الشيطان بين الفعل والاداة
من أجل تطبيقات قرءانية معاصرة
من خلال حوارات جرت على صفحات المعهد ظهر ان هنلك خلط بين (اداة الشيطان) و (فعل الشيطان) مما استوجب البيان على سلمة متقدمة من البحث في علوم الله المثلى
في عالم المادة والانشطة المادية عموما يوجد عنصران لا ينفصلان وهما
اولا : (عنصر الفعل)
ثانيا (عنصر اداة الفعل)
لا يوجد فعل بلا اداة تنفيذية ولا توجد اداة مجردة من الفعل وذلك النظام يشمل كامل انشطة الانسان سواء كانت الاداة من خلق إلهي او من صنع بشري فالرئتين مثلا هي اداة التنفس فان تعطلت تعطل فعل التنفس والمطرقة اداة النجار فان فقد النجار مطرقته تعطل عمله وتوقف فعله
الشيطنة كما عرفتها علوم الله المثلى هي في (الخروج على سنن الخلق) اي الخروج من (علة تلك السنن) وهو يعني الخروج عن الصراط المستقيم والخارج من تلك السنن انما يستخدم ادوات من خلق الله فلو رصدنا (النار) مثلا فهي مسخرة لـ (الانسان) وبنص قرءاني
{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ } (سورة يس 80)
الا ان الخروج على سنن الله عندما تستخدم النار في شيطنة العدوان فمن يرمي النار في غير محلها لحرق منزل او مخزن عدوانا منه انما استخدم اداة (النار) وهي من خلق الله الا انها تتحول الى عدو لا يرحم عندما ترتبط بفعل شيطاني
{ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } (سورة الأنبياء 82)
شياطين محفوظة بالامر الالهي ذلك لان الصفة السليمانية عند تحليلها بلسان عربي مبين تعني (سليم + سليم = سليمين) وتساوي (سليمان) وذلك يعني (سلامة الفعل + سلامة اداة الفعل) وننصح بمراجعة الادراج التالي :
نظم الله تحفظ الفعل الخارج على سنة الخلق ان كان (الفعل سليم) و (الاداة سليمة) عندما تقوم الحاجة الى (خروج ممنهج) لسنن الخلق مثل (الغوص) فسنة الخلق ان يتنفس الانسان هواء الارض وعند الغوص (يختنق) الا ان استخدام (اداة غوص أمينة) يكون هنلك (حفظ تكويني) من نظم الله (تحفظ) الفعل الشيطاني في الغوص على ان لا يكون لنزهة او مغامرة او تطفل على المخلوقات المائية بل لحاجة يحتاجها من يحمل صفة (سليمان) تلزمه بالغوص
الشيطنة تقع في (الفعل) فاذا كان الفعل مرتبط (بنظم الله) فان الفعل يكون (أمين) اي (سليم) واذا التحق به (اداة سليمة) فان الشياطين ستكون محفوظة رغم خروجها على سنن الخلق ورغم ان ما نبثقه في هذا الادراج متصف بصفة (سلمة بحث متقدم) فان تأمين مرابط هذه السلمة مع نصوص قرءانية يمنح الباحث عن الحقيقة طمأنينة ورسوخ ونسمع القرءان
{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } (سورة الرحمن 33)
الانسان مستعمر في الارض وان ذلك الوصف سنة خلق
{ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ } (سورة هود 61)
من النص الشريف يتضح ان النفاذ من اقطار السماوات والارض خارج سنة الله الذي انشأنا من الارض واستعمرنا فيها الا ان الاجازة التكوينية تسمح بالنفاذ من اقطار السماوات والارض مع شرط الـ (سلطان) فما هو السلطان
لفظ (سلطان) في علم الحرف القرءاني يعني (استبدال غلبة) لـ (فاعلية ناقل نافذ) اي فاعلية نشاط نافذ .. مثلا نستخدم الكرسي لـ (الجلوس) وتلك هي غلبته النافذة فاذا احتجنا ان نمسك بشيء مرتفع نستدبل (غلبة صفة الكرسي في الجلوس) ونستخدمه لغلبة اخرى نافذة ايضا فيه لـ مرتفع نقف عليه لحاجة نحتاجها
السلطان الحاكم يستخدم نفس الصفة حين يستبدل (غلبة الناس) النافذة في شؤونهم ليستخدمها في (التسلط) على شؤنهم من اجل تنظيمها اذا كان عادلا !!
النفاذ من اقطار السماوات والارض تحتاج الى (استبدال غلبة السماوات والارض) وهو شأن يخالف سنن الخلق لاننا مستعمرين من قبل الله في الارض الا ان (قيام الحاجة) تمنح المكلف (العبد) ان يستبدل غلبة سنن الخلق في (نفاذية أمينة) له ولـ حاجته وذلك نراه في مثل الكرسي عندما نستخدمه للوقوف عليه وليس الجلوس فيتوجب ان يكون (أمين) في نفاذية مرابطه ولا يعرض المستخدم له الى الضرر اما كيفية النفاذ من اقطار السماوات والارض فهو يحتاج الى سلمة بحث متخصص لا يزال في رحم مشروعنا الفكري ونشره يرتبط بمشيئة الله وميقاته
السيارة (عدو مبين) للبشر وحوادث السير تعلن ذلك البيان بشكل كبير الا اننا لو وضعنا السيارة في معرض فهي لاعدوان فيها ومنها الا ان (فاعلية سائقها) هي التي تجعل من تلك الاداة ذات عدوانية على البشر فالسيارة عندما صنعت لاول مرة كانت سرعتها القصوى أمينة لا تتجاوز 20 كيلومتر في الساعة الا ان تزايد السرعة المطرد جعل من السيارة اداة تستجيب لـ الشيطنة عندما وصلت السرعة اليوم الى 200 كيلومتر في الساعة وفي هذا المثل راصدة فكر تربط الشيطنة برابط تكويني بين (الفعل والاداة) وذلك الشأن التذكيري من القرءان يحتاج الى (ثقافة) يتثقف بها المكلف في التعامل مع (الشيطان) والثقافة تتمحور بين (الفعل واداة الفعل) في عنصرين رئيسين من عناصر قيمومة الشيطنة
العنصر الاول : في الفعل وهو مركز الشيطنة
العنصر الثاني : في اداة الفعل وهي خطوة الشيطان الاولى
مكبرات الصوت في خطوات الشيطان
في الثقافة التي نحاول الترويج لها بخصوص الشيطان بين الفعل والاداة نستطيع ان نمسك بضابطة عقل تنضبط عقلا دون طلب اسناد توثيقي وهي ان هنلك ادوات هي بحد ذاتها حمالة لـ (الشيطنة) مثل مكبر الصوت الذي يرفع الصوت الى 1000 او الفين مرة عن معدله الطبيعي في (سنن الخلق) فان استخدام تلك الالة لا يمكن تأمينه رغم ان الدول الغربية اشترطت رفع مكبرات الصوات التي تزيد عن 10 واط الى مسافة قد تزيد على 10 متر على ان يكون ذلك في فضاء مفتوح ورغم ذلك يبقى مكبر الصوت اداة شيطانية متميزة ولا يمكن (حفظها) بالمعيار السليماني بسلامة الفعل + سلامة اداة الفعل لتسجيل (خروج حاجة على سنن الخلق)
الدواء غير العضوي بمجمله يعتبر اداة شياطنية لذلك جاء في محرمه اجازة قرءانية في (المخمصة)
{ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة المائدة جزء من الاية 3)
وهنا تستوجب (المغفرة) من رب غفور رغم الاجازة الالهية عند قيام الحاجة في المخمصة بعد ان تنغلق السبل ويبقى سبيل الحرام متاحا فان فاعلية الشيطان في تلك الممارسات لا تكون محفوظة بل تكون موجبة لـ الاستغفار حسب بيان النص الشريف فيكون فعل ارتكاب (الخارجة عن السنن) غير سليم من حيث الاداة كما في مثلنا في الدواء غير العضوي ورغم عدم سلامة الفعل ايضا ذلك لان (سبب الوصول) الى المخمصة جاء من خطيئة ارتكبها المضطر اليها الا ان رحمة الله فتحت مسرب العودة الى صراط الله المستقيم بعد الخروج عليه وذلك من نص اختص بالمخمصة ايضا
{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة البقرة 173)
غير باغ في بيان عربي مبين تعني (عدم تغيير ما يبتغيه) فلا يعتاد علاج المخمصة ولا يركن اليه فلا اثم عليه بل يستوجب الوقاية من خطيئة اوصلته الى اضطرار المخمصة .. في ذلك الخروج المؤقت على سنن الله ترتسم خارطة العودة اليها في (الفعل) رغم بقاء الاداة (ميتة الدواء) تحمل صفة الشيطنة .
عندما يكون الفعل قد سجل خروج على سنن الخلق كالقتل او العدوان فقد تكون الاداة بريئة من صفة الشيطنة وان الشيطنة تقع في الفعل دون الاداة مثل العدوان بالنار على منزل او مخزن فالنار كأداة بريئة من العدوان الا ان الفعل هو الذي حمل الشيطنة ومثلها حين تستخدم (السكينة) في العدوان فالسكينة في منسك (الذبح) اداة سليمة الا انها في القتل والعدوان اداة غير سليمة (شيطنة)
بين الفعل والاداة في صفة الشيطنه مساحة فكر واسع يتحرك بين العنصرين الرئيسين لصفة الشيطان وتخضع الاداة الى معايير فكرية وكذلك الفعل يخضع ايضا الى معايير فكرية مثل (القتل الخطأ) او (المسبب بالقتل) او العدوان كما جاء في القرءان { وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ } فتكون الفتنة هي (فعل شيطاني) وادوات الفتنة (شواهد مادية زائفة) ينقلها مفعل الفتنة بين طرفي سبيل الفتنة
من ذلك يتضح ان صفة الشيطنة تحتاج الى ثقافة فكرية متخصصة في ادراك عنصري الشيطنة (الفعل والاداة) لتحديد المجسم الفكري لـ الشيطان قبل الامساك بالمجسم التفنيذي لـ قبيله الذي يرانا ولا نراه
{ يَا بَنِي ءادَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } (سورة الأَعراف 27)
قبيل الشيطان هي (الاداة) التي يمكن ان يستثمرها عنصر (الفعل الشيطاني) وهنلك ما لا يحصى من الادوات المتيسرة (لا تقبل) فعل الشيطنة مثل قطعة قماش او جرعة ماء او غصن شجرة فهي لا تمتلك (قبول) لـ (فعل الشيطنة) اما الادوات التي تتفعل في فعل الشيطنه (قبيله) فهي (ترى ضحايا الشيطان) رؤيا تكوينية فمكبرة الصوت بتكوينتها قامت على رؤيا (تكبير الصوت) بما يعبر سقف سنن الخلق في الصوت (الغض) الذي يضرر السامع وكذلك النار (تلتهم وقودها) تكوينيا فهي مبنية على تكوينة لتستهلك وقودها الذي اعد لها فترى رؤية تكوينية ما تلتهمه من وقود عند استخدامها كاداة شيطانية .. حتى الماء حين يستخدم في العدوان لاغراق ممتلكات او اغراق بشر فهو يعمل ضمن تكوينة فيزيائية تختص بمناسيب الماء وخصوصيته الانسياب في الموطن الاوطأ فهو يرى بتكوينته الفيزيائية ضحايا الشيطان عند اغراقهم !! فالشيطان يرانا هو وقبيله (ادواته) اما الشيطان الفعل فهو فاعل (ءادمي) يرى اداته التي قبلت فعله ويرى عدوانيته على بني ءادم لانه (عدو مبين)
نأمل ان تتشتت ضبابية الشيطان في الفكر الاسلامي فلسوف يجد المسلمون ان اقرب الاشياء لديهم هي عدوة لهم (شياطين) فيحذرونها ولا يعبدونها كما يعبد مسلمي اليوم (الهاتف المحمول) وهو عدو لهم
{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } (سورة الذاريات 55)
الحاج عبود الخالدي
تعليق