عصا موسى في التكوين !
من أجل ترسيخ قاعدة بيانات علوم الله المثلى
من أجل ترسيخ قاعدة بيانات علوم الله المثلى
ورد بريدنا من الشيخ (حامد صالح) طلب معالجة لفظ (اتوكأ) مع ما جاء في العصا الموسوية في القرءان في بعض النصوص وفي ما يلي نص الرسالة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه محاولة لفهم كلمة (أتوكأ) برسمها التوقيفي في القرءان، إلا أنني لم أستطع ربطها بالتطبيقات العلمية ولا بالمستوى العقلي السادس(موسى)، أرجو من فضيلتكم التكرم بالنظر فيها وتصويبها ونشرها على صفحات المعهد إن رأيتم فيها خيرا.
أتوكأ
وردت هذه الكلمة في القرءان الكريم مرة واحدة في سورة طه في قول الله تعالى(قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى). وقد خرج رسمها على القياس فرسمت بالواو بدل الألف وتأخرت فيها الألف(أتوكوا) فما سر هذا الرسم؟؟
أتوكأ عليها: في التفسير بمعنى أعتمد عليها وأتحامل، وأتوكأ وأتكئ في القرطبي هما بمعنى واحد. والصواب أن هناك فرقا جوهريا بينهما فـ(أتكئ) بمعنى أنني أمتلك العصا لأمسك بها من أجل الاعتماد والتحامل عليها، لأن المشي لا يتفعل إلا بالاعتماد عليها لضعف أو مرض. والامتلاك هنا ليس بمعنى الملكية وإنما بمعنى وجوب مصاحبتها حتى تتم عملية المشي بالتحامل والاعتماد عليها. أما (أتوكأ) فإن عملية المشي تتم بها وبدونها، فأنا الذي أقوم بتفعيل الاعتماد والتحامل عليها متى أشاء عند الحاجة، أي أنني أمتلك رابط التحامل والاعتماد عليها وهذا يعني أن مصاحبة العصا ليس أمرا واجبا. فـ(أتوكأ) تعنى أنني أمتلك رابط العصا فأفعلها متى أشاء وكيف أشاء، ولذلك كان جواب موسى عليه السلام عندما سأله الله تعالى(وما تلك بيمينك يا موسى) قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى) إي أنها عصا رابطها بيدي فأعتمد عليها وقتما أشاء وأهش بها وأميط بها الأذى عن طريقي وأحمل بها الزاد ووو....
هذا هو معنى(أتوكأ) بحسب الرسم القياسي، أما رسمها في القرءان بزيادة الواو بعد الكاف(أتوكوا) فيقتضي معنى إضافيا للكلمة، وهذا المعنى يفرضه حرف الواو الزائد في الرسم، فإذا كان موسى عليه السلام يمتلك رابط العصا لتقوم بوظيفتها العادية والمعتادة بين الناس وهي الاعتماد والتحامل عليها والهش بها وغير ذلك فهذا الرابط يمتلكه كثير من الناس، إلا أن الله سبحانه بين وظائف أخرى لعصى موسى تقتضيها الرسالة فهي ليست كأي عصا بل هي عصا معجزة تستخدم لغاية إثبات الرسالة الإلهية فهي عصا تصير ثعبانا وحية بإلقائها وهي عصا تتلقف ما يأفك السحرة، وهي عصا إذا ضرب بها الحجر تنفجر وتنبجس منه عيون الماء، وهي عصا إذا ضرب بها البحر ينفلق إلى فرقين كل فرق كالطود العظيم. هذه هي الوظائف المقصودة من عصا موسى، وهي وظائف لا تلغي وظيفتها كعصا عادية، فهي عندما يلقيها تقوم بوظائفها الرسالية، وعندما يأخذها تعود سيرتها الأولى كعصا عادية. فاجتمع فيها وظيفتان لكل وظيفة رابط، فرابط الوظيفة العادية يمتلكه موسى عليه السلام، ورابط الوظيفة الرسالية بيد الله سبحانه، لذلك ظهر في رسمها حرفا الواو.
وعلى ذلك فـ(أتوكوا) بهذا الرسم فيها رابطان رابط الوظيفة العادية للعصا وهو بيد موسى عليه السلام وتدل عليه الواو الأولى الأصلية في الكلمة، ورابط المحتوى المقصود من هذه العصا المخصوصة وهو رابط الوظيفة الرسالية، وتدل عليه الواو الثانية المضافة على الرسم القياسي.
السلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجب علينا ان نفهم (العصا) الموسوية وعندها نقيم مراشدنا باتجاه لفظ (أتوكوا) او (أتوكؤ) او (أتوكوء) فـ العصا الموسوية ليست عصا من خشب بل هي فاعلية عقلانية في صفة (العصيان) الا انها تتنحى فتقع في نفاذية مادية فكان رسمها الحرفي (عصا) وليس (عصى) لانها تتفعل في رحم مادي من عصيان عقلاني يقع في المستوى العقلي السادس (موسى) وهي سنة خلق اولى ضمن تكوينة العقل البشري كما في البيان القرءاني
{ فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } (سورة طه 121)
عصيان العقل البشري لربه هو عصيان عقلاني اما عصيان المستوى العقلاني السادس وان يقع في العقل السادس الا انه ينفذ في وعاء مادي ونقرأ الفارقة في الالف الممدودة والالف المقصورة في المنشور التالي
اختص لفظ (العصا) وتخريجاته في القرءان في مثل (موسى) في عشر مواقع من القرءان وجاء لفظ العصيان العقلاني في موقع واحد من القرءان في (وعصى ءادم ربه)
لفظ (عصا) في علم الحرف القرءاني يعني (فاعلية مادية) لـ (فعل متنحي النتاج) فهو يتنحى عن العاصي في رابط مادي لمكون مادي فاذا كان في رحم عقل في موسى (مستوى العقل السادس) فانه يتنحى الى (رحم مادي) ذلك لان (العصيان العقلاني) لا تقوم له قائمة ما لم يتفعل في وعاء مادي نافذ مما يرسخ فارقة (الالف المقصورة والالف الممدودة) في فطرة القلم .. العصيان العقلاني المجرد من المادة يعني غياب (القبول) في العقل لشأن ما في العقل فالعاقل حين يرفض عقلا الكذب انما يكون في عصيان عقلاني على علة الكذب ومثله العصيان عند عدم تنفيذ الامر (رفض الامر) فيكون العصيان عقلانيا محضا لا يتفعل في رحم مادي فقيل فيه قولا مأثورا (العصا لمن عصى) .. ومن تلك الصفة نرى صفة (أتوكوء عليها)
جاءت صفة التوكؤ في القرءان في موضعين (الاول) في سورة طه (اتوكؤ) عليها وفي سورة يوسف بلفظ (متكئا)
{ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئا وَءاتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ } (سورة يوسف 31)
{ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكّوءعَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَئارِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى } (سورة طه 18 - 19)
قال القها يا موسى هو دليل (مادية العصا) وهي بيمينه وفي علوم الله المثلى ثابت وراسخ ان (اليمين) هو رحم مادي وفيها يتم القاء العصا التي لها وظائف حددها القرءان في تكوينة سنة خلق العقل البشري
الوظيفة الاولى : التوكوء عليها
الوظيفة الثانية : واهش بها على غنمي
الوظيفة الثالثة : ولي فيها مئارب اخرى
أتوكوء .. وهو رسم لفظي مطابق لفطرة النطق العربي حين نقول (التوكوء) من (إتكأ) مثلما نقول (التلكوء) من (تلكأ) اما (الالف) في (تلكؤا) فهي مضافة من سنن الرسم الحرفي مثل الف الجماعة في (كتبوا .. رسموا .. علموا) فهي الف صامته لا حضور لها في النطق وهي ليست من سنن النطق باللسان العربي المبين ففي العربية لا يوجد حرف مهمل في النطق كما في بعض اللغات الاخرى
نحن نعرف مقاصد صفة الاتكاء في ان يستعين المتكيء في موصوف يخص (القوة) فالاتكاء يرادفه (ماسكة قوة ساندة) فلا يمكن الاتكاء على الماء ولا يمكن الاتكاء على الهواء لانها مواد سائحة لا تمتلك ماسكة قوة يمكن الاتكاء عليها وهو نفس المرشد الفكري في (العصا) حين يتوكأ عليها كبير السن او المعوق في قدميه .. القوة (مادية) النفاذ لذلك منطق النطق يرفض (الاتكاء الفكري) فلا يصح القول مثلا ان (فلان اتكأ على افكار فلان) .. اذن هي القوة صفة ملازمة لـ (عصا موسى) النافذة في وعاء القوى لتكون (متكأ) الا انه متكأ ذو رابطين (الاول) لـ ما هو قائم (الثاني) لـ ما هو مستجد في العقل الموسوي قائم للنفاذ اذ ان (العصيان) لا يقوم الا اذا كان هنلك وعاء قوة نافذ يتم العصيان عليه فالعصيان لا يقوم على فراغ بل على (شيء مرفوض) يعارضه عقل العاصي فيقوم العصيان على ما هو قائم بما هو بديل له فيظهر في (حرفية اللفظ) رابطان بدلالة قيام حرفي الواو في اللفظ لـ مكونين اثنين الاول في مكون القوة القائم (المعترض عليه) والثاني في مكون نتاج الفاعلية المتنحية فهو وعاء مادي نافذ فالعقل الموسوي الذي اعترض على المحرك البخاري مثلا وعصا على علته الصعبة انتج المحرك الكهربائي ذو علة سهلة الاستخدام كنتيجة لـ العصيان على المحرك البخاري ويظهر المكونان في اللفظ في همزتين اثنين (أتوكوء) .. لفظ عليها في مراشد علوم الله المثلى (ديمومة فاعلية علتها) فالاشياء المؤقته لا تستوجب العصيان عليها لانها زائلة ولا يعترض عليها لصفة زوالها اما العصيان في المستوى العقلي السادس يقوم عندما يكون علة وجود (المعترض عليه) دائمة مثل ديمومة علة الصفة الفرعونية التي اثقلت كاهل العقل البشري بدوامها وحجرت عليه منذ قرابة 200 عام بصيغتها الحديثة في الدولة الفرعونية ولا تزال مستمرة بعنفوانها حتى يتصدى عصيان العقل الموسوي في وعاء (مادي) يدمر على فرعون علته (الرب الاعلى) في (العلم) والتقنيات اي ان العصيان سيقع في (وعاء العلة) وهو في (سحرة فرعون) كما سنرى ذلك في مقامات بحث لاحقة
هش الغنم ... الغنم هي في مقاصد (الغنيمة) وليس الخراف كما قيل وهي طبيعة عقل بشري حين يراعي الانسان غنيمته فيستعصي على من يعارض حيازته لـ الاشياء او من يريد منه الغنيمة كما في صفة (المساومة السعرية) فالانسان بطبيعته يعلن عصيانه على سعر البائع ليضع سعرا مقترحا من عنده ليهش على غنمه ولتلك الصفة تطبيقات كثيرة لا تحصى فالانسان لا يولد وعنده علم القلم (الكتابة والقرءاة) الا ان عصيان العقل الموسوي على الامية تدفعه لتعلم الكتابة والقراءة في وعاء تعليمي نافذ في رحم مادي وهو (هش على غنيمة) ولفظ (على) يعني (فاعلية العلة) ولفظ (أهش) يعني في علم الحرف (فاعليات متعددة متنحية لـ مكون دائم) فصفة الديمومة في (الغنيمة) كالحيازة والحفاظ عليها هي من متطلبات سنة العصيان في المستوى العقلي السادس
ولي فيها مئارب اخرى ... وهي سنة من سنن العقل السادس نراها في ما كتبه الله في خلق البشر كما سنرى .. لفظ (مئارب) من (مأرب) وهو في علم الحرف القرءاني يعني (قابض مشغل) لـ (وسيلة مكون) والقبض هنا قبض ايقاف وليس قبض حيازه ولفظ (أخرى) لا تعني (التنوع) بل تعني (الصفة المتأخرة) وهو من لسان عربي مبين كما نقول الاولين والاخرين فالسنن النقية (أولية في التكوين) الا ان في (زمن متأخر) تم تشغيل امثالها او الشرك بنظامها مثل الاطعمة فهي في اولها كانت طبيعية محض وفي اخراها صارت في شركة بين مواد عضوية ومواد غير عضوية وهنلك الكثير من البشر يرفضونها ولا يطعمون انفسهم واهليهم الا من اوليات الطعام الطبيعي دون شركة مواد صناعية جائت في زمن متأخر على الاوليات وذلك (مأرب) الا ان العصيان يتم في (مئارب) متعددة فلو رصدنا الالوان الطبيعية التي خلقها الله فالعقل البشري لا يأكلها بل ينظر اليها بارتياح بالغ العقل الا ان العقل الموسوي عصا الوان الصناعة فلو صبغ الانسان كل بيته واثاث بيته باللون الاخضر مثلا فانه لا يغني العقل حاجته في الارتياح لـ لون طبيعي في مروج خضراء ونجد ذلك العصيان في سنة نافذة فالناس يشترون الورد بالوانه الطبيعية بعشر اضعاف الورد الصناعي ذا اللون الصناعي وهي ظاهرة مرئية في ما كتبه الله في العقل البشري وهو عملية (وقف مشغل) الالوان الصناعية كحالة عصيان في سنة العقل مودعة في المستوى العقلي السادس موسى ..!! وعلى ذلك الوصف في العصيان في سنة خلق عقل البشر نرى حب الانسان لـ الطبيعة دون ملل فالاثاث المنزلي مثل غرفة النوم ان كانت من الخشب الطبيعي فلا يمل منها حائزها اما الاثاث من غير الخشب ومن مواد صناعية حديثة فهو مرفوض الديمومة في حيازة الانسان ومثله الالبسة الطبيعية والدليل ان الانسان يشتريها باضعاف سعر الالبسة التركيبية رغم ان شكل الالبسة التركيبية اكثر زهوا واناقة !! وهي سنة خلق في عقل الانسان لـ العصيان في المئارب المتأخرة على سنة الخلق الاولى في كل شيء
عصا موسى في عشر ءايات قرءانية تحتاج كل ءاية الى ذكرى متخصصة ترتبط بتوالي الايات ما قبلها وما بعدها لغرض اقامة مقومات الذكرى فيها عسى ان يأذن لنا ربنا بتأمين مذكرات لها في جهدنا المطروح على القلة من حملة القرءان
العصا في يمين موسى هي (سنة خلق العقل البشري) وهي من امهات مطالب علوم العقل في القرءان والتي تعلو فوق العقم المعرفي في علوم الاولين والاخرين في ما يخص العقل عموما والعقل البشري خصوصا لان القرءان خارطة الخلق الاجمالي (كاتولوك الخلق) وضعه المصمم والمنفذ للخلق (الله سبحانه) ولا تقوم لـ الانسان قائمة في محيطه ما لم يقرأ تلك الخارطة ويعي موقعه منها عند كل نشاط من انشطته ليعرف ما ينفعه فيجعله (معروفا) يدعو نفسه واهله والاخرين اليه وما لا يجد له رابط في القرءان يعتبره (منكرا) وينهى نفسه واهله والاخرين عنه ومنها يقيم قاعدة بيان في (الامر بالمعروف) و (النهي عن المنكر) في اعلى درجة تطبيق لـ الانسان في محيطه الحياتي فينجو ويفوز ويكون في رضوان الله وهو الفوز العظيم
نشكر الشيخ حامد على تذكرته وايانا لهذه الذكرى ونؤكد اننا لا نفسر القرءان بل نقيم الذكرى منه لانه ذي ذكر وهو لينذر من كان حيا ونحن لا نزال احياء فالذكرى تنفع المؤمنين (طالبي الامان)
{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } (سورة الذاريات 55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق