مهاجمة الفكر دون حامله
ثقافة الحوار
من اصعب الاختناقات الثقافية تحصل عندما يعجز المحاور عن ادامة زخم هجومه على الفكر الاخر فيغطي ذلك العجز من خلال الهجوم على المحاور شخصيا ونعته بصفات جارحة تسبب تدوير الحوار الفكري الى حوار شخصي خالي من الموضوعية ولعل الامعان المتواصل في استهداف حامل الفكرة او الفكر تقيم دليل مناورة في غير محلها وتفقد المحاور صفته الثقافية وعند تزايد القدح في الاخر تتحول الصفة الى صفة شوارعية مقيته لا تمت للثقافة باي صلة وتعلن حقيقة ان المحاور القادح لحامل الفكر انما يمتلك وجها ثقافيا زائفا والدليل يكون حتمي وليس بالظن ذلك لان المثقف الحق لا يمتلك قاموس قدح الاخر خارج موضوعية الفكر الذي اوجد الحوار اساسا ...
لا تستطيع الوصايا والنصائح ان تتفعل في عقلانية المحاور الذي يستخدم الهجوم على حامل الفكر لان المهاجم فاقد لعنصر ثقافي مهم ويمتلك رغبة عدوانية لا يمكن اجتثاثها بوصية او نصح بل انقاذ موقف المحاور المثقف هو الاهم بتذكيره بصفته الثقافية فيكون وجوبا عليه الحذر من الانزلاق الى مهاجمة محاوره كرد سيئة بسيئة ويكون الاكثر حيوية في استمرارية الهجوم الفكري على الاخر ذلك لان ظهور السوء من طرفي الحوار يؤكد منقصة كلا الطرفين في مسربهم الثقافي فيكون من واجب المعني بالثقافة ان يثبت حقيقته الثقافية من خلال البقاء في مقعده الفكري ولا يتجاوز حدوده الفكرية الى شخصية محاوره وان بدأ محاوره بالخروج من ثقافته المعلنة ...
مهاجمة حامل الفكر هي بذرة صغيرة تنفلق وتسقى من الاخر لتورق وتقيم شجرة ملعونة في البغضاء والخصومة وتلك بداهة عقلية يتمتع بها المثقف الذي اختار الثقافة كمنهج لعلاقته مع الاخرين ذلك لان حامل الفكر ان حصل على بطاقة عدوانية انما يحطم الفكر الذي يحمله بيده حتى لو كانت فكرة بسيطة فالاصرار على الدفاع عن الفكرة حصرا هو السبيل الحق في حماية الفكرة من أي عدوانية تعبر الفكر لتستهدف باثق الفكر وان استطاع من يتعرض للهجوم ان يفند صفات القدح الموجهة له بالبيان الموضوعي فان تلك المنهجية ستكون امثل بكثير من رد السيئة بسيئة مثلها فيكون القدح قد ارتد على قادحه بشكل تلقائي دون ان يستخدم اسلوب القدح في الرد الرصين
حتى ان كان الفكر المطروح يتعارض مع القيم او العقيدة يبقى المهاجم يمتلك كامل الحق في تهشيم ذلك الفكر ومحاربته دون استهداف حامله ذلك لان مهاجمة الفكر موضوعيا هو في حقيقته طعن بحامله وهجوم غير مباشر عليه دون ان تكون للبغضاء مدخلا في الحوار .
ثقافة الحوار معروفة لجميع المثقفين وعندما يلتزم المثقفون بالصبر على القادح لشخوصهم في الحوار فانهم يسهمون في كشف الوجه اللاثقافي في محاورهم ومن تلك النقطه سيسهم المثقف بحماية الثقافة من خلال صفة منهجية متأصلة في المثقف نفسه .
الحاج عبود الخالدي
تعليق