السلام عليكم
وردت كلمة الملأ في القرءان الكريم اثنتان وعشرون مرة وقد رسمت رسما قياسيا(ملأ) إلا في أربعة مواضع هي مواضع سورة النمل الثلاثة، والموضع الأول من سورة المؤمنون فرسمت بالواو بدل الألف وتأخرت فيها الألف إلى الطرف الـ (ملوا). فما سر هذا الرسم الذي خرج على القياس؟؟
{ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } (سورة الأَعراف 60)
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } (سورة الأَعراف 66)
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } (سورة الأَعراف 75)
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } (سورة الأَعراف 88)
{ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } (سورة الأَعراف 90)
{ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } (سورة الأَعراف 109)
{ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } (سورة الأَعراف 127)
{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } (سورة هود 27)
{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } (سورة يوسف 43)
{ فَقَالَ الْمَلؤاْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ } (سورة المؤمنون 24)
{ وَقَالَ الْمَلؤاْ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } (سورة المؤمنون 33)
{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الملؤاْ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } (سورة النمل 32)
{ قَالَ يَا أَيُّهَا الملؤاْ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } (سورة النمل 38)
{ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ } (سورة القصص 20)
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ } (سورة القصص 38)
{ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } (سورة ص 6)
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } (سورة البقرة 246)
{ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ } (سورة الصافات 8)
{ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ } (سورة ص 69)
{ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } (سورة الشعراء 34)
الملأ بحسب قواميس اللغة هم وجهاء القوم وهم الذين يملأون العين أبهة وهيبة، إلا أن التدقيق في آيات القرءان يفيد معنى آخر للملا فقد يكون الرجل وجيها في قومه ويملأ العين أبهة وهيبة إلا أن صفة الملأ غير مكتملة فيه بمعنى أنه لا يمتلك الصفة اللازمة لهذا الوصف.
الملأ من القوم هم الذين يمتلكون الصفة التشغيلية لحركات الحياة المختلفة ابتداء من أصغر قوم إلى اكبر قوم فملأ العائلة أو العشيرة هم المشغلون لحركة العائلة أو العشيرة والملأ من الدولة هم الذين يمتلكون المقومات التشغيلية لجوانب الحياة العامة. ولتوضيح الفكرة نضرب المثل التالي:
الذي يقوم بتوصيل الدوائر الكهربائية في المنازل هو رجل حرفي متخصص في هذا المجال وهو الكهربائي، فهو الذي يمتلك الصفة التشغيلية لكهرباء المنازل بدءا من مصدر التيار وانتهاء بالمصدر لأن لديه المقومات الكاملة لتشغيل الدوائر الكهربائية المنزلية. إلا أن هذا الكهربائي لا يمتلك رابط تشغيل الدائرة بل الذي يمتلك هذا الرابط هم سكان المنزل فهم الذين يقومون بإنارة المنزل وتشغيل الأجهزة الكهربائية مع أنهم لا يمتلكون مقومات تشغيل الدائرة الكهربائية لأنهم ليسوا أصحاب خبرة في الكهرباء إلا أنهم يمتلكون رابط التشغيل وهو الزر أو الكبسة أو المفتاح.
وللتوضيح أكثر فان مجلس الوزراء في الدولة الحديثة هم من الملأ في الدولة أي هم الذين يمتلكون المقومات التشغيلية لحركات الحياة العامة المختلفة فوزير الصحة هو الذي يمتلك مقومات التشغيل لحركة الصحة والطب في الدولة لذلك لا بد أن يكون من أهل الاختصاص في الطب، ووزير الخارجية هو الذي يمتلك مقومات تشغيل حركة السياسة الخارجية للدولة لذلك يجب أن يكون سياسيا، كذلك وزير التعليم والداخلية والمالية والرياضة والسياحة....الخ. فكل وزير يمتلك مقومات تشغيل حركة وزارته وهو من أهل الخبرة في مجاله. إلا أن هؤلاء الوزراء لا يمتلكون روابط التشغيل لحركة وزاراتهم وذلك لان روابط التشغيل تخضع للسياسة العامة للدولة وهذه السياسة العامة يمتلك روابطها التشغيلية رئيس الوزراء وليس الوزير، وهو أي رئيس الوزراء ليس من أهل الخبرة والاختصاص في جميع شئون الوزارات ولا يشترط فيه ذلك لأنه لا يمتلك مقومات تشغيل الوزارات وإنما يمتلك روابط التشغيل.
لذلك فإن الملأ نوعان: نوع يمتلك مقومات تشغيل حركة الحياة، ونوع يمتلك رابط التشغيل لحركة الحياة. وقد تجتمع هاتان الصفتان في شخص واحد، فالوزير بصفته عضوا في مجلس الوزراء يمتلك مقومات التشغيل ولا يمتلك رابط التشغيل، أما بصفته وزيرا في وزارته فهو يمتلك روابط التشغيل في وزارته ولا يمتلك مقومات التشغيل لأن المقومات التشغيلية في كل وزارة كثيرة ومتعددة وهو لا يمتلكها، أما روابط التشغيل فهي تخضع للسياسة العامة لمجلس الوزراء الذي يخضع بدوره للسياسة العامة للدولة.
عند تطبيق هذا المفهوم للـ(ملأ) في آيات القرءان الكريم نجد أن كلمة الملأ التي رسمت رسما قياسيا(ملا) تنطبق على الذين يمتلكون المقومات التشغيلية لحركة الحياة في قومهم. أما التي رسمت بالواو وتأخرت فيها الألف(ملوا) فإنها تنطبق على الذين يمتلكون الروابط التشغيلية لحركة حياة القوم وذلك على النحو التالي:
لقد وردت كلمة الملأ في شأن قوم نوح عليه السلام في أربعة مواضع هي:
{ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } (سورة الأَعراف 60)
{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } (سورة هود 27)
{ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } (سورة هود 38)
{ فَقَالَ الْمَلؤاْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ } (سورة المؤمنون 24)
في مواضع سورة الأعراف وسورة هود واضح أن الملأ هم الذين يمتلكون المقومات التشغيلية ضد رسالة نوح عليه السلام أي هم الذين يعملون في نطاق الرابط التشغيلي الذي رسمه الملأ الوارد في سورة المؤمنون والذي يمثل السياسة العامة لمقاومة الرسالة، فوصفه بالضلال وبأنه بشر قد اتبعه الأراذل الذين ليس لهم فضل والسخرية من صنع السفينة، هي عبارة عن أفعال تشغيلية عملية لمقاومة الرسالة وجميعها تندرج تحت الرابط المشغل لها والوارد في سورة المؤمنون حيث حددت رابط التشغيل لمقاومة الرسالة بأن نوحا بشر يريد أن يتفضل على الناس وأن الله لو شاء لأنزل ملائكة وأن مثل رسالته لم يسمعوا بها في آبائهم الأولين.
لذلك كان الرسم في سورة المؤمنون بالواو الذي يفيد امتلاك رابط التشغيل بينما كان الرسم في المواضع الأخرى على القياس من غير واو ليفيد امتلاك مقومات تشغيل الحركة لا رابطها.
أما في مواضع سورة النمل فإن موضوع الآيات هو اتخاذ القرار الحاسم فيما يتعلق بكتاب سليمان إلى ملكة سبأ
{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } (سورة النمل 29)
{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } (سورة النمل 32)
وهذا أشبه ما يكون في المصطلحات الحديثة بالاجتماع الوزاري المصغر لأن المطلوب فيه اتخاذ الرابط التشغيلي الحاسم المتعلق بمصير المملكة ولذلك كانت المخاطبة والمشاورة أو طلب الإفتاء لأصحاب القرار في المملكة ولذلك رسمت كلمة الملأ بالواو التي تفيد امتلاك الرابط التشغيلي.
وهذا الأمر ينطبق على ملأ سليمان لأن المطلوب هو الإتيان بعرش ملكة سبأ قبل أن يأتوا مسلمين
{ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } (سورة النمل 38)
وهو وإن كان بحاجة إلى مقومات تشغيلية إلا أنه بحاجة أولا إلى رابط تشغيلي وهو متوفر في جميع الملأ المخاطبين من قبل سليمان إلا أن الذي أتى بعرشها هو الذي امتلك الرابط التشغيلي الأفضل وهو(عنده علم من الكتاب) لذلك كان رسم هذه الكلمة بالواو التي تفيد امتلاك الرابط التشغيلي.
السلام عليكم
وردت كلمة الملأ في القرءان الكريم اثنتان وعشرون مرة وقد رسمت رسما قياسيا(ملأ) إلا في أربعة مواضع هي مواضع سورة النمل الثلاثة، والموضع الأول من سورة المؤمنون فرسمت بالواو بدل الألف وتأخرت فيها الألف إلى الطرف الـ (ملوا). فما سر هذا الرسم الذي خرج على القياس؟؟
{ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } (سورة الأَعراف 60)
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ } (سورة الأَعراف 66)
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } (سورة الأَعراف 75)
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } (سورة الأَعراف 88)
{ وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ } (سورة الأَعراف 90)
{ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } (سورة الأَعراف 109)
{ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } (سورة الأَعراف 127)
{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } (سورة هود 27)
{ وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } (سورة يوسف 43)
{ فَقَالَ الْمَلؤاْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ } (سورة المؤمنون 24)
{ وَقَالَ الْمَلؤاْ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } (سورة المؤمنون 33)
{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الملؤاْ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } (سورة النمل 32)
{ قَالَ يَا أَيُّهَا الملؤاْ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } (سورة النمل 38)
{ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ } (سورة القصص 20)
{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ } (سورة القصص 38)
{ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } (سورة ص 6)
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } (سورة البقرة 246)
{ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ } (سورة الصافات 8)
{ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ } (سورة ص 69)
{ قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } (سورة الشعراء 34)
الملأ بحسب قواميس اللغة هم وجهاء القوم وهم الذين يملأون العين أبهة وهيبة، إلا أن التدقيق في آيات القرءان يفيد معنى آخر للملا فقد يكون الرجل وجيها في قومه ويملأ العين أبهة وهيبة إلا أن صفة الملأ غير مكتملة فيه بمعنى أنه لا يمتلك الصفة اللازمة لهذا الوصف.
الملأ من القوم هم الذين يمتلكون الصفة التشغيلية لحركات الحياة المختلفة ابتداء من أصغر قوم إلى اكبر قوم فملأ العائلة أو العشيرة هم المشغلون لحركة العائلة أو العشيرة والملأ من الدولة هم الذين يمتلكون المقومات التشغيلية لجوانب الحياة العامة. ولتوضيح الفكرة نضرب المثل التالي:
الذي يقوم بتوصيل الدوائر الكهربائية في المنازل هو رجل حرفي متخصص في هذا المجال وهو الكهربائي، فهو الذي يمتلك الصفة التشغيلية لكهرباء المنازل بدءا من مصدر التيار وانتهاء بالمصدر لأن لديه المقومات الكاملة لتشغيل الدوائر الكهربائية المنزلية. إلا أن هذا الكهربائي لا يمتلك رابط تشغيل الدائرة بل الذي يمتلك هذا الرابط هم سكان المنزل فهم الذين يقومون بإنارة المنزل وتشغيل الأجهزة الكهربائية مع أنهم لا يمتلكون مقومات تشغيل الدائرة الكهربائية لأنهم ليسوا أصحاب خبرة في الكهرباء إلا أنهم يمتلكون رابط التشغيل وهو الزر أو الكبسة أو المفتاح.
وللتوضيح أكثر فان مجلس الوزراء في الدولة الحديثة هم من الملأ في الدولة أي هم الذين يمتلكون المقومات التشغيلية لحركات الحياة العامة المختلفة فوزير الصحة هو الذي يمتلك مقومات التشغيل لحركة الصحة والطب في الدولة لذلك لا بد أن يكون من أهل الاختصاص في الطب، ووزير الخارجية هو الذي يمتلك مقومات تشغيل حركة السياسة الخارجية للدولة لذلك يجب أن يكون سياسيا، كذلك وزير التعليم والداخلية والمالية والرياضة والسياحة....الخ. فكل وزير يمتلك مقومات تشغيل حركة وزارته وهو من أهل الخبرة في مجاله. إلا أن هؤلاء الوزراء لا يمتلكون روابط التشغيل لحركة وزاراتهم وذلك لان روابط التشغيل تخضع للسياسة العامة للدولة وهذه السياسة العامة يمتلك روابطها التشغيلية رئيس الوزراء وليس الوزير، وهو أي رئيس الوزراء ليس من أهل الخبرة والاختصاص في جميع شئون الوزارات ولا يشترط فيه ذلك لأنه لا يمتلك مقومات تشغيل الوزارات وإنما يمتلك روابط التشغيل.
لذلك فإن الملأ نوعان: نوع يمتلك مقومات تشغيل حركة الحياة، ونوع يمتلك رابط التشغيل لحركة الحياة. وقد تجتمع هاتان الصفتان في شخص واحد، فالوزير بصفته عضوا في مجلس الوزراء يمتلك مقومات التشغيل ولا يمتلك رابط التشغيل، أما بصفته وزيرا في وزارته فهو يمتلك روابط التشغيل في وزارته ولا يمتلك مقومات التشغيل لأن المقومات التشغيلية في كل وزارة كثيرة ومتعددة وهو لا يمتلكها، أما روابط التشغيل فهي تخضع للسياسة العامة لمجلس الوزراء الذي يخضع بدوره للسياسة العامة للدولة.
عند تطبيق هذا المفهوم للـ(ملأ) في آيات القرءان الكريم نجد أن كلمة الملأ التي رسمت رسما قياسيا(ملا) تنطبق على الذين يمتلكون المقومات التشغيلية لحركة الحياة في قومهم. أما التي رسمت بالواو وتأخرت فيها الألف(ملوا) فإنها تنطبق على الذين يمتلكون الروابط التشغيلية لحركة حياة القوم وذلك على النحو التالي:
لقد وردت كلمة الملأ في شأن قوم نوح عليه السلام في أربعة مواضع هي:
{ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } (سورة الأَعراف 60)
{ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } (سورة هود 27)
{ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } (سورة هود 38)
{ فَقَالَ الْمَلؤاْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ } (سورة المؤمنون 24)
في مواضع سورة الأعراف وسورة هود واضح أن الملأ هم الذين يمتلكون المقومات التشغيلية ضد رسالة نوح عليه السلام أي هم الذين يعملون في نطاق الرابط التشغيلي الذي رسمه الملأ الوارد في سورة المؤمنون والذي يمثل السياسة العامة لمقاومة الرسالة، فوصفه بالضلال وبأنه بشر قد اتبعه الأراذل الذين ليس لهم فضل والسخرية من صنع السفينة، هي عبارة عن أفعال تشغيلية عملية لمقاومة الرسالة وجميعها تندرج تحت الرابط المشغل لها والوارد في سورة المؤمنون حيث حددت رابط التشغيل لمقاومة الرسالة بأن نوحا بشر يريد أن يتفضل على الناس وأن الله لو شاء لأنزل ملائكة وأن مثل رسالته لم يسمعوا بها في آبائهم الأولين.
لذلك كان الرسم في سورة المؤمنون بالواو الذي يفيد امتلاك رابط التشغيل بينما كان الرسم في المواضع الأخرى على القياس من غير واو ليفيد امتلاك مقومات تشغيل الحركة لا رابطها.
أما في مواضع سورة النمل فإن موضوع الآيات هو اتخاذ القرار الحاسم فيما يتعلق بكتاب سليمان إلى ملكة سبأ
{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } (سورة النمل 29)
{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } (سورة النمل 32)
وهذا أشبه ما يكون في المصطلحات الحديثة بالاجتماع الوزاري المصغر لأن المطلوب فيه اتخاذ الرابط التشغيلي الحاسم المتعلق بمصير المملكة ولذلك كانت المخاطبة والمشاورة أو طلب الإفتاء لأصحاب القرار في المملكة ولذلك رسمت كلمة الملأ بالواو التي تفيد امتلاك الرابط التشغيلي.
وهذا الأمر ينطبق على ملأ سليمان لأن المطلوب هو الإتيان بعرش ملكة سبأ قبل أن يأتوا مسلمين
{ قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } (سورة النمل 38)
وهو وإن كان بحاجة إلى مقومات تشغيلية إلا أنه بحاجة أولا إلى رابط تشغيلي وهو متوفر في جميع الملأ المخاطبين من قبل سليمان إلا أن الذي أتى بعرشها هو الذي امتلك الرابط التشغيلي الأفضل وهو(عنده علم من الكتاب) لذلك كان رسم هذه الكلمة بالواو التي تفيد امتلاك الرابط التشغيلي.
السلام عليكم
تعليق