المـُخـَلـِّصْ بين المعتقد والتكليف
من أجل بيان نظم الخلاص في القرءان
من أجل بيان نظم الخلاص في القرءان
من اكثر المرتكزات العقائدية السارية عند مؤهلي اي عقيدة هي (عقيدة المخلص) وتلك العقيدة تكاد أن تكون (القاسم المشترك الاعظم) لكل عقائد الانسان بكامل اطيافها بما فيهم الملحدون فلكل حامل عقيدة نظام متخصص بـ (الخلاص) محمول على متن عقائدي يروج له دعاة العقيدة وحين نبدأ بالديانات القديمة نرى ان لكل دين ءاله غائب ينتظرون عودته ليحل الامن والسلام والخير في عهده حتى عبدة الاصنام والهياكل يؤمنون بان الرب قد اودع سره في وكيل صنمي او مسمى مهيكل مثل بوذا او براهما او في شكل بقرة او جرذ او غراب او النار , اما الاديان التي يقال عنها سماوية مثل دين النصارى فهم يؤمنون بمخلص لهم يأتي في زمن ما هو (المسيح عيسى) وعند دين اليهود ينتظرون المخلص في (العزير) الذي سيعود الى الحياة اما المسلمين فهم ينتظرون (المهدي) ليخلصهم من الظلم والجور
فكرة الخلاص مبنية على (نظرة) متوارثة تـُظهر نتيجة عقائدية تحيا مع كل جيل وهي صفة تنبع من (الفطرة) عندما يكون كل جيل (عاجز عن الخلاص) فيكون (المخلص) فكرة نابعة من فطرة تأمل بـ (الامل) في خلاص الامة من كراهة موروثة من جيل سابق الا انها لا تزال قائمة في جيل لاحق بمثلها او اشد منها كراهة لذلك عشعشت فكرة الخلاص كمعتقد موروث حتى تحول الى (قدس) مفروض في وجوب الانتظار عندها رسخ لدى حملة العقائد ان الخلاص لن يقوم الا في حالة القدس المنتظرة الحاملة لـ اسم مسمى حصرا مما افقد جماهير العقائد جميعا اي مطلب حي وفعال لقيام اصلاح (عام) خارج حالة القدس وتلك الصفة شاملة لـ المسلمين المعاصرين والذين ان فكروا بمنظومة خلاص معاصرة فهم يفكرون بشخصنة الصلاح والاصلاح في نظام الخلافة الاسلامية العتيد فتعود حالة القدس كملصق يلتصق باي نشأة فكرية للخلاص فالخليفة هو (أمير المؤمنين) وفيه عرش (فعال) يحمل حالة قدس اسلامية الصفة رغم ان العقل يتسائل بفطرته المتسائلة دائما عن كل شيء فـ (اذا كان القدس المشخصن ضرورة دائمة فلماذا لم يديم الله قدس رسول حي فينا او قدس امام قائم بيننا ..؟؟) .. و (هل الله الذي فرض الدين علينا انزله منقوصا فينا عند غياب شخص غائب او منظومة خلافة مندثرة) وعندها تقوم مفرقة سبيلين في العقل
(السبيل الاول) وجوب عقلاني بضرورة وجود (قدس مشخصن) بحكم الهي نافذ مع الاحياء دائما يكون قادرا على تفعيل مهمة (المخلص) لغرض تصليح ما يتصدع من شأن الدين لان الدين لله وما اعز شيئا حين يكون لـ الله سواء كان عزيزا عند الله او عند العابدين له !!
{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ } (سورة البقرة 193)
فاذا كان الدين لـ الله فهو يعني ان الدين عزيزا عند الله وعند المتدينين الا اننا نرى غير ذلك في المسلمين لانهم تركوا الفتنة تنشأ وتستمر لتستكمل اهدافها و (المخلص) لم يأتي جيلا بعد ءاخر ولم يظهر (شخص مقدس) ليقوم بانهاء الفتنة سواء بالقضاء عليها او القضاء على مؤهليها !!
(المسرب الثاني) ان يكون المخلص حاضرا في وظيفته القدسية الا انه غائب الشخصية ظاهر الصفة وفي نفس الوقت يكون (غائب العلة مشهود الحدث) كما سنرى
{ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (سورة التوبة 105)
النص الشريف يؤكد حضور لـ الله في رقابة اعمالنا وذلك شأن يدركه الناس فالله رقيب على افعال العباد الا ان الرقابة تنتقل الى الرسول (فسيرى الله عملكم ورسوله) وهي ايضا رؤيا رقابية كما يؤكدها النص الشريف ولا بد لاي عمل (رقابي) وظيفة متخصصة تلتحق به وذلك من نشأة عقل فطري ملزم والا ما فائدة رؤية الاعمال ان لم يكن لها هدف وظيفي وذلك الرشاد الفطري يلتحق بصنف ءاخر من المراقبين الا وهم المؤمنون فيكون النصاب الرقابي مكتملا بثلاثية نوعية موصوفة وصفا حكيما في القرءان (الله ورسوله والمؤمنون) فاذا كان الله سبحانه بتكوينته العلوية خارج صفة التجسيم والشخصنه الا ان رسوله والمؤمنون لهم شخصية مجسمة مسماة باسمها رغم ان النص ذكر صفة الرسول دون اسمه والمؤمنون بصفتهم الايمانية دون اسمائهم !! فأسم محمد عليه افضل الصلاة والسلام لم يذكر في النص ولا اصحابه او الشهداء في معارك نشأة الاسلام الاول ومن تلك الراشدة الفكرية المستحلبة من القرءان يظهر بيان الدستور الالهي في وظيفة المراقبين لاعمال الناس (وقل اعملوا فسيرى) ولذلك الفعل الرقابي (ارتداد) تكويني (وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون)
النبأ الذي يحتويه فعل الارتداد لعالم (غائب العلة) (مشهود الحدث) يقوم فينا ونحن احياء فالحدث حين يحدث انما هو (نبأ) ينبئنا بالخير او بالشر فمن يصاب بالسرطان مثلا انما هو (نبأ) فساد سابق ارتد في ظاهرة مرضية او غيرها من اشكال الفساد او ان يكون خيرا يراه الشخص في كيانه او يراه الناس فيه وهو خير ظاهر الا انه (غائب العلة) كأن تكون في نجاة من ظالم او اي شكل من اشكال الخير فينبئنا بما كنا نعمل وهنا تظهر صفة (المخلص) وهي صفة غير مشخصنة في (الله والرسول والمؤمنون) الا ان الشخصنة تظهر في (الصفات) خالية من الاسماء والمسميات رغم انها موجودة فيهم فلكل انسان اسم مبين الا ان (اسم الشخص) لا يرتبط بكينونة رقابة الاعمال وهدف تلك الرقابة بل (الصفة) هي التي تقيم (رابط العلة) بين (الرقابة) و (هدفها الوظيفي)
اذا قامت عقيدة (المخلص) في ثقافة عقائدية تقطع ثقافة السابقين المتوارثة لـ تتعامل مع واقع اسلامي مرير فان الخلاص سيكون قائما في شخص المسلم وان غلب الظرف القاهر عليه فان هنلك منظومة خلاص تكوينية ترفد المؤمن باسباب الخلاص كما في مثل العبد المأتي من عند الله علما والذي قام بخرم السفينة ومنعها من الابحار لان من ورائها ملك يأخذ كل سفينة غصبا كما حمل المثل الشريف عملية تخليص الابوين الصالحين من غلام كان سيرهقمهما طغيانا وظلما وحمل المثل ايضا عملية حماية كنز ليتيمين
{ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا } (سورة الكهف 79 - 82)
ذلك العبد (المخلص) له حضور تكويني فعال وقائم ونافذ حسب نصوص قرءانية لا يمكن اهمال نفاذيتها وايكال حدثها الى حدث في التاريخ لا يتكرر ولا ينفع يومنا المعاصر !! انه التدبر القرءني الملزم لكل حامل قرءان
الله يقول (وقل اعملوا) وذلك لا يعني (عدم العمل) بانتظار (المخلص) ليتراكم السوء في اجيال المسلمين جيلا بعد جيل بانتظار من يخلصنا بل على المكلف ان (يعمل) وان ضعفت قدرته او غابت عنه (العلة) فان لله منظومة بشرية نافذة تقيم معه صلة الخلاص
{ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ } (سورة الأنبياء 69 - 73)
ذلك الحدث وذلك الكيان (يا نار كوني) وان سجله التاريخ فهو ليس (امرا امبراطوريا) يحدث مرة او مرتين وينطفيء بموت الامبراطور بل (كيان خلق الهي) ورد على شكل مثل ابراهيمي في سبل (النجاة) حين يكون المكلف عاجزا عن حماية نفسه وكيانه واذا كانت هبة الله لـ ابراهيم (اسحق ويعقوب) مسميات لاولاده فان (شخصنة القدس) لا تقوم في الاسم والدليل القطعي ان الذي يرى اعمالنا بعد الله هو (الرسول) وليس (محمد) عليه افضل الصلاة والسلام فهو (محمد) الا ان صفته الفاعلة في منهج الخلاص لا ترتبط باسمه المسمى بل بصفته الرسالية وبالتالي فان (اسحق ويعقوب) هي صفات نافذة في من يكونوا (أئمة) مجعولين جعلا في اقامة الصلاة لـ فعل الخيرات
اسحق .. من السحق .. يعقوب .. من العقوبة والعاقبة والعقبى وهي صفة من صفات (المخلص) حين يحتاج الخلاص الى صفته التكوينية حين (يسحق الفساد) و (يعاقب مؤهلي الفساد) وتكون عاقبة منقلبة الى خير ساري في مؤهليه وذلك الرشاد من (لسان عربي مبين) يحمل بيانه معه عبر اجيال حملته ولا يتقيد بتاريخ مضى حصريا
الملحدون بكافة اطيافهم لا يحملون فكر عقائدي رصين ساري بينهم سوى في مهاجمة حملة الدين الا ان كثير من منظريهم الذين كتبوا في فقه الالحاد بشكل غير مباشر تحدثوا عن (المخلص) مثل الفيلسوف المعروف (ديكارت) الذي بدأ بكتابات الحادية قال فيها ما معناه ان (المخلص) هو افراز من افرازات الطبيعة ولا بد للمجتمع الانساني ان ينجب شخصية متفردة في العقل تقوم بتصحيح مسار البشرية من حالة الفساد الى ضديدها ورغم ان ما كتبه لا يشير الى حالة قدس مشخصن في المخلص الا انه حين وصف صفات ذلك المخلص اشترط ان يكون عمره عمر بضعة اجيال من البشر المعتاد !! وهنلك من وضع لـ (المخلص) صفة منهجية مثل ماركس وانجلز الذين نظرا الى نزع الملكية الخاصة من المجتمع الانساني (الفكر الشيوعي) باعتبار ان اصل الفساد في المجتمعات البشرية هو (المال الخاص) وان (الخلاص) يكمن في (تأميم المال) كما حصل بما هو ضد ذلك الفكر في المجتمع الرأسمالي الذي دعا منظروه الى رعاية الملكية الخاصة وحمايتها لتنمو من أجل تحرير الانسان من فساده المجتمعي تحت شعار (دعه يعمل دعه يمر) الذي انتشر مع بدايات الدولة الحديثة ونفاذ نظرية (العقد الاجتماعي) في نظم الحكم التي جعلت السلطة بيد الشعب (الشعب مصدر السلطات) باعتبار ان الفئة الحاكمة سوف تحمل طيف المجتمع لـ (خلاص الامة) من الفساد الظاهر وقد نظر لتلك الافكار مجموعة من المفكرين راجت افكارهم بعد منتصف الالفية الثانية من التقويم الميلادي ونذكر على سبيل المثال منهم جان جاك روسو وفولتير وهوبز وصومائيل وغيرهم
نظم الخلاص تبدأ بالمكلف يقينا واذا كان المسلمون يعتقدون بمخلص اسمه (المهدي) فهو لا يخلص الفاسدين والفاسقين وهم يعتقدون ان المهدي شخصية قدسية لا يمكن ان تحمي الفاسقين والذين يفسدون في الارض بل يحمي الصالحين من الناس ومن تلك العقيدة الراسخة فيهم عليهم ان يدركوا ان الخلاص يبدأ في فعل الانسان نفسه ليكون مؤهلا لينال فاعلية المهدي فان صلح الناس صلحت نظم الخلاص التي خلقها الله من اجلهم ومنها المنظومة المهدوية ومن ضاقت عليه السبل وهو صالح فان منظومة الله الاصلاحية تتدخل بشكل معجز بسبب (غياب العلة) على المكلف كما حصل لمساكين البحر وسفينتهم !!
المسلمون يريدون مصلحا يصلح حال الشارع الاسلامي الا ان الشارع الاسلامي يفسد بفساد اهله فان كان مؤهلي عجينة المجتمع فاسدين فذلك هو عقابهم فكيف يصار الى اصلاحهم وكان ذلك واضحا في صدر الاسلام الاول فالرسول عليه افضل الصلاة والسلام ما كان الا مذكر وذلك شأن معروف أكده النص القرءاني
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ } (سورة آل عمران 144)
وحين ينقلب الناس على اعقابهم فذلك لا يعني انهم يحتاجون الى رسول جديد وكلما يموت رسول يأتي الله برسول بشري بدلا منه بل اودع الله قوانينه ونظمه في فطرة العقل البشري وعندما يحتاج المكلف الى مذكر يذكره فالذكرى لا تسري من جيل الى جيل بل فينا قرءان يذكرنا ولن يكون لتفسير القرءان صلاحية تذكير في زمننا المختلف عن زمنهم بالافعال وادواتها اما الاعتماد على الذكرى الموروثة فذلك يتسبب في انحراف تذكيري خطير فان انحرفت الذكرى عن مقوماتها الحق انتشر الفساد الا ان ذلك لا يقطع الذكرى في عباد الله (المخلصين)
{ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } (سورة الحجر 39 - 40)
{ إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ } (سورة الصافات 38 - 40)
{ وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ } (سورة الصافات 71 - 74)
{ لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168) لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ } (سورة الصافات 168 - 169)
من تلك النصوص الشريفة وغيرها كثير كثير يتضح ان ذكرى الاولين لا تتفعل في وعائنا الحاضر (عندنا) فالذكرى من الاولين لو كانت صالحة (لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) !! ... (فعل الانسان) ممنهج بمنهج إلهي متين وان الفساد الظاهر لا يشمل عباد الله الذي (تخلصوا) من الفساد فكانوا عباد (مخلصين) وفيهم ومنهم كينونة الخلاص التي يبحث عنها حملة العقائد بما فيهم الملحدون !!!
قيمومة العباد على الخلاص غير محدودة القدرات وغير محدودة النوع فهي شاملة لكل (فعل) و (اداة الفعل) وحين تكون (العلة الرابطة) بين الفعل واداته غائبة عن المكلف فان منظومة الله الاصلاحية كفيلة بتغطية تلك الثغرة
{ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ } (سورة الأنبياء 87 - 88)
ومثل تلك النصوص متكاثرة في المتن القرءاني الشريف وفيها نجاة لـ طالب الايمان حين تقصر حيلته عند غياب العلة الرابطة بين الفعل واداته واكثر تلك المرابط الغائبة تتصف بصفة (الغيب) عندما تكون (العلة) غير فعالة في زمن الفعل بل تتفعل في زمن لاحق مثل ما جاء في المثل اليوسفي ومثل خرم السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار فالسفينة (من ورائها ملك غاصب) والغلام (سيرهق) ابويه والجدار (يريد ان ينقض) فهي امثلة تشير الى ان غياب العلة كان بسبب مستقبلي وليس ءاني وفي ذلك الشأن تتفعل منظومة الخلاص الالهية لتحمي المؤمن او لـ تنجيه من تلك العلة وقد جاء ذلك القانون الرحيم في مثل بدر
{ إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ } (سورة الأَنْفال 42)
فهم في (عدوة) اي (عدة) اي (ادوات) هي (دنيا) اي (دانية) وهم في (عدوة قصوى) فهي مقصية في قصوى وبالتالي فان علة الفعل غائبة في بطن الزمن والانسان لا يعلم الغيب الا انه يتمتع بحماية في نظام الهي كبير وعظيم والمؤمنون بحاجة اليه خصوصا في زمننا العصيب بسوء الافعال وسوء ادواتها مثل المشروبات الغازية التي انتشرت كثيرا وبعد قرابة 100 عام اعلن عن فسادها حين تهالك كثير من الناس بسببها الا ان عباد الله المخلصين يستلمون فيضا عقليا بالامتناع عنها طوعا دون علم بعلتها وقد شهدنا في مجتمعنا منهم عدد غير قليل امتنع عنها فطرة وهو لا يدري سبب امتناعه !!
نظم الخلاص متاحة وما يعجز عنه المؤمن فان حكومة الله الاصلاحية قامت لتغطية سبل النجاة لـ عباد الله المخلصين واذا اردنا ان نكون (مخلصين) في العبادة ولا ندري كيف فان المسلمين مرشحين لـ الذكرى فيه فهو فيه ذكرنا نحن الاحياء وسيكون حاملا لذكرى من هم بعدنا بما يختلف جوهريا عن مؤهلات قيمومة الذكرى
{ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } (سورة الأنبياء 10)
وهو قرءان ينتقل من ذكر عقلي الى كتاب تطبيقي في ما كتبه الله في الخلق
{ إِنَّهُ لَقُرءانٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ } (سورة الواقعة 77 - 78)
وما كان لتلك السطور ان تكون لولا حاجتنا المعاصرة اليها عسى ان تقيم ذكرى تنفع المؤمنين
الحاج عبود الخالدي
تعليق