ونقرأ
{ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (سورة آل عمران 93)
ما حرم اسرائيل (باني الاسراء) على نفسه يعني (حرمان) باني الاسراء حرمانا طوعيا على نفسه ما يضره من طعام !! ونقرأ
{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } (سورة المائدة 72)
فحرمة الجنة عليه يعني حرمانه منها مثل تحريم (المحارم) من الامهات والاخوات فهو (حرمان) بعضهم من بعض في العلائق الجنسية لاسباب وعلل تكوينية قد يعلمها الانسان اذا ما بحث عنها فالزواج من المحارم يسبب تدهورا جينيا تجعل من كينونة خلق الانسان متصدعة في حقبة زمنية قصيرة !!
{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } (سورة النساء 23)
كذلك الحرمان من المحصنات (المتزوجات) والكافرات ومن هي في عدة معتدة لوفاة زوج او من طلاق فهو (تحريم) وان كان تعبديا كما في فقه التحريم الا انه في ثقافة التحريم يعني (حرمان) وله علل تكوينية غير خافية على من يجلس على بساط بحث قرءاني
انها تذكرة موجزة المتن الا انها تمتلك مساحة واسعة من التطبيقات خصوصا في زمن الحضارة الذي اختلط فيه المنكر والمعروف فالمعروف صار نكرة (منكر) والذي كان نكرة صار معروفا مثل ما هو قائم اليوم من (تبديل) لـ المارسات وليس (تغيير) فلغاية الامس القريب كان الناس لا يلبسون الا خامة خلقها الله في نظام بايولوجي معروف من مصدر نباتي او حيواني اما اليوم فتم استبدال الملبس بما هو مخلوق من بشر من تركيبات نفطية او تركيبات غير عضوية ... فما كان نكرة لا يعرفها البشر صار معروفا متداولا وما كان معروفا من خامات من مصدر عضوي صار نكرة لا يعرفه الناس حتى وان صنعوا ملابس صوفية او من وبر الابل او شعر الماعز حيث كان السابقون يفرزون صوف النعاج والنوق والمعزة لملبس النساء ومنتجات الذكور لملبس الذكور الا ان اليوم اختلط هذا بذلك من منتجات الجنسين فاصبحت الملابس غير امينة من خلال استبدال النظم التي خلقها الله (أمينة) بنظم صنعها الانسان وهي نكرة غير معروفة الامان من عدمة ولا يمكن الركون اليها الا بعد تعييرها فان امكن اصلاحها فتصلح وان كانت غير صالحة من جذورها فيستوجب تركها
حلال الله في ما كتبه في الخلق لا يعد ولا يحصى ولا تستطيع اي مؤسسة بشرية ان تحصي نعم الله على الانسان
{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة النحل 18)
الا ان المحرمات معدودة وتحصى باسهل قدرة للاحصاء فما هو محروم منه الانسان لا يتناسب مع ما هو حل له في مجمل انشطته الا ان صفات الانسان بطبيعته التي فطرها الله تتجه لما هو شر له بنسبة اعلى بكثير لما هو خير له
{ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ } (سورة عبس 17)
نؤكد لمتابعينا الافاضل ان التذكرة الموجزة اعلاه سوف لن تكون شاملة في متطلبات التغيير الشامل من الحرام الى الحلال بل هي تخص فرادى ممن يهديهم الله الى الذكرى وهو طموح الحد الادنى
الحاج عبود الخالدي
تعليق