لسان القرءان لغة كل البشر
حقائق وممارسات فكرية
من اهم الممارسات اللغوية الشمولية للقرءان انه يفقد صفته عند ترجمته وعلى المسلم العربي او الأعجمي ان يقرأ القرءان بمتنه الحرفي المرسوم والمصادق عليه حرفيا من قبل المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام واهم ممارسة في ذلك الشأن هو في الصلاة المنسكية التي تقع باطلا في قراءة غير القرءان في ركن من اركانها ووجوب متنها العربي في بقية اركانها وفي مستلزمات النطق فيها .. تلك الممارسة تخضع في هذه السطور الى رجرجة عقلية تذكيرية لانها حيز فعال بين ايدينا (آية) وايات الله تمتلك صفة تكوينية بانها تذكر المؤمنين وبموجب نص شريف
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (لأعراف:26)
اول ما يترجرج في العقل هو الفقدان المفترض لشفافية الامر الالهي والذي يظهر لوهلة اولى انه تعسف الهي في فرض لسان القرءان العربي على غير العرب ومن تلك الرجرجة يضطر العقل الى محق ذلك الاتهام للإرادة الالهية والبحث في العقل عن مخرج حق ليعيد اليه اتزانه في حكمة الله من ذلك الامر ورفع صفة التعسف منه والا فان العقل سيتصدع في سجوده لخالقه ..!!
في هذه النقطة يحتاج الانسان الى (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) ولباس التقوى لا يؤتى عند الانسان نقلا من الاخرين بل هو فعل ذاتي يتبناه عقل المؤمن وبالتالي فان صفة التقوى تلزم العاقل ان يكون حرا في عقله غير مقيد بقيود عقلانية من الاخرين لان الانسان الفرد مسؤول بين يدي ربه وبالتالي فان (لباس التقوى) لا يمكن استعارته من خطيب جامع او كتاب فقهي بل يحتاج العقل الى استقلالية عالية لتتفعل الرابطة مباشرة بين العبد وربه لان الله هو مؤهل التقوى وهو الخياط الذي سيخيط ذلك اللباس لانه هو الذي يقيم الذكرى في عقل المؤمن فيفتح بوابة العقل
(وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر:56)
فهو الله (أهل ... مؤهل) التقوى والمغفرة ولباس التقوى من تأهيله هو ونحتاج الى تطهير عقولنا من أي حرج في ارادة الله ليقرأ القرءان بمتنه العربي من قبل غير العربي ومن تلك الراشدة سيكون الله مع عقل المؤمن فيتذكر ان الصلاة المنسكية عربية اللفظ وتحتها لا بد ان يكون سر إلهي يتحكم بتلك الصفة ويكون حتما في رحمة المؤمن لان الله كتب على نفسه الرحمة مع مخلوقاته ...
استقلالية الفكر وحريته تلزمه ان (يتفكر) ولا يستعير الفكر من غيره فتقوم الذكرى بين يديه ان الله ما جعل ذلك باطلا سبحانه منزه عن السوء وعلى غير العربي والعربي ان يعرف حقائق التكوين في عربية القرءان ونظم النطق ونظم ما يسطره القلم ..!! ولكن نحتاج الى الوسيلة فنعرف حقيقة الرشاد الالهي في عقولنا لنكون اكثر قربا الى الله ونقرأ في القرءان
(إِنَّ هَذَا الْقُرءانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الاسراء:9)
فكيف يهدي القرءان للتي هي اقوم والمصلي العربي وغير العربي يقول في صلاته (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) .. فاذا كان الله الهادي الى الصراط المستقيم والناطق ينطق كلام الله والنطق هو خلق الهي (أنطق كل شيء) فهل يحتاج غير العربي ان يعي ما يقول ..؟؟ وفي صلاة الجماعة لا يقول المصلي اهدنا الصراط المستقيم بل يقولها امام جماعة الصلاة .. ام ان وعي القول سيكون من قبل الله لانه هو الهادي الى الصراط المستقيم وبيده عملية الهدي العقلاني وميكانيكة العقل ايضا وهو الله متحكم في تلك الطلبية التي يطلبها العبد من ربه ..؟؟ سنكون مع مثل شعبي يوضح تلك المقاصد فالامثال هي سنة خطاب قرءاني ..
في سوق الاغذية رجل يبيع اللبن ووضع اللبن في علب بلاستيكية مصفوفة وهو (البائع) ينادي بصوته او يضع لوحة يقول فيها (العلبة بدينار) وجاء (المشتري) واخرج من جيبه دينار ودفعه لـ (صاحب اللبن) ... صاحب اللبن سيستلم الدينار والمشتري سيأخذ علبة اللبن وكلاهما يتصرفان في صمت ..!! في هذا المثل (قامت صلة) بين البائع والمشتري دون ان يكون احدهما قد اختار لغة لتمامية الصلة عدا (العلبة بدينار) وعلبة اللبن ... وتلك يفهمها المشتري وبلغته لان البائع دحرجها للبيان بين يدي المشتري ..!!... وعندما يكون المشتري في صحبة شخص غير عربي في السوق فان غير العربي حين يشاهد الاخر انه حاز اللبن بدينار فيتقدم الى صاحب اللبن بدينار ليحوز علبة اللبن فيكون الاصل في تلك الصلة هو بائع اللبن الذي بين بيانه والمستفيدين منه صنفان (الاول) عرف العملة وعرف البيان (الوسيلة) وعرف مقاصد خالق اللبن وهو سيكون (الوسيط) بين صانع اللبن وغير العربي (الثاني) الذي لم يعرف مقاصد صانع اللبن هي من كينونة صانع اللبن نفسه حين اعلن مقاصده لذلك جاء خطاب الله لحملة القرءان من القريبين الى النص القرءاني المدركين لمقاصد الله فيه
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(البقرة: من الآية143)
ومن يقرأ القرءان في محرابه وهو غير عربي لا وسيط بينه وبين مقاصد الله سيكون (عقله وسيطا) لان الله الهادي منح القرءان صفة الهدي التكويني (إِنَّ هَذَا الْقُرءانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) فقد منح الله صلاحيته في الهدي الى النص القرءاني (كما في الدينار وعلبة اللبن) لان النص القرءاني يرتبط بالعقل البشري الذي خلقه الله وفطر فيه النطق فيهتدي حامل القرءان للتي هي اقوم في كل شأن من شؤونه بشكل تكويني عقلاني فترى الصالحين المؤمنين من غير العرب في رشاد يميزهم عن غيرهم لانهم (مهديون للتي هي اقوم) ولعل نظرة ميسرة للمؤمنين في الهند وهو اقليم تتكاثر فيه الديانات ستجد ان المؤمن الصالح مميز بينهم ليس بالمال فقط بل بالرشاد في امره .
ما وجدنا طفل (ءأدمي) يبكي بلغة قومه ..!! وما وجدنا طفلا ءأدميا يتمتم احتجاجا على ذويه بلغة قومه بل وجدنا لغة ءأدمية موحدة عند الاطفال وما ان يزق الطفل زقا باللفظ من قومه حتى تختلف الالسن الا ان العقل واحد وخالق النطق واحد والحرف في النطق واحد وحين يغيب الحرف في (ابتسامه) فان الناس يبتسمون باشكال مختلفة الا ان (الابتسامة كلمة) وهي (رسول العقل) ولا تخضع لفارقة اللغات ولو منحنا الله مساحة ذكرى متوالية (تلاوة ذكر) فان اعلان مرابط الحرف في العقل ستكون مرحلة في سلمة اعلى من المشروع الفكري المستقل الذي يواجه القرءان وجها لوجه في عقل متحرر من استعارة لباس التقوى من الغير ... سيكون في متوالية الذكرى حضور القرءان كدستور بين اللفظ والعقل في تركيبته الناطقة ومنها نظم التفريق بين سطر اللفظ وقوله وعندها تظهر رابطة الحرف مع (علم الانسان بالقلم) فالقول في القلم يختلف عن القول باللسان وهو من (ن والقلم وما يسطرون) ونرى فروقات واضحة في مرابط الحروف بين لغة القول ولغة الكتابة في كل لغات العالم وحين تكون مرابط الحروف في القول مختلفة عن مرابط الحروف في ما يسطر القلم سنكون امام اعجاز قرءاني كبير فنحن في لسان العرب وفي تاريخه ننطق الحروف (p , v , ch , g ) ولكنها في ما يسطره القلم تختفي رغم وجودها في النطق العربي وتلك الحروف ينطقها البشر في مختلف اللغات وهي تظهر في ما تسطر اقلامهم وبالتالي فان هذه الراصدة تؤكد ان القرءان لم يكن على لسان العرب بل كان (بلسان عربي مبين) لان تلك الحروف غير العربية موجودة في لسان العرب بقديمهم ومعاصريهم وقد وردت اشارات روائية وفيرة تؤكد ذلك لأن القرءان يمثل دستورية بيان لنظم الخلق وهذه السطور انما سطرت بصددها ... تذكرة تتبعها تذكرة عسى ان تنفع المؤمنين.
الحاج عبود الخالدي
تعليق