الظلم بين ظلم النفس وظلم الاخرين
من أجل بيان ثقافة صفة الظلم في قراءة قرءانية معاصرة
من أجل بيان ثقافة صفة الظلم في قراءة قرءانية معاصرة
الظلم .. لفظ ورد في القرءان اكثر من 170 مرة مما يدلل على اهمية تلك الصفة في خارطة الخلق وذلك يحتاج الى (ثقافة) متخصصة لفهم الظلم حين يكون ضد الاخرين او حين يكون ظلما لـ النفس فيكون الظالم لنفسه مظلوم بظلمه هو... فما هو الظلم في مسمى صفة (ظلم)
لفظ (ظلم) في حراك عربة العربية له تخريجات لفظية فهو في البناء العربي الفطري البسيط (ظلم .. يظلم .. ظالم .. مظلوم .. ظلم .. مظلم .. ظلمات .. ظالمين .. مظالم .. و .. و .. ) لفظ (ظلم) في علم الحرف القرءاني يعني (مشغل خروج حيازة ناقلة) وهو ويعني مشغل خروج حيازة حراك او نشاط ففي الظلمة ضديد النور يحصل (مشغل يخرج حيازة النور) فيكون الظلام وفي الـ (ظلم) يوجد مشغل يقوم باخراج حيازة النشاط من كينونته التي كونها الله في فطرة السماوات والارض (صراط الله المستقيم) فمن يضرب عن الطعام انما (يظلم نفسه) لان الاضراب عن الطعام امتلك (مشغل) لـ اخراج حيازة الاكل من سنة ضرورته لجسد الانسان رغم ان الطعام متيسر الا ان الاضراب عمل عمل المشغل لاخراج فاعلية الاكل من حيزها التكويني وهو (استمرار الاكل) من اجل سلامة الجسد وصحته فتكون صفة الظلم في الممتنع عن الطعام عمدا
الظلم يمتلك مجسمات فكرية نافذة في مسارب مادية لا حدود لها فمن يظلم زوجته عندما يمتلك (مشغل قاسي) ضدها والزوجة تظلم زوجها بمشغل مماثل فالظلم صفة في تصرفات لا حصر لها وهو لا يمتلك (طيف موحد) في عالم التصرفات الا انه يمتلك (طيف رابط موحد) مع سنن الله في صراط الله المستقيم وهو صراط محسوس لدى العقل البشري بـ (الفطرة) التي فطرها فاطر السماوات والارض او بادوات تجريبية يدركها العقل البشري انها (ظلم) لانها تنتج السوء والفحشاء مثل الزاني والسارق والمرابي وشارب الخمر فان لم يدرك السارق انه حامل لصفة (الظلم) الا ان الناس يدركون تلك الصفة فيه
لا يوجد معيار محدد المعالم لـ صفة الظلم سواء كان الفاعل ظالما لنفسه او ظالما لغيره سوى معيار صراط الله المستقيم الا ان مسمى (صراط الله المستقيم) يمتلك من الضبابية الكبيرة في الخطاب الديني التقليدي فهو (صراط هلامي) في موصوفات المدرسة الدينية فاصبح الاختلاف على صفة التصرفات التي تندرج تحت صفة الظلم محل اختلاف شديد بين الناس بسبب ضياع الصورة الواضحة لصراط الله المستقيم فمنهم من وصفه بانه طريق ضيق يفصل بين الجنة والنار يمر عليه العباد يوم القيامة بعد الموت ولا يوجد خطاب ديني يربط الصراط المستقيم مع سنن الله الثابتة المرئية والمفطورة في عقل الادميين جميعا في (المستوى العقلي الخامس والسادس) وهما مستويان اختص الانسان بها دون بقية المخلوقات
{ وَءاتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } (سورة الصافات 117 - 118)
وهما موسى وهرون كما جاء في متوالية الايات في سورة الصافات وجاء ايضا
{ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ } (سورة الصافات 120)
وهو لا يعني السلام الذي نعرفه بيننا بل هو (سلام) الـ (سلامة) المتخصصة في (فاعلية علة) موسى وهرون في التكوين لان كتاب الله المستبين هو (صراطه المستقيم) وهو مستبين اي انه يحمل (غلبة بيان) وهو مرتبط بعلة تكوينة
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (سورة البقرة 30)
الخروج على مفاصل حيازة الكتاب المستبين هو (ظلم) في اي خارجة صغيرة مهما صغرت او اي خارجة كبيرة مهما كبرت وهي شيطنة تؤتى من خلال (الوس الشيطاني)
{ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا ءادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى } (سورة طه 120)
النص الشريف يبين مفصل تكويني يحمل مادة علمية فالظلم شيطنة والشيطنة ظلم
{ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (سورة الأَنعام 68)
{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (سورة إِبراهيم 22)
{ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ } (سورة الحشر 16 - 17)
في النصوص الشريفة اعلاه ومثلها في القرءان بيان مبين ان صفة (الشيطنة) تقيم صفة (الظلم) وذلك البيان تتلقفه فطرة العقل عند تدبر نصوص القرءان والتبصرة فيها
فنون الظلم في زمننا المعاصر لا حصر لها لان صفة الشيطنة (الخروج على سنن الخلق) متكاثرة من خلال الممارسات الحضارية التي ملأت اركان انشطة الانسان بشكل شبه تام (ملئت الارض ظلما وجورا) فتكاثرت صفة الذين ظلموا انفسهم وظلموا غيرهم فكانوا (ظالمين) فاذا دخلنا مجتمعا شفاف الصفة خالي من الجريمة والعدوان الا اننا نرى خروج كبير وخطير على سنن الله في (المأكل والمشرب والملبس والمسكن) وهي انشطة تغطي اساسيات حياة الانسان في دورته الحياتية المحددة باجل قصير في بطن الزمن !!
ونسمع انتشار الظلم في الناس حتى يصل الى اقسى واكبر وصف حمله القرءان
{ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } (سورة نوح 26 - 28)
فهم ظالمين في الوصف القرءاني ووصفهم اقسى من القاسي (لا يلدوا الا فاجرا كفارا) وسبب ذلك مبين بـ بيان عظيم انه (ظلم بايولوجي) فالولادة (لا يلدوا) هي (فاعلية بايولوجية) حصرية والظلم وقع فيها في وصف قاسي جدا مما جعل منظومة الله تزيلهم من على وجه الارض عدا الاجساد الصالحة التي تستطيع الانجاب السليم
{ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } (سورة هود 44)
في سورة اسمها (المائدة) ونحن نعرف ان المائدة هي (أكل) وفي الاية 3 من تلك السورة الشريفة احد عشر محرم حرمه الله حماية لاجساد العباد من (الفسق) الا ان حملة القرءان يأكلون تلك الصفات المحرمة جميعها !! الا من رحم الله ... في تلك الاية التي تخص المأكل في البطون يقول الله (اليوم يأس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشوني) (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) وهي ءاية مأكل ومشرب
{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌالْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوامِنْ دِينِكُمْفَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِالْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة المائدة 3)
اذن نحن نظلم انفسنا في المأكل المعاصر بشكل كبير وهنا مذكرات عالجت المحرمات الاحد عشر وهي قائمة في يومنا الحضاري هذا
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (1) .. الدم
مجلس مناقشة محرمات المأكل
وهو مسلسل تذكيري من احد عشر محرم ورد في سورة المائدة يتم الان في زمننا ممارستها بصفاتها المحرمة والناس لا تدري وسبب (عدم الدراية) ان الممارسات الحضارية جيء بها على طبق من ذهب مزخرف فـ ءامن بها الناس وهي (نكرة) لا يعرفها العقل البشري ولم يتم تعييرها بموجب دستورية القرءان
الهاتف المحمول وما يحمل من مخاطر جعل من انسان اليوم (ظالم ومظلوم) فمديري التقنيات ومصنعي تلك الاجهزة ظلموا الناس بنشرها ومن يستخدمها قد ظلم نفسه وظلم الاخرين ايضا ومثله كثير كثير من تصرفات البشر التي انقلبت بدرجة حادة من حياة هادئة غير معقدة الى حياة صاخبة كثيرة الحراك قليلة الطمأنينة في كل شيء واصبح محيط الحياة مليء بالغبار النووي المنبثق من ممارسة الاتصالات الحديثة
من تلك المذكرات القرءانية المرتبطة بواقع حال غير حميد يتضح ان (ثقافة الظلم) تحتاج الى جهد مكثف لكي يعرف الانسان موطيء اقدامه في تلك الثقافة ليحمي نفسه وذويه من الغفلة الحادة التي تجعله ظالما لنفسه ولذويه ولغيره من الناس وهو لا يدري حيث وعد الظالمين وعودا قاسية غير حميدة جدا
{ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ } (سورة غافر 18)
{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } (سورة الكهف 29)
{ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } (سورة فاطر 37)
{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } (سورة البقرة 270)
اصعب ما يصاحب تصرفات ابن ءادم ان يدمر نفسه على غفلة منه او ان يكون ظالما لنفسه ولغيره على غفلة منه لذلك فان قيام (ثقافة الظلم) تقي الانسان ما لم يستطع ان يتقيه عندما يحل العذاب في ساحته ولا يجد ناصرا له ولا ينفع دعاء ولا شفاعة
يتداول الناس نصائح تنتشر في الشبكة الدولية وفي الفضائيات المتكاثرة وهي نصائح بتصرف ما او بالامتناع عن تصرف ما ولا تخلو فضائية من ذلك ولا تخلو شريحة نشاط الكتروني منذ ذلك الا ان قيام ثقافة من قرءان تصطدم باعراض من حملة القرءان مما يجعل الرغبة في نشر مثل تلك الثقافة حالة شبه ميئوس منها الا ان مورد التكليف يلزم الباحث في القرءان ان يعلن ما بان عنده من بينات وردت في ما كتبه الله في الخلق
{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } (سورة البقرة 159)
الحاج عبود الخالدي
تعليق